يا مصر شكرا..
للشاعر الجزائري محمد براح
يا مصر شكرا أنت نعم الجارُ=وبك الضعيف من القوي يُجارُ
رحم تقطع والفؤاد مجرح=من بعد سيل دمي يشاد جدار
يا مصر شكرا أنت حصن عروبتي=لو حدقت بشعوبنا الأخطار
وسمعت غزة تستجير فمن لها؟=أطفالها ذبحوا وجار حصار
هل ياعروبة كل ذلك قسوة؟= إن الجدار من الكنانة عار
أنى لغزة أن تهدد أمنكم؟=ما هكذا تُتَأَبَّطُ الأعذار
تشوون بالفولاذ جلد رضيعنا=وهناك يخنق في العراء صغار
وعلى جماجم أهل غزة يبتنى=سحر سيسقط بالعصا السحار
موسى يعود وألف موسى زاحف=سفن يحرك شوقها الإبحار
تحت الضلوع تحركون رماحكم=ومشت لتخمش جلدنا الأظفار
وسيكتب التاريخ يوما أننا=تحت اللهيب تصدع ودمار
أسفي أمن أرض الكنانة يشتكى؟=ما ذاك في دنيا العقول فخار
هذي هدايا العام منك لطفلنا=ومن الفلاذ يروعني التذكار
هل هكذا أرض الكنانة أمنا؟=وبأي مصر تقتدي الأمصار ؟
هي مصر من ضمت جراح شهيدنا=هي مصر ضد بني العدا إعصار
هي ضربة في الجو تحصد جيشهم=ما زال حيا ذاكم الطيار
هل هكذا ابن العاص يسكن قبره=كم مات فوق ترابك الثوار؟
لا تجرحي قلبي فإن به اللظى=وبه من الحزن القديم سعار
كيف السبيل إلى اتخاذك موطنا=لي ياكنانة يرتجى فيزار
عذرا فشعبك ياكنانة طيب =شلال حبك في دمي هدار
كم في ثراك غدا ينام مجاهد=ومرابط وصحابة أخيار
تبنون تحت عظامنا مشواتكم=ليقد نبض عروقنا الجزار
فولاذكم يامصر يغرز في دمي =وبكت لفرط عتوه الأطيار
وهو المشانق تبتنى لمروع=هذا لمجدك لطخة وصغار
سيموت أطفال وتزهق أنفس=وعى الجدار ستذبل الأزهار
وعيون غزة لا يكفكف دمعها=واضرعت ببكائها الأوكار
سيجوع آلاف ويقتل مثلهم=شعب يباد ولن تصان ديار
قطع الحليب عن الرضيع بلية=وخسارة بصفوفنا وبوار
إني إذا ذكروا الكنانة محرج= خطأ يقوي جرمه التكرار
أنفاقنا هدمت وأغلق معبر=ومن اللظى قد تستجير النار؟
الخائفون إليك أسمع زحفهم= سيصيدهم فولاذك الجبار
بالكهرباء نشم رائحة الشوى=وبشحمهم سيبرّد التيار
الموت قدامي وخلفي ماثل=قل للقتيل تراه ما يختار؟
يا مصر عودي للرشاد أبية= صدر العروبة واسع والدار
عودي كأمس حين أشرقت الدنا= كانت إليك تكرر الأسفار
ما راقني غرس الحديد بلحمنا=والشوك لم يحفل به النُّوار
هل في ضحى التاريخ مثلك غزة=لا تعبئي سيجيؤك الإعمار
قالت: أنا جهزت نفسي للردى=وإلى الشهادة يعذب المشوار
بالبندقية صغت لحن وصيتي=ويخط نجوانا الدم الهدار
قلت اصبري ولسوف يشرق صبحنا=إن الكبار من الهموم كبار
المفضلات