إلى خبير الجن و الشياطين يحيى غوردو ...
ما أريد أن تفهمه شيء بسيط لا يحتاج إلى شروح أو ردود مطولة، الجن والشياطين خلق مستترون لا نعرف حقيقتهم، لأنهم مغيبون عنا، وما جاء في القرآن مِن خبر خلقهم لا ينافي كوننا لا نعرف حقيقتهم, وكذلك إخباره عن جميع عالم الغيب لا يقتضي أننا نعرِف حقيقة ذلك العالم. والعلم بأن الجانّ خلق من مارج من نار لا يعكس حقيقته, مثلما أن خلق الإنسان من طين لا يعكس حقيقته، ولا مميزاته ... والفرق بين النار والجان ... مثل الفرق بين الطين والإنسان ...
وإذا صحّ حديث ابن مسعود وأبي هريرة في رؤيته إيّاهم ومكالمتهم, فذلك لا يدُلُّ على أنهم صاروا مِن عَالَمِ الشهادة , وأننا صِرْنَا نَعْرِف حقيقتهم، فإن الله قد يطلع رسله على بعض غيبه ، وذلك خصوصيّة لهم كما قال في سورة الجِنّ: عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ [ ( الجن : 26-27 ) إلخ .
وكذلك حديث صفية عند الشيخين وغيرهما : (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) لا يدلّ على حقيقة الشيطان ولا يجعلها معروفة لنا, والحديث تمثيل لا حقيقة.
العقل والشرع يمنعان من قياس عالم الشهادة ومنه الإنسان على عالم الغيب كالملائكة والجان.
أنت لا تركز على أساس الموضوع، وتحاول أن تدخل القارئ في متاهات ومواضيع وأسئلة ثانوية أخرى من أجل التعريض بخصمك، وتشويه صورته أمام القارئ، وأسئلتك بحد ذاتها تؤكد مقدرتك المحدودة على الفهم، مما يعني أن مزيدا من النقاش معك لن يفيد في إفهامك، بل سوف يوسع لك الدائرة لكي تخوض في مواضيع وتفاصيل بعيدة عن لب هذا الموضوع.
نحن أمام أمرين، فإما أنك لا تفهم ما أكتب، أو أنك تفهم وتريد أن تتلاعب وتحرف كلامي وأن تقولني أشياء لم أقلها ولم أقصدها لكي تخدم فكرتك السقيمة الساذجة الباطلة والمكشوفة للجميع. لكن ماذا نفعل وهذه طريقتك وهذا ديدنك مع كافة النصوص التي تتلاعب بها وتجتزئها وتخرجها عن سياقاتها وتقلب معانيها على عكس ما أراد أصحابها وكاتبوها.
لست هنا لكي أدافع عن نفسي، ولست هنا لكي أدافع عن أمور كتبتها أنا وقمت أنت بتحريفها، فليس ما أكتبه على هامش دعواك هو المهم هنا، وليس هو الموضوع! الموضوع هو أنت وشياطينك وفكرتك الجهنمية المليئة بالمغالطات والأخطاء والافتراءات البدعية التي لا يشاركك فيها أحد، وأنا هنا لكي أرد عليها تنبيها للقراء، وتذكيرا لك، لعلك تراجع نفسك، وتعود عن هذه المكابرة القبيحة الفارغة.
لقد تجرأت فقمت دون استحياء بإثارة شبهة التناقض بين القرآن الكريم وأحد الأحاديث الصحيحة (حديث أبي هريرة مع الشيطان)، من خلال أحادية الفهم، فأنت تفترض أن الحادثة تمت خلال شهر رمضان، وتفترض أن الشياطين كلها تصفد في رمضان، وتثير الشبهة بقولك: كيف؟ مع أنك لست أول من أثار هذا التساؤل الذي أجاب عليه السلف بتخريجات عديدة لا أظنك تجهلها لكنك تجاهلتها إمعانا في التجني وفي الافتراء وفي التشويه.
لقد افترضت فيك حسن النية في البداية، وحاولت تنبيهك إلى أنك تثير شبهة، ولفت نظرك الأحادي إلى عدة جوانب ظننت أنها قد غابت عنك في المسألة، إذ لا يوجد في نص الحديث المذكور ما يؤكد حصول الحادثة في شهر رمضان، وحتى لو أن ذلك هو ما حصل فالمفروض أن لا يكون هناك تناقض أو شبهة، ويلزم تبعا لذلك جزئية التصفيد، وأنه لا يشمل كافة الشياطين بل يقتصر على المردة منهم كما جاء في بعض التفاسير.
القاعدة الشرعية تقول أن الأصل في الأشياء الإباحة، أي أن ما لم يرد نص في منعه فهو مباح، ونظرا لأنني لم أسمع عن دليل يفرق بين أنواع الزكاة العادية ويحددها بحسب الأشهر هذه زكاة رمضان، وهذه زكاة شعبان، وهذه زكاة شوال، فالزكاة تخرج وتدفع إلى مستحقيها أو إلى بيت المال، ولم نسمع أيضا عن دليل يحدد كيفية إنفاق الزكاة من بيت المال، فالزكاة تجمع وتنفق بحسب حاجة مستحقيها، لذلك فإن من السخف والسذاجة والبله أو الاستعباط أن تأتي وتطالبني بدليل شرعي أو حديث لأمر لم يرد فيه حديث أو نص شرعي.
لكن أعتقد أنه يحق لي بالمقابل أن أطالبك أنت بدليل شرعي أو لغوي يثبت أن ما أسماه أبو هريرة بزكاة رمضان يعني زكاة الفطر على وجه التحديد كما ادعيت تحريفا وتضليلا.
أما بالنسبة إلى قولي في مداخلتي رقم 30 "من أجل إثبات نظريتك التي تخالف أبسط المعلومات الأساسية المتوفرة، متجاهلا القدرات التي منحها الخالق للجن في عالمهم، والتي تمكنهم من النفاذ إلى عالمنا بصور أخرى تدخل في نطاق إدراكنا وحواسنا، أو في نطاق الإدراك من قبل المخلوقات الأخرى، أو حتى في نطاق استشعار بعض الأجهزة الاستشعارية." فمن سوء الطالع أن أضطر إلى إعادة شرح كلامي البسيط هذا الذي استعصى عليك إدراكه وفهمه.
واضح من العبارة بأعلاه أنني كنت أتحدث عن الجن في حالة التشكل بأشكال تقع في نطاق إدراك الحواس الإنسانية أو الحيوانية، وليس بحالتهم الحقيقية، وما تدركه حواس الإنسان أو حواس الحيوان أيها العبقري تستطيع أجهزة الاستشعار وأجهزة الرادار أن تدركه وتشعر بوجوده، وهذه حقيقة علمية.
تقول: ذكرتَ، في عدة مناسبات، بأن الجن "يتشكل" في صور شتى، منها البشرية، بل وأكثر منها ذكرتَ بأنه يعرف لغة البشر، نحن نريد أية واحدة دليلا على ما تقول؟ دون أن تهرب لقصة سيدنا سليمان التي فصلنا نحن في تبيان بابها ألإعجازي الخاص بالأنبياء، وبرهنا عليه. القرآن ستون حزبا أعطني آية واحدة تبين أن الشيطان أو الجن يتشكل لعموم الناس؟ هل تشكل جني في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد مع الناس (أو تجول معهم في سوق أو نحوه... أو في أي مكان آخر) وأخبرهم رسول الله أنه كذلك؟ وهل وقع مثل هذا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم؟ هل رأيت جنيا تشكل يوما في صورة إنسان أو حيوان أو نبات...؟ هات برهانك إن كنت صادقا، ولا تكن "إمعه"...
للأسف الشديد فإن الرسالة لم تصل لحد الآن إلى عقلك الصغير المتحجر، ما أريد أن أقوله لك ولغيرك منذ البداية الآن واليوم وغدا أن الملائكة خلق غيبي لا نعرف حقيقته, وإنما نؤمن به بإخبار الله تعالى الذي نقف عنده, ولا نَزِيد عليه.
"آية الكرسي كفيلة بأن تقضي على الشيطان ... وتهلكه ... بل وتحرقه حرقا ... أين رأيت هذا؟ وممن سمعته؟ ومن أعلمك بذلك؟ وما دليلك من القرآن والسنة؟
هل تعرف الجدار الناري الذي يحمي الحاسوب الذي تعمل عليه من الفيروسات؟ هل تعلم لماذا سمي بالجدار الناري أيها البطل؟ أنا أقول أن آية الكرسي ... جدار ناري ... يحمي ويحفظ من الشياطين ... فأين الخطأ أيها اللغوي ...؟
لقد صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلـم انه قال :" من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ. ومن فضائل آية الكرسي أنها تحرز الإنسان وتحفظه من الشيطان الرجيم، الشيطان يسعى إلى الإضرار بالعباد و الله عز و جل هو الرؤوف بالعباد شرع لهم أمور تقيهم من شر الشيطان و تبعده عنه، فمن تلك الأمور التي يتقى بها شر الشيطان قراءة آية الكرسي فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن قراءة آية الكرسي تبعد الشيطان عن قارئها وتحفظه من شره، من ذلك ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله في حديثه المعروف مع الشيطان.
فلماذا يبتعد الشيطان عن قارئ آية الكرسي ويخشى الاقتراب منه يا خبير الشياطين ...؟ ما الذي يخشاه الشيطان ويمنعه من الاقتراب أيها الشيطان الصغير ...؟ وهل فكرت ماذا يمكن أن يحصل للشيطان لو أنه فكر في الاقتراب ...؟
إذن تأمل في الآيات التالية تتوصل إلى الجواب:
سورة الحجر - سورة 15 - آية 18
الا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين
سورة الصافات - سورة 37 - آية 10
الا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب
سورة الجن - سورة 72 - آية 8
وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا
سورة الجن - سورة 72 - آية 9
وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا
هذا هو ما يخيف الشياطين أيها الفيلسوف.
قال نعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ... (فاطر 6)
فماذا نفعل لكي نحمي أنفسنا من هذا العدو يا صديق الشياطين ؟
أما اتهامك لي بالإلحاد فمردود عليك، وهو إن دل على شيء، فإنما يدل على مستوى الهبوط والإفلاس والتعسف والإسفاف والتخرص والمروق والرخص والخبث واللؤم والجهل والعناد الشيطاني المفرط الذي وصلت إليه.
نستعيذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم ومن أوليائه، ونستغفر الله، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والله أكبر.
منذر أبو هواش
المفضلات