آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لا يزال الوضع هشا في العراق... وفي المنطقة العربية/ رجل من بغداد

  1. #1
    كاتب الصورة الرمزية محمدمحمد رشيد
    تاريخ التسجيل
    21/10/2007
    المشاركات
    200
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي لا يزال الوضع هشا في العراق... وفي المنطقة العربية/ رجل من بغداد

    ادناه مقالة كتبتها حول الوضع في العراق والمنطقة العربية من وجهة نظر خاصة بي
    محمدمحمد رشيد
    تحياتي

    بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    لا يزال الوضع هشا في العراق... وفي المنطقة العربية

    شبكة البصرة

    رجل من بغداد

    الوضع لا يزال هشا تعبير بدا يغزو الثقافة المتداولة ينسحب على الأمن والسلم الأهلي والوضع الاقتصادي والاجتماعي... كان ولا زال له استخدام مفرط في العراق لتفسير الوضع فيه بعد أحداث وحوادث متعددة رسمت صورة الواقع العراقي بعد الاحتلال... غير إن استخدامه على مستوى المنطقة وخصوصا لتوصيف الوضع العربي لم يكن متداولا بكثرة رغم إن التوصيف يرتبط بانهيار منظومة الأمن القومي العربي بعد احتلال العراق... ويأخذ التوصيف في امتنا العربية مشاهد شتى عبر سلسلة طويلة من الوقائع إلا إن أكثرها سخرية ومؤلمة في وقتنا الراهن كان في قمة الدوحة بوجود مقعدين للتمثيل الفلسطيني، صورة تدعوا للتأمل ترافقت مع مقالة لجون بولتون احد أعمدة اليمين الأمريكي المتصهين (المحافظون الجدد) وواحد من منظري احتلال العراق يطالب فيها بثلاث دول على ارض فلسطين؛ واحدة يهودية وواحدة في الضفة الغربية ترتبط بالأردن وأخرى في غزة ترتبط بمصر؛ وفي مشهد الدوحة أيضا يجلس الرئيس الإيراني جزء رئيس من منظومة عرابي احتلال العراق واكبر مستفيد من حصاده وفي رقبة دولته الملايين من دماء العراقيين ولاجئيهم وأراملهم وأيتامهم. وتستكمل الهشاشة صورتها في تعاطي الرئيس الأمريكي اوباما مع الوضع في المنطقة، وظائف لخبراء احدهم في موضوع ما يسمى بالنزاع العربي الإسرائيلي وحل الدولتين والآخر في موضوع أفغانستان ووظيفة جديدة لـ ديمس روس اختصت بالوضع في الخليج, والأخير رجل خبير في المفاوضات العربية - الإسرائيلية يرسل كمبعوث للتعاطي مع الأزمات في الخليج العربي... والخليج هو العراق والنفط والتمدد الإيراني وملفها النووي والموضوع الطائفي الذي استجد منذ بضع سنوات... كل ذلك يقودنا لإعادة تعريف قضايا المنطقة وارتباطاتها, فالوضع في العراق ما عاد ملفا منفردا بل واحد من ضمن ملفات شائكة يتم التداول والتباحث فيها على أساس صفقات تحمل نوعا من التوازن بين التنازل والمكاسب شاملة الدول العربية وإيران وإسرائيل... هي عودة لتقرير بيكر-هاملتون بارتباط مشاكل المنطقة، فـ ديمس روس خبير التفاوض الذي كان يدير البرنامج وفق ما يؤمن المصالح الإسرائيلية مقابل قضم متدرج للحقوق الفلسطينية والعربية, اختيار يقودنا لتفسير أحادي هدفه ضم إيران في صفقة التفاوض الشاملة مكملا مهمة المفاوض الآخر ميتشل... ومن الناحية الإجرائية فكافة ملفات الخليج ستحال إلى روس مخولا بالتعاطي مع مشاكلها ولن تتدخل الإدارة الأمريكية مباشرة ممثلة بالرئيس ووزيرة خارجيته للاستماع لوجهة النظر العربية اتجاه ما يجري وإنما ستمر عبر الوسيط الذي لديه البوابة الإسرائيلية المفتوحة منذ سنوات ليفتح مقابلها بوابة إيرانية, وستناقش ملفات المنطقة وفق وجهات نظر متعددة الأطراف؛ إيرانية أمريكية إسرائيلية؛ قد لا يطلع العرب على تفاصيلها وحتى نتائجها إلى أن تتحول إلى مقررات يتم تنفيذها. تلك رؤية قد تحدث, فقد بات على المسئول عن القرار الأمريكي إن يحسم خياره, فحالة التعايش والتفاهمات بين الوجود العسكري الأمريكي في العراق وبين التغلغل الإيراني يقابله حالة صراع بين الطرفين في باقي منطقة الشرق الأوسط خلقت ثنائية لا يمكن استمرارها مما يتطلب حسمها باتجاه واحد, ويأتي الحسم عندما ترى أي من القوتين إن هذه الثنائية قد بدأت تؤثر على مصالحها الآنية وبعيدة المدى وحيث إن باب المقارنة لا يستقيم بين القوة الأمريكية العالمية وبين القوة الإيرانية المحلية الصاعدة فان أدوات حسم هذه الثنائية ستكون بيد القوة الأمريكية والتي ستختار الاتجاه الذي يحقق مصالحها ويأتي هنا دور القوى المؤثرة والفاعلة في الإقليم للتأثير على اتجاه الحسم.

    كانت محاولة المملكة العربية السعودية عبر خطابها في مؤتمر الكويت صيغة استباقية للتعاطي الأمريكي الجديد مع المنطقة والتأثير الإيراني, بدعوتها للمصالحة العربية غير المشروطة والطلب من الفصائل الفلسطينية حل مشاكلها في الإطار العربي, محاولة عربية متأخرة ولكنها مطلوبة لنزع ما يسمى حاليا بشرعية التنظير الإيديولوجي الإيراني الذي يسوق له في الوقت الحاضر بدعوة بدأت ملامحها تتكون في الأفق العربي آخذت صيغة أيهما اخطر التهديد الإسرائيلي أم التهديد الإيراني وهي مقارنة المغزى منها واضحا تسويق الموقف الإيراني عربيا كمضاد موضوعي للتهديد الإسرائيلي, وكأن على الأمة العربية والمنطقة أن تختار بين الاحتلال الإيراني الحالي للعراق ومحاولة تمدده إلى باقي المنطقة بالشعارات الطائفية أحيانا وبالشعارات الثورية أحيانا أخرى وبين الاحتلال الإسرائيلي... وكأن على الأمة العربية أن لا يكون لها عدوين أو مجموعة أعداء في وقت واحد تتصرف اتجاههم وفق أولويات التهديد وتطور طبيعة الصراع ومصالحها...

    إن المهمات الملقاة على من يدير الوضع العربي في الظرف الراهن خطيرة وشائكة وما هو مطلوب يتعارض أحيانا مع ما هو حاصل... فالوضع العربي يتطلب تنسيقا في المواقف بين القوى الفاعلة ذات التأثير الحقيقي على مسار الأحداث, والتجريب الذي تقوم به بعض الدول العربية الصغيرة ومحاولاتها لان تلعب دورا مع الأضداد الكبار في مواضيع المنطقة سيؤدي بنا إلى كوارث جديدة, فالدول محكومة بحدود إمكانيات وضعها الجغرافي والسكاني والمادي, ومحاولة القفز فوق هذه الحقائق هو إضافة تعقيد جديد لمواضيع المنطقة التي بتعقيداتها الحالية لا وجود لضوء في نهاية النفق, بل إن كل ما تفعله هو زيادة الانقسام والتشرذم في وقت بات من الضرورات ترتيب اتفاق على الحد الأدنى لوضع رؤية اتجاه ما يحدث. لقد وجدت الدول العربية التي دعمت الولايات المتحدة في احتلالها للعراق, إنها الخاسر الأول والأكبر جراء هذا الدعم؛ باستثناء الكويت كما يخيل لها؛ فإيران هي من حصدت نتائج التغيير والاحتلال. وكلما حاولت الدول العربية إعادة حساباتها تصطدم بموقف إدارة بوش الذي كان يدفعها للإبقاء على دعمها لخططه رغم معرفتها بنتائجها الكارثية.

    إن هذا الوضع بدأت ملامحه تتغير فأولويات الولايات المتحدة في ظل إدارة اوباما يتم إعادة جدولتها بين متطلبات المشاكل الأمريكية الداخلية وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي وإعادة بناء صورة أمريكا في العالم ومواضيع أخرى وبين الاستحقاقات الخارجية في العراق وأفغانستان التي ورطتهم بها إدارة بوش... ومن نتائج ذلك إعلان الرئيس الأمريكي في خطابه الأخير؛ إن الولايات المتحدة قد أنجزت هدفها بتغيير النظام في العراق عن طريق تدخلها العسكري؛ وهو بيان سياسي لنوع الهدف وحجم المهمة التي أنجزت قبل قرابة 6 سنوات, أما المدة التي أعقبت انجاز المهمة فكانت تثبيت الوضع لمن سلمتهم السلطة, والتي شكلت عليها عبئا بشريا وماليا كبيرا وانقسامات داخلية لا تستطيع أمريكا الاستمرار فيها, والحصيلة عن كل ذلك بعد 6 سنوات تتضح من المطالب التي ذكرها وما لم يذكرها اوباما في خطابه لمن يحكم العراق حاليا والتي لم ينجز أي منها, فالواقع العراقي الحالي يؤشر إلى قوات عسكرية وأمنية طائفية, وملايين المهجرين في الداخل والخارج, وصراع على الثروة والسلطة يأخذ طابعا طائفيا واثنيا, ومصالحة وطنية لم تنجز إلا على الورق, وتغلغل إيراني في كل المفاصل, ومحاولات متكررة لتقسيم العراق, وفساد مالي لا سابق له ووو...

    كان قرار جدولة الانسحاب من العراق متوقعا إلا إن المطالب التي تقدم بها اوباما للمجموعة الحاكمة في العراق جديدة وعبر وسائل الإعلام, وكرد فعل مباشر ستقوم القوى الحاكمة في العراق بإعادة ترتيب أوضاعها, فبوصلتهم التي كانت تقودهم للحج بين فترة وأخرى إلى واشنطن وطهران سيحولونها فقط إلى طهران حيث إنهم لا يستطيعون إلا إن يكونوا تابعين, وقد أراحهم اوباما وحسم الموقف بالنسبة لهم, فإحدى حسنات وصوله للحكم إنهم باتوا لا يحتاجون وبصورة كاريكاتورية لإظهار ولائهم المزدوج, فلا توجد لاوباما وإدارته الكثير من الالتزامات اتجاه المنظومة الحاكمة في العراق والمرتبطة بإيران إلا ما يحقق فقط مصالح الولايات المتحدة, وهو غير معني بالتزامات بوش ودعمه ودفاعه عنها والذي كان إجراءا منطقيا في عهد بوش لأنها نتاج سياسته فكان عليه أن يفعل كل ما يستطيع لتثبيت حكمها وتقسيم هذا الحكم بالنسب التي وضعها ليبرر احتلاله للعراق, ونتيجة هذا التغيير؛ الذي يمكن أن نطلق عليه دراماتيكيا؛ فإنهم وجدوا متنفسهم في إن احتمالية التغيير في السياسة الأمريكية ستكون بتعاملها مع المالك بدلا من تعاملها مع عبيده, لذا سيكون حجهم فقط إلى مالكهم في طهران من منطلق إن أي حوار قادم إذا نجح بإنتاج صفقة ما فسيكونون جزءا من هذه الصفقة إن حصلت, فدفاع إيران عن مصالحها هو دفاع عن مصالحهم وعن تثبيت وجودهم في سلطة العراق, مستندين إلى إن الإدارة الجديدة قد وضعت خيار التعاطي العسكري لمعالجة الأزمات في تسلسل متأخرا وأفسحت المجال للتحرك السياسي والدبلوماسي ليكون الخيار الأول إن كان مع إيران أو مع غير إيران, وعليه فهم ضمنوا إن ولي أمرهم الفقيه لن يتعرض حتى لخيار التهديد كما كانت الإدارة السابقة تلوح به, كما إن تعيين روس كمفاوض لقضايا الخليج أعطاهم أملا آخر, فالباب الإيراني الذي سيفتحه روس سيطل مباشرة على الباب الإسرائيلي وعليه سيكونون جزءا من صفقة المنطقة إن حدثت, لان إيران مقابل بعض التنازلات والاتفاقات ستضمن مصالح عبيدها (حلفائها وشركائها وأدواتها في العراق) ضمن عملية شاملة سبق لإيران أن اقترحت ما هو قريب منها قبل احتلال العراق وعلى أساس ترتيبات متعددة الأطراف، وعلى الباقين وهنا العرب أن يرضوا بقوة إيرانية شريك للقوة الأمريكية والإسرائيلية. هذا السيناريو وفق تحليلي تراهن عليه إيران وأدواتها وعملائها في العراق لإنهاء الثنائية بين الطرفين. ولتجميل الصورة وحتى لا يرتعب العرب مما هو آتي فقد دعا اوباما بخطابه لإيجاد وضع في الخليج لا يستثني إيران وسوريا أساسه التفاوض. إلا إن الرئيس الإيراني استبق هذه الدعوة بالدعوة لترتيبات أمنية تشمل إيران والعراق وسوريا وتركيا وهي محاولة واضحة لإجهاض أي عملية مصالحة عربية قد تنتج في الوقت الراهن كما إنها محاولة مكشوفة لسحب تركيا من أي تحالف مع الدول العربية أو لإضفاء مشروعية مناطقية على مقترح الحلف مستثنيا الدول العربية منه، وهو يعرف إن تركيا لن تساهم بأي تحالف يبني ترتيبات أمنية مع إيران تستثنى منه الدول العربية حتى لو كان الثمن أكراد تركيا وعلى الأقل في الظروف الراهنة. لذا فان دعوته هي تكرار لدعوته السابقة ولكن بصياغة جديدة والتي كانت؛ قيام إيران بملأ الفراغ في العراق في حال انسحبت القوات الأمريكية؛ مع إضافة لها وهي ضرب أي إمكانية لمصالحة عربية تكون سوريا من ضمنها. مقابل ذلك سربت وسائل الإعلام دعوة سعودية لم تتضح معالمها لسوريا ومصر والأردن, قبل انعقاد مؤتمر القمة في الدوحة, هدفها القيام بنوع من التفاهمات حول قضايا المنطقة لتكون وفق ما اعتقده رسالة للإدارة الأمريكية الجديدة قبل قيامها بأي تحرك, وهو ما ينتظر تحققها ومن ثم معرفة نتائجها وآليات عملها.

