الفكر هو كل ما يكتسبه الشخص مما حوله أي من بيئته الداخلية والخارجية ومن المؤثرات الضارة والنافعة التي تؤثر على شخصيته واخلاقه وعلاقته بالآخر . فالصحة الفكرية هي الأفكار البنائة التي نستطيع من خلالها بناء إنسان ذو علم ودين وأخلاق
والفكر هو أعلى مرحلة من مراحل التطور الإنساني.فالإنسان يولد على الفطرة، ويتملكه حب البقاء و حب التملك؛ويتدرج تطوره من عالم الأشياء؛ إلى عالم الأشخاص؛ وأخيرا إلى عالم الأفكار، مستخدماً فيه عقله الذي وهبه الله له وميزه به عن سائر المخلوقات، فيبدأ بإعمار الكون الذي سخره الله له، ومسؤولية في الإبداع والاختراع للكشف عن أسرار الكون وأسراره ومكنوناته..وها نحن في مطلع الألفية الثالثة، يسير الانسان بسرعة مذهلة،انتقل فيها من عصر الصناعة ومادتها إلى عصر المعلومات ومادتها المعرفية، فأصبحت الأفكار معيار تقدم الأمم، فلا تقاس حضارة امة وتقدمها بمقدار ما تملكه من ثروة ومال وعتاد، بل تقاس بما تملكه من ثروة فكرية ومعلوماتية ..أما ما يعتري عصرنا من قعقعة السلاح، وعربدة التكنولوجيا التي تستخدم ضدنا في دولنا العربية والاسلامية من قبل الغرب الحاقد علينا دينيا وماليا ما هي إلا بقايا أنظمة مهترئة، سيتجاوزها تاريخنا الإنساني والتي من اهدافها تجريدنا من شخصيتنا المسلمة ومن مكتسباتنا ومقدراتنا ، فالله تعالى لن يعطينا الآخرة وجنة عرضها السموات والأرض إلا إذا جمعنا الدين والعلم ولن نصل له ونحن نائمون كسالى وهذا ما أقره الله لنا في آياته : {تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَساداً}
أن سنن الله وقوانينه التي وصلتنا عبر التاريخ لا تقدم مجاناً للكسالى والمتثائبين، ولا تستبدل عزهم بذل ونصرهم بانكسار، إلا إذا غيروا ما بأنفسهم من أفكار مريضة استراحوا إليها، وتعايشوا معها، على الرغم من كل ما سببته لهم من متاعب وآلام، وتحلقوا حولها ينتظرون لحظة إعلان موتها، شأن كل مريض ميؤوس من شفائه، ويتهيبون جس نبض الحياة فيها، ليكتشفوا أنها قد ماتت وأنه عليهم أن يسارعوا لدفنها، قبل أن تؤذي الناس بنتنها، كالذي حصل لجن سليمان {ما دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاّ دابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ} لقد آن لنا أن ندفن ما فات وثبت لنا خطؤه من أفكارنا، لنخرج من معاناتنا والعذاب المهين الذي خلفه لنا جهل صنعناه بأيدينا وبمؤامرات الخائنين ووثوقهم بأعدائنا ألسنا أهل علم وثقافة؟ ألم تأت أول كلمة أنطق الله بها نبيه أن إقرأ،
إن الصحة الفكرية تطلب منا ان نمحي الخرافة التي نعيشها منذ قرون. يجب علينا أن نجد لأنفسنا فرصا جديدة للحياة للرجوع إلى حضارتنا التي أثمرت علما وثقافة لم تكن خيال بل أثمرت بسواعد الرجال ألا نستحق أن نفوز بأفكار صحية تنويرية لنرقى إلى العالمية التي وضغها الله أساسا للرسالة المحمدية قديما قالوا العقل السليم في الجسم السليم أي أننا نحتاج إلى رياضة الأبدان ورياضة الأذهان شيء و علينا أن ندخل المعترك الثقافي والذي لا نملك منه الآن حظاً وافراً، وعلينا أن نثقف أنفسنا فكريا لنخوض مع الغرب مباراة حضارية متكافئة، وأن لا نأخذ منهم إلا القشور إن الغرب الآن يقف في أعلى سلمه الحضاري،والذي ينقصه فيه فقط هو الحضارة الأخلاقية التي أعطاها لنا الاسلام وتعلمناها من أخلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وها هو يقطف ثمرات تقدمه، أما نحن فإننا نعيش في درك السلم الحضاري، نجتر ذكريات تفوقٍ معجزً أبهر الدنيا في مدة قصيره هل تعلمون لماذا لأننا كنا مع الله وعملنا بأحكام الشريعة الالهية أما الآن ففكرنا يمتلك قدرات كامنة.ومخزوناً فكرياً عظيماً أكبر من مخزوننا النفطي، والإنسانية الآن أحوج ما تكون إليه لمعالجة أزماتها الحضارية الغربية الفلسفية والأخلاقية إن لديناأفكارا وقيم نستطيع أن نتحرك بها، ولكن مجتمعاتنا وما تعيشه من ضبابية غير مؤهلة لتحقيق إصلاح جذري في داخلها أي في دولنا العربية والاسلامية،ولكنها تستطيع أن تنمو في الخارج، عند أهل الحضارة المادية الذين ينعتونا بالارهابيين فحضارتهم الأخلاقية فاسدة ومعقدة إن للعرب طاقات ابداعية وقدرتها على التوليد كبيرة.ولكننا نحتاج إلى بذل مجهودات حقيقية من أجل إحيائها، فلنرجع إلى القراءة، وتنظيم الندوات، والتخطيط الصحيح لمناهجنا ولنكسر الحواجز بين التيارات الفكرية لدينا، ولنقوم بتدريب العقل العربي على قبول الآخر المختلف الذي لم نرفضه وها هو يعيش بين ظهرينا ويجتر خيراتنا وأن نتعمد الحوار معه، والتدرب على التفكير الموضوعي الذي يجعل لأفكارنا صحة ووعي نبني من خلالها إنسان تنويري جديد مالكا للعلم والدين