في سابقة لا نظير لها في تاريخ الكيان الصهيوني تقدمت باعتذار علني وصريح إلى الحكومة التركية عن إساءتها التعامل مع السفير التركي في الكيان الصهيوني.
حسب ما تعودناه وعرفناه من السياسة الدولية عبر التاريخ فإن اعتذار دولة من دولة بحد ذاته أمر يدل على الانكسار والضعف أما الدولة التي يتم الاعتذار منها ونعرف اليوم كم من المشكلات العالقة على اعتذار بين دول كبرى وعادية وصغرى من الولايات المتحدة إلى روسيا فالصين فكوريا فاليابان فألمانيا فسلسلة لا تنتهي... لأن الدولة لا تريد أن تقدم اعتذارا بغض النظر عما إذا كانت الدولة قد أخطأت أم لم تخطئ، ترى نفسها خطئة أم لا... لأن الاعتذار بحد ذاته انكسار وهوان
ربما كان هذا ما آمن به الكيان الصهيوني حتى لم يقدم اعتذاراً أبداً لأحد على ما اقترفه من مجازر أو أخطاء أو إساءات وكل نوع من ذلك لا حصر له في جعبة الكيان الصهيوني تجاه العرب خاصَّة وتجاه مختلف دول العالم حتى الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها الحاضن والداعم والحامي للكياني الصهيوني فكم ارتكبت الكيان الصهيوني من أخطاء بحق الولايات المتحدة تستدعي الاعتذار وتقبيل الأرجل ومع ذلك كانت تمر الأزمات مرور سحابة صيف.
كان الكيان الصهيوني ولم يزل فوق الإدانة وفوق الشرعية لا تستطيع الأمم المتحدة مجتمعة ولا متفرقة أن توجه أي إدانة له، ولا أي شجب، ولا أي تنديد... حتى المشروع الذي يريد شيئاً من ذلك يحبط قبل أن يطرح للنقاش... ترتكتب المجازر التي يندى لها تاريخ البشرية وتكون الأدلة واضحة دامغة وتخرج من المحاكمة منتصرة وهي البرئ فيما الضحايا هم المدانون فكيف يمكن أن يعتذر الكيان الصهيوني من أحد
لم يعتذر الكيان الصهيوني من أحد أبداً حتى جاء رجب طيب أردغان رئيس الحكومة التركية وألزم الكيان الصهيوني بأن يقدم اعتذارا خطياً علنيا واضحاً أمام العالم عن خطأ ارتكبه أحد المسؤولين الصهانية بحق السفير التركي، وهذا الخطأ أقل بمليار مرة من أي خطأ ارتكبه الصهاينة بحق أي مسؤول عربي أو بحث أي مواطن فلسطيني أو مسؤول فلسطيني ومع ذلك فرض رجب طيب أردوغان على الكيان الصهيوني أن يفرض الانصياع على الكيان الصهويني ويحشره في زاوية الضعف والهوان ويقدم الاعتذار.
كيف استطاع أردوغان ذلك ولماذا؟
لقد انطلق أردوغان من إيمانه بكرامة الأمة التركية وعدم السماح لأحد بالمساس بها ولذلك أنذر الكيان الصهيوني إنذاراً شديد اللهجة وطالبها بالاعتذار خلال ساعات ولم يترك الأمر معلقاً، لقد قال بوضوح عن العصر: إذا لم تعتذر إسرائيل قبل فياب الشمس فإنها ستدفع الثمن وسيغادر السفير التركي الكيان الصهيوني في أول طائرة صباح اليوم التالي
هذا هو العامل الأول والأساس والحاسم، ولكن ثمة عامل ثاني لا يقل أهمية وهو أنه في حين يبدو الكيان الصهيوني في ذروة جبروته وتمرده فإنه في حقيقة الأمر على عتبة الانهيار وفقدان الثقة في النفس وعلى درجة كبيرة من الإيمان بأنه كيان على طريق الزوال، وأنه باب كيانا عاديا غير خارق، كيان مصطنع نهايته الزوال وهي قريبة فيما يبدو.
قبل اليوم كان الكيان الصهيوني يؤمن أنه كيان فوق التاريخ وفوق المنطق وفوق كل قوة أما اليوم فإن الصهاينة، على الرغم من الافتراضاتت التي تذهب إلى أن الأجيال الجدية منهم التيولدت في فلسطين تنتمي إلى إسرائيل التي ولت فيها، وأنها ليست مهاجرة، وأن هذا وطنها... على الرغم من ذلك فإن حقيقة زوال إسرائيل بدأت تتصاعد في العقلية اليهودية في فلسطين
لقد سقطت قداسة الصهيونية منذ سنوات وهي في طريقها إلى الهلاك، والاعتذار الذي قدمه الكيان الصهيوني اليوم واحد من أوائل مؤشرات نهايته وزواله، فهل من يستفيد ويفهم ويتعظ
المفضلات