السلام عليكم جميعا
الأخوة الأعزاء,
كنت قد كتبت منذ زمن في هذا الموضوع تحديداً شيئا ربما يشفي غليل أخينا السائل إن شاء الله, وكثير من الأخوة, فما أعظم كلمة الله, ولكن ذلك لا يمنع من ترجمتها أحياناً, أى نقل معناها, لأنها كلمة ذات معنى ودلالة رغم علميتها, وربما عدم التأصيل لذلك دفع بعض الأخوة لوصف كبار المترجمين بالجهل فالرجاء قراءة ما كتبت في صلب هذا الموضوع أدناة: المقالة الأولي بعنوان: في ترجمة لفظ الجلالة: تأصيل علمي ووجهة نظر, والثانية بعنوان: حتى تعرف خطورة الترجمة الدينية اقرأ هذا المقال, وهما موجودان على الإنترنت منذ زمن طويل على الروابط الموضحة أدناه ولكني سأنقلهما مرة أخرى هنا حتى تعم الفائدة, وهما عبارة عن إقتباسات من كتاب لم أنته منه بعد أو أدقق عربيته.
http://egyforums.com/vb/showthread.php?p=10648
http://www.saolt.net/forums/showthread.php?t=4998
في الترجمةِ الدينية: كتابٌ قاموس
د./ محمد فوزي
الإهداء
إلى أستاذى الذى علمنى.. إلى عالم الترجمة الأشهر فى وطننا العربى, والذى طالما حَلُمْتُ أن أَضَعَ كتاباً يقومُ هو بتصديره,
أستاذ اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الآداب - جامعة القاهرة, الأستاذ الدكتور
محمد محمد محمد عناني
تصدير
مقدمة
بسم الله, والحمد لله, والصلاة والسلام على خاتم رسل الله,,,
وبعد فهذا كتابٌ أسميته "فى الترجمة الدينية: كتابٌ قاموس", وقد يعجب القارئ لهذا العنوان للوهلة الأولى متسائلاً: لما الإضافة: كتابٌ قاموس؟ كما قد يظن أن الكتاب, بقاموسه المرفق, يختص بمصطلحات إسلامية محضة وهو ما ليس بصحيح, فالكتاب يقصد الترجمة الدينية بمعنىً أوسع قد يضم مصطلحات إسلامية أو نصرانية (مسيحية) أو يهودية وغير ذلك كثير.. مما يعرف فى التراث الإسلامى بـ "الملل والنِحَلْ", وذلك بهدف الإيضاح, أو المقارنة أحياناً, كما سأبين أدناه, رغم أن الجانب الأوفر حقاً هو لمترجم النصوص الدينية الإسلامية وبخاصة, ولعل مما دفعنى إلى ذلك, بعد توفيق الله, اشتراكى يوماً لدى إحدى شركات الترجمة فى ترجمةِ كتابٍ ماتعٍ للإمام العلم ابن حزم, وكان عنوانه "الفِصَلْ فى الملل والأهواء والنِحَلْ", والذى عُهد إلىَّ بترجمة عنوانه وقد أجهدنى كثيراً آنذاك, الأمر الذى أوقفنى على مدى صعوبة التعرض للنصوص الدينية, خاصة القديم منها.
