يَا دَمْعُ جَفِّفْ مِحْجَرَكْ
يَا دَمْعُ جَفِّفْ –لَا أَبَا لَكَ- مِحْجَرَكْ
فَالنَّاسُ أَضْحَتْ لَا تُوَاسِي أَنْهُرَكْ
وَقَدِ اسْتَوَى صِدْقُ الْبُكَاءِ وَكِذْبُهُ
وَأَبَى الضَّمِيرُ مَلَامَةً أَنْ يَعْذُرَكْ
أَضْحَيْتَ تَسْقُطُ مِثْلَ أَوْرِاقِ الْفَلَا
إِثْرَ الْخَرِيفِ إِذَا أَتَاكَ وَأَهْدَرَكْ
مِنْ غِيْرِ أنْ تُبْدِي لِعِرْضِكَ هَيْبَةً
أَوْ تَرْتَقِي ضِدَّ الْمَهَانَةِ مِنْبَرَكْ
فَالْعِزُّ لَا يَأْتِي بِغَيْرِ مَهَابَةٍ
وَالذُّلُ يَرْكَبُ إِذْ تُهِينُ عَسَاكِرَكْ
وَتَمِيلُ نَحْوَ الْجَارِ تَشْرِي جَوَاهِرِي
وَالْجَارُ يَطْمَعُ أَنْ يَحُوزَ حَوَاضِرَكْ
فَسَيُسْلِمُ التِّمْسَاحَ يَوْمًا بَرَّهَا
وَنَسِيتَ مُهْرَ الْبَرِّ يَوْمًا حَذَّرَكْ
فَأَتَاكَ ذِئْبًا يَسْتَهِينُ بِمَا يَرَى
وَيَعِيثُ يُفْسِدُ فِي الرِّحَابِ أَبَاعِرَكْ
وَالْإِبْلُ كَانَتْ وَالرُّعَاةُ وَشَاؤهَا
عَاشَتْ تُخَاطِبُ بِالْقَدَاسَةِ كَوْثَرَكْ
وَالْحَقْلُ يَخْشَى أَنْ يَمُوتَ وَلَا يَرَى
سَحْقَ الَّذِي بِالْحَرْبِ يَوْمًا أَنْذَرَكْ
لَا تُشْهِدِ الْبُؤْسَ الْمَحَافِلَ إِنَّمَا
عَرْضُ ابْتِئَاسِكَ فِي الْمَحَافِلِ حَقَّرَكْ
أَوْ تَبْغِ وُدَّ صَبِيَّةٍ ثَكْلَى أَبَتْ
ذُلًّا يُخَامِرُ دُونَ حُزْنِكَ مَنْظَرَكْ
فَلَإِنْ يَضِيعُ مِنَ الْبَلَاءِ رَخَاؤهَا
يَسَلُ الزَّمَانُ شُعُوبَهَا مَنْ أَفْقَرَكْ
يَا دَمْعُ فَارْبَأْ لَا تَحَدَّرْ كَاذِبًا
فَالْوَقْتُ يَكْشِفُ بَعْدَ حِينٍ جَوْهَرَكْ
وَيَجِيءُ يَسْطُرُ فِي عُيُونِنَا مَا مَضَى
وَيُحِيلُ بُؤْسًا فِي الْكِنَانَةِ حَاضِرَكْ
المفضلات