عبد القادر الحسيني
هو ابن المناضل والجاهد موسى كاظم الحسيني
ولد في استانبول عام 1908 اذ كان والده يقيم فيها , وبعض المراجع تقول انه ولد في القدس عام 1910
الا انه نشأ في القدس وفي بيت وطني جدا , درس بدايه حياته بالمدرسه الرشيديه ثم مدرسه المطران ثم مدرسه المعارف التي انشأها المفتي امين الحسيني ليربي فيها جيلا مناضلا مؤمنا مخلصا لوطنه , ولتقف هذه المدرسه بوجه المدارس التي انشأها الاحتلال البريطاني والتي تسمم عقول الشباب وتضعف هممهم وتبعدهم عن اي اهتمام بحقوقهم الوطنيه , ولتقف ايضا بوجه المدارس التبشيريه التي تشوه صوره الاسلام عند ابناء المسلمين .
ولقد استفاد المناضل عبد القادر من وجوده بهذه المدرسه , اذ استوعب ما يدور حوله من مؤامرات ضد وطنه , كما ادرك الواجب الملقى عليه وعلى ابناء هذه الامه تجاه الوطن .
وعندما انهى الدراسه الثانويه ارسله والده الى الجامعه الامريكيه ببيروت , وهي جامعه تحمل افكار تبشيريه وغزو فكري خبيث , الا انه لم بتأثر بهذه الاهداف لانه كان محصن منذ طفولته بالتربيه الوطنيه الثابته , كما ان مدرسه المعارف حصنته اكثر فاكثر .
واثناء دراسته بالجامعه كان يحدث الطلاب عن قضيه بلاده ويحضهم على ضروره النضال في سبيل منع تهويد فلسطين , حيث كان يعقد الاجتماعات والندوات للطلاب ويحرضهم ضد الاحتلال , فانتبهت الجامعه لنشاطه وادركت خطورته , فما كان منها الا ان اصدرت قرار بفصله من الجامعه , وكان ذلك في السنه الاولى من دراسته .
لذا انتقل للدراسه في القاهره لاكمال دراسته , ودخل الجامعه الامريكيه في القاهره (تخصص كيمياء ) , والتي تعتبر نسخه ثانيه عن جامعه بيروت , اذ انهما تحملان نفس الاهداف .
واثناء دراسته في مصر تأثر ببيئه مصر الوطنيه اذ انها كانت واقعه تحت الاحتلال البريطاني الغاشم , وكان يشاهد الشعب المصري وهو يقاوم الاحتلال ويسعى جاهدا للتحرر والاستقلال .
فبدأ بشرح قضيه بلاده لطلبه الجامعه ويستثير هممهم لبذل ما يستطيعون من اجل فلسطين الواقعه ايضا تحت الاحتلال البريطاني مثلها مثل مصر .
ومن خلال تواجده بهذه الجامعه ادرك اهدافها الاستعماريه التدميريه اذ انها كانت تروض الطلاب على قبول اليهود على ارض فلسطين , ولكي يتمكن من اكمال دراسته بالجامعه ولا تقوم بفصله كما حدث في بيروت , اختار ان يتحرك بين الطلاب بشكل سري متصديا لهذه الاساليب الاستعماريه التي تستخدمها الجامعه .
