بسـم الله الرحمـن الرحيم .
عبد العزيز الميمني الراجكوتي
1306ـ 1398هـ ، 1888 ـ 1978م .
كان الأستاذ عبد العزيز الميمني الراجكوتي رحمه الله و أغدق عليه صوب رضوانه ، من أفذاذ العلماء الأعلام في التمكن من العربية و أدبها و علومها ، أحبها حباً ملك عليه نفسه ، و تغلغل في السواد من قلبه .
ولد العلامة عبد العزيز بن عبد الكريم الميمني في نحو سنة 1306هـ 1888م ببلدة راجكوت في إقليم كاتهيا وار (سوراشترا) غربي الهند ، لبيت عريق في التجارة .
و أدخله أبوه الكتّاب لتعلم القراءة و الكتابة ، و آثر الأب أن يدفع ابنه نحو طلب العلم ، و التخلي عن التجارة حرفة الآباء ، فقطع الميمني الطريق ، و بدأ يستكمل دراسته العالية ، و قرأ على الأساتذة الكبار في لنكوء و رامبور و دهلي ، و كان من شيوخه :
* العالم المسند الراوية الرحلة حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي السعدي اليماني ، الذي أجازه برواية الحديث عنه سنة 1326هـ بمدينة دهلي .
* الأستاذ نذير أحمد الدهلوي .
* محمد الطيب المكّي نزيل رامبور .
و درس الفارسية ، و اطلع على دواوين الأدب العربي و تعمق في اللغة و الأدب ، و حفظ من الشعر العربي القديم ما يزيد على سبعين ألف بيت ، و حظي بذخيرة لغوية ثرية ، و يتحدث في إحدى مقالاته أنه حفظ في صباه المعلقات العشر ، و ديوان الحماسة ، و المتنبي ، و الجمهرة ، و المفضليات ، و كامل المبرد ، و نوادر أبي زيد ، و البيان و التبيين ، و ادب الكاتب .
اكتنى الميمني بأبي البركات ، ثم عدل عنها إلى أبي عمر ، و التزم نسبة (الميمني الراجكوتي) و كان يضيف إليها السلفي أو الأثري إشارة إلى عقيدته .
بدأ الميمني حياة التعليم و التدريس بالكلية الإسلامية ببيشاور لتدريس اللغتين العربية و الفارسسية ، ثم انتقل إلى الكلية الشرقية بلاهور ، و في خلال إقامته بها أصدر كتابه (ابن رشيق) (المطبعة السلفية بالقاهرة 1343هـ) ، ثم توسع في أمر ابن رشيق و أصدر بعدها بقليل كتابه (النتف من شعر ابن رشيق و زميله ابن شرف) .
انتقل الميمني بعد ذلك إلى الجامعة الإسلامية في (علي كره) ، و قضى فيها الزمن الطويل ، و تدرج في المناصب العلمية من مقرئ إلى أستاذ مساعد ، فأستاذ ، فرئيس لقسم اللغة العربية .
و في هذه المرحلة أصدر أجمل مؤلفاته ، و منها :
ثلاث رسائل نادرة عثر عليها في لكنؤ و مومباي .
الأولى : مقالة كلا ، و ما جاء منها في كتاب الله ، لأبي الحسين أحمد بن فارس .
الثانية : ما تلحن فيه العوام ، لعلي بن حمزة الكسائي .
الثالثة : رسالة محيي الدين بن عربي إلى الإمام الفخر الرازي .
(المطبعة السلفية بالقاهرة 1344هـ) .
و أصدر كتابه الشهير : (أبو العلاء و ما إليه) المطبعة السلفية 1344هـ .
ثم (فائت شعر أبي العلاء) السلفية 1345هـ .
و (زيادات ديوان شعر المتنبي) السلفية 1345هـ .
و (إقليد الخزانة) و هو فهرس الكتب التي ذكرها عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ، لاهور ـ 1346هـ .
انتُخب الميمني عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1928هـ ، و كان إذ ذاك في الأربعين من عمره .
ثم أصبح بعد ذلك عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، و علت منزلته في القاهرة و دمشق ، حتى منحه الرئيس السوري حافظ الأسد وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى سنة 1397هـ 1977م .
في عام 1350هـ أخرج الميمني إلى القارئ العربي رسالتين :
الأولى : أبواب مختارة من كتاب أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الأصبهاني .
الثانية : ما اتفق لفظه و اختلف معناه من القرآن المجيد ، لأبي العباس المبرد .
بدأ الميمني بعد ذلك رحلاته إلى العالم العربي و تركيا ، و أفاد من خزائن المخطوطات ، و أخرج في تلك الفترة تاج تحقيقاته (سمط اللآلي في شرح أمالي القالي) لأبي عبيد البكري ، بعد أن تيسرت له مخطوطتان مكية و مغربية ، و صدر عن لجنة التأليف و الترجمة و النشر بالقاهرة سنة 1354هـ .
ثم حقق رسالة (نسب عدنان و قحطان) لأبي العباس المبرد عن لجنة التأليف في العام نفسه .
ثم يخرج في عام 1937م عن اللجنة مجموعاً أدبياً يتضمن ديوان الأفوه الأودي ، و الشنفري الأزدي ، و قصائد جاهلية نادرة ، و ديوان إبراهيم بن العباس الصولي ، و المختار من شعر أبي تمام و البحتري و المتنبي لعبد القاهر الجرجاني ، خرج هذا كله تحت عنوان (الطرائف الأدبية) .
في عام 1357هـ نشر رسالة عرام بن الأصبغ الأسلمي في (أسماء جبال تهامة و سكانها و ما فيها من القرى) في مجلة أورنتال كولج مغازين الصادرة بلاهور .
ثم نشر عام 1369هـ ديوان سحيم عبد بني الحسحاس (دار الكتب المصرية ) ، عن نسخة أحضرها من استنبول .
ثم بعده ديوان حميد بن ثور الهلالي (دار الكتب المصرية 1371هـ) .
و قد غادر الميمني عليكرة بعد تقاعده إلى باكستان ليقيم في كراتشي ، و هناك أُسندت إليه إدارة معهد الدراسات الإسلامية لمعارف باكستان .
و حقق و طبع في تلك الفترة كتاب (الفاضل) للمبرد (دار الكتب المصرية 1375هـ) عن نسخة أحضرها من استنبول .
ثم حقق الميمني كتاب (الوحشيات) لأبي تمام ، و نشرته دار المعارف بمصر سنة 1963م .
ثم في عام 1967م أصدر عن دار المعارف أيضاً كتابي المنقوص و الممدود للفراء ، و التنبيهات لعلي بن حمزة البصري ، في مجلد واحد .
و ظل الميمني يتابع نشاطه حتى لقي ربه ، بعد أن بلغ التسعين ، يوم الجمعة 26 من ذي القعدة سنة 1398هـ ، 27 من أكتوبر 1978م .
رحمه الله و أجزل له المثوبة جزاء ما قدم من خدمة للعربية .
[المصدر : مقدمة الدكتور شاكر الفحام لكتاب المقصور و الممدود] .
المفضلات