    إن المنطقة مقبلة على صراعات تعكس نوع التناقضات التي تعيشها ومن الصعب القفز عليها أو تركها أو تأجيلها, مما يتطلب مواجهتها بحزمة مواقف واضحة خصوصا إن الاحتقانات ظهرت بصيغ متعددة منها احتقانات طائفية تسعى إيران لتأجيجها مع خلافات عربية-عربية, وتراجع عربي بعد احتلال أمريكي للعراق تراكمت آثاره ليستكمل صورته باحتلال إيراني وتغلغل مبرمج في المنطقة انعكست آثاره في أكثر من مكان... فمن بيروت إلى صعدة إلى الكويت إلى المنامة إلى القاهرة وآخرها في المدينة المنورة والسلسلة مفتوحة بلا نهايات والتي سبق أن تناولنا بعضها سابقا... وكان تتوجيها العدوان الصهيوني على غزة.

    أما في العراق فعلينا أن ننظر إلى مستجدات الموقف ضمن حقائقه وليس ضمن الدعاية التي تغلفه, لازال الوضع هشا وسيستمر, فالانتخابات الأخيرة رسخت واقعا طائفيا هو استمرار للسنوات الست ألماضيه, مع تغيير في أولويات القيادة داخل قوى الإسلام السياسي الشيعي وخصوصا في بغداد والمناطق الوسطى والجنوبية التي تسيطر عليها، فداخل الائتلاف الشيعي تقدمت مجموعة المالكي على حساب مجموعة الحكيم وحققت مجموعة مقتدة الصدر حضورا سياسيا, إلا إن التلاعب الأكبر كان في بغداد ونوعا ما في البصرة لتأكيد سيطرة التحالف الشيعي عليهما مع تغييب كامل للتنوع في باقي هذه المحافظات, فقد منع المهجرين داخل العراق وهم بالملايين في مناطق معينة وأكثر من مليونين ونصف خارج العراق من التصويت في هذه الانتخابات وحتى نسمي المسميات بأسمائها فالغالبية العظمى منهم من اهل السنة العرب ولكي تكون القراءة واضحة نتناول الآتي.

    - إن نسبة المساهمة الحقيقية في الانتخابات كانت بحدود 30-35% لترتفع وفق إحصائيات الحكومة إلى 51% وبالتالي كان الفرق بين نسبة المساهمة الحقيقية وبين نسبة ما أعلن في صالح الائتلاف الشيعي الحاكم.

    - إن العراق من الدول الشابة(الفتيه) أي إن نسبة من هم دون سن الثامنة عشرة بحدود ما بين 50%-54% وهؤلاء لا يحق لهم الانتخاب.

    - جرت الانتخابات في 14 محافظة عراقية من أصل 18 محافظة حيث أجلت انتخابات كركوك وستجري انتخابات محافظات الحكم الذاتي (اربيل,السليمانية,دهوك) في وقت لاحق من هذا العام ويسكن هذه المحافظات الأربع بحدود مابين 3-4 ملايين نسمة.

    - أعلنت الحكومة إن من يحق لهم الانتخاب 15 مليون نسمة في 14 محافظة فقط أي إن عدد نفوس هذه المحافظات هو 30 مليون نسمة وبإضافة المهجرين خارج العراق وسكان المحافظات الأربع التي لم تجري فيها الانتخابات وضحايا الاحتلال منذ عام 2003 والذين يبلغون حوالي مليون ونصف المليون نسمة, فان عدد نفوس العراق وفق تقديرات الحكومة الحالية هو بحدود 37 مليون نسمة, أي إن نسبة النمو السكاني في العراق يتجاوز ألـ 4% وان نفوس العراق قبل الاحتلال كان بحدود 30 مليون نسمة وهو ما يتناقض مع الإحصاءات السكانية العراقية المعتمدة وتقديرات نسمو السكان فيه والبالغة حوالي 4ر2% في الظروف الطبيعية, وحيث إن العراق يعيش في ظل ظروف حرب منذ ست سنوات مما يعني قلة حالات الزواج وقلة الولادات الجديدة فان تقديرات السكان في العراق لن تتجاوز 27 مليون نسمة بضمنهم المهجرين خارجه, وعليه فهناك بحدود 10 ملايين نسمة مضافة لسكان العراق, وان 5 ملايين منهم يحق لهم الانتخاب لن يكونوا موجدين إنما في الورق فقط أو تم استيرادهم.

    سقنا هذه المؤشرات التقديرية لنبني عليها حقائق ترتبط بالتغيير الديمغرافي والسياسي وطبيعة ونوعية القوى التي تريد حكم العراق وأهدافها والتي تتقاسم نتائجها المستهدفة كل من قوى الإسلام السياسي الشيعي وقوى الانفصال الكردي لوضع خريطة سياسية في العراق مخرجاتها باتجاهين الأول زيادة الارتباط بإيران وفق المنطق الطائفي والأخرى السعي لزيادة تمدد القوى الكردية الحاكمة على مناطق أخرى في العراق وصولا لاستكمال القضم ألمناطقي بثرواته الطبيعية المحقق لهدف الانفصال.

