تلك المسرحية
ونحن نراقب الحدود على امتداد الفراغ، كنا ترى الضجر قادما فنصوب باتجاهه بنادقنا. لم تعد اللعبة تستهوينا، بدأنا أخرى جديدة، أن نجرب الأسلحة الجديدة في بعضنا. نموت، وفي الغد، ننبعث لنعيد اللعبة بوجوه أخرى، وأقنعة جديدة.
تلك المسرحية
ونحن نراقب الحدود على امتداد الفراغ، كنا ترى الضجر قادما فنصوب باتجاهه بنادقنا. لم تعد اللعبة تستهوينا، بدأنا أخرى جديدة، أن نجرب الأسلحة الجديدة في بعضنا. نموت، وفي الغد، ننبعث لنعيد اللعبة بوجوه أخرى، وأقنعة جديدة.
كف
حين استيقظت، لم أجد لا الوردة ولا اليد المعطاء... وجدت بدلهما امرأة عارية تماما ممددة بقربي، فاتنة، تنام كأميرة حكاية خرافية، مددت يدي لألمس جسدها الطري، الشهي، فتحولت حقل ورد، رمت قطافا، فذبل سريعا ليصير رمادا، وضعت يدي على عيني مخافة الرمد.
يده التي مدت وعادت خائبة بلا رحمة، شعرت بالهاوية، وخيط الإيمان رهيف. طالت فكانت كالإسفنجة...في كل الاتجاهات...
الأيدي التي امتدت باتجاهه، لا تريد القبض عليه، بل قبض ما تجود به يداه الكريمتان.
نجا و سقط...
سقط ونجا...
...عتل
تم ضبط الجاني... تحركت الخيوط الخلفية...أودع السجن بديل...
أصيبت الضحية بنوبة ظلم حادة، نقلت على إثرها إلى خارج مقابر المسلمين.
مرت بالقرب منه حسناء بديعة الصنع؛ باقترابها، وجدها فوارة. أحس بنار فيه تشتعل. تابع سيرها عبر زجاج كوب ماء ارتسمت عليه. ازداد لهيبه، تمثلها مكعب ثلج راقص؛ فكرع الكوب دفعة واحدة لاطفاء الحريق.
قراءة/ءات
انهار الجدار الذي حملني إليك. صفق الباب فأحدث أنينا، قد قميصي من قبل ومن دبر، وآهاتك أسكتها مسحوق الكلام، نظرنا إلى بعضنا، وحدها النافذة ظلت مشرعة على التأويل.
واجهة
الصفعة القوية التي نزلت على خد الطفلة المتشردة
من كف صاحب المحل الراقي لإبعادها عن تأمل الواجهة، أسالت دمعة من عيني الدمية.
كيف سيكون رد فعله في الصباح حين سيكتشف عريي؟
اهتزاز
على سرير النوم، كل في جانب، بينهما بحر من أسئلة، كلما اقتربا ردتهما أمواج الشك...
أيستيقظان؟
تنصرف إلى سريرها بعد يوم عمل شاق ومرهق، وقبل أن يداعب أجفانها النوم، يقبل عليها بحلوى، يجلس إلى جانبها، يحكي لها القصة نفسها مرات؛ تكبر معها، وحين تبلغ الحلم، تزوجها أمها لكهل. يراها ساحة وغى يقتحمها بعنف، لا تبدي ألما، تتذكر نهاية القصة، فتبتسم بمكر السراد.
تتابع أحداث الفيلم المشوق من فراشها دفعا للملل، في لحظة، يخفق قلبها بشدة وهي ترى المجرم يقف خلف البنت الجميلة، يمد يديه لدفعها إلى الجرف الهاري، تريد أن تصرخ، يخونها صوتها، تريد أن تنهض، تخونها رجلاها.
نزوة إضافية
انبثقت من أعماق قبر رخامي صرخة مدوية فرقعت في الفضاء كسوط حوذي، فأيقظت خوفي...
سريعا أطبق على فمها التراب.
حلم ليلة صيف
**
اتحد كتاب القص الوجيز، وشكلوا جيشا يغطي عين السماء، وقرروا تحرير القدس، بإغراق العدو، بنصوص قصيرة جدا.
لكن العدو الخبيث فطن للأمر، فأنشأ غربالا مضادا، لم يسمح بالمرور إلا لقلة أصابته بنوبة ضحك قاتلة.