ويوم حفل التخرج حدث شيئا لم يخطر ببال اي من الطلبه او حتى اداره الجامعه , اذ اثناء توزيع الشهادات على الخريجين نودي على اسم الخريج عبد القادر الحسيني , فاستلم شهاده البكالوريوس ثم استأذن الحضور لالقاء كلمه بمناسبه تخرجه , فأذن له , فوقف رافع الراس غير هياب , وبدأ يندد بالسياسه الامريكيه وكل ما تقوم به داخل جدران الجامعه من دعوات تبشيريه وانها تحاول ان تظهر امام الناس بانها مكان للعلم فقط ولكنها بالحقيقه بؤره فساد , وطلب من الحكومه المصريه ان تنتبه لخطوره هذا المكان المسمى بالجامعه الامريكيه , وابلغ الحضور بانه كان يلتزم الصمت خلال دراسته لانه لا يريد ان يفصل ويريد ان ينهي دراسته , اما الان فواجبه الوطني والقومي يدعوه لقول هذا , وواجبه ايضا ان يبلغ المسلمين والسيحيين من العرب بأن لا يسمحوا لحدوث اي فتيه طائفيه بينهم لانهم ابناء وطن واحد , ثم مزق شهادته امام الجميع ورمى بنتفها امام رئيس الجامعه قائلا : هذه شهادتكم فخذوها فاني في غنى عنها ولا يشرفني ان احملها او ان انتسب اليها , انا لست بحاجه لشهاده من جامعتكم الاستعماريه التبشيريه .
ثم بدأ يهتف بسقوط الاستعمار ويحيي العروبه والامه العربيه , ودعا الجيل الجديد للثوره ضد الاجنبي ووسائله ومعاهده التعليميه .
وفي نهايه خطابه الحماسي هذا قابله الجمهور بحماس منقطع النظير وبعاصفه من التصفيق الحاد المتواصل ثم بحاله من الاستغراب من هذه الجرأه الغير طبيعيه .
اضطربت الجامعه لهذا الحادث اضطراب هز كيانها , فعقدت اجتماع طاريء بنفس اليوم وقررت سحب الشهاده من هذا الطالب المشاغب وقامت الاداره بالاتصال ببعض الصحف والصحفيين وطلبت منهم التعتيم على اخبار الحادث حفاظا على سمعه الجامعه , وقدمت لهم الرشاوي , كما سلطت اداره الجامعه بعض الطلبه للطعن بشخصيه الطالب عبد القادر واتهامه بالخبل لدى بعض الصحف .
الا ان بعض اصحاب الضمير الحي من الصفيين رووا القصه بشكلها الحقيقي , ومنهم من اشاد بموقف الطالب ايضا ( مثل جريده الشورى ) , ومنهم من وبخ الطلبه الذين قصدوا الجرائد للطعن بعبد القادر ( مثل اداره جريده البلاغ ) .
وبالطبع جن جنون الجامعه عندما رات الخبر يملا صفحات الصحف فحاولت تزوير الحقائق , الا ان عبد القادر سارع ووجه رساله الى كل الصحف في القاهره ليروي ما حدث بالتفصيل .
وهذا نص رسالته للصحف :
تدعي اداره الجامعه الامريكيه بالقاهره انها علميه محضه , وليس لها ادنى علاقه بالتبشير وهي تتبرا مما حصل في المعادي حيث يسكن اساتذتها المبشرون , وفيهم من ارسل خصيصا على حساب احد المبشرين الكبار , وادعاء الجامعه انها علميه ليس صحيحا وادلتي هي :
من هو رئيس الجامعه ؟ هو الدكتور شارلز واطسون وهو مبشر وامه مبشره وابوه مبشر , فهو من سلاله مبشرين , واني استشهد على ذلك بكتابه المسمى ( حروب صليبيه مسيحيه في مصر ) ويعني بهذه الحروب الحمله التبشيريه , وقد قال في مقدمه كتابه : اهديه لامي وابي اللذين قضيا حياتهما مبشرين في مصر , ويوجه في كتابه الدعوه الى اهل الخير والاحسان ليروا الانتصار الباهر لاعمال التبشير في مصر , كما يوجه للمبشرين كلمه مؤداها انهم هم الذين سوف يتم تنصير مصر باكملها على ايديهم , وبذلك بتوجون رؤوسهم باكليل الظفر والفخار جزاء لهم على جهادهم المقدس .