    كما أنها تضع الموقف الدولي أمام نتائج عليه التعامل معها وهو ما تناوله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ديمستورا في عرضه أمام مجلس الأمن حيث ثبت العدد السكاني الذي أرادته الحكومة الحالية كما ثبت صيغة ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها في أدبيات الأمم المتحدة عند تناوله الشأن العراقي, وكأن العراق مقاطعات بينها صراعات حدودية وليس دولة واحدة ذات سيادة على كل أراضيها, ولم نسمع من أي من مجموعات السلطة الحاكمة إلى ما يشير على اعتراضهم على هذا التوصيف للوضع العراقي وهم بذلك يكشفون عن حقيقة رؤيتهم رغم دعوات قيادة حكومتهم على وحدة العراق ومركزية الدولة فيه.

    في حين إن انتخابات المحافظات الباقية والتي فيها الغالبية العربية السنية تجاوزت نوعا ما الصيغ الطائفية لتعكس نوعا من الصراع السياسي مع التأكيد على وحدة العراق مقابل قوائم الحزبين الكرديين.

    أما الدعوات للشراكة السياسية والمواطنة والمصالحة فتسقطها ممارسات المنظومة الحاكمة حاليا فكل المؤشرات تدل على إن برامجها التي وضعتها قبل الاحتلال لا زالت تحمل نفس الأهداف وهو الاجتثاث والتصفية والمزيد من الارتباط بإيران, وآخر ادعاءاتها بدعوتها لرجوع الضباط السابقين من خارج العراق رافقتها حملة اعتقالات منظمة لمن هم داخل العراق.

    إن متغيرات الوضع العراقي ستظل تلقي بظلالها القاتمة على الوضع في المنطقة ومقولة؛ إن الوضع في العراق لا يزال هشا؛ ستبقى عنوانا ينسحب على الوضع فيها، ولن يكون هناك استقرار ما دام الوضع في العراق يتم التلاعب فيه من قبل إيران إن كان ديمغرافيا أو سياسيا أو امنيا أو اقتصاديا أو جغرافيا, وحيث إن الإدارة الأمريكية الحالية تحاول رسم ملامح لخريطة طريق في تعاطيها مع الوضع في العراق وفي الخليج العربي فان أمام القوى العربية وتركيا مهمة رئيسية وهي المساهمة وبصورة فعالة في رسم ملامح هذه الخارطة وعدم ترك الأمور لإيران وإسرائيل لتقاسم النفوذ, وإذا ما كان هناك محاولة لدمج إيران في منظومة المنطقة كما تريد إيران دفع الولايات المتحدة لتحقيقه, فان على العرب أن يوضحوا لها الخطوط الحمراء التي على إيران عدم تجاوزها. إن الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة هو تامين مصالحها وأمنها القومي أما ما تبقى فهي أهداف تكتيكية تتراوح بين حزمة من التحالفات والصراعات لتحقيق هذا الهدف المركزي والمسئولة عن تنفيذ برامجه هي مؤسسات الأمن القومي الأمريكي التي لها الدور الرئيس في رسم سياستها في المنطقة, وأمام العرب فرصة في الظرف الراهن ليحددوا للإدارة الأمريكية حدود أمنهم القومي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال تمدد أي قوة إقليمية أو أخرى على حسابه, وان الأمن القومي للولايات المتحدة لن يتحقق على حساب الأمن القومي العربي. إن رسالة واضحة تبين للولايات المتحدة بان الوسيلة الوحيدة للتعاطي مع المنطقة هو بمعالجتها أخطائها وخطاياها عند احتلالها للعراق وتركها للأمن القومي العربي مكشوفا أمام إيران, كما تعكس الرسالة إرادة العرب الموحدة في أن يكون هذا هو المنهج الوحيد لضمان مصالحها وليس عبر صفقات متعددة الأطراف من ضمنها إيران.

    كما إن على القوى الوطنية العراقية وعلى رأسها المقاومة أن تحدد أولوياتها النابعة من إستراتيجية التحرير, وفق قراءة موضوعية لتطور الوضع العراقي وهو ما أكرره في معظم ما اكتبه, فما فعلته المقاومة في العراق كان منهجا جديدا في حروب التحرير الشعبية يتطلب تعميقه وعلى الجميع أن يقروا إن تغير الإستراتيجية الأمريكية وإعادة صياغة أولوياتها كان بفعل من قاتلوها وقاتلوا المشروع الطائفي الذي كان يريد أن يمتد إلى المنطقة كما قاتلوا هذا المشروع في ثمانينيات القرن الماضي. إن هناك حربا وصراعا قادمين مع المشروع الإيراني الذي يحاول ملأ الفراغ عبر صفقات يعد لها. والولايات المتحدة في إستراتيجيتها الجديدة تحاول التخفيف من عبأ تكاليف الحرب في العراق التي تورطت فيها (والتي كانت الهدف الوحيد من ورائها هو تغيير النظام السياسي فيه) إضافة للمحافظة على ما تبقى من مصالحها, مما يدفعها أما إلى تعميق شراكات قائمة أو تغيير تحالفاتها, وفي كل الأحوال إنها في طريقها ووفق ما تعلنه لإعادة جدولة أولوياتها, لذا فان المهمة القادمة ومعاركها وقبل أن تقوم الإدارة الأمريكية بذلك هو العمل وبكل الوسائل لدفعها على إنهاء تحالفها مع المنظومة الحاكمة وشراكتها الحالية مع إيران في العراق وتحميلها تكاليف وعبأ إنهاء الوجود الإيراني ورموزه وأدواته ومؤسساته لأنها من سمحت له بالتغلغل وساعدته على التمدد والسيطرة, وإذا ما كان تحركها عكس ذلك فان التفسير الوحيد هو إن إستراتيجيتها الجديدة هي امتداد لإستراتيجيتها السابقة التي بدأتها باحتلال العراق, وتلك المهمة تقع على عاتق القوى الوطنية العراقية وقواها المقاومة ومن ثم على عاتق الأمة العربية بجماهيرها ومؤسساتها الرسمية, حتى لا نرى يوما حلفا يتم التمهيد له بين إيران وإسرائيل لنقع بين المطرقة والسندان تحت مظلة أمريكية, فقد ملأت سمائنا بما فيه الكفاية الغيوم الأمريكية والإسرائيلية والتي لا تمطر علينا إلا صواريخا لتضاف لها غيوم إيرانية.
    شبكة البصرة

    الاثنين 5 ربيع الاول 1430 / 2 آذار 2009

    يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس


  2. #2
    كاتب ومحلل سياسي
    أستاذ جامعي
    الصورة الرمزية كاظم عبد الحسين عباس
    تاريخ التسجيل
    18/08/2008
    العمر
    69
    المشاركات
    4,689
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: لا يزال الوضع هشا في العراق... وفي المنطقة العربية/ رجل من بغداد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدمحمد رشيد مشاهدة المشاركة
    ادناه مقالة كتبتها حول الوضع في العراق والمنطقة العربية من وجهة نظر خاصة بي
    محمدمحمد رشيد
    تحياتي

    بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    لا يزال الوضع هشا في العراق... وفي المنطقة العربية

    شبكة البصرة

    رجل من بغداد

    الوضع لا يزال هشا تعبير بدا يغزو الثقافة المتداولة ينسحب على الأمن والسلم الأهلي والوضع الاقتصادي والاجتماعي... كان ولا زال له استخدام مفرط في العراق لتفسير الوضع فيه بعد أحداث وحوادث متعددة رسمت صورة الواقع العراقي بعد الاحتلال... غير إن استخدامه على مستوى المنطقة وخصوصا لتوصيف الوضع العربي لم يكن متداولا بكثرة رغم إن التوصيف يرتبط بانهيار منظومة الأمن القومي العربي بعد احتلال العراق... ويأخذ التوصيف في امتنا العربية مشاهد شتى عبر سلسلة طويلة من الوقائع إلا إن أكثرها سخرية ومؤلمة في وقتنا الراهن كان في قمة الدوحة بوجود مقعدين للتمثيل الفلسطيني، صورة تدعوا للتأمل ترافقت مع مقالة لجون بولتون احد أعمدة اليمين الأمريكي المتصهين (المحافظون الجدد) وواحد من منظري احتلال العراق يطالب فيها بثلاث دول على ارض فلسطين؛ واحدة يهودية وواحدة في الضفة الغربية ترتبط بالأردن وأخرى في غزة ترتبط بمصر؛ وفي مشهد الدوحة أيضا يجلس الرئيس الإيراني جزء رئيس من منظومة عرابي احتلال العراق واكبر مستفيد من حصاده وفي رقبة دولته الملايين من دماء العراقيين ولاجئيهم وأراملهم وأيتامهم. وتستكمل الهشاشة صورتها في تعاطي الرئيس الأمريكي اوباما مع الوضع في المنطقة، وظائف لخبراء احدهم في موضوع ما يسمى بالنزاع العربي الإسرائيلي وحل الدولتين والآخر في موضوع أفغانستان ووظيفة جديدة لـ ديمس روس اختصت بالوضع في الخليج, والأخير رجل خبير في المفاوضات العربية - الإسرائيلية يرسل كمبعوث للتعاطي مع الأزمات في الخليج العربي... والخليج هو العراق والنفط والتمدد الإيراني وملفها النووي والموضوع الطائفي الذي استجد منذ بضع سنوات... كل ذلك يقودنا لإعادة تعريف قضايا المنطقة وارتباطاتها, فالوضع في العراق ما عاد ملفا منفردا بل واحد من ضمن ملفات شائكة يتم التداول والتباحث فيها على أساس صفقات تحمل نوعا من التوازن بين التنازل والمكاسب شاملة الدول العربية وإيران وإسرائيل... هي عودة لتقرير بيكر-هاملتون بارتباط مشاكل المنطقة، فـ ديمس روس خبير التفاوض الذي كان يدير البرنامج وفق ما يؤمن المصالح الإسرائيلية مقابل قضم متدرج للحقوق الفلسطينية والعربية, اختيار يقودنا لتفسير أحادي هدفه ضم إيران في صفقة التفاوض الشاملة مكملا مهمة المفاوض الآخر ميتشل... ومن الناحية الإجرائية فكافة ملفات الخليج ستحال إلى روس مخولا بالتعاطي مع مشاكلها ولن تتدخل الإدارة الأمريكية مباشرة ممثلة بالرئيس ووزيرة خارجيته للاستماع لوجهة النظر العربية اتجاه ما يجري وإنما ستمر عبر الوسيط الذي لديه البوابة الإسرائيلية المفتوحة منذ سنوات ليفتح مقابلها بوابة إيرانية, وستناقش ملفات المنطقة وفق وجهات نظر متعددة الأطراف؛ إيرانية أمريكية إسرائيلية؛ قد لا يطلع العرب على تفاصيلها وحتى نتائجها إلى أن تتحول إلى مقررات يتم تنفيذها. تلك رؤية قد تحدث, فقد بات على المسئول عن القرار الأمريكي إن يحسم خياره, فحالة التعايش والتفاهمات بين الوجود العسكري الأمريكي في العراق وبين التغلغل الإيراني يقابله حالة صراع بين الطرفين في باقي منطقة الشرق الأوسط خلقت ثنائية لا يمكن استمرارها مما يتطلب حسمها باتجاه واحد, ويأتي الحسم عندما ترى أي من القوتين إن هذه الثنائية قد بدأت تؤثر على مصالحها الآنية وبعيدة المدى وحيث إن باب المقارنة لا يستقيم بين القوة الأمريكية العالمية وبين القوة الإيرانية المحلية الصاعدة فان أدوات حسم هذه الثنائية ستكون بيد القوة الأمريكية والتي ستختار الاتجاه الذي يحقق مصالحها ويأتي هنا دور القوى المؤثرة والفاعلة في الإقليم للتأثير على اتجاه الحسم.

    كانت محاولة المملكة العربية السعودية عبر خطابها في مؤتمر الكويت صيغة استباقية للتعاطي الأمريكي الجديد مع المنطقة والتأثير الإيراني, بدعوتها للمصالحة العربية غير المشروطة والطلب من الفصائل الفلسطينية حل مشاكلها في الإطار العربي, محاولة عربية متأخرة ولكنها مطلوبة لنزع ما يسمى حاليا بشرعية التنظير الإيديولوجي الإيراني الذي يسوق له في الوقت الحاضر بدعوة بدأت ملامحها تتكون في الأفق العربي آخذت صيغة أيهما اخطر التهديد الإسرائيلي أم التهديد الإيراني وهي مقارنة المغزى منها واضحا تسويق الموقف الإيراني عربيا كمضاد موضوعي للتهديد الإسرائيلي, وكأن على الأمة العربية والمنطقة أن تختار بين الاحتلال الإيراني الحالي للعراق ومحاولة تمدده إلى باقي المنطقة بالشعارات الطائفية أحيانا وبالشعارات الثورية أحيانا أخرى وبين الاحتلال الإسرائيلي... وكأن على الأمة العربية أن لا يكون لها عدوين أو مجموعة أعداء في وقت واحد تتصرف اتجاههم وفق أولويات التهديد وتطور طبيعة الصراع ومصالحها...

