منتصف الطريق



يحكى أن بناية كبيرة قابعة تحت السماء..مسكونة بالضائعين السعداء.. لا يعلمون ما سيحل بهم بعد قليل!
انتشرت الاخبار بينهم أن زلزالا عظيما سيضرب المنطقة وستنهار البناية لامحال ومن حولِها سيهتز كل كائن ومكان..نظروا ومحصوا العلامات والدلائل..فكان لابد لكل عاقل أن يُصدِّق ويرحل بعيدا..


انطلق الكثير منهم الى بر الامان في مسافة بعيدة دقيقة .. زادوا عليها قليلا او التزموا بها وشيدوا بناءا جديدا واسموه بناية الامان لكل الفارين من بناية الهلاك..


منهم من فر مسرعا اليها ومنهم من كذب الادعاء وآثر البقاء.. ومنهم من قال سأظل هنا وأهرب عند أول هزة لأنه لم يستطع مفارقة بيت الطفولة والذكريات.
ومن الناس من بَعُدَت عليهم المسافة فعادوا ادراجهم واجبروا انفسهم على تصديق زعم اصحاب بناية الهلاك لينعموا براحة للبال ولو كانت مؤقتة وهمية!!


قام بعض المسافرين بالتعاون مع أهل بناية الامان بتشييد بناية في وسط الطريق لهؤلاء المترددين من طول المسافة، ليلبثوا فيها قليلا ويتابعوا المسير وليقنعوهم ان رحلتهم قصيرة...وكانت فكرةً جلبت الكثير من المترددين وجعلت السفر أهون عليهم وسكنوا بناية السبيل الاولى ليوم وتابعوا بعدها المسير..


بعد فترة من الزمن وتكاسل وضياع وصوت قوي من اهل بناية الهلاك .. أصبح الكثير من الناس يقصدون بناية السبيل الاولى على انها بناية الأمان رغم أنها في حدود منطقة الزلزال المرتقب..وهذا جعل كثيرا من الناس ينسون البناية الاصلية للامان!! وأصبح السفر من الهلاك لأول السبيل!!


وطالت المسافة عليهم مرة أخرى.. ومرة اخرى...

فبنوا بناية السبيل الثانية وهي تقع في منتصف المسافة بين الهلاك والسبيل الاولى و لم تلبث الجديدة حتى اطلق عليها اسم الامان كما التي قبلها.. وتكرر المشهد كثيرا ببنايات سبيل اصبحت قصدا وهدفا!...وفي كل مرة تدخل البناية الجديدة حدود الزلزال اكثر وأكثر لتقترب من بناية الهلاك.. وتشجع الناس على الرحيل وكانت تحقق هذه الغاية بكميات كبيرة ويفرح الناس بها لقربهم اكثر من بيوتهم القديمة في بناية الهلاك فيتجولون بينها بلا حرج ويتقاربون مع الذين كذبوا الزلزال ويحافظون على عاداتهم وصداقاتهم القديمة!!

ما هو معنى الوسطية؟وما هي دعوات الاعتدال؟






30/7/2008