ثقافة والمثقفين: في مسألة التعريفات
محمد جمال نوير
تأتي هذه المداخلة استجابة لما أثاره الأستاذ عامر العظم من تساؤلات في مجال "العصف الفكري" على مسار إنشاء "الاتحاد العام للمثقفين العرب"، متضمنة:
1. ما تعريف المثقف؟
2. من هو المثقف الحقيقي؟
3. ما تعريف الثقافة؟ (1)
وسوف أبدأ هذه المداخلة بالاستجابة للسؤال الثالث "ما تعريف الثقافة؟" ذلك أن تعريف "الصانع" مرتبط أشد الارتباط بتعريف "الصنعة". وإذا ما كانت "الثقافة" –افتراضاً- "صنعة" فإن تعريف "المثقف" مرتبط -بداية- بتعريف "الثقافة".
ليس المغزى -هنا- هو إعادة اكتشاف تعريف الثقافة، أو الخوض في دقائق وتفاصيل الخلاف فيما بين أهل التعريفات وأصحابها، وإنما الاتفاق على تعريف يحدد ما هو مقصود بمصطلح "الثقافة"، حتى يمكن بالتالي التحول إلى تعريف "المثقف"، ومن ثم "المثقف الحقيقي" كما ورد في التساؤلات المثارة. خاصة أن الجدل حول التعريف، وضمنياته، كثير، ويحمل في مضامينه توجهات فكرية وأيديولوجية متباينة.
في مجال الخلاف بين أصحاب الآراء المتعددة –بل والمتباينة- فيما بين من تناول مسألة "الثقافة والمثقفين"، يقول أحد أساتذة علم الاجتماع: "...، حار الكثير من المفكرين والعلماء في تحديد مصطلحي الثقافة والمثقف". ويرجع حجازي هذه الحيرة إلى أن المثقفين يحاولون وضع خصائص ورسم سمات، أغلبها مثالية لخصائص ذواتهم.(2) . غير أنه يبقى التساؤل: هل التباين في التعريف يعود إلى "ذوات" هؤلاء المفكرين والعلماء، وبمعنى آخر، إلى شخصانية القائم بالتعريف؟ أم، هل يستند التعريف -أي تعريف- إلى أطر فكرية هي مردود لموقف اجتماعي للقائم على التعريف؟ وبمعنى آخر، هل للتعريف علاقة بالموقف الأيديولوجي للقائم به؟
تاريخياً، تغيرت دلالات مصطلح "الثقافة". وفي هذا الصدد يذكر "رايموند وليامز" (3) أن معاني الكلمة قد تغيرت في العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر. فمن معناها الذي كان يدل -أساسا- على اتجاه النمو الطبيعي، تحول إلى عملية التدريب الإنساني، مع ما يعنيه ذلك من "تهذيب" شيء ما في العادة. ثم تغيرت دلالات الكلمة مع نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، لتعني شيئا مستقلا في حد ذاته، يحمل ثلاثة معاني ضمنية: أولها، معناها كـ"حالة أو عادة عقلية" عامة، مرتبطة بفكرة الكمال الإنساني. وثانيها "الحالة العامة للتطور الفكري" في مجتمع بأسره، وثالثها "الكيان العام للفنون". وفي أواخر القرن التاسع عشر، أصبحت كلمة "الثقافة" تعني معنىً رابعاً هو "طريقة شاملة للحياة المادية والعقلية والروحية".
هذه "المعاني" المتباينة للتعريف حكمت ووجهت تباينات في رؤى الكُتَّاب الذين تناولوا موضوع "الثقافة" بشكل أو آخر. وتمثلت هذه التباينات في اختلاف الآراء حول دلالات "كلمة" الثقافة والمقصود منها وطبيعة الجهود المنظمة لتنمية الثقافة أو تنظيمها، وشمل ذلك بطبيعة الحال تعريف "المثقف". وظلت هذه المعاني المتباينة محل جدل واسع فيما بين المتخصصين في الميدان، وحتى يومنا هذا.
