[justify]
بيان تفصيلي
في الذكرى الثلاثون
مجزرة الأربعاء السوداء
لسان ثورة المحمّرة الناطق للأجيال
ما أحلى الشعر العربيّ ، وما أحلى ما نطق به الشعراء العرب على الرغم من تعدّد لهجاتهم وكل حسب الرقعة الجغرافيّة التي يعيش فيها ، لأن الشعر العربي يحوي على معاني وحكم ومواعظ ، تخص حياتنا اليوميّة ولا يمكن أن نستغني عنه ابدا.
فتعال معي أخي العربي الكريم ، واقرأ عن الشاعر العربي في الخليج العربي حول الأخوّة وواجب الأخ تجاه أخيه حين قال في شعره المغنّاة:
آ يا خوي اشكيلك الخافي آ يا خوي
آ يا خوي وحمل العلى اجتافي آ يا خوي
من غيرك اشكيلة
ومنهو الذي ايوافي
آ يا خوي آ يا خوي آ يا خوي آ يا خوي
ـــــــــــــــ
يا أبناء أمتنا العربيّة المجيدة
يا أبناء اؤلئك العظماء الذين سطّروا الملاحم ، وبنوا الأمجاد لأمتهم ، وأعزّوا الإنسان وحرّروه من العبوديّة
ويا أبناء من ينتخي بهم المظلوم من غير أمم ، فما بالكم وينتخي بكم مَن هو من طينتكم ، ومن هو أحوازي عربي من أمتكم وهو يقوم الأحتلال الفارسي؟
بادئٌ ذي بدء ايها الأخوة العرب ، وقبل أن نعرّج الى ذكرى عزيزة على قلوبنا ، نخاطبكم ونناشدكم أنتم أشقائنا في الدم والنسب ، أبناء عمومتنا العرب ، لأننا كلنا من أمة واحدة وإن اختلفت مواطن سكنانا ، وحتى وإن أصبحنا تحت سيطرة محتلين لا رحمة في قلوبهم ، ومُنعت عنا ممارسة أبسط حقوقنا في استخدام لغتنا العربية ، أو التزييي بزيّنا العربي ، أو حُرمنا حتى من تسمية مواليدنا بأسماء عربيّة مستسقاة من تاريخ أمتنا العربيّة الحافل بأمجادها وأبطالها حقدا من المحتلين الفرس عليها ، نعم رغم كل ذلك لن ننساكم وإن نسيتمونا.
نناشدكم لأنكم أبناء حيدرة والفاروق ، حتى تلتفتوا إلينا بدون منة أو فضل علينا ، لإننا لدينا حق عليكم ، حق الأخوة ، والدم ، والغيرة العربيّة التي عُرفنا بها نحن العرب بين جميع الأمم.
لا مناص من الوقوف معنا يا أبناء العم ، هذا يومكم يا أهل المروءة والشيم والنخوة والإباء ، إنقذوا إخوانكم في أرض أحوازكم العربية المحتلة التي تناديكم بلا هوادة:
أين أهلي؟
من لي بحق الله غيركم؟
أربعة وثمانون عاما والأحواز تئنّ من وطأة الإحتلال الفارسي البغيض وأنتم ساكتون تتفرجون على ذلك يا أبناء عمومتنا ، يا ابناء اولئك الذين لم يصبروا يوما على ذل أو هوان ، أو يسكتوا على معتد أثيم عليهم؟
يا للعجب ، ويا لدورة الزمان ، الفرس يصولون ويجولون في أرضكم العربية وأنتم ساكتون صامتون؟
ما هكذا عهدناكم يا أبناء سعد وخالد والقعقاع والعاصم ومثنىّ الخيل؟
لم نعرف عن آبائكم سوى إنهم حرّروا العباد والبلاد من سطوة الفرس وكسراهم هؤلاء الذين مرّغوا أنفه في وحل الهزيمة والإنكسار.