أما عن تلك الإضافة (كتابٌ قاموس) هو أنى وجدت أن كل ما وقع فى يداي من قواميس دينية, والتى تتنوع تنوعاً عجيباً فيما بينها, وخصوصاً الإسلامية منها, وجدتها تحمل القارئ قصراً على تبنى المصطلح دون مناقشته أوحتى ذكر الشائع منه أو الأكثر شيوعاً, إذ قد يختار المترجم ترجمةً لمصطلحٍ ما فى حين أن هذا الاختيار اختياره هو وحده ولا يكاد يعرفه أو يألفه القارئ الأجنبى (الغربى) وهو لم يذكر ذلك, أو أن هناك مصطلحاً هو أكثر شيوعاً منه (رغم خطأه أحياناً) ولم يذكر ذلك, ناهيك عن بعض المصطلحات الخَطِرة– ولا أبالغ– والتى قد تسبب سوء فهم غير مقبول لدى القارئ الأجنبى وخصوصاً إذا اعتمدت قراءاته (أو سمعياته) على مصطلحات نقلها المترجمون (أو المتحدثون) من تلك القواميس دون تمحيص منهم لحقيقة المصطلح. وقد وجدت أنى إذا وضعت قاموساً فقط يشمل الكلمة وما يقابلها مباشرةً من معنى فلن يتسع لإيضاح مثل هذه التفاصيل, ومن هنا كانت التسمية. ولعلى أردت أن أقترب من ذلك الشكل الذى ذكره أستاذى وعالم الترجمة الأشهر فى وطننا العربى (دون ريب أو مبالغة), الأستاذ الدكتور محمد عنانى, فى تصدير كتابه الماتع "مرشد المترجم" والذى أسماه "دليل القارئ المتمهِّل" ترجمةً لتعبير "browser's guide", وإن كان قد ذكر أن مثل هذا "النوع من الكتب يقع فى منزلة وسطى بين المعاجم وبين كتب الفروق فى اللغة وهو جديد فى العربية..." (ص 1) . وأنا أدين لهذا العالم حقيقةً بالكثير مما لا يتسع المجال لذكره هاهنا, لكن أقل ما يمكن ذكره هو ما أصابنى من ذهول لما رأيته من اهتمامه وولعه الشديد بتتبع أصول الكلمات, عربيةً كانت أو أعجميةً للوقوف على معناها الحقيقى دون زيادة أو نقصان, الأمر الذى سرعان ماأصابنى شيئٌ كثيرٌ منه, ولا أقول مثله, إذ أنَّى لى بهذا المقام الرفيع.. ويا لها من إصابة!
ولأكن عملياً حتى لا يملَّنى القارئ سريعاً, فهذا مثالٌ أدلل به على خطورة الدخول فى معترك الترجمة الدينية دون خلفية كافية: فهذا مرجعٌ بين يدى باللغة الإنجليزية من القطع الكبير (المصور والفاخر) عنوانه "A Profile of Islam: A Resource Book of the Muslim World" وهو منتشر فى بعض المراكز الإسلامية العالمية (وخصوصاً فى ملبورن "Melbourne" باستراليا حيث طبع ونشر) يذكر فى صفحته رقم 53 عنواناً رئيسياً معرفاً ببعض عقائد الإسلام كما يلى (حرفياً): Tawhid (the unity of God), حيث ذكر المؤلف (أو المترجم الذى نقل عنه) كلمة "Tawhid", أى "توحيد" (وهو من مصطلحات علم العقيدة الإسلامية رغم بساطته الظاهرة), وقد لجأ إلى نقلها صوتياً (transliteration),ثم أردفها بالترجمة الموضحة أعلاه بين القوسين؛ والحق أن هذه نائبةٌ كبيرة, ولا أقلل أبدا من شأن كتَّاب هذا المرجع, فمنهم أساتذة فيهم العربي ومنهم صاحب اللسان (native speaker) ولهم كل الاحترام, وإن كنت لا أعرف أحداً منهم ومدى درايته بالترجمة، وإنما أنبه فقط على خطورة الأمر حتى يكون مدعاة للتصحيح. فعماد العقيدة الإسلامية هو "التوحيد", أى, وببساطة, أن الله واحد لا شريك له فى ألوهيته وربوبيته وأسماءه وصفاته وأفعاله, وقد حرص علماء العقيدة الإسلامية (باتفاق) على إيضاح هذا المفهوم رغم بساطته, ففرقوا بين "توحيد الألوهية" و "توحيد الربوبيه" و"توحيد الأسماء والصفات", وكلٌ له مفهومه وما يناسبه من مصطلحات فى الإنجليزية (انظر القاموس المرفق حيث كلمة التوحيد مطلقاً تختلف فى الترجمة عن هؤلاء جميعاً). والواضح أن المترجمين قد اعتمدوا على فكرة "التعادل التوصيلى (التواصلى) أو التداولى" فى الترجمة (communicative/pragmatic equivalence), أو نظيره "الدينامى " (dynamic equivalence) كما عند الأمريكى يوجين نيدا (Eugene Nida) , وخلاصته, كما أفهم, مخاطبة الآخر بما يفهمه لغةً وعرفاً واصطلاحاً, ومن ثم تطويع الترجمة أو النص المترجم وفق ذلك لإحداث أثر على قارئ الترجمة يشبه أثر النص الأصلى على قارئه , وذلك فى مقابل "التعادل (أو التكافؤ) الشكلى" (formal equivalence), وعليهما بنى الإنجليزي نيومارك (Newmark) نوعيه فى الترجمة الدلالية والتوصيلية (semantic/communicative translation), حيث تُعلى الأولى من شأن المعنى شكلاً وبناءً, بينما الأخيرة مضموناً وأثراً, كما عند نيدا أعلاه. ومع ذلك فإن مصطلح "التوحيد" على إطلاقه فى العقيدة الإسلامية لا يمكن أن يترجم (أبداً) بـ "unity of God" اعتماداً على فكرة مخاطبة الأخر بما يفهم لغةً وعرفاً واصطلاحاً إذ قد أفاجئ قارئى أن التعبير غاية فى التخصص ويعنى فى اللاهوت النصرانى (Christian Theology) وفى الإنجليزية تحديداً (كما استشهدت أدناه) "إتحاد الأقانيم الثلاثة ليمثلوا إلاهاً واحداً", فهو أقرب إلى إتحاد أو وحده الإله (فى المسيحية) منه إلى التوحيد (فى الإسلام), وشتان ما بين المعنيين, إذ يشير الأول إلى إتحاد الأب (God the Father) مع الابن (God the Son) مع الروح القدس (God the Holy Spirit/Ghost) ليمثلوا إلاهاً واحداً, وهذا هو عين "الشرك" وفق مفهوم العقيدة الإسلامية!, (ولا أقصد هنا الإساءة لأحد, وإنما هذا مقام إظهار حقائق علمية منصوص عليها بإجماع كما هو موضح فى يلى من مراجع وموسوعات)
وعليه فإن ترجمة مصطلح "التوحيد" على نحو ما بينا إلى (unity of God) كما هو الحال فى بعض القواميس والمعاجم المنتشرة ومنها الَّلذان ذكرتهما أعلاه قد أضر ضرراً بالغاً بالمعنى من حيث أراد صاحبه النفع فحولت التوحيد إلى شرك, وبعبارة ألطف إلى "وحدة" أو "توحد" أو "اتحاد", وللقارئ أن يتخيل كيف يؤثر ذلك فى نقل مفهوم خاطئ أو مضلل عن هذا الركن الركين للعقيدة الإسلامية لدى قارئ أجنبى وخصوصاً أن "unity of God" يمكن وبسهوله أن تحيل القارئ الأجنبى إلى عقيدة التثليث (trinity) وفق اللاهوت النصراني (المسيحى) والتى تعرفها دائرة المعارف الإنجليزية (Britannica) والقاموس الأمريكى (The American Heritage) وكذلك موسوعة Encarta – على التوالى– كما يلى: (ولاحظ معى استخدام الكلمات الشقيقة "unity" و union و "united" فى التعريفات وعليها اعتمد المترجمون وفق مفهوم "التعادل التوصيلى أو الدينامى" كما بينا أعلاه:
Trinity: In Christian doctrine, the unity of Father, Son, and Holy Spirit as three persons in one Godhead.
Trinity Theology. The union of three divine persons, the Father, Son, and Holy Spirit, in one God. Also called Trine.
Trinity (theology), in Christian theology, doctrine that God exists as three persons—Father, Son, and Holy Spirit—who are united in one substance or being.