كما يقول واطسون في كتابه : ان للمسلمين طقسا دينيا هو اساس الاسلام , وهذا الطقس هو الحج ويجب على كل مقتدر ان يؤديه , وهو عباره عن الذهاب الى الكعبه حيث تقام طقوس دينيه مخزيه , وهذا المكان ( الكعبه ) هو قلب العالم الاسلامي وهو وكر للصوص وتؤتى به جميع انواع المخازي الاخلاقيه , ولكنه يجعل بين المسلمين رابطه قويه يخاف منها .
هذا رئيس الجامعه الدكتور واطسون في كتاب واحد فقط من كتبه , واليك الان قطب اخر من اقطاب الجامعه .
هناك قسم في الجامعه يسمونه مدرسه اللغات الحديثه , ويؤمه الاجانب ويراسه الدكتور جوفري وهو رجل لاهوتي , وهذا القسم هو عباره عن معهد لتدريب المبشرين وتعليمهم اللغه العربيه , وكيفيه مهاجمه الاسلام بطرق علميه وفنيه , ومن يزر مكتبه الجامعه يرى الكتب التي نقلت من هذا القسم اليها .
وهذه الكتب تؤلف الان قسما كبيرا من المكتبه وكلها تبشيريه , وبعضها يبحث الحركات التبشيريه وتاريخها ونجاحها واعمالها في الشرقين الادنى والاقصى , وبعضها يبحث في كيفيه التنصير , وبعضها يحتوي على شتائم في الاسلام والمسلمين .
اما الدكتور جوفري رئيس هذا القسم فهو مبشر الجامعه الاكبر ويليه المستر مولر وكلاهما يسكن المعادي حيث المبشر ( بطرس عيان ) صديقهم الاعز
وجوفري يصلي بطلبه الجامعه ايام الاحاد وهم مجبرون على الاستماع لطعنه بالاسلام والمسلمين والمسيحيه التي لا تتفق مع مذهبه .
ومثال على احدى عظاته وعنوانها ( النبي الكاذب ) اذ قال ان محمدا لا يمكن ان يكون نبيا لان مستوى اخلاقه..............اذ اباح لنفسه ان يتزوج من عدة نساء , كما اختص نفسه باثمن اسلاب الحرب , فهو رجل شهواني .
كما ان جوفري في موعظه اخرى اتانا ببراهين ليقنعنا ان القران ليس كلام الله , كما ان القران ليس كله كلام محمد لانه ادخل عليه كثير من الايات التي ثبت علميا انها لا يمكن ان تكون من روح محمد .
هذا عدا ما يقوله في دروسه اليوميه من ان الاسلام دين وحشي بربري , يحث على القتال والسلب والنهب , كما يقول بان الشرق لن يسعد الا اذا تخلص من الاسلام .
واكتفي بهذا القدر من الامثله مشيرا الى ان هذه الحركه التي تقوم في الجامعه الامريكيه غير محموده , بل هي تخلق روح سيئه بالبلاد , والواجب علينا مسلمين ومسيحيين ان نحارب هذه الافكار .
وعلى اثر ذلك اتصلت اداره الجامعه بالانجليز والامريكان , والذين اتصلوا بدورهم بالحكومه المصريه واخبروها بالامر وطلبوا اخراج عبد القادر من مصر , فاصدرت الحكومه المصريه امرا بوقفه في سجن الاجانب كاجراء احترازي ثم طردوه من مصر خلال 24 ساعه وتم ترحيله الى فلسطين , وكان ذلك عام 1932 م .
وفي باب الحديد بالقاهره وقف الفلسطينيون والمصريون بانتظار توديع هذا الشاب الجريء , وعندما وصل عبد القادر مخفورا بالشرطه والجند انقلب الوداع لمظاهره وطنيه صاخبه .
وعندما وصل فلسطين توافد الناس اليه من المدن والقرى يهنئونه على موقفه الجريء وعلى شجاعته التي رفعت رؤوسهم عاليا , واستقبلوه بالتهليل والتكبير , كما تفاءلوا بمقدمه للبلاد .