أفهل عجزتم عن الإلتفاتة الكريمة لأحوازكم وشعبه العربي المقاوم الأصيل ، والذي هو بالطبع يدافع عن شرف العروبة نيابة عنكم؟
أما تخافون العار ولعنة التأريخ إن بقيتم متفرجين على ما يحدث لأبنائكم في الأحواز على يد المحتلين الفرس الطغاة؟
ألا يَهُزّكُم ضميرٌ وأنتم تسمعون أخوكم الأحوازي المقاوم وهو ينادي على كل فرد منكم ويردد ما قاله الشاعر العراقي:
والله ومحتاجك يا خيّ وعندي مثل الهوى والمَي
دمّك دمّي وهمّك همّي ومن اعيونك اشوف الضي
ــــــــــــــــــــــــــــــ
أترضون أنّ العربي في أرض أحوازكم العربية ، وهي أرض أجداده وآبائه غريب الحال فيها ، والمستوطن الفارسي ينعم ويهنأ بخيراتها ، وأصبح هو القريب وأنا الغريب فيها ؟
يريدوننا الفرس أن نكون في أرضنا العربيّة غرباء في كل شئ ، وكأنهم يريدون أن يطبقوا علينا ما قاله شاعرنا العربي الكبير المرحوم أبو الطيّب المتنبي حين قال:
مغاني الشعب طيبا في المغاني بمنزلة الربيع من الزمان
ولكــــنّ الفتـــى العـــربـي فيها غريب الوجه واليد واللسان
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم هكذا يريدوننا الفرس أن نكون في وطننا غرباء محرومين من كل شئ ، لكن هيهات ثم هيهات لهم من تحقيق ذلك.
لأننا أقسمنا بدم الشهداء الذين سبقونا في هذا الطريق
وأقسمنا بالعروبة بعد الواحد الأحد ، أن لا نكون الاّ أحفاد اولئك العظام الذين ما زال شعاع أفعالهم البطوليّة ، ينير درب أحفادهم اليوم في الأحواز العربي ، وهم يلقنون الفرس أقسى دروس المقاوم للمحتل على ممرّ التأريخ.
ولكن يا أبناء العم اعلموا بأنه لايحلوا أخذ الحق الا بالجماعة
ولا يحلوا ولا يكبر بيتنا إلا بكم
فلا تحرموننا من تحقيق هذا الحلم المشروع بالوقوف إلى جانبنا
لا تحرموننا من نعمة تلبية ندائنا من قبلكم.
لإننا لا نبحث عن غيركم لدعم مقاومتنا ضد الأحتلال الفارسي ، ما دامت لنا أمة تزهوا بأبنائها
وبعد الله أملنا كبير بكم إن شاء الله.
يا ابناء أمتنا العربيّة الغيارى
يا أبناء شعبنا العربي الأحوازي المقاوم
دأبنا نحن أبناء الجبهة العربيّة لتحرير الأحواز ومعنا كل المناضلين في بقية التنظيمات العربيّة الأحوازيّة المناضلة من أجل إحقاق حق شعبنا العربي الأحوازي ، أن نستذكر كل المناسبات الوطنيّة بدون استثناء ، لأنها مناسبات تجذرت في ضمائر الأحوازيين والعرب الشرفاء ، ومن بين أبرز هذه المناسبات ، ثورة المحمّرة ومجزرة الأربعاء السوداء التي أثبتت عكس تصوّر كل من كان يعوّل - طبعا من الأحوازيين وغيرهم - على أن جمهورية خميني وأعوانه جمهورية إسلامية - لأنهم رفعوا شعار الدين ليتستروا به - وسوف يعطون من بين الشعوب الغير فارسيّة شعبنا العربي الأحوازي حقوقه المشروعة ، وإن لم تكن بالكامل ، ولكن ثورة المحمرة كشفت هذا النظام الذي كان يغري البعض بشعاراته الإسلامية الرنّانة وهو في بداية مجيئه على حقيقته ، وعرّته أمام العالم ، ورفعت النقاب عن النوايا الخبيثة لهؤلاء المعممين الدجالين الأفاكين تجاه شعبنا العربي الأحوازي المقاوم والأمّة العربيّة بأكملها.
ونحن نعيش هذه الأيام في أجواء الذكرى الثلاثون لمجزرة الأربعاء السوداء ، لابد لنا من أن ننشّط ذاكرتنا لنعيش تلك الأيام الخوالد من ثورة شعبنا الجبّارة بوجه الشاهات المعمين الجدد ، ثورة ( المحمّرة ) الباسلة ، والتي شملت كل ركن من أركان أحوازنا المحتل ليشارك بها جميع الشرفاء من ابناء شعبنا العربي الأحوازي ، تاركين وراءهم كل انتماء وولاء سوى الإنتماء والولاء الى الوطن المحتل ، وقضيتهم العادلة ، والنضال من أجل تحرير أرضهم الأحوازيّة العربية السمراء.