    إن المهمات الملقاة على من يدير الوضع العربي في الظرف الراهن خطيرة وشائكة وما هو مطلوب يتعارض أحيانا مع ما هو حاصل... فالوضع العربي يتطلب تنسيقا في المواقف بين القوى الفاعلة ذات التأثير الحقيقي على مسار الأحداث, والتجريب الذي تقوم به بعض الدول العربية الصغيرة ومحاولاتها لان تلعب دورا مع الأضداد الكبار في مواضيع المنطقة سيؤدي بنا إلى كوارث جديدة, فالدول محكومة بحدود إمكانيات وضعها الجغرافي والسكاني والمادي, ومحاولة القفز فوق هذه الحقائق هو إضافة تعقيد جديد لمواضيع المنطقة التي بتعقيداتها الحالية لا وجود لضوء في نهاية النفق, بل إن كل ما تفعله هو زيادة الانقسام والتشرذم في وقت بات من الضرورات ترتيب اتفاق على الحد الأدنى لوضع رؤية اتجاه ما يحدث. لقد وجدت الدول العربية التي دعمت الولايات المتحدة في احتلالها للعراق, إنها الخاسر الأول والأكبر جراء هذا الدعم؛ باستثناء الكويت كما يخيل لها؛ فإيران هي من حصدت نتائج التغيير والاحتلال. وكلما حاولت الدول العربية إعادة حساباتها تصطدم بموقف إدارة بوش الذي كان يدفعها للإبقاء على دعمها لخططه رغم معرفتها بنتائجها الكارثية.

    إن هذا الوضع بدأت ملامحه تتغير فأولويات الولايات المتحدة في ظل إدارة اوباما يتم إعادة جدولتها بين متطلبات المشاكل الأمريكية الداخلية وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي وإعادة بناء صورة أمريكا في العالم ومواضيع أخرى وبين الاستحقاقات الخارجية في العراق وأفغانستان التي ورطتهم بها إدارة بوش... ومن نتائج ذلك إعلان الرئيس الأمريكي في خطابه الأخير؛ إن الولايات المتحدة قد أنجزت هدفها بتغيير النظام في العراق عن طريق تدخلها العسكري؛ وهو بيان سياسي لنوع الهدف وحجم المهمة التي أنجزت قبل قرابة 6 سنوات, أما المدة التي أعقبت انجاز المهمة فكانت تثبيت الوضع لمن سلمتهم السلطة, والتي شكلت عليها عبئا بشريا وماليا كبيرا وانقسامات داخلية لا تستطيع أمريكا الاستمرار فيها, والحصيلة عن كل ذلك بعد 6 سنوات تتضح من المطالب التي ذكرها وما لم يذكرها اوباما في خطابه لمن يحكم العراق حاليا والتي لم ينجز أي منها, فالواقع العراقي الحالي يؤشر إلى قوات عسكرية وأمنية طائفية, وملايين المهجرين في الداخل والخارج, وصراع على الثروة والسلطة يأخذ طابعا طائفيا واثنيا, ومصالحة وطنية لم تنجز إلا على الورق, وتغلغل إيراني في كل المفاصل, ومحاولات متكررة لتقسيم العراق, وفساد مالي لا سابق له ووو...

    كان قرار جدولة الانسحاب من العراق متوقعا إلا إن المطالب التي تقدم بها اوباما للمجموعة الحاكمة في العراق جديدة وعبر وسائل الإعلام, وكرد فعل مباشر ستقوم القوى الحاكمة في العراق بإعادة ترتيب أوضاعها, فبوصلتهم التي كانت تقودهم للحج بين فترة وأخرى إلى واشنطن وطهران سيحولونها فقط إلى طهران حيث إنهم لا يستطيعون إلا إن يكونوا تابعين, وقد أراحهم اوباما وحسم الموقف بالنسبة لهم, فإحدى حسنات وصوله للحكم إنهم باتوا لا يحتاجون وبصورة كاريكاتورية لإظهار ولائهم المزدوج, فلا توجد لاوباما وإدارته الكثير من الالتزامات اتجاه المنظومة الحاكمة في العراق والمرتبطة بإيران إلا ما يحقق فقط مصالح الولايات المتحدة, وهو غير معني بالتزامات بوش ودعمه ودفاعه عنها والذي كان إجراءا منطقيا في عهد بوش لأنها نتاج سياسته فكان عليه أن يفعل كل ما يستطيع لتثبيت حكمها وتقسيم هذا الحكم بالنسب التي وضعها ليبرر احتلاله للعراق, ونتيجة هذا التغيير؛ الذي يمكن أن نطلق عليه دراماتيكيا؛ فإنهم وجدوا متنفسهم في إن احتمالية التغيير في السياسة الأمريكية ستكون بتعاملها مع المالك بدلا من تعاملها مع عبيده, لذا سيكون حجهم فقط إلى مالكهم في طهران من منطلق إن أي حوار قادم إذا نجح بإنتاج صفقة ما فسيكونون جزءا من هذه الصفقة إن حصلت, فدفاع إيران عن مصالحها هو دفاع عن مصالحهم وعن تثبيت وجودهم في سلطة العراق, مستندين إلى إن الإدارة الجديدة قد وضعت خيار التعاطي العسكري لمعالجة الأزمات في تسلسل متأخرا وأفسحت المجال للتحرك السياسي والدبلوماسي ليكون الخيار الأول إن كان مع إيران أو مع غير إيران, وعليه فهم ضمنوا إن ولي أمرهم الفقيه لن يتعرض حتى لخيار التهديد كما كانت الإدارة السابقة تلوح به, كما إن تعيين روس كمفاوض لقضايا الخليج أعطاهم أملا آخر, فالباب الإيراني الذي سيفتحه روس سيطل مباشرة على الباب الإسرائيلي وعليه سيكونون جزءا من صفقة المنطقة إن حدثت, لان إيران مقابل بعض التنازلات والاتفاقات ستضمن مصالح عبيدها (حلفائها وشركائها وأدواتها في العراق) ضمن عملية شاملة سبق لإيران أن اقترحت ما هو قريب منها قبل احتلال العراق وعلى أساس ترتيبات متعددة الأطراف، وعلى الباقين وهنا العرب أن يرضوا بقوة إيرانية شريك للقوة الأمريكية والإسرائيلية. هذا السيناريو وفق تحليلي تراهن عليه إيران وأدواتها وعملائها في العراق لإنهاء الثنائية بين الطرفين. ولتجميل الصورة وحتى لا يرتعب العرب مما هو آتي فقد دعا اوباما بخطابه لإيجاد وضع في الخليج لا يستثني إيران وسوريا أساسه التفاوض. إلا إن الرئيس الإيراني استبق هذه الدعوة بالدعوة لترتيبات أمنية تشمل إيران والعراق وسوريا وتركيا وهي محاولة واضحة لإجهاض أي عملية مصالحة عربية قد تنتج في الوقت الراهن كما إنها محاولة مكشوفة لسحب تركيا من أي تحالف مع الدول العربية أو لإضفاء مشروعية مناطقية على مقترح الحلف مستثنيا الدول العربية منه، وهو يعرف إن تركيا لن تساهم بأي تحالف يبني ترتيبات أمنية مع إيران تستثنى منه الدول العربية حتى لو كان الثمن أكراد تركيا وعلى الأقل في الظروف الراهنة. لذا فان دعوته هي تكرار لدعوته السابقة ولكن بصياغة جديدة والتي كانت؛ قيام إيران بملأ الفراغ في العراق في حال انسحبت القوات الأمريكية؛ مع إضافة لها وهي ضرب أي إمكانية لمصالحة عربية تكون سوريا من ضمنها. مقابل ذلك سربت وسائل الإعلام دعوة سعودية لم تتضح معالمها لسوريا ومصر والأردن, قبل انعقاد مؤتمر القمة في الدوحة, هدفها القيام بنوع من التفاهمات حول قضايا المنطقة لتكون وفق ما اعتقده رسالة للإدارة الأمريكية الجديدة قبل قيامها بأي تحرك, وهو ما ينتظر تحققها ومن ثم معرفة نتائجها وآليات عملها.

