لماذا للتفضيل خير وشرّ بدلاً من أخير وأشرَّ ؟
كل همزة يبتدأ بها في أداة أو في فعل أو اسم على وزن "أفعل"؛ هي همزة سلب وتحول،
علم ذلك من علم، وجهل ذلك من جهل.
ومنها صيغة التفضيل على وزن "أفعل".
ومعنى التفضيل أن أنك تنزع الصفة العليا من الجميع،
وتجعلها لواحد فقط، ولا يتسع المقام إلا لواحد فقط،
مثل : أكبر – أفضل – أجود – أصغر – أعلم .....
والمفضّل والمفضول كلهم يحمل الصفة ولكن على درجات.
فعندما نقول هذا أجود، فالجميع جيد ولكن هذا هو الأجود فيها.
وإذا قلنا هذا أخير، فمعنى ذلك أن في الجميع الخير على درجات،
وإذا قلنا هذا أشرّ، فمعنى ذلك أن في الجميع الشر على درجات،
لكن إذا قلنا هذا خير دون همزة السلب لا يعني أن الخير في الجميع،
وإذا قلنا هذا شرّ دون همزة السلب لا يعني ذلك أن اشر في الجميع،
فقوله تعالى : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {54} آل عمران.
فالمكر هو التدبير الخفي للإيقاع بالخصم والعدو بالسوء،
التفضيل فيه في قوة المكر والتدبير.
وليس كل تدبير خفي يكون في الخير، فمكر الكفار بالمؤمنين شر،
ومكر الله بالكفار خير، لما فيه من حفظ للمؤمنين وإنهاء شر الكافرين.
وقوله تعالى : {قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا {75} مريم.
الكافرون شر مكانًا ، والمؤمنون خير مكانًا.
وقبل ذلك تفاضل في أثاث الدنيا، ولا يغني ذلك عن الكافرين شيئًا؛
: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا {73} وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا{74} مريم.
فهناك فرق كبير في التفضيل دون همزة السلب في "خير" أو في"شرّ"،
فشرط في التفضيل بـ "أفعل"، أن يكون يحمل الجميع الصفة،
ولكن على درجات في حملها.
ولا يشترط وجود الخير أو الشرّ في الجميع إذا استخدما في النفضيل "خير" أو "شرّ".
: { إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {73} طه.
الله خير وأبقى، وفرعون شر ولا بقاء له.
المفضلات