تتمحور وجهات النظر حول محورين أساسيين. الأول: ينظر إلى الثقافة على أنها طريقة شاملة للحياة، هي سمات مشتركة بين جماعة أو قوم يتشاركون في رؤاهم للتراث والحاضر والمستقبل. والثاني: ينظر إلى الثقافة على أنها سمة تتسم بها نخب ثقافية معينة، ويكاد يقصر رؤيته على ثقافة النخبة. وسوف نركز في هذه المداخلة على المحور الأول (الثقافة كطريقة شاملة للحياة) أو (الثقافة الجمعية).
يجدر الذكر إلى أنه أحيانا ما تكون هناك حالة من الانسجام الاجتماعي الثقافي، غير أنه في أحيان أخرى تتباين الثقافة "الجمعية -بمعنى الثقافة العامة المشتركة بين جموع الناس في مجتمع معين، وفي لحظة تاريخية معينة- مع ثقافة النخبة. بل وقد يحدث -في بعض الأحيان- انفصام فيما بين الثقافة الجمعية وثقافة النخبة. ومن أمثلة حالة التباين – أو الانفصام في ذروة التباين، ما يجري حاليا في كثير من مواقع منطقتنا العربية. يُعلق على ذلك الأستاذ السيد يسين، -متسائلا- عن طبيعة القائمين على تكوين العقل الشعبي، وهل هم أئمة المساجد وأنصاف المثقفين!؟ ثم يستطرد قائلا: "... العقل الشعبي يتكون تلقائيا نتيجة ظروف مختلفة، والمثقفون العلمانيون لا علاقة لهم بتكوين العقل الشعبي، هم يكتبون مقالات للصحف يقرأها عدد محدود من الناس، ويؤلفون عددا من الكتب يقرأها الأصدقاء والزملاء. ...، وفي النهاية الملايين من البشر من يُكَوِّن عقلها؟" (4)
الثقافة بمعنى الطريقة الشاملة للحياة
لعل أول من قدم تعريفا شاملا للثقافة بوصفها "طريقة شاملة للحياة" هو "إدوارد تايلور" في أواخر القرن التاسع عشر يذهب فيه إلى أن الثقافة هي: "كلٌ مركب يشتمل على المعرفة والمعتقدات، والفنون والأخلاق، والقانون والعرف، وغير ذلك من الإمكانيات أو العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوا في المجتمع. (5) ويبرز هذا التعريف العناصر اللا-مادية لحياة الناس في جماعة، كالأخلاق والقانون والعرف التي تنشأ نتيجة للتفاعل الاجتماعي، وتأخذ طابعا إلزاميا، إلى جانب العنصر المادي للثقافة، علاوة على العلاقات بين الناس وبين العناصر المكونة للثقافة.
وفي أوائل الستينيات من القرن العشرين، قدم "بييرستدت" تعريفا للثقافة، يقول فيها أنها "...، هي ذلك الكلُ المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه، أو نقوم بعمله، أو نمتلكه كأعضاء في مجتمع". (6) ويبرز هذا التعريف الصيغة التأليفية للثقافة لتصبح ظاهرة مركبة تتكون من عناصر بعضها فكري، وبعضها سلوكي، وبعضها مادي؟ ويجيء هذا التعريف–تقريباً- استمرارية التعريف الذي سبق أن قدمه تايلور.
في ندوة ثقافية عقدتها دورية "المستقبل العربي" بعنوان "صراع حضارات أم تعدد ثقافات الحضارة"، قدم "محمود أمين العالم" مداخلة، يقرن فيها فيما بين الحضارة والثقافة، معرفا الحضارة بأنها "...، النمط العام للحياة الذي يتمثل بعلاقات السلطة والتنظيم الاجتماعي بداية من العمل والإنتاج والملكية والمعرفة والسلوك العلمي والفني والإبداع الفني والنتاج الثقافي عامة. وهذا التعريف يجمع فيما بين الجانب المادي الموضوعي للحضارة، والجانب الثقافي القيمي لها. وهكذا تختلط الحضارة والثقافة في دلالة واحدة". (7) ويعقب "أسامة خليل" مبيناً أن هناك العديد من تعريفات الحضارة والثقافة، قام بفهرستها عدة متخصصين في ميدان الأنثروبولوجيا، يلخصها في نوعين من التعريفات ، (8) هما:
• التعريفات الحصرية، باعتبار أن الثقافة هي النسق الرمزي لجماعة بشرية بما فيه من عمليات انتقال هذا النسق وإعادة إنتاجه. والذي يشمل مجموعة من القيم التي تحدد تصورات الجماعة لذاتها ولعلاقاتها بالآخرين وبالعالم الطبيعي.
• تعريفات أكثر رحابة تشمل إلى جانب الأعراف والمعتقدات واللغة والأذواق الجمالية والمعارف النظرية والعملية، ما يسميه البعض بالحضارة أو إن شئنا بالثقافة المادية التي تخضع لشروطها الجغرافية والتاريخية، كأدوات الإنتاج والنظم المعمارية ومنتجات الصناعة القابلة للتداول، والتي تؤسس أو تبنى على قاعدتها علاقات الجماعة مع محيطها البشري وبيئتها الطبيعية.
يتفق رياض قاسم مع هذا الاتجاه، فيحدد الثقافة -في مفهومها الأمثل- بأنها (9) "...، المحتوى الفكري والفني للحضارة. وربما جاز مريدو الفكر والفن ذلك، فكادوا يجعلون الثقافة والحضارة سواء. وآية ذلك –عند هؤلاء- أن للثقافة وجهين: ذاتيا وهو ثقافة العقل، وموضوعيا، وهو مجموع العادات والأوضاع الاجتماعية والآثار الفكرية، والأساليب الفنية والأدبية، والطرق العلمية والتقنية، وأنماط التفكير، والإحساس، والقيم الذائعة في مجتمع معين، أو هو طريقة حياة الناس وكل ما يملكونه ويتداولونه اجتماعيا لا بيولوجيا. وهو معنى يؤكده -أيضا- كل من "الطاهر لبيب" (10) وعلي حرب (11) ومحمود أمين العالم.
وفي تقديمه لكتاب "نظرية الثقافة" يذكر "الفاروق زكي يونس" ( 12) أن مؤلفي الكتاب ركزوا على اتجاهين واضحين في تعريفات الثقافة، وإن كان بينهما تنافس. ينظر الاتجاه الأول للثقافة على أنها تتكون من القيم والمعتقدات والمعايير والرموز والأيديولوجيات وغيرها من المنتجات العقلية. أما الاتجاه الآخر فيربط الثقافة بنمط الحياة الكلي لمجتمع ما، والعلاقات التي تربط بين أفراده، وتوجهات هؤلاء في حياتهم. وبالاعتماد على هذين الاتجاهين، استمدوا ثلاثة مفاهيم تمثل الثقافة في نظرهم، وهي: (1) التحيزات الثقافية، (2) العلاقات الاجتماعية، (3) أنماط أو أساليب الحياة. (13)
وهو ذات المعنى الذي تناوله "علي حرب" في مقالته التي قدمها إلى مؤتمر مستقبل الثقافة العربية، الذي عقد بالقاهرة، (14) فيميز فيما بين نوعين أو مستويين من الثقافة، هما: "...، الثقافة بالمعنى الواسع بوصفها صناعة الحياة وتنظيم الموجود المجتمعي من خلال أنظمة المعنى ومرجعيات الدلالة والأنساق الرمزية اللا-شعورية التي تصنع المخيال الجمعي لشعب من الشعوب أو لطائفة من الطوائف، والتي تتخلل كل النشاطات الإنسانية والقطاعات الإنتاجية. والثقافة بالمعنى الحصري والمهني بوصفها ما ينتجه أهل القطاع الثقافي من كتاب وأدباء وعلماء ومفكرين وفنانين وكل العاملين في ميادين المعرفة ومجالات الثقافة".
في كل المعاني السابقة، المقصود بالثقافة هو مجموعة المعارف والمعتقدات والقيم وأنماط السلوك المميزة لأي مجتمع، والتي تدور حول علاقة أفراد هذا المجتمع بالكون وبالبيئة الطبيعية والمحيط الاجتماعي ورموز السلطة. قد نختلف هنا أو هناك حول بعض عناصر هذا التعريف، غير أنه يكفي كتعريف مرشد للتحليل الاجتماعي لمعنى الثقافة. وهو ما يقترحه مقدم هذه المداخلة كتعريف عام للثقافة. غير أن هذا التعريف، يثير –بالتالي- عدة مسائل خاصة بتعريف "المثقف".
المثقف
• يذكر "سعد الدين إبراهيم" (15) أن كلمة "المثقفين لها عدة تعريفات في اللغات الغربية، منها:
o "المثقفون هم مجموعة من الأشخاص الذين تمكنهم صفاتهم الخاصة من النفاذ إلى منجزات لها قيمة ثقافية كبرى" (ماكس فيبر)
o "المثقفون هم متخصصون في أمور الثقافة، ويضعون اعتباراتها فوق الاعتبارات الاجتماعية اليومية المعتادة" (تالكوت بارسونز)
o "المثقفون هم أولئك المتعلمون والمهنيون من الطبقة الوسطى الذين يختلفون عمن يعملون بالصناعة والتجارة من الطبقات العليا والدنيا" (لويس فوبير)
o المثقفون هم هؤلاء الأشخاص ذوو المكانة الأدبية والعلمية الرفيعة من الكتاب والأساتذة والفنانين، الذين يعبرون عن ضمير الأمة - في القضايا السياسية العامة" (برونيتيير)
o "المثقفون هم ذلك القطاع من بين المتعلمين، الذين لهم طموحات سياسية، إما مباشرة بالسعي ليصبحوا حكاما لمجتمعهم، أو طموحات غير مباشرة بالسعي إلى صياغة ضمير مجتمعهم والتأثير على السلطة السياسية في اتخاذ القرارات الكبرى". (إدوارد شيلز)
o المثقفون هم أول الأشخاص الذين يمتلكون المعرفة، وعلى أساس هذه المعرفة الموضوعية ومع تأملاتهم الذاتية يصوغون أحكامهم على الواقع، دون أن يستمدوا هذه الأحكام مباشرة أو بالضرورة من خبراتهم الحسية". (روبورتو ميشيل)
وتشير القراءة المتأنية للتعريفات السابق ذكرها لـ"المثقف" أنها تشمل كل الأدوار والأطياف التي يمكن أن ينتحلها أي مشتغل بعمل له علاقة بالثقافة أو بالتعليم أو بالمهارة والحذق في صنعة ما. فهو: "المثقف" الشخص الذي تمكنه صفاته الخاصة من النفاذ إلى منجزات ثقافية كبرى (مبدع، مبتكر، خلاق). وهو المتعلم والمهني من الطبقة الوسطى (موظف متعلم يعمل لدى الآخرين أو لنفسه). وهو الشخص ذو المكانة الأدبية والعلمية الرفيعة من الكتاب والأساتذة والفنانين (عضو نخبة ثقافية). وهو المتعلم الذي له طموحات سياسية إما مباشرة بالسعي ليصبح حاكما لمجتمعه، أو طموحات غير مباشرة بالسعي إلى صياغة ضمير مجتمعه والتأثير على السلطة السياسية في اتخاذ القرارات الكبرى (متعلم يشتغل بالسياسة أو بالإعلام أو بالكتابة). وهو أول الأشخاص الذين يمتلكون المعرفة، وعلى أساس هذه المعرفة الموضوعية ومع تأملاته الذاتية يصوغ أحكامه على الواقع (مفكر ناقد موضوعي). تقدم هذه التعريفات المتعددة معان متعددة أيضا لتعريف المثقف، تجعل من الصعب التركيز على بعد أحادي في التعريف، كما تجعل من الصعب أيضا تقديم تعريف جامع مانع للمثقف.
لننظر من قبيل التفكر في تعريف سبق أن قدمه "جمال الدين الأفغاني": " المثقفون هم أولئك المتعلمون الذين يتمتعون بالروح الفلسفية النقدية، ويستخدمونها في مراجعة ماضيهم والتأمل في حاضرهم لكي يفسروا النبل الإنساني، ويضيئوا الطريق لأبناء أمتهم، ويشدوا إلى سواء السبيل". (16) فوفق هذا التعريف المثقف هو المتعلم الذي يتمتع بالروح الفلسفية النقدية، والذي يستخدمها في: (1) مراجعة ماضيه، و(2) التأمل في حاضره، بهدف: (1) تفسير النبل الإنساني، و(2) إضاءة الطريق لأبناء أمته، و (3) شد أبناء أمته لسواء السبيل. ما أروعه !!!.
من بين من قدموا أغنى التعريفات لـ"المثقفين" المفكر الإيطالي اليساري "جرامشي" (يناير 1891- إبريل 1937) (17) فمن وجهة نظره أن كل البشر مثقفون بمعنى من المعاني، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين، وهي وظيفة لا يمتلكها إلا أصحاب الكفاءات الفكرية العالية الذين يمكنهم التأثير في الناس. المثقفون المحدثون هم منظمو المجتمع ومديروه وبُناته، وهم منتجو السيطرة الاجتماعية وفق الأدوات الأيديولوجية (التعليم والإعلام وما إلى ذلك)، وهناك فروق فيما بين الإنتليجنسيا التقليدية ممن يرون أنفسهم –خطأً- كجزء من المجتمع، والإنتليجنسيا المفكرة العضوية في كل طبقة اجتماعية، ممن يصوغون الخبرات والمشاعر التي لا تستطيع الأغلبية الشعبية غير المتعلمة أن تعبر بها عن نفسها.
وبالتالي هناك فارق فيما بين المثقف التقليدي والمثقف العضوي. المثقف التقليدي يعيش في برجه العاجي معتقدا أنه أعلى من كل الناس، في حين أن الثاني "المثقف العضوي" يحمل هموم كل الطبقات وكل الجماهير، وكل الفقراء والمحرومين والكادحين، ولذا فإن المثقف الحقيقي هو المثقف العضوي الذي يعيش هموم عصره ويرتبط بقضايا أمته. إن أي مثقف لا يتحسس ألام شعبه لا يستحق لقب المثقف متى وإن كان يحمل أرقى الشهادات الجامعية. (18)
وكان لآراء "جرامشي" تأثيرها الكبير على عدد كبير من المفكرين والمثقفين، بل وجهت عددا من قادة تعليم الكبار وتعليم الجماهير من أمثال "باولو فيريري" و"فرانز فانون"، وكان لها تأثيرها على حركات تربوية رائدة من قبيل "التعليم الناقد" و"تعليم الجماهير" الخ.
• كذلك، أوضح "جرامشي" أن المثقفين هم أولا: "منظمو الوظيفة الاقتصادية للطبقة التي يرتبطون بها عضويا"؛ وهم ثانيا "حملة وظيفة الهيمنة التي تمارسها الطبقة السائدة في المجتمع المدني"؛ وهم ثالثا "منظمو الإكراه الذي تمارسه الطبقة السائدة على سائر الطبقات بواسطة الدولة". (19)
• ولعل التعريف الذي قدمه "جرامشي" لـ"المثقف العضوي" هو أفضل تعريف للمثقف الملتزم الواعي. فبالإضافة إلى سعة ثقافته "المثقف العضوي" وتنوعها والتزامه الأخلاقي القيمي يحمل رؤى ثقافية يعمل على نشرها بين أفراد المجتمع من أجل الرقي بهم وتجاوز تخلفهم. هو مثقف "مُسَيَّس"، يعتنق رؤية فكرية متكاملة تعبر عن قوى طبقية غالبا ما تكون مسحوقة ومضطهدة. (20)
وينحاز مُقدم هذه المداخلة إلى هذا التعريف ويقترحه للمناقشة وإبداء الرأي حوله.