بعد العوده اضطلع اكثر على سياسه الاحتلال وخاصه سياسه التوظيف وملء الشواغر في الاجهزه حيث راى العجب العجاب , ومن الواقع المحسوس والممارسات العمليه رأى ان الوظائف هي على 3 مستويات :
المستوى العالي : يتمثل بالوظائف العليا والمناصب الكبيره فوجد انها محصوره في الانجليز واليهود
المستوى المتوسط : اي الوظائف المتوسطه وهذه يعين بها اليهود ثم المسيحيين واخيرا ان بقي شيء فيعين المسلمين , لذا فنصيب المسلمين قليل جدا
المستوى الادنى : اي الوظائف الدنيا والتي لا تتطلب كفاءه , كالمراسلين والاذنه ............الخ , وهذه من نصيب المسلمين والاميين من المسيحيين .
فوجد ان هذه السياسه الظالمه ستكون نتائجها خطيره على مصير البلاد والناس في فلسطين , اذ يتم ابعاد اهل البلاد الحقيقيين عن حكم انفسهم بانفسهم ويقرب الاجانب واليهود ليقوموا بحكم اصحاب البلاد الاصليين ويتصرفوا باموالهم وبيوتهم واراضيهم , ومن ثم يصبح الحق لمن لا حق له ويبعد عن الحكم من له الحق والبلد , وبالطبع فان نهايه هذه السياسه ان يسيطر اليهود على فلسطين ويحكموا اهلها .
فبدأ عبد القادر بتأسيس الجمعيات والنوادي ويعقد الندوات والمحاضرات التي يفضح فيها هذه السياسه الظالمه , واسس جمعيه الشباب الفلسطيني المسلم المتعلم بمشاركه السيد فوزي الغصين , وشنوا حمله شعواء على هذا الظلم الواضح وهذا التجاوز الفادح لاهل فلسطين , وتتابعت الضغوط من الجمعيات والنوادي , فبدأت سلطات الاحتلال مرغمه بادخال بعض المتعلمين المسلمين في الوظائف الهامه , فوظفت 26 شابا مسلما , وكان رقم عبد القادر هو 26 .
فتم تعيينه في دائره تسويه الاراضي , ومن خلال عمله هذا استطاع ان يحمي الاراضي من الانتقال لليهود حيث انه بهذه الدائره كانت تنفذ قرارات مصادره الاراضي ونقل ملكيتها لليهود فاستطاع ان يبطل كثير من قرارات المصادره وفوت على اليهود والانجليز استملاك كثير من الاراضي , كما شجع الناس على وقف الاراضي حتى لا تصادر , كما عمل على نشر الوعي بين المواطنين فيما يتعلق بسياسه تهويد الاراضي واطماع اليهود, واستطاع ان يوقف اراضي 16 قريه عربيه حتى يمنع استيلاء اليهود عليها .
فكان العين المبصره لكل الدسائس والمؤامرات التي تحاك في هذه الدائره ضد الفلسطينيين .
كما انه استطاع من خلال هذه الوظيفه الاتصال باهل القرى واصحاب الاراضي وتوثقت صلته بهم وتعمقت
وكان يكثر من الاتصال بمخاتير القرى التي تنوي الحكومه مصادره اراضيها ويطلعهم على المخطط الانجليزي الخبيث , فيقوم اهل القرى فورا بزراعتها بالزيتون حتى لا تعتبر من الاراضي البور ويتم الاستيلاء عليها , وكان يقف بوجه كل من يريد بيع ارضه لغير المسلمين , وان كان البائع مضطر للبيع فانه كان يحول ذلك البيع لمسلمين ( اي من مسلم لمسلم ) , كما كان يوقف عمليات البيع ان كانت الارض تباع ليهود , وكان يشجع المواطنين على الاحتفاظ بارضهم وتوريثها لاولادهم كما ورثوها عن ابائهم .
