الحركة الشعوبية في ايران اتخذت من الآداب وسيلة لزرع بذور العنصرية والكراهية في نفوس أبناء أمتها تجاه العرب والإسلام خاصة. وكان الشعر احد أهم أفروع الآداب المستخدمة في هذا الإطار لكونه الأكثر التصاقا في عقول القراء والمستمعين والأسهل حفظا في الذاكرة ومن هنا نرى أن السلطان محمود الغزنوي احد أمراء الحركة الشعوبية عندما حاول إن يؤجج مشاعر العداء الفارسي ضد الإسلام والعرب كلف الشاعر الشعوبي أبو القاسم الفردوسي(411-329هـ) بكتابة قصائد شعرية يمجد فيها تاريخ فارس وحضارتها ويشتم فيها العرب وحضارتهم الإسلامية ويحط من شأنهم وقد تعهد له بأن يعطيه وزن ما يكتبه ذهبا انه هو فعل ذلك.
وعلى هذا الأساس وضع الفردوسي ملحمته التي تخلوا من أي شاعرية واسماها الشاهنامه( ملك الكتب) واضعا جلها في شتم العرب وتحقيرهم وتمجيد الفرس وملوكهم وراح العنصريون الفرس يحفظّون أبنائهم و يغذونهم بهذه القصائد وغيرها من الأشعار العدائية إلى يومنا هذا.
ومن نماذج الأشعار العدائية ضد العرب التي دونها الفردوسي في ملحمته الأبيات التالية.
من شرب لبن الإبل وأكل الضب بلغ الأمر بالعرب مبلغا
أن يطمحــــوا فـي تــاج الملك فتبا لك أيها الزمان وسحقا
وليعقوب ليث الصفارين وهو احد أمراء الشعوبية ومن المتمردين على الدولة العباسية أبياتا مشابهة أرسلها للخليفة المعتمد العباسي يقول فيها.
أنا ابنُ الاكارمِ من نَسلِ جَم‘ وحائزٌ اِرثِ مُلوكِ العَجمِ
َومُحي الَـذي باد من عِزَهَـم وكَفى عَليَه طُوالُ القِدَم
فَقل لِـبنَي هـاشِم أجمعين هَلُموا إلى الخَلع قبل الندَمِ
فَعُودوا إلى أرضِكُم بالحِجاِز لأكلِ الضٌبِ ورعي الغِنَمِ
بعدد من الكتب ومنها: كتاب مثالب العرب لهشام بن الكلبي، كما ألف أبو عبيدة معمر بن المثنى وهو من يهود فارس كتبا كثيرة تعرض فيها للعرب منها كتاب( لصوص العرب) وكتاب (أدعياء العرب ). وألف عيلان الشعوبي كتاب الميدان في مثالب العرب. وتماشيا مع هذا التوجه فقد ظهر شعراء وكتـّاب آخرون في عصور متتالية مواصلين النهج الشعوبي الذي اختطه أسلافهم.
لقد استمرت المدرسة الشعوبية التي كان من أعمدتها، الفردوسي والخيام وأبو مسلم الخراساني و بابك ألخرمي و الرودكي ومحمود الغزنوي ويعقوب ليث الصفارين، تتناقل أفكارها بين أحفادهم جيل بعد جيل حتى وصلت إلى الصفو يين الذين ألبسوها ثوبا جديدا وهو الطائفية.
قد لبس الصفويون ثوب التشيع وادعوا النسب العلوي رغم أن المؤرخون الفرس أنفسهم يؤكدون أن إسماعيل ألصفوي، مؤسس الدولة وعميد الأسرة الصفوية، ولد من أم ارمنية وأب أذري وكان جده صفي الدين الاردبيلي شيخ طريقة صوفية سني إلا أن المصلحة القومية والروح العنصرية دفعتهم إلى التلبس بلباس التشيع وذلك لكي يضمنوا بقاء مدرستهم وانتشار أفكارها العنصرية. وقد دأب الصفويون على شتم العرب بحجة الثأر لأهل البيت وقد أمروا كتابهم ووعاضهم بوضع الروايات و الكتب التي ملؤها الشتم واللعن للصحابة والخلفاء والقادة العرب الذين كانت لهم القيادة في فتح بلاد فارس ونشر الإسلام في ربوعها.
ومن جملة ما وضعته المدرسة الصفوية، كتاب ” بحار الأنوار” لمؤلفه محمد باقر المجلسي الذي جاء بمائة وعشرون مجلد دون فيه ألمجلسي ما طلبه الصفويون من الروايات والقصص التي تساعد على نشر فكر الشعوبية المرتكز على الفتن والتفرقة العنصرية والطائفية. وقد جاء هذا الكتاب وهو يحمل بين دفتيه أفحش الجمل و أغلضها ضد الرموز العربية الإسلامية.
ومن الكتب الأخرى التي وضعت في هذا الشأن كتاب "مفاتيح الجنان" لصاحبه عباس ألقمي وهو أيضا الكتب ذات التوجه الشعوبي المحُمل بالسباب والطعن بصحابة النبي (صلعم ) والعرب عامة وذلك كله بحجة الدفاع عن أهل البيت. إلا أن هؤلاء الشعوبيون عادوا الإمام علي وتجنوا عليه بزعمهم الانتساب إلى مدرسته، وخير من كشف ضغينتهم وأوضح حقيقتهم هو شاعرهم جعفر بن محمد الرودكي السمرقندي (329 هـ) الذي قالها بصراحة
أن هذا الصراع والعداوة ليس دفاعا عن حق علي في الخلافة، لكنها البغضاء والعداوة لعمر الذي كسر ظهر العجم وهد حضارتهم.
وهكذا بقيت المدرسة الصفوية الشعوبية على ديدنها فكلما أرادت إن تكيل الشتم والسب للعرب لجأت إلى اتخاذ الدين والمذهب غطاءا لنفث سمومها وهاهو شيخ السبابين واحد كبار دهاقنة الحوزة الشعوبية صاحب كتاب " سيد المرسلين" يفرد أكثر من مئة صفحة في كتابه المذكور لسب العرب ويدعي إن ما حمله القرآن من تحذير ونذير إنما هو موجه للعرب على وجه الخصوص، وأن الأقوام التي انزل الله عليها الغضب وأبادها كانت أقوام عربية وقد سميت بالعرب البائدة، والمعنيون بالجاهلية هم العرب تحديدا
المفضلات