ولعل القارئ يتسائل الآن: ما الترجمة إذن؟ والإجابة (بعد استشارة المعاجم المعتمدة كما هو موضح بالقاموس المرفق, بغض النظر عن قياس وقعها على بعض من أعرف من أصحاب الألسن الأجنبية) هى كما يلى:
التوحيد عامةً هو (monotheism) أو حتى (oneness of God) إذا ما أردنا أن نعدل الصيغة التى ناقشناها أعلاه, على أن الأولى أولى وأكمل؛ ومن العجيب أن تجد إحدى الموسوعات الأمريكية تعرف عقيدة التوحيد (عند المسلمين) مستخدمةً لهذه الكلمة (التى أحبذها) على نحو أكمل يفوق ما استخدمه أصحاب الألسنة العربية كما بينت أعلاة:
Islamic Doctrine
The two fundamental sources of Islamic doctrine and practice are…
Monotheism is central to Islam– a belief in only one God, unitary and omnipotent…
أما توحيد الألوهية خاصة فيمكن ترجمته بـ "oneness of Godhood" ويلاحظ أن الاسم "Godhood" هو, كما أرى, أفضل من شقيقيه "Godhead" و"Godship" حيث استخدام الأول مفرداً يشير أحياناً إلى وحدة الأقانيم الثلاثة عامة, كما أورد هذا المعنى وبوضوح قاموس ويبستر "Merriam Webster" ولعل القارئ لاحظ استخدامه فعلياً فى الاستشهاد قبل الماضى (أعلاه), وكذلك الثانى الذى هو أقل شهرة وتواجد فى القواميس.
وعليه فتوحيد الربوبية هو "oneness of Lordship". أما القسم الثالث وهو توحيد الأسماء والصفات فيمكن ترجمته بـ "oneness of Names and Attributes". ويلاحظ هنا أن "أسماء الله الحسنى" يكثر ترجمتها باستخدام الاسمين "names" أو"attributes", وأفضل الصيغ كما أعتقد هى "Allah's most beautiful names" إذ يحسن قصر "attributes" على الصفات, فيقال مثلاً "the divine Attributes" ترجمتةً لـ "الصفات", ومعروف أن الأسماء والصفات أحد مباحث علم العقيدة عند أهل السنة "the Sunnites" إذ يختلفون فى كثيرٍ من ذلك عن المعتزلة "the Mutazilites" (وترجمتى لهذين الاسمين هكذا ليست مُختَلقة وإنما قرأتها هكذا كما تؤرخ لها الموسوعات الإنجليزية (انظر الحاشية أدناه) وعليه يحسن ترجمتها كما يعرفها القارئ الأجنبى).
وقد يتسائل القارئ (الباحث فى الترجمة): لما استخدمت لفظ الجلالة "الله" فى ترجمة عبارة "أسماء الله الحسنى" ولم تستبدله بـ "God"؟ ولما يُستبدل الاسم العلم على ذات الله "الله" فى بعض التراجم (ومنها القرآن الكريم) بـ "God" أحياناً أو"Allah" أحياناً أخرى؟ وهل يمكن ترجمة معنى الاسم العلم (proper noun) أحياناً, وما ضابطٌ ذلك؟ (انظر الباب الأول)
وللإجابة على مثل هذه الأسئلة وغيرها كثير آثرت أن يكون منهج هذا الكتاب القاموس هو التحليل الموجز لمعظم ما يرد فى ثنايا القاموس المرفق كيما يكون مستخدم القاموس كما أشرت أعلاه على علم بمعنى المصطلح وأشكاله المختلفة فى الإنجليزية, الشائع منه أو المتفق عليه أو المختلف فيه .. وهكذا؛ ومن ثم يكون له الخيار بعد ذلك فى استخدام الترجمة المناسبة وفق غرض الترجمة (انظر شرح د. عنانى لمعنى نظرية الغرض (Skopostheorie) ومصطلحاتها ).