وقبل ان يعمل بدائره تسويه الاراضي عمل لفتره محررا في صحيفه الجامعه الاسلاميه , فكان يكتب المقالات التي تكشف حقيقه الاحتلال البريطاني لفلسطين وما تخطط له من تهويد البلاد مما ازعج السلطات , فمارست الضغط على رئيس التحرير لمنع عبد القادر من الكتابه في الجريده , الا ان رئيس التحرير رفض الانصياع لاوامرهم فهددوه بتعطيل الجريده ان استمر عبد القادر بالكتابه فيها , فلم يستجب لهم , فتم تعطيلها عده مرات , فانتقل عبد القادر لجريده الجامعه العربيه وواصل مقالاته التي تعري الاحتلال وتفضح اهدافهم الشريره , ثم انتقل لجريده اللواء وتابع بنفس الاسلوب والطريقه , فتم تعطيل الجريده الى ان توقف عن الكتابه بها , فتابع الكتابه بالصحف العربيه محذرا من المؤامرات الاستعماريه بتشجيع الهجره اليهوديه والاستيلاء على المقدسات .
لقد وصل عبد القادر لقناعه تامه بانه لا بد من عمل حاسم لايقاف ما يجري تجاه وطنه من مؤامرات واضحه تماما , فتم اللجوء بدايتا لاسلوب التظاهر , وكانت المظاهرات تقمع بطرق وحشيه من قبل الاحتلال مما يؤدي لسقوط القتلى والجرحى , فوجد ان هذا الاسلوب لوحده لا يكفي لايقاف الاحتلال عن تهويد بلده , اذ لا بد ان تقوم حركه نضاليه جهاديه لمقاتله المحتل واخراجه من البلاد بالقوه .
حيث يجب تنظيم السكان وبخاصه الشباب منهم في تنظيم نضالي سري , ويتم تدريب الشباب على استخدام السلاح وفنون القتال وتدريبهم على استخدام المتفجرات وصنعها ان امكن .
فبدأ يجتمع بالشباب ويحرضهم على النضال ضد المحتل ( واستفاد هنا من علاقاته مع الناس اثناء وجوده في دائره تسويه الاراضي ) , ثم بدأت مرحله التدريب , حيث كان يجتمع بالمتطوعين في بيته ويقوم بتدريبهم على كيفيه صنع المتفجرات واستعمالها .
ثم بدأت عمليه التنفيذ اذ اعلن عبد القادر الحسيني ليله 6/5/1936 الثوره على المحتلين , فهاجم ثكنه عسكريه بريطانيه في قريه بيت سوريك , ثم انتقل الى منطقه القسطل وانتشر المناضلين في القرى والمدن
وفي صباح يوم 28/8/1936 اجتمع نفر من المناضلين في بيت صالح الريماوي بوجود عبد القادر وتعاهدوا على محاربه المحتل واعلنوا عزمهم على ترك مدينه القدس ليعتصموا بجبالها لنصره هذا الوطن .
واستمر ارسال الرجال للاتصال برجال القرى للانضمام اليهم ومحاربه المحتلين , واقبل الناس عليه ووثقوا بقيادته , وبهذه الطريقه استطاع ان ينشيء في كل بلده مجموعه من المناضلين للدفاع عن بلدتهم ونجدة جارتها ان لزم الامر .
وقد شارك في معارك كثيره منها معركه الخضر عام 1936 حيث اصيب فيها وتم اسره , فادخل المستشفى العسكري بالقدس ومنه استطاع الهرب الى دمشق ليتم علاجه هناك .
وفي عام 1938 عاد من دمشق لاستئناف حياه النضال , فقاد الثوار وقام بعمليات جريئه وموجعه للعدو , كالقاء القنابل على مساكن الانجليز , واغتيال العسكريين مثل كسيكرست ( مدير بوليس القدس ) ومعاونه , ونسف القطارات وتدمير السكك الحديديه وشن الهجوم على المستعمرات اليهوديه والسيارات البريطانيه واليهوديه .
