بسم الله وبه نستعين
أما بعد
رغم أن التخصص ليس بحجة إلا أن ما لا تعرفه أني متخصص في الدراسات الإسلامية، وعلى مستوى الدكتوراة.
ومع ذلك للفائدة أقول وبعيداً عن خصوصية هذا التعليق، التخصص لا يحتج به لا في مسائل الدين ولا في غيرها، والأصل أن الحجة إنما تقوم بالدليل في كل مجال حسب تصنيف أدلته، وعليه نقول لو أن فيزيائياً يحمل درجة الدكتوراة حاج في مسألة فيزيائية طالب في الإعدادية وأقام الأخير الحجة السليمة في مجال الفيزياء على رأي طرحه فإنما تأخذ حجته ولا تنفع الدكتوراة الأستاذ في هذا شروى نقير.
وقس في ذلك على كل أمر، فالتخصص ليس بحجة لا لنا ولا علينا، وكفى.
وبعد، يقول المعلق:
بداية شكراً على مطالبتي بتقوى الله، ونأمل أن يتقي الجميع الله أيضاً، ولو أني ما عرفت لزوم مطالبتي بتقوى الله هنا، أهي من قبيل التذكير كما شرع لنا التنزيل الحكيم، أم أنك تقصد بقولك هذا أني لم اتق الله فيما قلت؟
إن كانت الأولى أكرر شكري، وإن كانت الثانية فأكرر شكري أيضاً، على أني مازلت على ما أرى مطمئناً لتقوى الله فيما قلت.
وبعد
أنا لم أصف الصحابة بالمنافقين، بل رفضت وصف بعض المنافقين بالصحابة وهناك فرق، والفرق واضح لا لبس فيه. فلست أنا ولا أنت ولا المحدثين بأصدقاء من كتاب الله، وبه الحجة لا عليه.
سألت :"لمَ لا يكون من حول المدينة هم المنافقين الذين لا يعلمهم النبي .. كيف لك أن تلوي أعناق النصوص لتثبت شبهك الفاسدة ولا كرامة.."
الحقيقة أن قصر النفاق على من حول المدينة هو ليٌ لعنق النص وليس ما قلته أنا، يبدو أنك لم تقرأ الآية جيدا، فالآية تقول:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)}(التوبة) أي من الأعراب الذين حولهم وكذلك من أهل المدينة، وليس هناك مجال لقصر ذلك على أحدهما بل كليهما بنص المصحف وصحيح ذكره. وهذا فهم لا لبس فيه واضح وضوح الشمس، ومعلوم أن كثير من أهل المدينة كانوا من المنافقين وهناك الكثير من الآيات التي تصفهم بذلك أيضاً في مواضع أخرى فلا تجعل التنزيل عضين، ولا تنكر ما صح بموجبه، فتضل هداك الله إلى سواء السبيل. فنحن نذهب مذهب التنزيل ونقول نعم كان في مدينة رسول الله منافقين وهذا ثابت في أكثر من موضع من مواضع التنزيل ومن أنكر ذلك يطعن بصحة التنزيل الحكيم لأن التنزيل أثبته، ومن انكر أن الرسول الأعظم لا يعلم بعض المنافقين الذين مردوا في النفاق أيضاً أنكر ما صح بالتنزيل، وبناء عليه فإن ما احتججت به ليس بشيء عندي وباطل بطلاناً صريحاً لتعارضه مع التنزيل الحكيم، وكل ما تعارض مع التنزيل عندي باطل ولو اقسم على صحته بخاري ومسلم و أهل الأرض جميعاً، فسبحان الله أنقول قال الله فيقال لنا بل قيل أن رسول الله قال؟!!!
ثم يقول زميلنا:
قلت أني لا أقيم وزناً لمشاعر توجه نحو إنسان في مسائل الدين، تحب من سميتهم صحابة أو لا تحبهم، تحب هذا منهم ولا تحب ذاك، هذا شأنك، وما هذا بحجة على شيء ولا دليل على شيء، ولا علاقة له بدين الله لا من قريب ولا من بعيد، فدين الله لا يعرف بالرجال بل يعرف الرجال به، ولا يعرف على قلة ولا كثرة، ملة محمد تعرف بالكتاب الذي أنزله الله على قلب محمد بن عبدالله.
وبعد
عجبت من ألفة ومحبة يكنها القاتل للقتيل، وعجبت من ألفة ومحبة بين أثنين أو أكثر تجيش فيها الجيوش، وتراق فيها الدماء، ويتلاعن المتلاعنون، ويكفر بعضهم بعضاً، ويأمرون بسب بعضهم ولعن بعض وتكفير بعض على المنابر لعقود تطول، فإذا تمكن واحدهم من صاحبه بعد قتال استتابه وحجر عليه.
اللهم إنا نسألك أن لا تلقي بيننا وبين أحد هذا النوع من الالفة والمحبة، ولا ترق دم صاحبنا على يدنا ويد من نجيش، ولا تجعلنا ممن يجيشون الجيوش لقتل أصحابنا اللهم أمين. أما من تعجبه تلك الألفة فنحن من نسأل الله له العفو والعافية مما هو فيه.
إن اعظم دروس النقد وعبره إنما أعطاها التنزيل الحكيم عندما جعل الرسول الأعظم نفسه محل نقد في أكثر من سلوك، استنكر عليه ربه بعضها، ونحن لم نشتم وليس هذا من خصالنا أحد من معاصري رسول الله، وحتى وإن استنكرنا على هذا شيء وأعجبنا فيه شيء، فبالجملة وبمقايس ذلك العصر كان منهم النوابغ في أمور كثيرة، وهم عندنا من البشر يخطئون ويصيبون وليس فيهم معصوم من الخطأ فلا عصمة لبشر من الخطأ أبداً إلا لرسول الله وفيما بلغ عن ربه حصراً.
من عاصر النبي جيعاً أحسنوا واساؤوا، وهذا حال بني الإنسان في كل مكان وزمان.
الشق الذي يهمني هو: "من أنت" ببساطة تامة أنا عمر أبو رصاع إنسان من القرن الحادي والعشرين، أرِدُ الحساب يوم البعث كما سيرده كل من سارت به قدم.
ولن يمنعني احد من أن اقبل شيء أو أرفضه، وأن يعجبني شيء أو لا يعجبني فقد كرمني الله بحرية الإرادة والخيار والفكر فمن ذا الذي ينزع مني ما جعله الله حقاً لي؟!
وأما الاساءات الشخصية التي وردت في هذا التعليق فليس عندي من رد عليها إلا الإعراض بعد "شكراً".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات