أعرف عدوك :مراكز الدراسات ودورها في صناعة القرار الأمريكي
السبت, 15 يناير 2011 20:37

د. خالد المعيني .باحث في مركز دراسات الاستقلال



تحظى مراكز الدراسات في العصر الحديث كمجسات للاستشعار المبكر واستقراء المستقبل بأهمية استثنائية عند صناع ومتخذي القرار لدى معظم الدول المتقدمة أو أية أطراف تخوض صراعات وفي مقدمتها دولة الاحتلال الأمريكي في العراق الولايات المتحدة الأمريكية فعبر مراكز الدراسات تتحدد الرؤية السياسية لدور الولايات المتحدة في العالم, وبعد ان تعمد الإدارة الأمريكية إلى صنع وتسخين الرأي العام لمساندة احد الخيارات التي تم تبنيها تنتقل العملية إلى حيز التنفيذ على أيدي المسئولين الذين كانوا يعملون في هذه المراكز وما زالوا يتعاونون معها .

فمراكز الدراسات التي تدعى أيضا ( ( think - tanks أو مراكز التفكير وبيوت الخبرة تعد أحد أهم المرتكزات والمصادر والمنابع لإنتاج المعرفة والثقافة والفكر بل ان هذه المراكز تتجاوز ذلك إلى الحد الذي يصبح فيه اختصاصها لا ينحصر فقط في تقديم دراسات أكاديمية تحليلية وإنما التصدي لأية مشكلة بصورة مباشرة وتقديم المشورة والنصح والبدائل بشأنها لصانعي القرار ، كما تستطيع هذه المراكز من التأثير بالرأي العام وفي صناعة القرار السياسي من خلال عقد الندوات والمؤتمرات ونشر الكتب والدراسات ، وإصدار النشرات والمجلات ونشر التقارير وتقديم التحليلات لتبرير سياسات معينة أو نقدها أو لترويج أفكار جديدة وتعميمها .

ولإدراك خطورة الدور الذي تلعبه مراكز الدراسات في تحديد السياسات المستقبلية في الولايات المتحدة ومساهماتها في حل المعضلات التي تواجه السياسة الخارجية الأمريكية ، فقد تخصص أكثر من سبعة عشر مركز للدراسات العشرات بالشأن العراقي ابتداء من مؤسسة راند ومعهد بروكينز وصولا إلى معهد هيدسون ومعهد أبحاث السياسات الخارجية وتعاقدت مع البنتاغون مقابل ملايين الدولارات لتقديم المشورة والاستشارات في كافة الميادين لتسهيل وتذليل العقبات أمام قوات الاحتلال العسكرية , ويكفي هنا التذكير بظاهرة الصحوات في العراق التي كانت براءة اختراع لأحد هذه المراكز والتي ساهمت بفعالية في تقليص مساحة عمليات المقاومة العراقية, وكذلك تأثير نفوذ ( اللوبيات) المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية على صناعة القرار الأمريكي من خلال هذه المراكز .

وعلى سبيل المثال فإن تقاليد السياسة الأمريكية تحتم قيام كل رئيس أمريكي جديد بتعيين حوالي 4000 شخص في مناصب سياسية وإدارية وقضائية هامة ، منهم 2200 شخص كمستشارين وأعضاء في اللجان المختلفة التي يتم تشكيلها لمتابعة القضايا المختلفة التي يتم تشكيلها لمتابعة القضايا المهمة . وفي العادة يتم اختيار هؤلاء حصرا من مراكز الدراسات وبيوت الخبرة والشخصيات التالية إما باحثين أو استشاريين أو مؤسسين في هذه المراكز : هنري كيسنجر ، زبيغينو بريجينسكي ،بول بريمر, مارتن إندك ، وارن كريستوفر ، الكسندر هيغ ، ريتشارد بيرل ، بول وولفيتز ، مادلين أولبرايت ، كولن باول ، صاموئيل هانتغتون ، دونالد رامسفيلد ، ديك تشيني ، ريتشارد أرميتاج ، زلماي خليل زاد ، جون بولتون ، فرانسيس فوكوياما .