ثم قاد هجوم على مستعمره فيغان اليهوديه جنوب القدس , كما كبد المستعمرين في القدس وبيت لحم والخليل واريحا ورام الله وبئر السبع خسائر جسيمه في الارواح والمعدات .
وفي خريف عام 1938 ضربت القوات البريطانيه حصارا محكما حول الثوار في بيت لحم والخليل مما ادى لاستشهاد الكثير منهم , واصيب الثائر عبد القادر اصابه بليغه فنقله اخوته بالنضال للمستشفى الانجليزي في الخليل , وقطعوا جميع الاسلاك والمواصلات والاتصالات بين المستشفى والقوات البريطانيه وارغموا الاطباء الانجليز على اسعافه ثم تم نقله الى سوريا ثم لبنان ثم العراق .
وفي العراق عمل مدرسا للرياضيات في المدرسه العسكريه في معسكر الرشيد , وحضر دوره الضباط الاحتياط في الكليه العسكريه , والف فرقه الجهاد المقدس من الفلسطينيين وقادها مؤيدا لثوره رشيد عالي الكيلاني سنه 1941 وكانت مهمتها توجيه الضربات للقوات البريطانيه المعسكره في بغداد , ولما اجهضت الثوره على يد الانجليز وحلفائهم حاول الهرب لايران فلم يستطع اذ منعتهم ايران من دخول اراضيها , فتم اعتقالهم على يد السلطات العراقيه وحاكمتهم , فحكم عليه ومن معه بالسجن والنفي لمده سنتين .
عام 1943 سافر للسعوديه ثم تسلل الى المانيا حيث تلقى هناك دوره تدريب على صنع المتفجرات وتركيبها , ثم انتقل للقاهره عام 1946 فامرت الحكومه بابعاده عام 1947 لنشاطه السياسي ولعلاقاته مع الاخوان المسلمين ومع رئيس حزب مصر الفتاه ولقيامه بتجميع الاسلحه وتدريب الفلسطينيين والمصريين على المتفجرات , الا ان قرار الابعاد لم ينفذ بسبب الضغوطات التي بذلها المخلصون وحملات الصحف المصريه الشديده على هذا القرار.
فكان بيته مختبرا لصنع المتفجرات اذ انه كان يتقن هذا الفن اتقانا تاما .
فبدأ يشتري السلاح ويهربه الى فلسطين
وبقي في مصر الى ان صدر قرار تقسيم فلسطين بين اليهود واهلها الاصليين , فدخل بتاريخ 22/12/1947 الى فلسطين وتسلم قياده الجهاد المقدس , فتولى منطقه القدس وارسل الثوار الى اللد والرمله ورام الله ونابلس وبئر السبع وحيفا ويافا والمجدل , وكانت هذه السرايا تشمل فرق للتدمير الى جانب المقاتلين , فتم نسف دار الصحافه اليهوديه وتدمير شارع هاسوليل ونسف حي المنتفيوري ونسف شارع يهوذا ومقر الوكاله اليهوديه .
وخاض عده معارك منها معركه شعفاط والدهيشه وميكورحاييم , وشن هجمات ضد المستعمرات اليهوديه مثل مستعمره تل بيوت وسانهدريا ورامات رحيل وعطارون
وقد تمكنت قواته من السيطره على منطقه القدس والتحكم بخطوط المواصلات التي تربط بين اغلب المستعمرات اليهوديه في فلسطين .