في عام 1979 وبعد أن ( جيئ ) بالنظام الجديد ، نظام الشاه المعمّم ( خميني ) وزمرته المتعطّشة للأنتقام وسفك الدماء ، أخذت الشعوب الغير فارسية ، التي أحتلت أوطانها من قبل بلاد فارس ، ووُضعت رغما عنها في خارطة ما تسمى اليوم ( إيران )
تمني النفس بأن هذا النظام سوف يلبّي مطاليبها ، وخفّفت من حدّة غضبها بوجه محتليها ، إكراما لإسم الإسلام الذي أطلقه هذا النظام على نفسه ، والذي رفع اوّل مجيئه الى السلطة شعار إغرائي وهو:
إعطاء كل ذي حق حقه ، وطلب من قادة نضال هذه الشعوب تأسيس تشكيلات سياسيّة علنيّة لها ، وذلك من أجل المطالبة بحقوقها من النظام ( الإسلامي ) الجديد لأن هذا النظام ووفقا لأجندته المعلنة – وما كان مخفي إنكشف فيما بعد - ، يريد أن يخدم من قام بالثورة وهم الشعوب الغير فارسية الى جانب الشعب الفارسي على حدّ زعم قادته وعلى رأسهم خميني.
تجمّع العرب في بيت زعيمهم الروحي والمجتهد الأعلى والقائد الثوري شهيد الغربة والمنفى آية الله العظمى الشيخ ( محمّد طاهر آل شبير الخاقاني ) ، ليروا ما هي تعليماته رحمه الله.
حث الشيخ الشهيد – الذي كانت قد نفته سلطات نظام خميني بعد مجزرة الأربعاء السوداء الى مدينة ( قم ) حتى استشهاده فيها - العرب على إن المطالبة بالحقوق المشروعة هي حق شرعي لابد منه ، خاصة وإن العرب ظلموا أكثر من غيرهم من الشعوب الغير فارسيّة وحرموا من خيرات بلدهم ، وفي الوقت الذي يمتلكون أكبرالآبار النفطية وأوسعها وأملأها في المنطقة ، محرومين من ولو 1% من عائدات هذه الثروة النفطيّة الهائلة والتي تكوّن أكثر من 80% من إقتصاد بلاد فارس.
بعد أن أخذ العرب الضوء الأخضر من زعيمهم الروحي الشيخ الخاقاني ، قاموا بتأسيس تنظيم عربي أحوازي علني وأسموه:
المنظمة السياسية للشعب العربي الخوزستاني في بادئ الأمر ، وكان ذلك تكتيكا سياسيا من جانب القادة السياسيين الأحوازيين آنذاك ، كي يتماشى مع مرحلة تأسيس هذا التنظيم السياسي ، وخوزستان هو الإسم البديل للأحواز، حيث أن الفرس أبدلوا هذا الأسم في البداية الى عربستان ، وهذا الإسم بالفارسيّة يعني بلد العرب أو اقليم العرب ، ولمّا انتبهوا بأن هذا الإسم هو اعتراف ضمني فارسي بعروبة هذا الإقليم قام حكام بلاد فارس ( لعنة الله عليهم الى يوم الدين ) الى تبديله بإسم آخر، ألا وهو خوزستان ، ولإنّ العرب أرادوا إعطاء الفرصة وإبداء حسن النيّة ، عسى وأن يُثبت الطرف الآخر (الفرس ) حسن نيته تجاههم ، فاستخدموا كلمة خوزستان بدلا من الأحواز.
طبعا كانت مطاليب العرب المعلنة هي ليست المطاليب والأهداف التحررية التي ناضل من أجلها شعبنا العربي الأحوازي منذ يوم الإحتلال وإلى يومنا هذا ، بل كانت مطاليب من أجل تمشية الأمور، والعمل السرّي كان لتنظيم وتهيأة الجماهير للقيام بثورة شاملة يعلن فيها الشعب تحرير أرضه من الفرس وإلى الأبد ، والدليل على ذلك عند ما كان يدخل الفرد الى مقر المنظمة السياسية أو المركز الثقافي العربي ، يرى صور الشهيد محيي الدين آل ناصر ورفاقه بقية الشهداء التحرريين الذين استشدوا من أجل هذا الهدف منذ يو الإحتلال وحتى ذلك اليوم معلّقة على الجدران الداخلية والخارجية لأبنية هذه التنظيمات .
