كلمة أخيرة

وأي قول مهما كان فيه حجة قوية وواضحة؛ فستجد من يعارضها، وخاصة من أولئك الذي جعلوا مصادر التشريع ثلاثة؛ القرآن والسنة وقول السلف، فشيء لم يقل به السلف هو باطل عندهم، وقولهم في أحد المسائل ملزم الأخذ به ولو كان فهمًا خاطئًا، وإن كان هناك اختلافًا بينهم، اختاروا أحد أقوالهم. وهم قد حفَّظوا أتباعهم: الخير ما قال السلف، والشر ما قال الخلف، وكأن السلف هم الذي تكفلوا ببيان القرآن وحدهم، وأحاطوا بكل ما فيه، ولم يترك شيء للآخرين، وليس الله عز وجل هو الذي تكفل بذلك؛ { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {9} الحجر،
وقوله تعالى: { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19} القمر.
وقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {2} وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {3} ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {4} الجمعة.