وهنا بدأ يشعر بتفوق العدو في الاسلحه فسافر الى دمشق وقابل اللجنه العسكريه العربيه وطلب منهم السلاح الذي يحتاجه فاعتذروا عن ذلك مدعين عدم وجوده عندهم
واثناء وجوده بدمشق سمع بان اليهود احتلوا بلده القسطل فهرع الى عبد الرحمن عزام باشا الامين العام لجامعه الدول العربيه فلم يجد عنده شيئا فعاد للجنه العسكريه لعل ما حدث بالقسطل يغير رأيهم , الا انهم رفضوا للمره الثانيه فهاج عليهم وصاح بعلو صوته وقال : السلاح في عنابركم ونحن احوج به من مزابل جبع , ان التاريخ ستهمكم باضاعه فلسطين , اما انا فاني ذاهب للقسطل لاموت هناك قبيل ان ارى نتائج تقصيركم وتواطئكم , ثم رمى باضباره كانت معه في وجوههم وصرخ : انكم تخونون فلسطين انكم تريدون قتلنا وذبحنا انتم المسؤولون عن ضياع بلادنا وانتم المسؤولون عما سيحل بنا من دمار ايها المتأمرون , سأموت انا وكل جنودي في سبيل فلسطين وسيسجل التاريخ وسيشهد العالم انكم كنتم مجرمين وخونه .
وعاد لفلسطين , عاد لساحه النضال وبالذات ليقود معركه يحرر بها القسطل او يستشهد في سبيلها , ووضع خطته لاستعاده القسطل , وبدأ القتال في يوم الاربعاء الموافق 7/4/1948 حيث دخل الثوار البلده من الجهه الغربيه فاستمات العدوا في القتال فأرسل عبد القادر يطلب النجده , فتوالت النجدات من القدس والخليل , واثناء ذلك استطاع اليهود شل حركه الثوار من الناحيه الشرقيه فتضعضع الهجوم , وهنا بدأ الثائر البطل يخشى الهزيمه فبدأ يكبر ويقول الى الامام يا ابناء القسطل وطلب من الرجال الثوار ان يتبعوه الى الامام وهاجم تلا عاليا حصينا وقاد بنفسه الثوار
وتحقق النصر لهم حيث اسفرت المعركه عن 170 قتيل من اليهود وجرح 80 واسر 70 ولم يستطع اليهود اخراج قتلاهم لشده الرصاص مما دفعهم للاستعانه بالانجليز
وفي نهايه المعركه وجد الجنود قائدهم في وسط القريه صريعا , ووجدوا بجانبه رشاش لا عتاد فيه ومسدس , فانشغل الثوار بقائدهم وتركوا مواقعهم العسكريه , مما شجع اليهود في اليوم الثاني مباشره للعوده واحتلال القسطل .
وقد اهتزت فلسطين قاطبه باستشهاد هذا البطل المغوار, وجاءت الجماهير من جميع انحاء فلسطين لوداعه والقاء النظره الاخيره على هذا الجثمان الطاهر, وكتب الكثيرمن الشعراء والكتاب والادباء والعلماء باستشهاده , فقد كان ذو شجاعه نادره وايثار عظيم , متواضع , وكان زاهد ومتقشف علما بانه كان من الاثرياء , كان يعتز بالاسلام وذو عاطفه دينيه قويه , قوي الشخصيه ولا يهاب من قول الحق .
وتم دفن جثمانه الطاهر بجانب جثمان والده بجوار المسجد الاقصى
ومن بعض الشعر الذي نظم باستشهاده قصيده للشاعر احمد مخيمر جاء فيها
نلت الشهاده فاهنا ايها البطل
بمثل عزمك تبني مجدها الامم
امامك الجنه الخضراء تفتحها
لك الدماء التي اهرقت والاسل
السابقون من الابطال قد دخلوا
والصاعدون من الاحرار قد وصلوا
ودوا لحب الوغى لو انهم رجعوا
ليقتلوا مره اخرى كما قتلوا
وقصيده للشاعر محمد هارون جاء فيها
حسام ثوى في غمده غير حافل
بما فل منه في قراع نوازل
فيا قائد القدس المطهر روحه
ليهنئك ما احرزته من جلائل
عليك سلام الله فارس أمة
أضاء بنور الحق خير المشاعل
المفضلات