وما بينته أنفاً فى هذه المقدمة من تحليل موجز ينطبق على كثير مما ورد فى القاموس الملحق من مصطلحات أو تعبيرات مصاحبه مثل "الحديث القدسى" أو "الحديث النبوى, أو"السنة" بمعانيها المختلفة, سواء كمصدر للتشريع فى مقابل القرأن, أو كـ "نفل" فى مقابل الـ "فرض", أو "كطريقةٍ واتباع" للنبى الكريم, وهو ما يجرنا إلى مسألة جديرة بالنقاش: لما يلجأ المترجم أحياناً إلى النقل الصوتى (Transliteration) ترجمةً لكلمات مثل "Qudsi" أو "Sunna" أو "Hadith" ويكلف القارئ أو السامع الأجنبى عنت البحث مع وجود البديل (بل المثيل) أحياناً؟
هذا بعضٌ مما سيحاول الكاتب الإجابة عليه فى ثنايا هذا العمل, والله من وراء القصد..
الباب الأول
فى ترجمة الأسماء
1. لفظ الجلالة "الله":
عند مراجعتى لترجمة قوله تعالى "فاعلم أنه لا إله إلا الله" لدى عبد الله يوسف على وكذلك الإنجليزييَّن محمد مارمادوك بيكتول (Pickthall) وآرثر جون آربرى (Arberry) وجميعها (أقصد الترجمات هنا) من أشهر الترجمات (عالمياً) قلت لنفسى هذا مثالٌ رائع لاستحالة ترجمة الاسم العلم "الله" إلى "God" كما يفعل الكثير, حيث اشتملت الآية على كلمتى "إله" و"الله" وكل منهما شاع ترجمته بكلمة واحده هى "God"؛ على أن مترجم مخضرم قد يقول: ماذ لو غيرنا شكل الحرف الأول بين الكلمتين (Capitalization) فتكون الترجمة: Be informed that there is no god but God, وهذا على نحو ما فعلا بيكتول وآربرى فى ترجمتيهما لقوله تعالى: "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثو غير ساعة" (انظر تحليل هذا المثال باللغة الإنجليزية للكاتب:رسالة ماجستير غير منشورة, كلية الآداب جامعة القاهرة, 2004), رغم أن المعنى لا يتضح سماعاً. إلا أن المترجم لا بد أن يفرق بين استخدام لفظ الجلالة لدى المتحدث أو الكاتب باعتباره اسماً علماً لا يتعدى إلى غير المدلول المشار إليه (signified عند أهل اللغة) أو إذا كان يشير إلى الذات العلية بصفة عامة باعتبار صفة الإلوهية وحسب؛ ففى الحالة الأخيرة مثلا يمكن أن يترجم لفظ الجلالة كما فى ترجمة التعبير "الله معك" أو "حفظك الرب" أو "فى رعاية الله" إلى "God be with you" على اعتبار أن العبارة هنا قد لا تركز على الاسم العلم تحديداً كما هو الحال فى الآية الكريمة حيث اقتضت التفرقة بين إله (god) والاسم العلم "الله" (Allah), ويعضَّد ما سبق ما ورد من آراء عند ابن منظور فى لسانه أو الفيروزآبادى فى قاموسة المحيط أن لفظ الجلالة "الله" اسمٌ مشتقٌ أصله "الإله" وإنما حذفت الهمزة وأُضغمت اللام مع اللام وتم تشديدها (رغم رأى الفيروزآبادى نفسه بأنه اسم غير مشتق؛ وقد خالفه فى ذلك سيبويه وآخرون وقالوا باشتقاقه من التألَّه والإلوهية وغيرهما وهو من معتقد أهل السنة), وعلى ذلك فلفظ الجلالة قد يكون اسماً علماً غير مشتق أو يكون اسماً علماً مشتقاً له معنى "الإله" وحينئذ, بناءً على هذا الرأى عند علماء أهل السنة, لا ضير فى نقل معناه بـ "God" ترجمةً له, وخصوصاً إذا تمعن القارئ فى تعريف كلمة "God"نفسها –معناها الأول–كما هو مثبت فى المراجع الإنجليزية أدناه:
god (gŏd) noun
1. God a. A being conceived as the perfect, omnipotent, omniscient originator and ruler of the universe, the principal object of faith and worship in monotheistic religions…
(The American Heritage Dictionary of the English Language, Third Edition Copyright © 1992)
وعليه فالضابط فى أمر ترجمة لفظ الجلالة إلى (God) أو استبقائه "Allah" يرجع إلى فهم المترجم لهذه الخلفية الاشتقاقية (etymological), بل ومراعاة فهم القارئ أو السامع الأعجمي, ومن ثم يتثنى له الاختيار أو المفاضلة لمطابقة غرض ووظيفة النص الأصلى مع النص المترجم (ويطلق على النصين فى هذه الحالة, أى المطابقة, فى علم الترجمة لفظ equifunctional والذى يمكن أن نترجمه بأنهما متماثلين وظيفياً وإلا كان الأمر خلاف ذلك فيعرفان بأنهما مختلفان وظيفياً heterofunctional. (
