بسم الله الرحمن الرحيم
يكفينا بؤسا وخزيا ان نستعمل كلمة لاجئ,فالفلسطيني ليس لاجئا في ارضه,بل طرد قسرا من مسقط رأسه الى جزء من ثراه وتاريخه.
الشعب اللبناني بشقه الملتزم بالعروبة والوفاء لهذه الامة وقضاياها لم يتخل يوما عن الفلسطيني ولم يخذله,والفضل بينهما متبادل ولا منة لأحد على الآخر,وهل في صلة الرحم منة او تعال او غرور؟.
تقاسم اللبناني الشريف المأكل والمشرب والدموع والدماء مع الفلسطيني,وليس من باب المبالغة اذا قلت ان الفلسطيني لم يندمج في دولة عربية اخرى كما اندمج وتفاعل وتداخل في لبنان,حيث كانت له حرية الحركة الثورية والثقافية تحت غطاء السواد الاعظم من اللبنانيين,ومن ارض لبنان كان الفلسطيني يبعث برسائله الى العالم,يطلق رصاصه على الكيان الغاصب,يطرح همومه وشجونه على صفحات الاعلام,يكتب قصائده,يرسم احلامه,ينثر بنود قضيته...في لبنان كان الثائر الفلسطيني يمثل اسطورة العربي الذي لا يقبل الضيم ولا يخنع للباطل,كان السلاح الفلسطيني ايقونة مقدسة لا تقبل النقد او المساس...في لبنان كان الشرفاء وهم كثرة يعتبرون ان الثورة الفلسطينية امانة في اعناقهم,وزادوا تعلقا بها بعد مجازر ايلول الاسود ورحيل عبد الناصر,فكان الحفاظ عليها وفاءا منهم لعظيمين,فلسطين الغالية وجمال عبد الناصر الذي قضى نحبه وهو يدافع عن وجودها.
قضية الفلسطيني في لبنان اكبر واعمق واخطر من المخيمات,والساحة اللبنانية للفلسطيني هي ادق وأهم من الوظائف والحقوق والبنى التحتية,لذلك,توالت الاحداث في لبنان امعانا في دق اسفين يفرق بين الاخوة ويزرع الضغائن والشعور بالغبن وانعدام الثقة المزيفة,وعملت الخطوب الجسام على اقصاء قوة ورموز التيار اللبناني المنصهر مع الفلسطيني في خندق واحد للدفاع عن هوية وتاريخ الامة العربية ووجودها,وجاء الاجتياح الصهيوني سنة 1982 ليقضي على هذه الروح النقية بابعاده للمقاومة الفلسطينية الى اقضى المغرب والاجهاز على اللبناني منها,اما بالاغتيالات او بالتصفية الفكرية والاجهاد الاقتصادي,وتباعدت,بل افترقت الآمال والاهداف بين الجماهير ومن يقودهم,في صورة مؤلمة خذلت الناس وهي ترى الساسة ينقادون للتيار العالمي الجارف بتخاذل رسمي عربي اتضحت خطوطه الرقطاء مع اولى ايام الانقلاب الساداتي في 15/05/1971,وظهرت جليا في معاهدة كامب ديفيد المشؤومة,حيث قرروا التخلص من القضية الفلسطينية للابد,وضرب آخر ساحات صمودها وقوتها في لبنان, ثم اغتيال بقية من امل في الصدور عبر المفاوضات العبثية والتخلي عن الكفاح المسلح وصولا الى تدمير العراق وليس انتهاءا به.
وضع الفلسطيني في لبنان يندى له الجبين,وليس مختلفا عن وضعه في بقية الدول العربية الا- من رحم ربي-,والحقيقة يجب ان تقال بأن الشعب اللبناني بغالبيته العظمى لا يقبل بهذا الواقع المفروض,لكن للامانة نقول ان قوته خارت ووهنت,واضرموا فيها نيران الفقر والبطالة والفاقة والصراعات الطائفية والمذهبية المقيتة والمدمرة,مما ادى الى تلاشي الروح الثورية التي كانت سائدة ايام المد القومي في الخمسينات والستينات,تلك الروح ذاتها التي انتفضت بكل قواها في السبعينات رافضة الهزيمة والخيانة والتخاذل,فدفعت الغالي والنفيس ولم تبخل,غير ان قوى الامر الواقع للاسف الشديد كانت اقوى منها رغم ايماننا بان هذه القوى ليست سوى زبدا لن يدوم ولن يطول فالصبح آت باذن الله تعالى,...ألا إن الفجر لقريب.
ان قضية الفلسطيني في لبنان هي واجب اخلاقي والتزام قومي وفرض عين ديني,راجيا ان يتحرك الجميع انطلاقا من هذه القيم العظيمة لتخفيف هذه المعاناة ان لم يمكن اصلاحها كاملة,آملا ان تلقى اهتمام اهل النهي والأمر,ليشاركونا في نيل شرف انصاف شعب ما زال منذ ستين عاما يذود عن كرامة امة ومصيرها.
اذا كان الفلسطيني ضيفا فأكرموه,إننا امة إكرام الضيف,وإذا كان لاجئا فآووه,إننا امة اغاثة الملهوف,وان كان اخا فانصروه,إننا امة (انصر اخاك ظالما ام مظلوما)...أيا كانت الاعتبارات للفلسطيني فليس ما نفعله بحقه يتناسب مع اخلاقنا وعاداتنا وتراثنا وسيرة الاجداد الشريفة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المفضلات