أضاعوني
أضاعوني فـتـىً يصطاد ُ صبوته ُ
على شريان ِ باسقة ٍ
ويلثم ُ طلعَها قلبـاً
فما أنقى وما أطيبْ
يعلُّ الصبحَ ضِحْكات ٍ
وكركرة ً تَـمد ُّ جناحها
للعصرِ والمغربْ
يشيل ُ من اللمى توتاً
وفي العينين ِ يرسُم ُ لونَ مَوسـمـِه ِ
ويدخلُ جنة ً في ظلِّ أعناب ٍ
وأعذاق ٍ
ومن رُطَبٍ شهيٍّ كانَ يـملأ جيـبَهُ
نـَهَماً
يهز ُّ الجذعَ تسقط ُ تـمرة ٌ
ويهز ُّ..تسقط ُ تمرة ٌ أخرى
غني ٌّ بالذي يجني..
ويصنع ُ مركَباً ألواحُه ُ سَعَف ٌ
ويفرح ُ إذْ يسير ُ النهر ُ بالمركَبْ
أضاعوني فتى الأحلام ِ
والآمال ِ
والأصحاب ِ
والـملعبْ
فتىً لا يرتوي عشقاً
ولا الأيام ُ من أحلامِه ِ تـتعبْ
فتىً يشتاق ُ للأنهارِ دانـيةً
تلوِّنُ يومَهُ بالأخضر ِ الهادي
صفاء ً
أو بهاء ً
كلما ألفَى خريرَ الـماء ِ
غابَ عن الورى
ورأى لـه ُ وجهين ِ
في موج الضحى الأشيبْ
وللأطيار ِ هَـزَّتْ من معاطفِه ِ
صفاءَ النفس ِ
حيثُ اللحن ُ مسحوراً
يدس ُّ جنونه ُ في كلِّ حانية ٍ
يضج ُّ بـه ِ الهوى الأرحبْ
أضاعونـي فتى الفتيان ِ
يحلمُ بالـمحبّة ِ والهوى وطـناً
على أنخابِه ِ يشربْ
فتىً يـَمشي على أطراف ِ أنـملة ٍ
ويخفض ُ صوتَـه ُ
ويعانق ُ الأفلاكَ في سمَر ٍ
وقد يغفو على كوكبْ
فتىً تحلو لـه ُ الدنيا
حديثَ الله ِ ترغيـباً
بِـخُلد ٍ شاف َ مطلعَها
على أطراف ِ بابل َ
ثُـم َّ لم يعجبْ
أضاعوني
فتىً كتب َ الهوى شِعراً
وغنَّـى راقص َ الخفقات ِ
للأعشاش ِ
والأعذاق ِ
والربوات ِ
والأطيار ِ
والأسحار ِ
حالمة ً
وغنَّى كل َّ ساقية ٍ
وقد أطربْ
أضاعوني
فتىً آمالُـه ُ أفـق ٌ
عريضُ الصبح ِ
منبلجاً
فغص َّ بـه ِ نهاراً كوكب ُ الشِّعْـرَى
وأعشتْ شمسَـه ُ النـزوات ُ
والغزوات ُ
والهفوات ُ
والسقطات ُ
يحمل ُ وزرَها
ولغيره ِ التدبـير ُ والمكسبْ
فتىً ما أجملَ الدنيا إذا ابتسمتْ
فتاة ُ الحي ِّ في دَعـةٍ
ونامَ العاشق ُ الولهان ُ
محمولاً على وعد ٍ
تَديف ُ سريرَه ُ الآمال ُ
كاذبة ً
يُصدِّقُها العواذل ُ
وهو يجني جور َ مَن يعتبْ
فتىً ما سَـرَّه ُ وطـن ٌ
يسل ُّ السيف َ مجنوناً
ويفخر ُ بالدماء ِ تسيل ُ..
بالأرواح ِ تُـزهـق ُ..
بالـمُنى تُـنهَبْ
أضاعوني فتىً للسلم ِ يجنح ُ
والهوى الشرقي ِّ
لا أحلى ولا أعذبْ
فأيَّ فتى أضاعوا
أيَّ مَبخرة ٍ أهالوا
أيُّ نبع ٍ غاضَ،
أيُّ كنانة ٍ تُـثـقَبْ
.....
أضاعوني فتىً تغفو طفولتـُـه ُ
على أكتافِ دجلة َ
حيثُ يلهو الماءُ بين رصافة ٍ والكرخ ِ
طفلاً ضج َّ بالأحباب ِ
لا ينأى ولا يصخبْ
ويفزع ُ من مراكبه ِ
إذا الأمواج ُ حَـن َّ لبعضها بعض ٌ
وغـنَّتْ أجمل َ الألحان ِ مَـوّالاً
عراقياً يشيل ُ غلالـة َ الكرب ِ الطويل ِ
ويا لـه ُ مِن كَربْ
وعين ٌ للفتى حفظتْ
خيالاً باهرَ الألوان ِ والأصوات ِ
والحركات ِ
مِن جسر ٍ إلى جسر ٍ
ومن بَلَم ٍ إلى بَلَم ٍ
ومن رَكْب ٍ إلى مركبْ
وبينَ رموشه ِ علقتْ
عيون ٌ للمها
تقتص ُّ من كيد ِ الوشاة ِ
ومن ظلام ِ الليل ِ
فاتنـة ً بلا سحر ٍ
وقاتلة ً بلا قَـتل ٍ
وجانية ً ولمْ تُذنِبْ
يلم ُّ الرمل َ مبهوراً برائحة ِ الهوى المقصور ِ
ليتَ هواه ُ مَـمدود ٌ
وينهل من أحبته ِ الذي يدري
ولا يدري
ولكن َّ الهوى المقصور َ مقصور ٌ على الـمَسْلَبْ
فتىً بالكرخ ِ مطلعُـه ُ
له الشوق ُ القديم ُ هناك َ
لا يسلوه ُ
لا يسلوه ُ
أينَ الكرخ ُ
أينَ رصافـة ٌ
والدجلة ُ الأعذبْ ؟
................
المفضلات