زاوية
http://www.nowlebanon.com/Arabic/New...aspx?ID=149430
لبنان لم يعد ذاك الطفل الداشر
غادا فؤاد السمّان، الجمعة 26 شباط 2010
بوضوح كبير يرتسم المشهد الحالي جليّا، وما على إسرائيل إلا أن تسمع وترى وتفكّر بإمعانٍ شديد، وبات عليها أن تعيد حساباتها وفق إحداثيات ومعطيات جديدة، فلبنان الآن قد تماثل أخيراً إلى الوفاق الوطني، إلى الانسجام في الأدوار، إلى التناغم في الأداء، إلى التكامل في الخطوات، إلى التصالح في القناعات، إلى التفاضل في الأوليات.
لا يمكن للمتابع إلا وأن يدرك أنّ زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى روسيا لم تأتِ من فراغ ولن تسفر عن عبث، فهي بالتأكيد رسالة مبيّتة بشكل أو بآخر للتهديدات الإسرائيلية، كما أن تصريح الرئيس سعد الحريري عن إخلاصه لتوثيق وتوطيد العلاقة مع سوريا لم ينبثق من عدم، وإنما جاء تصريحاً واعيا ومدركا كل الوعي وكل الإدراك لخطورة المرحلة وحساسية المتوقّع، في الوقت الذي يستقبل الرئيس السوري بشار الأسد نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي لم يغفل الإعلام اللبناني تفاصيل زيارته دمشق بكافة مراسمها وتصريحاتها.
كأنّ الجميع يتهيّب أي مفاجأة صاعقة قيد التحضير، حتى أنّ "حزب الله" ترجّل عن صهوة الاستفزاز الجامح، في غمرة ما يدور سواء في الكواليس أو على متن المنصّة السياسية محط أنظار العالم من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، ولا شكّ أنّ الإمساك الحالي المتين للخيوط السياسية التي تتقاطع ولا تتعارض بين سوريا ولبنان، يشكّل مصيدة حقيقية لإسرائيل، وخاصّة أنها معرّضة لفوضى داخلية تتمثّل في انتفاضة شعبية داخل الضفة الغربية بدأ فتيلها بالاشتعال حديثاً والغضب بالتطاير ولا أحد يعرف أنّ الشرر إلى أين قد يصل به الحال!
عموماً لا شكّ أنّ الظاهر الحالي للعيان مدعاة للتفاؤل رغم أنف إسرائيل وأنف كل صاحب مصلحة في إخلال الأمن والاستقرار فيه، طالما هو مبني على الاحترام والسيادة، حيث تتجلّى الصورة بنضج لم يسبق له مثيل، لكنّ الخوف كل الخوف من موقف شاذ يرتكبه متطفّل من هنا أو دخيل من هناك، فيحرق نيكاتيف الصورة الواعدة بالكثير، وبخاصة أنّ مصلحة الوطن صارت أكبر من جميع المصالح الشخصية التي لا تخفى سلوكياتها المشينة فيما مضى على أحد، وما علينا إلا أن نراقب بإسهاب كبير، ونقتّر بالتفاؤل تفاديا لكل أنواع الخيبة التي اعتاد الحكام تقديمها للمواطن العربي.
وطالما أن خطاب حُسْن النية من الرئيس الحريري تجاه سوريا يعلو يوما بعد يوم، فما على سوريا إلا أن تتماثل باللهفة وتتطابق في التفكير، تطابقاً نحفظ له ونراعي فيه حصّتها الأكبر في الذكاء والدهاء والخبرة الإستراتيجية في تجميد الانفعالات العاطفيّة وما يترتّب عليها من الفعل وردّ الفعل على المدى الطويل.
التالي السابق
المفضلات