قرع
**
استيقظنا على ضوضاء ثاقبة لأجد زوجي قد قلب الدولاب رأسا على عقب بحثا عن سيفه التاريخي المجيد بعد أن سمع قرع طبول ظنها طبول حرب، نوبته زادت حدة، ما درى المسكين أن تلك الطبول آتية من الخيام المنصوبة في الساحة احتفالا بالمولد النبوي.
كبله أبي وأخي، وأودعاه صباحا المصحة النفسية، أما أنا، فقد حملت مكتبته العظيمة، وألقيت بها في النهر، وعبرت إلى ضفة الأمان.
عاد بعد رحلة طويلة محملا بتجربة مريرة.
عاد بعد أن غادر منزله يحمل فردة حذاء بحثا عن ساندريلاه، عاشر ناساء كثيرات، كن عابرات، تركن في نفسه وشم النشوة والألم.
عاد بعد أن صرف جل ثروته الهائلة في البحث عن صاحبة الفردة، تلك الثروة التي ورثها عن أبيه، الذي كان موظفا ساميا في المخابرات؛ راكم ثروته من خلال الاستيلاء على أموال وأطيان، وعقارات، من زج بهم في السجن.
عاد ممتلئا خيبات.
عاد؛ وقد وجد أمه رغم انصرام السنين، ما زالت تبحث عن فردة حذائها الضائعة؛ فردة لحذاء هو هدية من حبيبها الذي قتل في ظروف غامضة؛ هي ما تبقى لها من حنين؛ كادت تجن.
عاد؛ وأعاد إليها توازنها، وارتمى في حضنها...
الفنانة التي أحب
**
تحرص ذات الخمار الأسود كل الحرص، على تغطية جسدها بالكامل؛ وفي مرسمها، لوحات لامرأة واحدة عارية، وفي أوضاع مختلفة.
تنهيدات القاعة
**
في قاعة العرض المليئة بالزوار، نظرت ذات الخمار الأسود إلى اللوحة بإمعان، أخرجت المرأة العارية منها، وحلت مكانها...
تعاكس
**
بفنية عالية، و بضربات رشيقة برشيتها، ترسم ذات الخمار الأسود لوحة فنية رائعة لفتاة عارية تماما، ثم تقوم بتغطيتها بلباسها الأسود فطعة فطعة إلى أن تصير عارية.
ظلمة
**
ما إن تحلقنا حول موائد الطعام نسترجع أنفاسنا بعد رقص جنوني، حتى ظهر بباب خيمتنا رجل غريب المنظر، أرسل علينا شواظ نظرات، ثم أخرج من أحشائه كبده، مزقها ووزعها على أطباقنا، وانصرف غير عابئ بحيرتنا إلى أن التهمته الظلمة الباردة، شعرنا بالجوع، فانقضضنا عليها بمناقيرنا ومخالبنا...
القدوة
هو أبونا الذي لسنا من صلبه، يقينا من شرور أعمالنا، ومظلة تحمينا من عوادي الزمن يواسينا، ويمسح الدمع من أعيننا، يأكل من خبزنا الأسود، ويشرب من شاينا البائت..
هو أبونا الذي لم يلده جدنا، يمنينا ويعدنا، يخطط، يبرمج... ويطلق المشاريع ...
يا أبانا لقد كدت أن تبلغ الكمال لولا أنفك...
كقصة تتكرر
**
رأيت إصراره فسعيت إلى منعه؛ قال لي: لماذا؟
لأنك ستصاب بلعنة الصخرة!
أنت تؤمن بالخرافات..
بل أنا أنطلق من التجارب.
وتسلق الصخرة بعناد، بلغ قمتها. نظر إلى الناس وأراد أن يكون خطيبا محركا، تنحنح مرات، والقوم عنه لاهون. لما فتح فمه للكلام، خرج منه لسانه المشقوق، وانغرس في رأسه، أخرج دماغه، وصار يلتهمه بوحشية. شعر بإغماءة، فسقط كحجر من الأعلى إلى قعر النسيان.
كنت في الهزيع الأخير من حياتي، في قاعة كل ما فيها أبيض، باستثناء التلفزة التي كانت تعرض شريطا راقصا لفتيات في عمر الزهور يقطرن حلاوة.
شعرت بحرارة في صدري، واختلاج في قلبي، خرجت مني الحشرجة الأولى، رأيت، لحظتها، وجها ملائكيا يطل علي، بصدر عامر، تمسكت بدفتي نهديه، وتشبثت بهما. كانتا شمعتي في ظلمة الوحدة.
قل لي، سيدي، كيف أبلغ الحج؟
قال:
اجعل قلبك سبيلا وسقاية!
واختفى.
المفضلات