الأستاذ الشيخ أبو مسلم العرابي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرى فيكم عنادا لم نعهده في علماء الأمة، وتجرأ على تفسير كتاب الله وآياته بمن تحكمه الأهواء ما خالف المعلوم بالضرورة لدى جمهور المسلمين،
ابتعادكم عن صلب موضوعكم، وإغفالكم لمحاوريكم، في غير موضع ومكان، بل وحذف جهدنا وبحثنا الذي قدمنا لا نبتغي فيه غير وجه الله تعالى
سؤالكم عن آدم عليه السلام في فحوى الحديث، دليل أخر على عدم الأخذ بقاعدة ( البينة على من ادعى واليمين على من أنكر) وصديقي الأستاذ المحامي محمد خلف الرشدان يعلم ما ذهبنا إليه في هذا الباب.
أما وقد أغلقت الباب أمام الحوار، فأرى أن من واجبي أن أقول لك وبكل أمانه، عليك أن تعود إلى كتاب الله والصحاح من الأحاديث النبوية الشريفة، وما قضى فيه الصحابة والتابعين واتفق عليه جمهور العلماء من المسلمين، قبل أن تقول قولتك، في أي آية أو سورة من كتاب الله العظيم، واعتبر ذلك وصية ابن لأبيه، وتلميذ لأستاذه.
أجد أنه من حقي أن أقول كلمتي الأخيرة وسأجمل هنا وأرجو عدم الحذف لله ثم للنصح في دين الإسلام ومن ثم للتاريخ:
يقول الشيخ ابو مسلم العرابلي حفظه الله في تفسيره لمعنى مفردة الأقصى التي وردت في سورة الإسراء ،
وإنما سمي المسجد الأقصى بالأقصى لأن الله سبحانه وتعالى أقصاه عن أيدي اليهود، والنصارى، وكل الملل السابقة، فلم يتخذوه بيتًا، ولا مكانًا لعبادتهم،
قمت إنا العبد الفقير لله بإنكار ذلك عليه في حوار طويل، وتفاصيل كثيرة وأخطاء فادحه ارتكباها فضيلته فحذفها سامحه الله, ولإخفاء الحقائق التي قدمتها بجهد وجهاد.
اعتمدت في ردي وإنكار ما ذهب إليه فضيلته، بأنه المعنى ليس إقصاء للأمم السابقة على إية من كتاب الله وحديث في صحيح البخاري رحمه الله
1- الأية : "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي للعالمين "
2- الحديث: عن أَبَي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ "أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ"، قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى"، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ" (صحيح البخاري 3115).
فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق البشر وأبو البشر أدم عليه السلام لعبادته على الأرض، ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فقد علمهم كيف يعبدوه، وجعل بإذنه أماكن محددة لعبادته، فكان اول بيت وضع على الأرض ، للمكلفين من الإنس والجان بعبادة الله هو الكعبة الشريفة في مكة المكرمة، وأول المكلفين من الأنس هو أبوهم آدم عليه السلام وبنوه الأوائل.
غير أن عددهم قد زاد، وانتشروا في الأرض رويدا رويدا بعيدا عن مكة والبيت الحرام، ليعمروا هذه الأرض التي استخلفهم فيها رب العزة، وكان الأمر والمشيئة الربانية ببناء مسجد ثان في أقصى الأرض التي وصلوا إليها وتكاثروا فيها بعيدا عن مكان تجمعهم الأول حول البيت العتيق، وكانت إجابة رسوله الحق والقدوة الذي لا ينطق عن الهوى لصاحبه أبا ذر الغفاري "أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ"، قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى"، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً،
فإذا كان أول مسجد وضع للبشرية لعبادة الله هو الكعبة الشريفة، وثان مسجد كما صح في حديث رسول الله هو المسجد الأقصى المبارك، بفارق أربعون سنة فقط، فهل يعقل أن يضع الله بيته ويقصيه عن عباده، فلا يعبدونه فيه، في حين أن رسول الله قد ساوى بينهما في الفضل بقوله في نهاية الحديث (ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ) .
إن الملل السابقة التي لم يحدد لها فضيلة الشيخ العرابلي أسماء ولا تاريخ وأقصاها باجتهاده في تعريف مفردة الأقصى وتفسير آية من كتاب الله، تنكر على كل الأمم عبادة الله في البيت الثاني الذي وضع على ألارض.
كما أن جزمه بإقصاء الأمم والملل السابقة قد سبقه إقصاء اليهود والنصارى عن ثاني بيت من بيوت الله بالمطلق وضع على الأرض لعبادته،
فالآيات القرآنية التي تتحدث عن أخوة الرسول عليه السلام من الأنبياء والرسل (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) فلم يكن الله ليقصي بيته عن رسول من رسله، او نبي من أنبيائه، ولا مؤمن موحد من أتباعهم، ولما كان أغلب الأنبياء والرسل من بني إسرائيل عليهم جميعا السلام، قد بعثهم الله في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، فأجد أن ما ذهب إلي فضيلة الشيخ العرابلي، بعيدا عن هذه الحقيقة,
أما الدليل الاخير الذي اعتمد عليه في إنكار إقصاء الشيخ ابو مسلم العربلي لليهود والنصارى والملل السابقة، فهو حديث إمامة الرسول عليه السلام في المسجد الأقصى المبارك ليلة الإسراء المعراج بأنبياء الله ، فقد ثبتت في صحيح مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي. (الحديث)، وفيه "فحانت الصلاة فأممتهم" مسلم
إن مجرد ذكر موسى عليه السلام وصلاته خلف رسول الله في المسجد الأقصى المبارك، وهو كليم الله من أنبياء بني اسرئيل وصاحب الرسالة الإلهية التي حملها لليهود، تثبت لكل ذي لب، بطلان نظرية الإقصاء التي اجتهد فيها فضيلة الشيخ العرابلي جزاه الله خيرا. إن هذه الشهادة التي قدمها رسول الله، في عدم إقصاء واحد على الاقل من أنبياء بني إسرائيل وهو موسى عليه السلام، لهي دعوة حق من رسول الله لعبد من عباد الله يقول في إقصاء اليهود والنصارى والملل السابقة عن المسجد الأقصى المبارك.
بل إن الصحيح هو أن تسمية الأقصى هو ما أجمعت عليه الأمة وعلمائها من السلف الصالح، ألا وهو بعده عن البيت الأول " البيت الحرام" كونه هو البيت الثاني " الأقصى المبارك" أما إقصاء المشركين من اليهود والنصارى واي ملة من الملل الكافرة، عنه فلا يتم إلا بالجهاد في سبيل الله وتحريره كما حرره قادتنا الأوائل. رضوان الله عليهم أجمعين.
هذا وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وآخر المرسلين، وعلى آل بيته الطاهرين، وصحبه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين,
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المفضلات