صحيفة الشرق القطريه الاثنين 3 صفر 1431 – 18 يناير 2010
أسئلة مصر «الجديدة» - فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/201...g-post_18.html

س: هل تم تهريب سلاح ومفرقعات ومواد متفجرة إلى مصر عبر الأنفاق أم لا؟

ج: هذا ادعاء أمني لم يثبت،
ولم يثر في أي وقت خلال اللقاءات التي تمت في القاهرة بين ممثلي حماس وبين مسؤولي المخابرات العامة المصرية التي تدير الملف.
الشيء الوحيد الذي ثبت أن الأنفاق استخدمت فيه هو تلبية احتياجات قطاع غزة المعيشية، وقوات الأمن المصرية التي تلاحق المهربين عبر الأنفاق لم تضبط سلاحا في أي مرة.
وأحدث خبر في هذا السياق نشرته صحيفة «الشروق» على صفحتها الأولى يوم 13/1، وتحدث عن ضبط مواد غذائية وأقمشة في مدينة «الشيخ زويد» كانت معدة للتهريب عبر رفح،
كما تحدث عن ضبط مائة طن من الأسمنت بإحدى المزارع في رفح قبل تهريبها عبر الأنفاق للاستعانة بها في ترميم البنايات المدمرة.

س: هل تم بناء شبكات من المتعاونين المصريين الذين لا يحترمون القوانين المصرية للتعامل مع هذه الأنفاق أم لا؟
ج: هذا أيضا ادعاء أمني لم يثبت. لكن الثابت أن هناك فئات استفادت من عمليات تهريب البضائع، التي قدرت قيمتها بمليار دولار سنويا.
وفي الخبر الذي نشرته «الشروق»، وسبقت الإشارة إليه أن عشرات من الأهالي في الشيخ زويد ثاروا وأحرقوا إطارات السيارات، حين صادرت الشرطة المواد الغذائية والأقمشة التي كان مزمعا تهريبها.

س: هل تم عبور مصريين عبر هذه الأنفاق وجرى تدريبهم من خلال منظمات إسلامية فلسطينية داخل قطاع غزة وهؤلاء قاموا بهجمات إرهابية في سيناء أم لا؟
ج: صحيح أن مصريين استخدموا الأنفاق للدخول إلى غزة لكن ما لهذا حفرت الأنفاق، لأن الوصول إلى القطاع وإلى إسرائيل ذاتها كان ولا يزال ممكنا عبر الصحراء فوق الأرض وليس بالضرورة عبر الأنفاق. بدليل أن إسرائيل تبني الآن سورا مكهربا لوقف تدفق المهاجرين عبر سيناء.
أما حكاية تدريبهم في غزة للقيام بهجمات إرهابية في سيناء، فهو ادعاء أمني لم يثبت بدوره، لكنه يساق الآن لتسويغ إغلاق الأنفاق،
ورغم أن ذلك لم يثر في اجتماعات ممثلي حماس مع ممثلي المخابرات العامة، إلا أنه يظل تبريرا ساذجا للإغلاق، لا يختلف كثيرا عن وقف حركة الطيران وإغلاق المطارات لأن بعض الإرهابيين دخلوا إلى البلاد عبر الجو!

س: هل اعترف (السيد) حسن نصر الله «رئيس» حزب الله اللبناني بأنه بنى شبكة عسكرية في مصر تقوم بتهريب السلاح عبر مصر والأنفاق أم لا؟
ج: أرجو أن تصحح معلومات التقرير الأمني. لأن حكاية الشبكة العسكرية أو الخلية من تأليف الأجهزة الأمنية المصرية، التي استند إليها الادعاء في القضية المنظورة الآن أمام القضاء، التي لم يقل كلمته فيها بعد.
والشيء الوحيد الثابت في القضية أن أحد أعضاء حزب الله جاء إلى مصر لدراسة كيفية تقديم العون للمقاومة في غزة.
و«الاعتراف» المنسوب إلى السيد نصر الله لا يتجاوز إقراره بأن هذا الشخص من أعضاء حزب الله. وليس هناك شك في أن التصرف كان خطأ من الناحية القانونية وقد انتقدناه في حينه. لكن ربما كانت له مسوغاته السياسية،
ولمصر التي يذكرها العرب سجل حافل بالممارسات المماثلة في دعم حركات التحرير. لكن المشكلة أن بعض العرب لم ينتبهوا إلى أن السياسة في مصر «الجديدة» تغيرت، وأصبحت تلاحق المقاومين وتحاكمهم ولا تساعدهم.

س: هل تم اجتياح الأراضي المصرية من قبل المواطنين في غزة وهدم السور الموجود على الحدود بين مصر والقطاع أم لا؟
ج: لم يكن اجتياحا لكنه كان انفجارا موجها ضد الحصار الظالم وليس ضد مصر. والجماعة الوطنية المصرية لم تؤيده، لكنها تفهمت أسبابه، خصوصا أن الذين دخلوا في أول النهار عادوا أدراجهم في نهايته. ثم ما دخل ذلك بموضوع الأنفاق؟

هذه الأسئلة لم تكن موجهة من أحد ضباط أمن الدولة، لكن ألقاها عليَّ أحد القيادات الصحفية الجديدة يوم السبت الماضي، لا لكي أجيب عنها- لأنه انطلق من الرد الإيجابي عليها جميعا- وإنما لكي يعتبرها حيثيات تؤيد «ضرورة» إقامة الجدار الفولاذي، الذي يتكفل بسد الأنفاق جميعا وإحكام الحصار حول القطاع، بدعوى التصدي لخطر تهديد الأمن القومي المصري.

لا مفاجأة في الأسئلة التي رددت معانيها الأبواق الإعلامية المصرية طوال الأسابيع الأخيرة.
لكن المفاجأة الحقيقية بالنسبة لي تمثلت في ثلاثة أمور،
أولها أن يتقمص الأكاديمي في نهاية المطاف شخصية رجل الأمن فينشغل بالمحاكمة وليس بالفهم أو البحث، حتى إنه لم يخطر على باله أن يسأل مرة واحدة لماذا حفر أهل غزة الأنفاق؟ أو ما الذي تمثله بالنسبة للمحاصرين في القطاع؟
الأمر الثاني أن صاحبنا قدم مرافعته، التي ابتذل فيها عنوان الأمن القومي المصري لكي يدافع عن قرار أمريكي- إسرائيلي بإقامة الجدار، كانت مصر قد احتجت عليه في بداية العام الماضي.
أما الأمر الثالث فإن هذه العنترية والغيرة على السيادة المصرية التزمت الصمت تماما إزاء الاعتداءات، التي تمارسها إسرائيل على تلك السيادة أسبوعيا على الحدود مع غزة بدعوى تدمير الأنفاق.

أيها الأمن القومي كم من الجرائم ترتكب باسمك!
............................