أختي الغالية زاهية
الأديبة المتأدّبة
أما المجاملة فإنني أقف معها
لأنني أرى أن المجاملة تؤلف بين القلوب , وتكسر حواجز الكره , وتريح النفس من هم الحسد وخاصة إذا كانت متساوقة مع التواضع وإظهار المحبة والألفة ..
والمجاملة يا أختي زاهية تدخل في فن حسن الخطاب مع الآخرين , وخاصة إذا كانت من غير تكلّف ولا صنعة , وبعيدة كل البعد عن النفاق والرياء ..
ولكن حين أخوض في ذكر محاسن شخص أمامي بالأصل غير موجودة فيه وأروّج في مجاملته , وأخفي عن الناس عيوبه وذكر مساوئه حينها تتحول المجاملة إلى نفاق
وهذا يعني أنني اقتربت من طريق الكذب والنفاق بل وقعت في حمأة وحله , وهجرت الصدق والإخلاص , وعملت في القلب نكتة سوداء
وفي حديث عن علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه –
أنّ الإيمان ليبدو لمعة بيضاء؛ فإذا عمل العبد الصالحات نما وزاد حتى يبيضّ القلب كله، وأنّ النفاق ليبدو نكتة سوداء فإذا انتهكت الحرمات نمت وزادت حتى يسوّد القلب فيطبع عليه؛ فذلك الختم.
ولن يبعدنا عن النفاق إلا الإخلاص , وأن نصدق ما في داخلنا , ولا نتذلل لمن هم دوننا , ونجعل من التواضع سمت عنواننا وهدفنا , وندعو الله دائما أن يثبت الإيمان في قلوبنا
عن أبي سعيد الخدري وأبي كبشة الأنماري وبعضه أيضاً عن حذيفة عن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم -قال:
القلوب أربعة، قلب فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن، وقلب أسود منكوس فذلك قلب الكافر، وقلب أغلف مربوط على غلافه فذلك قلب المنافق وقلب مصفح فيه إيمان ونفاق فمثل الإيمان فيه مثل البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والصديد، فأي المدتين غلبت عليه حكم له بها، وفي لفظ بعضهم: غلبت عليه ذهبت به..
وفي تعريف النفاق
جاء على لسان ابن عقيل :
النِّفَاقُ هُوَ : إظْهَارُ الْجَمِيلِ ، وَإِبْطَالُ الْقَبِيحِ ، وَإِضْمَارُ الشَّرِّ مَعَ إظْهَارِ الْخَيْرِ لِإِيقَاعِ الشَّرِّ
وفي قول للإمام الحسن البصري :
لَا تَسْتَقِيمُ أَمَانَةُ رَجُلٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ
وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا
{ خَصْلَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ : حُسْنُ سَمْتٍ ، وَفِقْهٌ فِي الدِّينِ }
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ :
مَنْ رَضِيَ أَنْ يُمْدَحَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ أَمْكَنَ السَّاخِرَ مِنْهُ
وسأترك الحديث عن فن الدبلوماسية لملك الدبلوماسية , وأمير فن الخطاب , وحسن الحوار مع الآخرين للعميد
حسام الدين مصطفى
المفضلات