قصة المجنون
============
إنِّـي ألـمـلـم حَـسـرتـي وعَــذابـي ----------- وأحـاسـب الأشـوَاقَ قبل غِيابي
ولسَـوفَ أمـضي عاشـقـاً مُتوجِّهاً ----------- للأفـقِ يَـرسـمُ فـرحـتي وعِـقابي
وأغـيـبُ عـنـكِ ولا أراكِ فــإنَّـني ----------- أفنيتُ في صمتِ العُيونِ شَبَابي
وكسَرتُ فيكِ، وما يُهمُّكِ، خاطري ----------- وأمام بـيـتـك قـد نثـرتُ كِـتابي
ولىَّ زمــانٌ كمْ تـعـبـتُ بـجــوفهِ ----------- أُهدي لـطَـرفكِ جِـيـئَتي وذَهابي
الـبـعضُ يصرخُ: لا تراكَ، وإنَّني ----------- مِن كُـلٍّ عُـذرٍ أسـتـمِـدُّ جَــوابي
قـد لا تراكَ..! لـعـلَّـهـا مَجـبُـورةٌ ----------- ويزيدُ من حَجـمِ الظُنونِ شَرابي
باعـتَـكَ يا هــذا! وهَـاكَ دلـيـلُـنـا ----------- سـيَّـارةٌ في ثَــوبـِهــا الـعُــنَّـابي
الـبـابُ يـفـتـحُـهُ أبـوهـا بـاسـمــاً ----------- والأمُ تـظـهـرُ خَـلـفَـهُ بِـحِـجَـابِ
والـزينـةُ الـصَّـفـراء ترسُم جِيدَها ----------- وتَرى الكُـفُـوفَ تزيَّنتْ بخِضَابِ
لا تَـشـتـريـهـا بالـجُـنـونِ فـإنَّــها ----------- تـنـسَـاقُ للأطـمـاعِ والأصحَـابِ
ويَـعـودُ عـقـلي للحُضور ورُبما ----------- أوشـكـتُ أن أُلـقِي عـلـيكِ سِبَابي
لا تغضبي أنتِ التي ضَـيَّـعـتِني ----------- ومضيتِ لا تَرضي بغير مُصَابي
تـتجـدد الأفـراح عِـنـدكِ كُـلــمـا ----------- عـدَّى على تلك الـبُـيـوتِ سَرابي
حتى وأنتِ حـزيـنةٌ مَـكـســورةٌ ----------- تـسـتـكـبِـرينَ إذا سَـمِـعتِ خِطابي
وتُـغـلِّـقـيـنَ مَـنَـافـذاً ونَـوافِــــذاً ----------- كـانـتُ بـأيــامِ الـصَّــفــاءِ إيــابي
الـيَـومَ أعـبـرُ والـنَّـوافـذُ تَشتكي ----------- والـزِّيـنـةُ الصَّفراءُ بعـضَ تُرابِ
والحُزنُ حَولكِ، والزَّمانُ إذا عَتَا ----------- اللـيـثُ يصـبـحُ خــادماً لكِـلابِ
لم يبق مَـالُـكِ، والموائِدُ تـنقضي ----------- والحُسنُ يصبحُ بالنِّخاسةٍ خَـابي
لما أراكِ على ضَياعِكِ مُرغَماً ----------- أمـضي فـلا أُلـقي عليـكِ عِـتابي
لو كُنتِ ألـفَ شَريـفـةٍ وعَـفِـيفةٍ ----------- وأتى النَّصـيـبُ لما أردتُ نِصَابي
لا تـحـسَبي أنّي فـقَـدتُ مُرؤتي ----------- إنِّـي فـقَـدتُ من العَـذابِ صَـوَابي
فوقَ الحِـجـارة أتَّـكي مُـتَـشرِّداً ----------- يـرتَـاحُ مِـن نَـزفِ الجِـراحِ ذُبَابي
شَعْرِي تُمشِّطُه الطُّيورُ، ودَمعتي ----------- تـمـضي فـيَـمـرُجُ سَيـلُها بلُعَابي
الـنَّـاس تَخـشَـاني لأنَّ عُـيـونهم ----------- لا تـسـتـبـيـنُ مِن الـسَّـوادِ ثِـيابي
لا يـعـلـمـونَ بأنَّ قَـلـبي أبيَضٌ ----------- والرُوحُ تُـشرقُ رغـمَ كُل سَحَابي
يـتـأفَّـفُـون مِـن الـجُـنـونِ وإنَّه ----------- للـعـاشـقِ الـمـجـروحِ خيرُ ثَوابِ
صنعاء 23 يناير 2016م
المفضلات