آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: مدينة القدس عبر التاريخ

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي مدينة القدس عبر التاريخ

    مدينة القدس عبر التاريخ
    القدس ما قبل التاريخ

    العموريون والكنعانيون

    اليبوسيون "بناة القدس الأولون " .

    بنو إسرائيل

    عهد القضاة


    --------------------------------------------------------------------------------

    حظيت مدينة القدس - وما تزال - بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، لم تضاهيها في ذلك أية مدينة عبر التاريخ وعلى مر العصور، لقد تميزت هذه المدينة بخصوصية اكتسبتها من انفرادها بالبعد الروحي المرتبط بالزمان والمكان فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الأزل بوجهها الكنعاني الحضاري ، وتمتعت بكل من الموقع والموضع ، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات و أمتها المجموعات البشرية المختلفة، مخلفةً وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ دلالة على عظم وقدسية المكان

    ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات هي سر خلودها واستمرارها آلاف السنين ،رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت إلى هدم المدينة وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة عبر التاريخ ، وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب وأكثر رسوخا من سابقتها ، دليلا على إصرار المدينة المقدسة على البقاء ، فمنذ أن قامت ( القدس الأولى ) الكنعانية قبل نحو 6000 سنة وهي محط أنظار البشرية منذ نشأت الحضارات الأولى في (فلسطين ووادي النيل والرافدين ) مرورا بالحضارة العربية الإسلامية حتى يومنا هذا

    القدس ما قبل التاريخ
    يقدر علماء الآثار أن تاريخ مدينة القدس يرجع إلى حوالي ستة آلاف سنة كما أكدت ذلك تلك الحفريات التي قامت عليها المدرستين الفرنسية والبريطانية برئاسة الأب "ديفو" وبانضمام "رويال انتوريا " برئاسة الدكتور " توستينج هام " ومشاركة جامعة "تورنتو " في كندا عام 1962 م، حيث اعتبرت هذه البعثة أن ما تم التوصل إليه خلال موسم الحفريات من نتائج عن تاريخ مدينة القدس لا تعدو كونها معلومات تعيد صياغة تاريخ القدس، وزيف بطلان النتائج المشوهة التي نشرت في السابق بالاعتماد على ما ورد في التوراة والتي تنادي بقدس ثلاثة آلاف عام

    العموريون والكنعانيون
    وفقا للتقديرات التاريخية فان الهجرة الامورية - الكنعانية من الجزيرة العربية قد حدثت قبل سبعة آلاف سنة ،وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة، ولعل أقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم والتي تعتبر أقدم مدينة في العالم وإن تأرجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين فما من خلاف فيه انهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخيا، وأول من بنى على ارض فلسطين حضارة

    حيث ورد في الكتابات العبرية أن الكنعانيين هم سكان البلاد الأصليين، كما ذكر في التوراه أنه الشعب الاموري ولعل الكنعانيون هم أنفسهم العموريون أو ينحدرون منهم ،وكذلك الفينيقيون، فقد كان الكنعانيون والفينيقيون في الأساس شعبا واحدا ، تجمعهما روابط الدين واللغة والحضارة ولكن لم تكن تجمعهما روابط سياسية إلا في حالات درء الخطر الخارجي القادم من الشمال أو الجنوب

    ووفقا للتوارة فإن كنعان تمتد من اوغاريت ( رأس شمرا ) حتى غزة ، وقد تم العثور على قطعة نقود أثرية كتب عليها " اللاذقية في كنعان " وفي تلك الفترة توصل الكنعانيون إلى بناء الصهاريج فوق السطوح، وحفر الإنفاق الطولية تحت الأرض لإيصال المياه داخل القلاع، ومن أهم هذه الأنفاق نفق مدينة "جازر " التي كانت تقع على بعد 35 كم من القدس

    وكذلك نفق يبوس ( القدس ) ،حفره اليبوسيون ، وجاءوا بالمياه إلى حصن يبوس من نبع "جيحون " .

    اليبوسيون "بناة القدس الأولون "
    اليبوسيون هم بطن من بطون العرب الأوائل، نشأوا في قلب الجزيرة العربية، ثم نزحوا عنها مع من نزح من القبائل الكنعانية التي ينتمون إليها ، إنهم أول من سكن القدس وأول من بنى فيها لبنة

    عندما رحل الكنعانيون عن الجزيرة العربية رحلوا جماعات منفصلة وقد حطت هذه الجماعات في أماكن مختلفة من فلسطين فراحت تدعى ( أرض كنعان )، فبعضهم اعتصم بالجبال ، والبعض الأخر بالسهول والوديان ، وقد عاشوا في بداية الأمر متفرقين في أنحاء مختلفة ، حتى المدن التي انشأوها ومنها(يبوس ، وشكيم ، وبيت شان ، ومجدو ، وبيت ايل ، وجيزر ، واشقلون ، وتعنك ، وغزة ) ،وغيرها من المدن التي لا تزال حتى يومنا هذا، بقيت كل مدينة من هذه المدن تعيش مستقلة عن الأخرى ،هكذا كان الكنعانيون في بداية الأمر، ولكن ما لبث أن اتحدوا بحكم الطبيعة وغريزة الدفاع عن النفس ، فكونوا قوة كبيرة ، واستطاعوا بعدئذ أن يغزوا البلاد المجاورة لهم ، فأسسوا كيانا عظيما بقى فترة طويلة

    كانت يبوس في ذلك العهد حصينة آهلة بالسكان، واشتهرت بزراعة العنب والزيتون كما عرفوا أنواع عديدة من المعادن منها النحاس والبرونز، كما عرفوا أنواع عديدة من الخضار والحيوانات الداجنة، كما عرفوا الخشب واستخدموه في صناعاتهم عن طريق الفينيقيين، كما اشتهروا بصناعة الأسلحة والثياب .

    لقد أسس الكنعانيون واليبوسيون حضارة كنعانية ذات طابع خاص، ورد ذكــرها في ألواح ( تل العمارنة )

    وقد ظهر بينهم ملوك عظماء بنوا القلاع وأنشأوا الحصون وأنشأوا حولها أسواراً من طين، ومن ملوكهم الذين حفظ التاريخ أسماءهم ، (ملكي صادق ) ويعتبر هو أول من بنى يبوس وأسسها ،وكانت له سلطة على من جاوره من الملوك، حيث أطلق بنو قومه عليه لقب (كاهن الرب الأعظم )

    كانت يبوس في ذلك العهد ذات أهمية من الناحية التجارية وكانت من أنشط المدن الكنعانية وذلك لأنها واقعة على طرق التجارة ،كما كانت ذات أهمية من الناحية الحربية لأنها مبنية على أربعة تلال وكانت محاطة بسورين وحفر اليبوسيون تحت الأرض نفقا يمكنهم من الوصول إلى "عين روجل " والتي سميت الآن "عين أم الدرج"

    كذلك كان فيها واد يعرف بواد الترويين يفصل بين تل أوفل وتل مدريا -عندما خرج بنو إسرائيل من مصر ، ونظروا أرض كنعان ورأوا فيها ما رأوا من خيرات راحوا يغيرون عليها بقصد امتلاكها …… قائلين : أنها هي الأرض التي وعدهم الله بها ، وبذلك أيقن الكنعانيون الخطر القادم فطلبوا العون من مصر ، ذلك لأن بني إسرائيل كانوا كلما احتلوا مدينة خربوها واعملوا السيف فيها ، أما المصريون فقد كانوا يكتفون بالجزية ،فلا يتعرضون لسكان البلاد وعاداتهم ومعتقداتهم ولم يتوان المصريون في مد يد العون إلى الكنعانيين ، فراحوا يدفعوا الأذى عنهم ونجحوا في صد الغارات والكنعانيين ضد العبريين

    ومن الجدير ذكره أن هناك بين ألواح تل العمارنة التي وجدت في هيكل الكرنك بصعيد مصر لوح يستدل منه على أن (عبد حيبا ) أحد رجال السلطة المحلية في أورسالم أرسل (1550 ق. م) إلى فرعون مصر تحتمس الأول رسالة طلب إليه أن يحميه من شر قوم دعاهم في رسالته ب ( الخبيري ) أو ( الحبيري)

    ملاحظة " لمزيد من المعلومات الرجوع لبؤرة معلومات فلسطينيات ( التاريخ والحق العربي في فلسطين )