إذن ثورة المحمرة والأربعاء السوداء كانت ضمن الخط التحرري وليس الفيدرالي أو الحكم الذاتي وماشابه ذلك ، ولهذا السبب أبناء الأربعاء السوداء وثورة المحمرة وبالذات الجبهة العربية لتحرير الأحواز يطالبون اليوم بأن يكون يوم استشهاد محيي الدين آل ناصر ورفاقه وهو يوم 13/6 يوما وطنيا للشهيد الأحوازي.
وإلى جانب هذا التنظيم الذي رأسه عند تأسيسه المناضل المرحوم ( سيد هادي السيد عدنان ) ، ومعه خيرة المناضلين والسياسيين الأحوازيين الكبار ، وكان يجمع كما يقال " بين حكمة الشيب واندفاع الشباب " ، أسس مجموعة من الشباب الأحوازي المناضل ( المركز الثقافي العربي ) في المحمرة أيضاً ، وكان لكل من التنظيمين شكله في التحرك ، وكانت المحصلة النهائية هي خدمة الشعب والقضيّة الأحوازيّة العادلة ، وكلا التنظيمين كانا على قدر المسؤولية الوطنية ، وأعطى كل منهما خيرة ابنائه وأعضائه شهداء في سبيل الوطن والذين هم شهداء الشعب العربي الأحوازي برمّته.
قامت الشعوب الغير فارسيّة بإيفاد وفود الى الحكومة الجديدة تعرض عليها مطاليب شعوبها ، وتطالب بحقها السياسي والثقافي والإجتماعي المشروع ، وحقها في العيش حرة فوق أراضيها ، وأن تلتزم الحكومة بتوفير فرص الحياة الحرة الكريمة في التحدث بلغة الأم وتأسيس مدارس وجامعات مختصة بلغة كل قومية ، وكذلك تأسيس قنوات إذاعية وتلفزيونية وصحف ناطقة بلغة تلك الشعوب الغير فارسية ، وإطلاق إنتخابات لإختيارحكومات محلية تدير شؤون كل إقليم بنفسها وترتبط بالحكومة المركزية ، وما شابه تلك المطاليب ، وتركت هذه الشعوب هنيهة شعار تحرير الأراضي كما أسلفنا إحتراما لإسم الإسلام الذي إتخذته الحكومة الجديدة لجمهوريتها الحديثة في ذلك الوقت.
شكل المجاهد الشهيد آية الله العظمى الشيخ محمد طاهر آل شبير الخاقاني برئاسته وفدا من ثلاثين شخصية من الشخصيّات المعروفة بعملها السياسي أو بنضالها أو بمكانتها الإجتماعية التي تحظى بإحترام شعبنا ، ومن مختلف مدن وشرائح مجتمعنا العربي الأحوازي بشيبه وشبابه وسافر الى قم وطهران.
التقى هذا الوفد بخميني نفسه ، والذي تعمّد أن لا يخاطب هذا الوفد العربي بلغة الإسلام الذي إتخذ منه إسما لجمهوريته وهي اللغة العربية ، بل تكلم مع الوفد باللغة الفارسيّة رغم إنه كان يجيد التحدث وبطلاقة باللغة العربية ، وكذلك التقى بمهدي بازركان أول رئيس وزراء لجمهورية خميني بعد سقوط الشاه المقبور وبقية المسؤولين الجدد ، وعرض مطاليب شعبنا العربي الأحوازي المشروعة على الجميع.
رجع الوفد الى المحمّرة وكان لا يحمل معه سوى الوعود من المسؤولين الجدد في قم وطهران ، وتحدث أعضاء هذا الوفد الى الجماهير العربيّة الأحوازية التي جاءت من كل المدن والقرى الأحوازية لإستقباله في محطة قطار المحمرة عن كل ما قاموا به هناك ، وما جرى من أحاديث مع المسؤولين في قم وطهران.
