وعندما نريد مناقشة تاريخ دولة كبرى تقلّدت مركز الخلافة لسبعة قرون تقريبا فإن علينا أن نكون منصفين بتقييمنا لها، وإلا فإننا لا نطعن بها فقط حين نبحث عن عيوبها، بل نطعن بأنفسنا وبشرفنا كأمة إسلامية تبحث لها عن مكانة بهذا العالم المتلاطم الأمواج. ومثلما للدولة العثمانية إنجازات كبرى وإسهامات مشرّفة، عانت كذلك من العديد من الإخفاقات والمشاكل التي لا بد أن تُشخّص بموضوعية وصدق وبعيدا عن الضغائن المبنية على افتراضات خاطئة لا تتسم بالواقعية. وعلينا من هذا المنطلق، أن نسأل أنفسنا سؤالا محوريا: هل نريد أن نعرف عيوب هذه الدولة الفعلية والتي أدت لانهيارها وسقوط الخلافة، أم أن نكون كالذئاب ننهش بتاريخها ونخدش ما عمرته؟
والسلطان محمد الثاني رجل فتح الطريق لإنجازات كبرى إلا إن المنغص الوحيد تقريبا على حكمه هو عدم قدرته على التخلص من عادة الشك بالأخوة والأقارب التي سيطرت على السلاطين العثمانيين. فقد قتل أخاه الرضيع حتى لا ينافسه على الحكم مستقبلا، أو لأنه يحقد على أمه الأميرة الصربية مارا التي طردها بعد وفاة أبيه. ولكن إنجازات السلطان محمد الفاتح العظمى غطّت على كل مساوئه الأخرى، فخلافا لفتح القسطنطينية، سمح هذا الحاكم العادل بوجود الكنائس وبحرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية واحتفل معهم رسميا بانتخاب المطران جورج سكولاريوس بطريقا للكنيسة الشرقية، وأمر كذلك بعدم التعرض لأملاك أهل القسطنطينية التي تحولت إلى مدينة الإسلام أو إسطنبول.
ومما نلاحظه من سلوكيات الحكام العثمانيين أنهم مارسوا "التصفية السلطانية" -إن جاز التعبير- مع قدوم كل سلطان جديد، وجدول قتل السلاطين لإخوتهم أو لأبنائهم طويل ويمكن قراءته بنهاية كتاب محمد فريد بك المحامي الذي خصص هذا الجدول لأهميته وتأثيره على مسار وقوة الحكم. ولعل أبرزهم السلطان سليم الأول الذي قتل خمسة من أولاد إخوانه وأخوين له، ومحمد الفاتح قتل أخيه الرضيع، أما محمد الثالث فقد قتل 19 أخا له دفعة واحدة خنقا وقبل دفن أبيه السلطان مراد الذي كان قد قتل إخوانه الخمسة عند توليه العرش، وكذلك قتل السلطان سليمان القانوني إبنه وولي عهده وبعض من أبنائه الآخرين بدسيسة من زوجته روكسلانا، والقائمة تطول. ولكن ما هو أغرب من ذلك أن السلاطين العثمانيين تمكنوا من إصدار فتوى تجيز لهم قتل إخوتهم أو أبنائهم عند توليتهم العرش تحت حجة "حتى لا تحدث فتنة في البلاد". ورغم أن هذا الفعل قد ينظر له بشكل سلبي من الوهلة الأولى -وهو كذلك من وجهة نظري الشخصية- إلا إن أثره الإيجابي كان جليّا باستقرار عائلة الحكم، لا سيما أن تلك التصفيات السلطانية حدثت عموما في فترة السلاطين العظام
أولا: فرض التتريك الذي تبنته الحكومة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على الأقاليم العربية.
ثانيا: حملة "السفربرلك" التي قادها جمال باشا عبر إجبار أبناء منطقة الشام بالزحف في سيناء لاسترجاع مصر من الإنجليز وفشلت تلك الحملة فشلا ذريعا أدى لسقوط الكثير من جنود الحملة ضحايا، مما زاد النقمة على جمال باشا وتحوّل ذلك لكره للدولة العثمانية وحكومة الباب العالي.
