الإشارة الافتتاحية :
أحياء في ظلمة الكون البهيمة ...
لقد انطلقنا منذ الوهلة الأولى ... بتدبير ... ربما ...
بدون تدبير ... ربما ...
لقد نشأت الأحياء عند الانطلاقة الصامتة التي تسير بلا حدود و لا أخلاق و لا قانون و لا رقيب و لا ثواب و لا عقاب ... نشأت تحتوي بعضها بعضا ...
و تقترب بعضها من بعض و تلتهمها ... كي تكبر و تبقى ...
ثم تعلمت أعضاؤها التأقلم التي تقتات و التي يقتات عليها ...
فنشأت هذه على الفرار و التخفي و نشأت تلك على إبراز الأدوات و الآلة التي تمزق و تهضم و تكسر و تحوي و تتحرك , و المادة السائلة الهاضمة التي تفني و تلك التي تبني ...
لقد بدأت الأحياء نشأتها و تفرقت بها السبل دون أن تدري و دون أن تريد و دون أن يريد ذو الناب أن يكون مفترسا
و دون أن يريد المفترَس أن يكون فريسة بضعفه و خوره و قلة حيلته التي تجعل لحمه و دمه و أوصاله مادة لبناء أبدان غيره من الكائنات ... جميع الكائنات و نحن نتربع على عرش المفترسات بلا منازع ... أو بلا منازع مرئي ذلك أن
الكائنات المجهرية هي الأشد افتراسا و فتكا بكل شيئ نباتا كان أو حيوانا ...
الاستشكال الأول :
فمن كان يسوق قطيع الدواب ...؟
من كان يدبر الأمر ...؟
أينظر هو للأمر من الأعلى ؟ أم أنه يدبره من داخل كل بدن و خلية على حدة ..؟
هل يدبر كل جسد أمره بمفرده و بمنأى عن مراعاة مصالح بقية الكائنات في الخارج ...؟ نعم ... نعم ... أو ربما لا ...
هل يجعل المدبر الحكيم بدن هذا الكائن الجميل ذي المقلة الحوراء الظبي ذي المسك و الطيب و الذي لا يظلم و لا يهضم حقا غير مضغ عشبة أو قضم نواة أفتجعله حكمة الحكيم و هو ذو ألم و رغبة في الحياة
لقمة مفترس شرس كريه المرآه منته الأشداق ... بمعية إخوته ... و تكون الأمة الأولى كلها و على امتداد كينونتها فرائس و مادة حياة للوحوش التي ذكرت آخرا ...؟ أفهذا تدبير فيه حكمة ...؟
فلماذ منحت أبدان الكائنات القدرة على التألم ...؟ أليس حماية لها مما يضرها و يبغي تمزيقها أشلاء و إربا ؟؟ فكيف يعطى المفترس الآلة و الآداة ليكون التمزيق عليه سهلا و يكون المضغ له متيسرا ؟ أليس الذي دبر
حياة و مصلحة الفريسة هو عينه من مد الآخر بما يهتكها و يفتك بها و ينتهكها و يزدريها و يبقر بطنها فإذا بوليدها ساكن جنينا بريئا , فيلتهم بدوره ...؟ ألاترى أيها العاقل ...؟
دعونا نقتبس ...
و نستضيئ ... و نتحرر من الأوهام ... و الدجل ... و الزيف ...
لقد جاء عيسى بشرا مصلحا و كارها لما وجد عليه قومه من كبرياء و صلف و ادعاء و أراد أن يهدم ما بناه القوم من أغاليط تميزهم عن بقية الشعوب و كره شرائعهم التي تجعل منهم شعبا و أمة مختارة و مفضلة دون البشر كافة ...
فادعى هو الآخر و كان خيرا منهم في تعاليمه و لكنني لا أظنه ادعى أنه ابن الله بل جاء فقط مصلحا لشريعة اليهود في العهد القديم المسروقة أساطيره من دماء تاريخ البشر الموغل في القدم و بالأخص في حضارة ما بين النهرين
و أشار إلى أنه سوف يأتي بعده مسحاء كذبه و ذلك قطعا للطريق أمام الكهنة الذين قد يلحقونه بالادعاء و الكذب من أنهم رسل من عند الله ؟ و صلب حقيقة قولا واحدا لا مراء فيه من قبل الذين مازالوا إلى اليوم يمقتونه و يحتقرونه و لا عجب فقد جاء على غير ما يحبون ...
و التساؤل الذي يطرح نفسه هنا إذا سلمنا جدلا أنه إنما بعثته السماء هاديا و بشيرا : هو عن سر و سبب تركه ليلقى حتفه بأبشع و أسوأ الطرق ؟ ألم يكن من التشريف له و التعظيم و الحنو عليه أن يرفع أمام الناس باسم الثغر و لا تضطر الأسطورة إلى إلقاء شبهه على من سوف يتألم مكانه فيما يفر هو ليلا و يرفع إلى منزلته في السماء ؟
ما بال البشرية تركت بعده مئات السنين بلا دليل و لا مرشد في كل أنحاء المعمورة ؟ ما بال العرب مثلا لم يبعث فيهم رسل قريبين من بعضهم البعض يعضد أحدهم أخاه و يشد على يده و يصدق دعواه مابال السماء اختارت أقواما بعينهم فأكرمتهم وحدهم دون غيرهم بالنبوات و الكرامات فيما تركت بقية الكرة الأرضية بلا أنوار و لا هدى .؟ ألا يثير هذا الأمر الريبة في القلب الرشيد ؟؟؟
أيها السادة :
لقد مشيت طويلا طويلا ...
و تدبرت عميقا عميقا ...
و قرأت ما لا يحصى مما جادت به القرائح الأبية و العقول الفطنة التي تأبى أن تكون قطيعا يساق بالسياط إلى الحتوف الأبدية ... أعمى أصم أبكم مجنونا بلا رأي و لا كرامة ...
لقد طالعت التاريخ و الفلسفات و العلوم و الفلك و الجغرافيا و الأدب و علوم الأديان و عرفت شيئا واحدا ... واحدا ... واحدا ... متأكدا ... لا ريب فيه :
أيها السادة إننا :
مستمرون ... أحياء ...
وحدنا ...
وحدنا ...
وحدنا .
سامحوني و اعذروني و اصفحوا عني على ماسوف تشاهدونه في الفيديو أدناه :
أحييكم و أشكركم .
المفضلات