كان للصحف الفارسية موقف سلبي من الوفد ومن مطاليبه ، وكانت تطلق مصطلح فارسي على العرب وهو ( عرب زبان ) يعني عرب اللسان أو المستعربين ، وكان وقع هذا المصطلح كوقع السهم الناقع في السمّ على الجسد بالنسبة الى أبناء شعبنا العربي الأحوازي ، حتى أنهم ذهبوا الى ممثلي جميع مكاتب هذه الصحف في المحمرة وبقية المدن العربية الأحوازية وحذروها من مغبة الأستمرار في اطلاق هذا المصطلح على عرب الأحواز ، وقالوا لهم بأن الشعب الأحوازي شعب عربي أصيل ، وقوميتنا هي القومية العربية التي نعتز بها ، ولن نتنازل عن عروبتنا حتى وإن كان الثمن أرواحنا كلنا.
لكنّ الفرس إستمرّوا بإطلاق هذا المصطلح على العرب ، وكل يوم كان يزداد الغضب العربي أكثر فأكثر ، واكتشفوا بأن استخدام هذا المصطلح لم يكن إعتباطا ، بل إنه مقصود ومدعوم وموجّه ضد العرب بتوصية من الحكومة الجديدة والأيّام ستثبت ذلك، والأيام أثبتت ذلك بالفعل عند ماظهر في يوم من الأيام المتحدث الرسمي بأسم الحكومة الجديدة وهو الملعون ( امير عباس إنتظام ) على شاشة التلفزيون الرسمي وقال بالحرف الواحد:
" كلّ من يقول أنا عربي أو يصرّ على أنّ هناك شعب عربي في خوزستان – ويعني بها الأحواز – سنكسّر أسنانه وسنلقيه في مياه الخليج ، الذي أطلق عليه هو خاسئا صفة الفارسي ، ويعني به ( الخليج العربي ) رغم أنفه وأنوف أهله المحتلين الفرس.
بعد سماع العرب هذا الكلام من هذا اللعين الفارسي ، خرجت الجماهير العربيّة في كل مكان في شوارع المدن العربية الأحوازية ، ومن ثم توجهت هذه الجماهير العربية نحو المحمرة الباسلة ، وتجمعت اولا في مقر المنظمة السياسية ، وبعد ذلك توجهت الى مسجد الشيخ الخاقاني رحمه الله وهي تردد الشعارات التالية ، التي كانت تدلّ على مطالبة العرب بتحرير ارضهم بعد أن اكتشفوا بأن هذا النظام كسابق أسلافه لم يتغير شئ فيه سوى تغيير التاج بالعمامة والكل يضمر للعرب الحقد والشر والضغينة ، وكذلك كانت هذه الشعارات هي رسالة الى العرب في الدول العربية بأننا نحن العرب الأحوازيين هنا ، ندافع عن كرامتكم وشرف حرائركم من الفرس الذين يريدون أن نستسلم لهم ونسكت على أطماعهم التوسعية ، لكن إطمئنوا إننا لن نتنازل عن عروبتنا وما عليكم إلا الوقوف معنا ، واما شعارات المسيرة التي شاركت فيها مئات الألوف من العرب فكانت هي:
عرب إحنا عرب إحنا ومومستعربين احنا
نطالب حقنا والمطلوب
نردّ أحوازنا المغصوب
وحق الله نشبّ النار وفلا نلبس ثياب العار
ــــــــــــــــــــــــــ
طالع ثوري وطالع حُرّ ما بدّل أرضي بالدُرّ
أشعل لستعمار بنار
واقهر كل غاصب جبار
عربي آنه عربي حُرّ عربي آنه عربي حُر
ــــــــــــــــــــــــــــ
وبعد أن وصلت المسيرة العربيّة الكبيرة هذه الى مسجد الشيخ الخاقاني في وسط المحمّرة ، خطب فيها الشيخ الخاقاني خطبته الشهيرة التي وصف فيها النظام الجديد برئاسة خميني - وبكل جرأة الثائر المطمئن ولم يسبقه بذلك اي شخص ابدا - بأنه نظام صهيوني ، وجمهوريّة صهيونية ، وإن هكذا نظام لا يمكن أن يطبق قوانين الأسلام الذي جعله ستارا لمآربه ، ولن يحقق ما وعد به وفدنا العربي ابدا.