    إن المنطقة مقبلة على صراعات تعكس نوع التناقضات التي تعيشها ومن الصعب القفز عليها أو تركها أو تأجيلها, مما يتطلب مواجهتها بحزمة مواقف واضحة خصوصا إن الاحتقانات ظهرت بصيغ متعددة منها احتقانات طائفية تسعى إيران لتأجيجها مع خلافات عربية-عربية, وتراجع عربي بعد احتلال أمريكي للعراق تراكمت آثاره ليستكمل صورته باحتلال إيراني وتغلغل مبرمج في المنطقة انعكست آثاره في أكثر من مكان... فمن بيروت إلى صعدة إلى الكويت إلى المنامة إلى القاهرة وآخرها في المدينة المنورة والسلسلة مفتوحة بلا نهايات والتي سبق أن تناولنا بعضها سابقا... وكان تتوجيها العدوان الصهيوني على غزة.

    أما في العراق فعلينا أن ننظر إلى مستجدات الموقف ضمن حقائقه وليس ضمن الدعاية التي تغلفه, لازال الوضع هشا وسيستمر, فالانتخابات الأخيرة رسخت واقعا طائفيا هو استمرار للسنوات الست ألماضيه, مع تغيير في أولويات القيادة داخل قوى الإسلام السياسي الشيعي وخصوصا في بغداد والمناطق الوسطى والجنوبية التي تسيطر عليها، فداخل الائتلاف الشيعي تقدمت مجموعة المالكي على حساب مجموعة الحكيم وحققت مجموعة مقتدة الصدر حضورا سياسيا, إلا إن التلاعب الأكبر كان في بغداد ونوعا ما في البصرة لتأكيد سيطرة التحالف الشيعي عليهما مع تغييب كامل للتنوع في باقي هذه المحافظات, فقد منع المهجرين داخل العراق وهم بالملايين في مناطق معينة وأكثر من مليونين ونصف خارج العراق من التصويت في هذه الانتخابات وحتى نسمي المسميات بأسمائها فالغالبية العظمى منهم من اهل السنة العرب ولكي تكون القراءة واضحة نتناول الآتي.

    - إن نسبة المساهمة الحقيقية في الانتخابات كانت بحدود 30-35% لترتفع وفق إحصائيات الحكومة إلى 51% وبالتالي كان الفرق بين نسبة المساهمة الحقيقية وبين نسبة ما أعلن في صالح الائتلاف الشيعي الحاكم.

    - إن العراق من الدول الشابة(الفتيه) أي إن نسبة من هم دون سن الثامنة عشرة بحدود ما بين 50%-54% وهؤلاء لا يحق لهم الانتخاب.

    - جرت الانتخابات في 14 محافظة عراقية من أصل 18 محافظة حيث أجلت انتخابات كركوك وستجري انتخابات محافظات الحكم الذاتي (اربيل,السليمانية,دهوك) في وقت لاحق من هذا العام ويسكن هذه المحافظات الأربع بحدود مابين 3-4 ملايين نسمة.

    - أعلنت الحكومة إن من يحق لهم الانتخاب 15 مليون نسمة في 14 محافظة فقط أي إن عدد نفوس هذه المحافظات هو 30 مليون نسمة وبإضافة المهجرين خارج العراق وسكان المحافظات الأربع التي لم تجري فيها الانتخابات وضحايا الاحتلال منذ عام 2003 والذين يبلغون حوالي مليون ونصف المليون نسمة, فان عدد نفوس العراق وفق تقديرات الحكومة الحالية هو بحدود 37 مليون نسمة, أي إن نسبة النمو السكاني في العراق يتجاوز ألـ 4% وان نفوس العراق قبل الاحتلال كان بحدود 30 مليون نسمة وهو ما يتناقض مع الإحصاءات السكانية العراقية المعتمدة وتقديرات نسمو السكان فيه والبالغة حوالي 4ر2% في الظروف الطبيعية, وحيث إن العراق يعيش في ظل ظروف حرب منذ ست سنوات مما يعني قلة حالات الزواج وقلة الولادات الجديدة فان تقديرات السكان في العراق لن تتجاوز 27 مليون نسمة بضمنهم المهجرين خارجه, وعليه فهناك بحدود 10 ملايين نسمة مضافة لسكان العراق, وان 5 ملايين منهم يحق لهم الانتخاب لن يكونوا موجدين إنما في الورق فقط أو تم استيرادهم.

    سقنا هذه المؤشرات التقديرية لنبني عليها حقائق ترتبط بالتغيير الديمغرافي والسياسي وطبيعة ونوعية القوى التي تريد حكم العراق وأهدافها والتي تتقاسم نتائجها المستهدفة كل من قوى الإسلام السياسي الشيعي وقوى الانفصال الكردي لوضع خريطة سياسية في العراق مخرجاتها باتجاهين الأول زيادة الارتباط بإيران وفق المنطق الطائفي والأخرى السعي لزيادة تمدد القوى الكردية الحاكمة على مناطق أخرى في العراق وصولا لاستكمال القضم ألمناطقي بثرواته الطبيعية المحقق لهدف الانفصال.

    كما أنها تضع الموقف الدولي أمام نتائج عليه التعامل معها وهو ما تناوله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ديمستورا في عرضه أمام مجلس الأمن حيث ثبت العدد السكاني الذي أرادته الحكومة الحالية كما ثبت صيغة ما يسمى بالمناطق المتنازع عليها في أدبيات الأمم المتحدة عند تناوله الشأن العراقي, وكأن العراق مقاطعات بينها صراعات حدودية وليس دولة واحدة ذات سيادة على كل أراضيها, ولم نسمع من أي من مجموعات السلطة الحاكمة إلى ما يشير على اعتراضهم على هذا التوصيف للوضع العراقي وهم بذلك يكشفون عن حقيقة رؤيتهم رغم دعوات قيادة حكومتهم على وحدة العراق ومركزية الدولة فيه.