2. أسماء الأنبياء/(انظر كتابي "معجم أسماء الأنبياء وترجمتها إلى الإنجلزية") :
قد يدهش البعض حين يستعرضون تفسير قوله تعالى من سورة الصافات: "سلامٌ على إل ياسين" ويجدون أمهات التفاسير كالطبرى وغيرها تذكر أن الاسم "إل ياسين" على هذا النحو يشير إلى ذات النبى "إلياس" عليه السلام, إلا أن المترجم خاصة قد يدهش حين يقرأ قولهم: "تقال "إلياس" و"إل ياسين" كما يقال "إبراهام" و"إبراهيم" وذلكً لعلمه أن إبراهيم عليه السلام يقال له فى الإنجليزية "Abraham" وهى نفس الكلمة– "إبراهام"– التى وردت بالعربية فى التفاسير قياساً على إلياس, ومن ثم ربما قال مترجم, إزاء هذا التماثل بين الإنجليزية والعربية فى اسم إبراهيم: لعلى أترجم "هارون" إلى Harun أو "إسماعيل" إلى Ismail أو "اليسع" إلى "Al-Yasa" كما أن إبراهام (كما وردت فى التفاسير العربية) هى نفسها Abraham بالانجليزية (وقد قرأت هذا "بأم عينى" فى بعض ترجمات القرآن, منها ما هو واسع الانتشار فى أحد الدول الإسلامية الخليجية, ومنها ما تم نشره فى مصر مؤخراً)؛ وأقصد هنا أن أن يلجأ مترجم النصوص الدينية إلى ما يعرف فى علوم الترجمة بـ "Transliteration" أى النقل الصوتى للأسماء لا ترجمتها إلى ما يكافئها موضوعياً فى اللغة الأخرى, وبالطبع أقصد هنا المكافئ الموضوعي الترجمى "Translational equivalent" (من وجهة نظر علم الترجمة لا الأدب "objective correlative" على نحو ما يقصده T.S. Eliot أو Washington Allston واضع المصطلح أصلاً).
والحق أنه على المترجم البحث فى هذا الجانب لأن كثير من أسماء الأنبياء معروفه لدى القارئ الأجنبى ووردت فى كتبه حتى قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم, ومنها ما ورد ذكره سواء فيما يعرف بالكتاب المقدس (The Holy Bible) أو فى بعض الموسوعات التأريخية الإنجليزية, كدائرة المعارف البريطانية "Britannica" وغيرها كما سأبين بالدليل أدناه, فهارون عليه السلام هو "Aaron" وإلياس هو "Elijah" و"اليسع" هو "Elisha" وذو الكفل هو "Ezekiel" , وبنى إسرائيل هم "the Israelites" وليست كما يترجمها البعض "offspring of Israel", وذلك خلافاً لدولة إسرائيل "Israel" (والكلمة تشير أيضاً إلى النبى يعقوب "Jacob" فى العهد القديم), والأسفار الخمسة الأولى فى العهد القديم هى "Pentateuch" والتلمود هو "Talmud", والمدراش (أى التفسير القديم التقليدى للتوراة) هو "Midrash وهكذا؛ وقد تجد جُل هذه الأسماء وغيرها كالزبور (Psalms/Psalter) والأولى فوق الخط أقل شهرة أو المزامير (hymns) فى موضع واحد كما هو أدناه فى تعريف النبى هارون لدى الموسوعة المذكورة أعلاه (ولا يجوز (فى علوم الترجمة) بأى حال من الأحوال نقل جل هذه الأسماء صوتياً (transliteration) تحت شعار إدخال المصطلحات الإسلامية عنوة إلى اللغة الإنجليزية وفرضها بغرض الدعوة لها وإشهارها, إذ تهدف الترجمة أولاً إلى نقل المعنى وإيضاحه لدى القارئ الأجنبى وإلا تحول النص الإنجليزى إلى نص شبه عربى غامض يؤدى إلى انصراف قارئه عنه, بل وإلى غير ما يريد أهل هذه الدعوة):
Aaron
Flourished 14th century BC
The traditional founder and head of the Jewish priesthood, who, with his brother Moses, led the Israelites out of Egypt. The figure of Aaron as it is now found in the Pentateuch is built up from several sources of traditions. In the Talmud and Midrash he is seen as the leading personality at the side of Moses. He has appeared in different roles in Christian thought.