ومن خلال هذه الخطبة الواضحة والتي حدّدت مسار النضال الأحوازي في تلك الفترة ، وأعطت للجماهير العربية الأحوازية حق اختيار التحرير طريقا وسبيلا لنضالها ، هدد الشيخ الخاقاني بترك المحمرة متوجها الى البحرين ما لم تتحقق مطاليب الشعب العربي الأحوازي ، وايضا كي يتمكن من فضح هذا النظام من هناك ، لأنه اذا ما بقي في المحمرة لن يتمكن من إيصال صوت ومظلومية شعبه للعالم بسبب التعتيم الإعلامي التي تفرضه السلطات الفارسيّة المحتلة منذ يوم الأحتلال وإلى هذا اليوم الذي نكتب فيه هذا البيان.
عند سماع أزلام النظام هذا الخبر من الشيخ الخاقاني والتأييد المليوني العربي الأحوازي له كثفوا من إتصالاتهم معه ، وكان اول من اتصل به هو ( محمود الطالقاني ) ومن ثم كبار المعممين وامسؤولين في طهران ، وبعد ذلك جاء مهدي بازركان بنفسه مصطحبا معه عباس امير انتظام الى المحمرة ليقدم الأعتذار الرسمي بإسم الحكومة للشيخ ومن خلاله للشعب العربي الأحوازي ، وثانيا يعتذر عباس امير انتظام شخصيا عما بدر منه من قول ، والذي اعتبره بازركان بانه موقف شخصي وليس حكومي ، ووعد رئيس وزراء خميني مهدي بازركان الشيخ الخاقاني بأنه ستتم دراسة المطاليب العربية وتنفيذها إن شاء الله.
طبعا هذه الزيارة كانت جزءً من المؤامرة على الشعب العربي الأحوازي ، لرصّ صفوف الفرس أكثر فأكثر ، و إيجاد فرصة أكبر للمناورة لحين استقواء الحكومة ، ومن ثم ضرب العرب وإسكات صوتهم الى الأبد ، وكان العرب منتبهين الى ذلك ، لكن عدم وجود تخطيط قيادي منظم ، وعدم وجود دعم لوجيستي كامل ، وعدم وجود إعلام يمكنه إيصال صوت العرب الى العالم كافة وخاصة الى الدول العربية ، وكذلك عدم وجود تنسيق مدروس بين التنظيمات الأحوازيّة في المدن الأحوازية العربية كافة ، وأيضا وجود الشيخ الدجال محمد الكرمي في مدينة الأحواز (العاصمة) وتأثيره على شريحة كبيرة من الناس البسطاء من أبناء شعبنا ، باعتباره رجل دين عربي خالف لما يقوم به العرب والشيخ الخاقاني ضد ما تسمى بالجمهورية الإسلامية ، وكذلك الموقف السلبي من ثورة المحمّرة لرجال الدين المزيّفين من العرب كالشيخ عيسى الطرفي وإبنه الشيخ على الطرفي في مدينة عبّادان ، جعل من العرب لقمة سائغة للنظام الفارسي الجديد ، وللمستوطنين الفرس المدعومين من الحكومة في يوم الأربعاء المصادف 29/5/1979 .
طلبت حكومة الإحتلال الفارسي ، ومن أجل إعطائها المبرر في ضرب العرب ، من الشيخ الخاقاني حث العرب على إخلاء المبنى التي تتخذ منه النمظمة السياسية مقرا لها والذي يقع في منطقة الخزعلية ، وإعطائهم بناية أخرى تقع بالقرب من الجسر الممتد فوق نهر كارون والذي يربط نصفي المحمرة ببعضهما ، وعند سماع الخبر هب العرب ونظموا مسيرة كبرى ترفض هذا الطلب ، لإن هذا المكان بالنسبة لهم يمثل رمزا من رموزهم ، خاصة وإنه يقع في منطقة يطلق عليها إسم آخر امير عربي لهم قبل الإحتلال وهو الشهيد الأمير خزعل الكعبي ، ورفضوا الإخلاء رفضا تامّا واطلقوا الشعار التالي وهو على شكل هوسة وهي:
( والبيت النه ودمنا انسيله والبيت النه )
ومعنى ذلك بأن هذا البيت هو بيتنا ، ولن نخرج منه ، وحتى وإن سالت دماؤنا فيه غزيرة لن نتركه ابدا.