    في حين إن انتخابات المحافظات الباقية والتي فيها الغالبية العربية السنية تجاوزت نوعا ما الصيغ الطائفية لتعكس نوعا من الصراع السياسي مع التأكيد على وحدة العراق مقابل قوائم الحزبين الكرديين.

    أما الدعوات للشراكة السياسية والمواطنة والمصالحة فتسقطها ممارسات المنظومة الحاكمة حاليا فكل المؤشرات تدل على إن برامجها التي وضعتها قبل الاحتلال لا زالت تحمل نفس الأهداف وهو الاجتثاث والتصفية والمزيد من الارتباط بإيران, وآخر ادعاءاتها بدعوتها لرجوع الضباط السابقين من خارج العراق رافقتها حملة اعتقالات منظمة لمن هم داخل العراق.

    إن متغيرات الوضع العراقي ستظل تلقي بظلالها القاتمة على الوضع في المنطقة ومقولة؛ إن الوضع في العراق لا يزال هشا؛ ستبقى عنوانا ينسحب على الوضع فيها، ولن يكون هناك استقرار ما دام الوضع في العراق يتم التلاعب فيه من قبل إيران إن كان ديمغرافيا أو سياسيا أو امنيا أو اقتصاديا أو جغرافيا, وحيث إن الإدارة الأمريكية الحالية تحاول رسم ملامح لخريطة طريق في تعاطيها مع الوضع في العراق وفي الخليج العربي فان أمام القوى العربية وتركيا مهمة رئيسية وهي المساهمة وبصورة فعالة في رسم ملامح هذه الخارطة وعدم ترك الأمور لإيران وإسرائيل لتقاسم النفوذ, وإذا ما كان هناك محاولة لدمج إيران في منظومة المنطقة كما تريد إيران دفع الولايات المتحدة لتحقيقه, فان على العرب أن يوضحوا لها الخطوط الحمراء التي على إيران عدم تجاوزها. إن الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة هو تامين مصالحها وأمنها القومي أما ما تبقى فهي أهداف تكتيكية تتراوح بين حزمة من التحالفات والصراعات لتحقيق هذا الهدف المركزي والمسئولة عن تنفيذ برامجه هي مؤسسات الأمن القومي الأمريكي التي لها الدور الرئيس في رسم سياستها في المنطقة, وأمام العرب فرصة في الظرف الراهن ليحددوا للإدارة الأمريكية حدود أمنهم القومي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال تمدد أي قوة إقليمية أو أخرى على حسابه, وان الأمن القومي للولايات المتحدة لن يتحقق على حساب الأمن القومي العربي. إن رسالة واضحة تبين للولايات المتحدة بان الوسيلة الوحيدة للتعاطي مع المنطقة هو بمعالجتها أخطائها وخطاياها عند احتلالها للعراق وتركها للأمن القومي العربي مكشوفا أمام إيران, كما تعكس الرسالة إرادة العرب الموحدة في أن يكون هذا هو المنهج الوحيد لضمان مصالحها وليس عبر صفقات متعددة الأطراف من ضمنها إيران.

    كما إن على القوى الوطنية العراقية وعلى رأسها المقاومة أن تحدد أولوياتها النابعة من إستراتيجية التحرير, وفق قراءة موضوعية لتطور الوضع العراقي وهو ما أكرره في معظم ما اكتبه, فما فعلته المقاومة في العراق كان منهجا جديدا في حروب التحرير الشعبية يتطلب تعميقه وعلى الجميع أن يقروا إن تغير الإستراتيجية الأمريكية وإعادة صياغة أولوياتها كان بفعل من قاتلوها وقاتلوا المشروع الطائفي الذي كان يريد أن يمتد إلى المنطقة كما قاتلوا هذا المشروع في ثمانينيات القرن الماضي. إن هناك حربا وصراعا قادمين مع المشروع الإيراني الذي يحاول ملأ الفراغ عبر صفقات يعد لها. والولايات المتحدة في إستراتيجيتها الجديدة تحاول التخفيف من عبأ تكاليف الحرب في العراق التي تورطت فيها (والتي كانت الهدف الوحيد من ورائها هو تغيير النظام السياسي فيه) إضافة للمحافظة على ما تبقى من مصالحها, مما يدفعها أما إلى تعميق شراكات قائمة أو تغيير تحالفاتها, وفي كل الأحوال إنها في طريقها ووفق ما تعلنه لإعادة جدولة أولوياتها, لذا فان المهمة القادمة ومعاركها وقبل أن تقوم الإدارة الأمريكية بذلك هو العمل وبكل الوسائل لدفعها على إنهاء تحالفها مع المنظومة الحاكمة وشراكتها الحالية مع إيران في العراق وتحميلها تكاليف وعبأ إنهاء الوجود الإيراني ورموزه وأدواته ومؤسساته لأنها من سمحت له بالتغلغل وساعدته على التمدد والسيطرة, وإذا ما كان تحركها عكس ذلك فان التفسير الوحيد هو إن إستراتيجيتها الجديدة هي امتداد لإستراتيجيتها السابقة التي بدأتها باحتلال العراق, وتلك المهمة تقع على عاتق القوى الوطنية العراقية وقواها المقاومة ومن ثم على عاتق الأمة العربية بجماهيرها ومؤسساتها الرسمية, حتى لا نرى يوما حلفا يتم التمهيد له بين إيران وإسرائيل لنقع بين المطرقة والسندان تحت مظلة أمريكية, فقد ملأت سمائنا بما فيه الكفاية الغيوم الأمريكية والإسرائيلية والتي لا تمطر علينا إلا صواريخا لتضاف لها غيوم إيرانية.
    شبكة البصرة

    الاثنين 5 ربيع الاول 1430 / 2 آذار 2009

    يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

    السلام عليكم اخي محمد ....رعاك الله
    تبدوا الطبخة الامريكية الصهيونية الفارسية بهذا المحتوى وبهذا التوجه
    لكن اليقين ان من اسقط مشروع الشرق الاوسط الكبير في العراق لقادر على اسقاط صفقة التسليم للعبيد
    الله اكبر والنصر لمقاومتنا البطلة


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية فاطمة باوزير
    تاريخ التسجيل
    18/02/2009
    المشاركات
    778
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: لا يزال الوضع هشا في العراق... وفي المنطقة العربية/ رجل من بغداد

    اللهم انصر المجاهدين في العراق

    عشت إيماني وحبي أمميـــــــــــا
    ومسيري فوق دربي عربيــــــــــا
    وسيبقى نبض قلبي يمنيـــــــــــــا
    لن ترى الدنيا على أرضي وصيــا

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •