مساحة تعبيرية
قبل أن يتوضأ للصلاة كان ينتظر في الطابور لدخول الحمام ،كان الطابور طويل ، حركات المصطفين لقضاء الحاجة تدل على اضطراب و قلق لطول انتظارهم كل ينتظر دوره ، الشيخ الهرم يتعدى الطابور يحرق أعصاب الواقفين كان قد عاجله البول ، تركه يمر ليشغل مكانه ، دخل هو wcالشاغر بعد أن خرج منه شاب طويل يرتدي قميصا رمادي اللون ذو لحية طويلة ، أغلق الباب بالمغلاق فتح حزامه نزع "الشورط" ثم أخذ وضعية المتغيّط نظر للباب وجد عليه كتابات تتحدث عن الجهاد و أخرى مساندة لحزب و أخرى لا يفهم خطها، يقولون عن الحمّام أنه بيت راحة ، الباب الخشبي صار صفحة تعبيرية ، قبل أن يخرج وجد تنبيه مكتوب بالبند العريض " أترك مكانك كما تحب أن تجده " هو لم يجد شيئا هناك غير كبتا للحريات كتبت في مكان نتن تفوح منه رائحة العفن.


رئيس بلدية سابق
قال لهم : لو قسّمتم السماء قسمتها معكم ،لم يكن يهتم لأمر الفساد لأنه مفسد أكثر من اللزوم ، الحرام عنده عرف اجتماعي ، أخذ ما أستطاع من أملاك عقارية و محلات ، كان يعطي من يشاء الذي يشاء إذا أعطي الرشوة ، صارت أملاكه قارونية في شعار إعادة هيبة الدولة ، لمّا مرض بالسكري أسّر لأحدهم أنه يشتاق لعنقود عنب يأكله ، كان صديقه رئيس البلدية المنتهية عهدته يقاسمه الأوصاف نفسها ، خرج ذات يوم برفقته لمّا صادفهما مجنون في سبيلهما سأله المخبول أن يعطيه عشرين دينارا لشرب فنجان قهوة ، أخرج من جيبه ورقة نقدية بألف دينار
و أعطاها له، المجنون الوحيد الذي كلمه فأهل البلدة لم يكلموه من حين انتهاء عهدته و رفع الحصانة عليه ، نظر إلى صاحبه باستهزاء قائلا له : لا نستطيع حتى أن نقسم معهم السلام الذي يعيشونه ، هل تذكر كلامك عن تقسيم السماء؟




سيجارة
أراد أن يشعل سيجارة طلب الكبريت من المارة كان جوابهم جميعا : لا ندخن ، كان أحد المارة يحمل سيجارة نحاسية في يده ، سأله : أعطيني أشعل سيجارتي من فضلك ، رد عليه بعصبية : لا أملك كبريت ، لكن السيجارة في يدك مشتعلة أجابه ، لم يأبه له ومضى وجّه له الكلام من جديد : بخلاء حتى في شعلة نار ، ألتفت إليه الرجل الذي كان يسير حانقا : أجعلها في جيبك إذا و أكفي نفسك شر السؤال.

فستان الفرح
دخل محل صديقه للألبسة كانت الأم و ابنتها العروسة تشتريان فستان فرح كان واقفا متفرجا لا يريد أن يقاطع صفقة صديقه مع الزبونة وابنتها خاصة و هو يعي ما معنى الإعراض عن الزبون ولو لثواني ، نظرت إليه الفتاة واقفا ببساطة ثيابه يحدّق في فستان الفرح ، قالت البنت العروسة لأمها : أش معك من النقود ؟ مسكين هذا المتسول أعطيه يا أمي صدقة ، نظر صديقه صاحب المحل إلى عينيه لم يحرك شفتيه بعدما أحمر وجهه خجلا كان ينتظر منه ردة فعل لكنه ضحك لا لأنه انزعج من البنت العروسة لكن لأنه تذكر بساطة ثيابه يوم قالت له حبيبة قلبه التي رحلت :" جميل أنت ببساطتك" قال صاحب المحل : هذا أمين التجار، استدار ليخرج قائلا لها: "أتمنى لزوجك صبرا " كانت جملته صاعقا لم ينفجر بعد....

المسكن الجديد

اتخذ له دارا بالقرب من المقبرة لما أكمل البناء جاءه الأهل و الأصدقاء مباركين له سكنه الجديد ، كان من بين المباركين أعيان البلدة جاءوه ساخرين ، قالوا : ألا تخاف من أشباح المقبرة ؟ رد و السخرية على شفتيه : خوفي ممن لا زال يمشي على رجليه أما الأموات فهم راقدون ، الأشباح لم تعد موجودة إلا في جسد بن آدم....




رأس رحب

كان يمشي في الحقل تائها ، لمّا سقطت على رأسه الأصلع فضلات نورس كان يحلّق فوق رأسه ، عاد أدراجه متمتما : ما أضيقك يا فضاء الله الرحب وأوسعك يا رأسي.