وافق الجميع على أن تستأنف المفاوضات غدا حول هذا الموضوع ، وكان ذلك في يوم الثلاثاء أي قبل يوم واحد من مجزرة الأربعاء السوداء ، ولكن ما ذا حدث غدا في ذلك اليوم؟
هل استأنفت المفاوضات بين الجانبين؟
وإذا كان الجواب لا لم تستأنف ، ما ذا حدث إذن؟
الجواب هو:
كان كل شئ معدّ من قبل القوات الحكومية والشعبية الفارسية ، وكان الأدميرال ألسفاح المقبور ( أحمد مدني ) والذي كان في حينها الحاكم العسكري لإقليم الأحواز ، حضر الى مدينة المحمّرة الباسلة لقيادة تنفيذ خطة إبادة الثوار العرب وإخماد نيران الثورة العربية الأحوازية في المحمّرة ومن خلالها في كل المدن العربية الأحوازية الأخرى.
وكان جميع الفرس ينتظرون ساعة الصفر التي سيطلقها المجرم أحمد مدني – والذي فطس مؤخرا في لندن بعد أن طردته حكومته – كي يقوموا بلا رحمة في سفك الدم العربي ، الذي لا يطلب أصحابه سوى حقهم المغتصب من قبل بلاد فارس.
هجم الفرس بكل ما يملكون من أسلحة خفيفة ومتوسطة ، بَحريّة وبريّة على مقر المنظمة السياسية ، بعد أن قطعوا خطوط الهواتف والكهرباء والماء من المناطق التي يتواجد فيها العرب ومقرات تنظيمالتهم السياسية كالمنظمة والمركز الثقافي ، وذلك في ليلة الأربعاء 29/5/1979 على الخميس 30/5/1979 ، وكأننا بهم كانوا ينادون وهم يقتلون العرب الأبرياء بكل قسوة: ( يا لثارات كسرى وأجدادنا ، ويا لثارات نار المجوس ) التي أطفأها نور الإسلام بالنبيّ محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
هجموا هؤلاء المتوحشين بكل ما يحملون من حقد فارسي صفوي على العرب والمسلمين ، ولم يراعوا في حملتهم ( ألإباديّة ) تلك ، لا طفل ولا امرأة ولا شيخا طاعنا في السن ، ولم يعرفوا أي لغة ابدا سوى لغة قتل العرب وأخذ ثارات أجدادهم المجوس من أحفاد سعد وخالد والقعقاع والعاصم وبقيّة أجدادنا العظام ، وذلك بقتلهم عرب الأحواز في هذا اليوم ، الذي خلف الفرس للعرب فيه أكثر من ( 500 ) شهيد وأكثر من (1500 ) جريح وأسير في يوم واحد فقط وهو يوم الأربعاء التي أسماها العرب ( الأربعاء السوداء ) ، لأنها بقيت وصمة عار سوداء في جبين أحفاد كسرى المجوسي ، وكذلك لإن العرب فقدوا فيها شهداء كثيرون ، ولبسوا عليهم السواد وأقسموا بأنه لن يهدأ لهم بال حتى أن يأخذوا بثأرهم من هؤلاء المحتلين الجبناء.
إستمرت هذه المعركة لمدة ثلاثة أيام بلياليها ووقع فيها كثير من الشهداء والجرحى والأسرى ، واستمرت بعد ذلك وامتدت الى بقية المدن الأحوازية.
أغلق العدو الفارسي في ذلك اليوم جميع الطرق المؤدية الى المحمرة ، ومنع أهلها من الخروج من بيوتهم لمدة ثلاثة أيام.
لابدّ من الذكر هنا بأنّ مَن نجا منَ المناضلين في ذلك اليوم من الحقد الفارسي وكتب الله له الحياة من جديد بعد هذه المعركة الدامية ، أو فلت من قبضة مجرمي الأحتلال الفارسي المتربصين بمن بقي حيا من العرب كي يأخذوهم الى الأسر ، وبقى من نجا منهم ليستمر بطريق النضال معاهدا بذلك شهداء وأسرى وجرحى ثورة المحمرة وما سبقها من ثورات وانتفاضات أحوازية ، وجد وكالعادة ابواب العراق الإبي ، عراق الغيرة العربية والشهامة والنخوة والرجولة ، مشرعة أمامه ، ووجد كذلك ذاك الحضن الدافئ المليئ بالحنان ، ملبيا نداء أهله الأحوازيين العرب بوقفته الشريفة والتي سجلها التأرخ له بكل فخر واعتزاز ، ذلك عند ما صرخ صرختة المدوية بوجه المحتلين الفرس: ايها الأنذال لا مجال للسكوت عليكم ، قفوا مكانكم ايها الأقزام ، سنأخذ ثأر ابناء عمومتنا في الأحواز منكم لا محاله ، وسنرد الصاع بألف صاع وسنرد كيدكم الى نحوركم ياطغاة.
قالها العراق ، عراق المثنى والقادسيتين وفعل عند ما قام بالدفاع عن نفسه وشرف الأمة العربية ، وصفع الفرس صفعته العربية العراقية الموجعة في 22 ايلول عام 1980 ، حينما اعتدى الفرس على مخافره الحدودية وكشّروا عن أنيابهم في التوسّع على حساب الأمة العربية وخصوصا على العراق العربي ، وبقيت ضربة العراق الموجعة للفرس في ذاكرة التأريخ يفتخر بها كل عربي شريف اليوم وغدا من الأجيال القادمة.
عشت يا عراق المجد والبطولات يا من زيّنت دائما صفحات التأريخ بالزهو العربي والذي مازال يسموا عاليا وإلى الأبد.
ملاحظة:
إن المحافظ العسكري الوحيد في كافة محافظات بلاد فارس والمعيّن من قبل جمهورية خميني ، هو المجرم المقبور الأدميرال أحمد مدني ، وكان محافظا لإقليم الأحوازالعربي دون غيره من الأقاليم الأخرى والتي أحتلتها بلاد فارس بقوة السلاح ، وهذا إن دلّ على شئ انما كان ومازال يدلّ على نيات الفرس السوداء المبيّة دائما ضد أبناء شعبنا العربي الأحوازي المقاوم.
وللعلم نوضّح بأن هذا السفاح أي الأدميرال أحمد مدني هو كان أحد أبرز القياديين في زمن الشاه المقبور في القوة البحرية الفارسية عندما قامت بلاد فارس بإحتلال الجزر الأماراتية العربية الثلاث وهي جزر ابوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ، يعني أنّ هذا السفاح كانت له خبرة في قتل العرب واحتلال اراضيهم العربية من قبل ، ولهذا السبب احتفظ نظام الملالي به لإستخدامه في قمع الثوار العرب في يوم الأربعاء السوداء في المحمّرة ، والتي سوّدت وجوههم وتاريخهم الى الأبد.
وبعد هذا التوضيح يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
هل بقي أحد من العرب لا يعرف الفرس وحقيقة حقدهم على العرب؟
هل يحق للعرب السكوت على مايجرى من ظلم في الأحواز بحق أخوانهم العرب من قبل الفرس الصفويين؟
هل بقي أحد ممن يقول بأن الأحوازيين يجب أن يتعاملوا مع الفرس بهدوء كي يتمكنوا من استرداد حقوقهم من هؤلاء؟
وهل يجوز بأن يكون استرداد الحقوق من المغتصبين بتقديم الورود اليهم عندما يُردّوا سلامك بأزيز الرصاص ونصب المشانق والإعدامات بحق شعبك؟
السلام بالسلام مع الفرس ممكنا ولا ضير فيه ، ولكن بعد طردهم من أرضنا العربية المغتصبة إن شاء الله.
ولكن مادام يصرُ هؤلاء المجرمين على الإجرام بحق شعبنا العربي الأحوازي سيكون الردّ هو:
الرصاصة بالرصاصة ، والإعدام بالإعدام ، وتشريد مواطنينا من أرض اجدادهم وآبائهم ، بطرد المستوطنين الفرس الذين جُلبوا الى ديارنا من داخل بلاد فارس من وطننا المحتل.
هذه هي رسالة المقاومة الوطنية الأحوازية والبادئ أظلم
وأخيرا وبكل إجلال وإحترام نقول:
فالتبقى دماء شهدائنا المحرّك الأصلي لديمومة الثورة الأحوازية
والمجد والخلود لهم دائما وأبدا
الحرية لأسرانا وهم يقاومون ظلام الإحتلال في زنازين الحقد الفارسي
وستبقى جذوة ثورة المحمرة والأربعاء السوداء متقدة إلى الأبد ، كي توصل الماضي بالحاضر ، لتنير طريق المستقبل لأبناء شعبنا العربي الأحوازي ، الذين سيسيرون حتما على خطى من سبقوهم في مضمار الثورة حتى التحرير بإذن الله
الجبهة العربية لتحريرالأحواز
24 / مايو / 2009
[/justify]
المفضلات