المراجع والإحالات
(1) واتا، "ثلاثة أسئلة للمثقفين العرب"، عامر العظم، بتاريخ 5 مايو 2009
(2) أحمد مجدي حجازي، (1998) أمية المثقف العربي: الإبداع وأزمة الفكر السوسيولوجي، صفحات 81-99، في مركز دراسات الوحدة العربية، الثقافة والمثقف في الوطن العربي، بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية، 1992.
(3) رايموند وليامز (مؤلف)، وجيه سمعان (مترجم)، محمد فتحي (مراجع): (2001)، الثقافة والمجتمع 1780-1950، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب (الأعمال الفكرية، 2001)
(4) السيد يسين، (1998) مداخلة، ندوة صراع حضارات أم تعدد ثقافات، المستقبل العربي، السنة 21 العدد 238، ديسمبر 1998، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
(5) أنظر أيضا: أحمد أبو زيد، تايلور، سلسلة نوابغ الفكر، دار المعارف، القاهرة.
(6) Bierstedt:1963، عن: الفاروق زكي يونس "مراجعة وتقديم": مجموعة من الكتاب، علي سيد الصاوي (مترجم)، الفاروق زكي يونس (مراجعة وتقديم)، (1997) نظرية الثقافة، الكويت، عالم المعرفة، العدد 323، يوليو 1997
(7) محمود أمين العالم، (1998) مداخلة، ندوة صراع حضارات أم تعدد ثقافات، المستقبل العربي، السنة 21 العدد 238، ديسمبر 1998، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
(8) أسامة خليل: مداخلة، ندوة صراع حضارات أم تعدد ثقافات، المستقبل العربي، السنة 21 العدد 238، ديسمبر 1998، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
(9) رياض قاسم،(1992) مقدمة، الثقافة والمثقف في الوطن العربي، سلسلة كتب المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، (10)، بيروت ديسمبر 1992.
(10) "..., الثقافة العربية ليست ثقافة خاصة الخاصة، بل هي ثقافة العامة، وعامة الخاصة أيضا. (الطاهر لبيب، (1992) العالم والمثقف والإنتلجنسيا، في: مركز دراسات الوحدة العربية، الثقافة والمثقف في الوطن العربي، سلسلة كتب المستقبل العربي (10)، بيروت ديسمبر 1992، صفحات 17-33)
(11) الثقافة هي منظومة رمزية من القيم والمعايير تخلع بواسطتها جماعة بشرية معينة معنى على وجودها وتجاربها ونشاطاتها. بهذا المعنى لكل فرد ثقافته أيا كانت مهنته أو حرفته. (على حرب، مؤتمر مستقبل الثقافة العربية)
(12) الحضارة (...) هي النمط العام للحياة الذي يتمثل بعلاقات السلطة والتنظيم الاجتماعي بداية من العمل والإنتاج والملكية والمعرفة والسلوك العلمي والفني والإبداع الفني والنتاج الثقافي عامة. وهذا التعريف يجمع فيما بين الجانب المادي الموضوعي للحضارة، والجانب الثقافي القيمي لها. وهكذا تختلط الحضارة والثقافة في دلالة واحدة. (محمود أمين العالم: 1998: ص 76، مرجع سابق الذكر)
(13) الفاروق زكي يونس "مراجعة وتقديم"، مرجع سابق الذكر
(14) على حرب، مؤتمر مستقبل الثقافة العربية
(15) سعد الدين إبراهيم: مؤتمر مستقبل الثقافة العربية، 1997)
(16) سعد الدين إبراهيم، المرجع السابق)
(17) Antonio Gramsci مسترجع من الشبكة العنقودية، موقع (Wickipedia ) بتاريخ 5 مايو 2009.
(18) Steven J. Jones, Antonio Gramsci, Critical Thinkers (New York, Routledge, 2007
(19) غالي شكري، (1992) إشكالية الإطار المرجعي للمثقف والسلطة، في كتاب الثقافة والمثقف في الوطن العربي، صفحات 49-79، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1992، صفحة 5.
(20) عدنان عويد، إشكالية المثقف العضوي في دول العالم الثالث، مسترجع من الشبكة العنقودية بتاريخ 5 مايو 2009، موقع www.arabrenewal.org/articles/13932/
المفضلات