ثالثا: جملة الإعدامات التي تعرض لها الكثير من المثقفين والنخب الفكرية في كل من سوريا ولبنان عامي 1915 و1916، على الرغم من مناشدات الشريف حسين بن علي للباب العالي ولجمال باشا شخصيا، إلا إن الأخير نفّذ هذه الإعدامات وضرب بعرض الحائط كل المناشدات.
الأخ العزيز الأستاذ المترجم فيصل
لا شك أنه عمل قيم وجليل وهادف ويستحق منك ومنا كل الاهتمام ذلك بأن هذا الفتح بشر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو شهادة على عظمة الإسلام وصدقه أن النبي تنبأ بخبر مستقبلي تحقق .. وأيضا يدل على عظمة من قام بهذا العمل وإخلاص نيته لله ولدينه .. والقسطنطينية كانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية الشرقية .. فهي رمز عزة وقوة البيزنطيين فيما كانت روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية وكما بشر الرسول صلى الله عليه وسلم بفتح البيزنطية فقد بشر أيضا بفتح روما .. نسأل الله أن نكون من شهود ذلك اليوم العظيم .. وما ذلك على الله بعزيز ..
لقد استطاع الغرب الكافر الحاقد على الإسلام الذي هدم إمبراطورية الروم الشرقية البيزنطية أن يشوه صورة أجدادنا العثمانيين أصحاب الفضل في فتح القسطنينية وتمثيل الإسلام السياسي لأربعة قرون وقيادة الأمة الإسلامية كأمة مجاهدة تحمل الإسلام وتسعى لإزالة الحواجز المادية التي تحول دون وصول الإسلام وتبليغه للناس كافة .. لقد كان الدولة العثمانية دولة مهيبة ولقد كان الإيطاليون يخيفون أبناءهم بالجندي التركي كمثل على الرعب الذي يريع من يتحسب لمثل هذه القوة المريعة .. ولا ننسى كما أشرت أن الدولة العثمانية قد وقف جيشها المظفر على أسوار فينا وكان جيشها جيشا مجاهدا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ولقد اضطر هذا الجيش إلى الانسحاب تحت وطأة خيانة الصفويين المجرمين أعداء الإسلام الذي غزوا العراق واحتلوه مما اضطر الخليفة العثماني أن يسحب جيشه للوقوف في وجه الصفويين .. وتصور لو أن جيش الخلافة العثمانية فتح النمسا تصور ماذا يمكن أن تكون عليه أوروبا وأين سيصل جيش الخلافة وكم سيبلغ تأثير الإسلام من أهلها ..
في هذا المرور السريع وسأعود بإذن الله لمناقشة ما اقتبست أؤكد أن دولة الخلافة العثمانية هي دولتنا وهي آخر كيان سياسي للمسلمين .. ولقد هدمها المجرم مصطفى كمال بمؤازرة دول الغرب وقوى الكفر حينها .. وقطع صلة تركيا بالإسلام واتجه بها لأوروبا والحضارة الغربية مقابل منح تركيا الاستقلال وانسحاب الجيوش الأوروبية منها ..
ويكفي أن نتذكر موقف السلطان عبد الحميد رحمه الله من قضية فلسطين ورفضه أن يمنح اليهود امتياز الاستيطان فيها على الرغم من كل الإغراءات التي قدمها اليهود لنترحم على الدولة العثمانية وعلى هذا الخليفة العظيم .. ونتذكر كلماته المدوية لحييم وايزمان: لعمل المبضع في جسدي أهون علي من أن أتنازل لكم عن شبر من أرض فلسطين .. إنها أرض أجدادي .. لن نسمح لكم بتشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة .. وعبارته المشهورة أيضا عقب وعد بلفور التي يجهل الكثيرون أنها له: وعد من لا يملك لمن لا يستحق .. إنها كلمات خليفة المسلمين عبد الحميد الثاني رحمه الله ..
مرور سريع .. وآمل أن ينجح التحميل لأرى العمل وأكتب ما يمكن أن يستحق الملاحظة والتنويه أو الوقوف .. شكرا لأخي الأستاذ فيصل كريم
المفضلات