الشرطة البحرينية والاعتداءات الارهابية
ظهرت الشرطة البحرينية بشكل عام والشرطة النسائية بشكل خاص بوزارة الداخلية فى جميع الفعاليات التى شهدتها المملكة، بابتسامة لا تفارق الوجوه وعمل جبار من أجل التنظيم وحفظ النظام، ليدل ذلك على المستوى المتطور والمتقدم من التدريب التي توليه وزارة الداخلية للقطاع الشرطى، مما وضعه في المقدمة بالنسبة لدول الجوار الخليجي والدول العربية، وهو ما يتأكد بصورة أخرى فيما تحتله الشرطة البحرينية من مكانة متميزة تكاد تتقارب مع الدول المتقدمة في الامكانيات وأسلوب التعامل مع المواطن، هذا بالإضافة إشراك عنصر الشرطة النسائية في البحرين جعل الشرطة هناك تمتاز بتجارب غنية وتدريب حديث وضبط تام وتنظيم متطور، واندماج كبير مع المواطنين. فجهاز الشرطة في مملكة البحرين ليس وليد اليوم، بل هو مرتبط منذ سنوات بالعمل المتواصل والدؤوب منذ إنشائه عام 1869 حتى اليوم وإن شهد مرحلة تحول مهمة منذ عام 2004 عندما أستلم الفريق راشد بن عبد الله آل خليفة قيادة وزارة الداخلية لتتحقق على يده طفرة هائلة ونقلة نوعية في مسيرة الأمن العام من خلال تطوير وتنمية الموارد البشرية بتكثيف الدورات التخصصية في كافه المجالات وإدخال أحدث التقنيات تنفيذًا للإستراتيجية التي رسمها لتطوير أجهزة الأمن العام وهو ما بدأ يأخذ طريقة العملي تدريجيًا ومرحلة إثر مرحلة نحو التميز والاحترافية.
والحقيقة الجلية التى لا تخطئها عين ما عاشته الشرطة البحرينية من ظروف مأسوية ومؤلمة بسبب الاحداث المؤسفة التى عاشتها البحرين خلال شهرى فبراير ومارس من العام الماضى، حيث تميز الاداء الشرطى بالرقى وظل محترما للقيم الانسانية والمهنية وإن لم يمنع ذلك من وقوع بعض التجاوزات الفردية، ولكن ظل الانطباع العام للاداء الشرطى متميزا رغم صعوبة المهمة وجسامة المسئولية، حيث كانت الشرطة مكلفة بحماية المتظاهرين تارة ومواجهة الجماعات التخربية التي تندس بينهم تارة أخرى مما تسبب في سقوط عدد عشرات القتلي ومئات الجرحي من رجال الأمن لم ترغب الحكومة البحرينية في ذكر الأعداد بشكل تفصيلي تجنباً للتصعيد الموقف ومن أجل المحافظة على الهدوء والاستقرار معتبرة ذلك من صميم واجب رجال الشرطة، فلعل الجميع يتذكر مشاهد الاعتداء على رجال الشرطة ودهسهم بالسيارات وما يمثله ذلك من خروج على كل القيم والأعراف الدينية والإنسانية، ولم يكن هذا المنظر الأول أو الأخير من نوعه بل تكرر مرات ومرات وكل مرة يسقط خلالها رجال الأمن ليتم التمثيل بجثثهم بشكل ينفي سلمية تلك الاحتجاجات، وكذلك تعرض سيارات الشرطة لعمليات حرق همجية دون مراعاة أن تلك ليست ممتلكات الشرطة بل هي ممتلكات الوطن.
ولعل حديث الماضى الاليم والذكريات المؤلمة ينشط فى الذاكرة اليوم مع بدء مسلسل الاعتداءات الارهابية ضد الشرطة البحرينية من خلال تعرض دوية من قوات الأمن لهجوم أدي لسقوط سبعة جرحى وهذه ليست المرة الأولى التي يتساقط فيها الضحايا من رجال الأمن حيث خلفت سلسلة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد أكثر من ألف جريح بعضهم إصابته بليغة ومنهم من أصيب بعاهات دائمة غير الأضرار الاقتصادية التي تقدر بالملايين، فيما لايزال تصعيد المنابر مستمر والأعمال الإرهابية تتجه نحو مزيد من التصعيد، وعمل المحرضين ومعتدي حقوق الإنسان على العنف والفوضى مثل دعوة رجل الدين عيسى قاسم المحسوب على جماعة الوفاق المعارضة بسحق رجال الأمن وكأنهم قوات احتلال وليسوا أخوان الوطن وحاملى لواء امنه واستقراره والمدافعين عن حقوق ابناءه وحرياتهم ضد الجماعات الارهابية والانتهاكات الفردية التى يمارسها البعض ضد الارواح والممتلكات الخاصة والعامة.
وفى هذا الصدد، تتضح حقائق الامور وتتجلى تفاصيلها وتستبين معالمها، حيث يتم الفرز بين الولاء للوطن والانتماء للمذهب والطائفة. فليس ثمة شك ان ارتكاب مثل هذه الاعمال الاجرامية ضد قوات الشرطة تستوجب الادانة والشجب والرفض، وهو ما لم تعلنه جمعية الوفاق البحرينية التى ملأت السموات والارض بحقوق المواطنة والشراكة فى بناء الوطن، فهل من المعقول ان نبنى الاوطان ونهدم الامن والامان؟ ألم يجعل رب العالمين نعمة الامن من النعم المكفولة للمؤمنين دون غيرهم؟ فالتناقض الواضح فى المواقف والتناقض الواضح فى السياسات والتناقض الواضح فى الانتماءات والولاءات لم يعد من الممكن اخفاؤه، ألم يكن من الاجدر لرجال الدين الشيعة ان يصدروا فتاوى تجرم قتل الشرطة البحرينية كما اصدرت المراجع الفقهية الشيعية في العراق فتوى تجرم قتل القوات الأمريكية رغم أنها تعد قوات احتلال؟
وعلى العكس من ذلك يأتى موقف رئيس الوزراء البحرينى الذى يحرص دائما على حماية ابناء وطنه وصون حرياتهم والذود عن حقوقهم فى الاسراع بالموافقة على تشريع جديد يُشدِّد من عقوبة جريمة الاعتداء على رجال الأمن بحيث تصل العقوبة إلى السجن 15 عاما، لتوفير الحماية القانونية لرجال الامن الوطنيين الذين يقدموا ارواحهم فداء اوطانهم. ولكن تظل مواجهة هذه العمليات الارهابية ضد رجال الشرطة تتطلب الى جانب تكاتف الحكومة بمختلف اجهزتها، مساندة واضحة وجلية من جانب مختلف مؤسسات المجتمع المدنى التى تدرك خطورة الازمة وجسامة الخطر وفداحة الخطيئة التى ترتكب فى حق رجال الشرطة، فضلا عن الدور المهم والحيوى الذى يجب ان يلعبه المواطن البحرينى فى مساندة رجال الشرطة فى اداء دورهم وفى تمكينهم من القيام بواجبهم بكل كفاءة واقتدار، محاربة فى الارهاب، وحماية للاوطان، وصونا للحقوق والحريات، وسعيا الى بناء دولة عصرية ترتكز على اسس الامن والامان للجميع.