وقس على ذلك كثير, فزكريا هو "Zacharias" أو "Zechariah" (والأخيرة أقل شهرة) وابنه يحى عليه السلام هو "John" عند الكثير (وهو من قبيل الخلط, وإن شئت فقل الخطأ المشهور) لأن النبى يحيى تحديداً حسب اللاهوت النصرانى هو "John the Baptist" أى "يوحنا المعمدان", (وقد بينت بالدليل فى كتابي "معجم أسماء الأنبياء وترجمتها إلى الإنجليزية" ما نصه: "على مترجمي النصوص الدينية ملاحظة أنه من قبيل الخلط, وإن شئت فقل الخطأ المشهور أن يترجم اسم النبي يحي عليه السلام بـ John فقط, إذ أن اللفظة بمفردها غالباً ما تشير إلى شخص آخر وهو أحد حواري المسيح عليه السلام حسب المعتقد المسيحي (والذي التقى أيضاً بالنبي يحيى عليه السلام وكان أحد تلاميذه قبلها حسب المعتقد المذكور), بل يشير الاسم فى الوقت ذاته إلى أحد كتب العهد الجديد والتي تحمل اسم هذا الحواري نفسه, ولذا ومنعاً للخلط يُفَرَّقْ أهل اللاهوت المسيحي فى الإنجليزية بين النبي يحيى والحواري بأن الأول هو John the Baptist والثاني هو John the Evangelist وأحياناً Saint John the Divine, وهذا رغم ذكر John بمفردها فى بعض المعاجم غير المتخصصة)
وقد حرصت فى هذا الصدد على تزويد قارئ هذا الكتاب القاموس بقائمة تضم كل أسماء الأنبياء المتفق عليها إسلامياً والتى لها ما يقابلها من أسماء فى الإنجليزية عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى/المسيحيين, مرتبةً ترتيباً زمنياً حسب ما هو مشهور (نقلاً عن ثقات العلماء) ومن ثم ترجماتها المعتمدة إلى الإنجليزية كما أثبتتها المراجع والموسوعات الأجنبية واللاهوتية (بعد تمحيصها والتعقيب عليها طبعاً), فضلاً عن التعريف بماهية الكتاب المقدس بكتابيه العهد القديم والجديد وأسماء الأناجيل الواردة به, على أن الأنبياء كما هو معروف كثيرون, لا نعلم أسمائهم جميعها, وها هى القائمة تضم أسماء أشهر الأنبياء والرسل الذين تم ذكرهم فى القرآن الكريم وعددهم خمسة وعشرون (دون الدخول فى تفاصيل الفرق بين النبى (prophet) والرسول (messenger) إذ قد يأتى ذلك فى سياقه), وسأفصل القول فيما يقابل تلك الأسماء لدى القارئ الإنجليزى فى كتابة المقدس بما يحوية من كتب العهدين القديم والجديد ولا سيما عند ترجمة أسماء تشير إلى مكافئ ترجمي محل خلاف (كما فعلت عند ترجمة اسم النبى هود وشعيب ويحيى وكذلك عيسى عليم السلام أجمعين).
المفضلات