    بنو إسرائيل
    في عهد الفرعون المصري ( رعمسيس الثاني ) وولده "مرن بتاح" ، خرج بنو إسرائيل من مصر وكان ذلك عام (1350 ق . م ) ،لقد اجتازوا بقيادة زعيمهم "موسى " صحراء سيناء حاولوا في بادئ الأمر دخول فلسطين من ناحيتها الجنوبية ، فوجدوا فيها قوما جبارين فرجعوا إلى موسى وقالوا له اذهب" أنت وربك فقاتلا ، أنا هاهنا قاعدون " وبعدها حكم عليهم الرب بالتيه في صحراء سيناء أربعين عاما

    وبعدها توفي موسى ودفن في واد قريب من بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى الآن لقد تولى "يوشع بن نون "قيادة بني إسرائيل بعد موسى ( وهو أحد الذين أرسلهم موسى لعبور فلسطين )، فعبر بهم نهر الأردن (1189 ق .م ) على رأس أربعة أسباط هي : راشيل افرايم، منسه ، بنيامين ، واحتل أريحا بعد حصار دام ستة أيام فأعملوا فيها السيف وارتكبوا أبشع المذابح، ولم ينج لا رجل ولا امرأة ولا شيخ ولا طفل ولا حتى البهائم ……. ثم احرقوا المدينة بالنار مع كل مافيها ، بعد أن نهبوا البلاد وبعدها تمكنوا من احتلال بعض المدن الكنعانية الأخرى حيث لقيت هذه المدن أيضا ما لقيته سابقتها

    و بعد أن سمع الكنعانيون نبأ خروج بني إسرائيل من مصر هبوا لاعداد العدة ،حيث عقد ملك اورسالم (أدوني صادق) حلفاً مع الملوك المجاورين له وكان عددهم واحدا وثلاثين مكونين جيشا مجهزا قويا ، ولذلك لم يتمكن يشوع من إخضاع الكنعانيين ومات دون ان يتمكن من احتلال ( أورسالم ) لأنها كانت محصنة تحصينا تاما وكانت تحيط بها أسوار منيعة

    ولقد مات يشوع بعد أن حكم سبعا وعشرين سنة بعد موت موسى، وبعده تولى قيادة بني إسرائيل (يهودا ) و أخوه ( شمعون ) .حيث غزا بنو إسرائيل في عهدهما الكنعانيين مرة أخرى وحاولوا إخضاعهم ورغم أن الكنعانيين خسروا ما يقارب عشرة آلاف رجل في هذه المعركة إلا أن بني إسرائيل أرغموا على مغادرة المدينة


    عهد القضاة
    عاش بنو إسرائيل على الفوضى والضلال طيلة حكم القضاة وعددهم أربعة عشر، وكان تاريخهم عبارة عن مشاغبات وانقسامات ، حيث ارتد الكثير من الإسرائيليين إلى ديانات الكنعانيين وعبادة أوثانهم "كبعل " و" عشتروت " ،هذا بالإضافة إلى الانقسامات والانقلابات الداخلية التي دبت في صفوفهم فكانوا يلتفون حول القائد الذي يتولى قيادة أمورهم سنة ، ثم ينقلبون عليه ويعصون أوامره سنين ، وخلال هذه الفوضى لم يذوقوا طعم الحرية والاستقلال أبدا ،إذ حاربهم الكنعانيون وقضوا مضاجعهم أجيالا طويلة ،ومن ثم حاربهم المؤابيون ،والحقوا بهم الذل والهوان ، ثم حاربهم المديانيون والعمونيون والفلسطينيون حيث كانت حروبهم مع الفلسطينيين أشد ضراوة و أبعدها أثرا ،الأمر الذي أدى إلى انتحار " شاؤول " ملك العبرانيين سنة ( 1095 ق. م)

    ويذكر لنا التاريخ أن المدن ( الكنعانية - الفلسطينية) التي عجز العبرانيون عن فتحها كانت ذات حضارة قديمة، حيث كانت المنازل مشيدة بإتقان، فيها الكثير من أسباب الراحة والرفاهية وكانت مدنهم تشتهر بحركة تجارية وصناعية نشطة وكانت هذه المدن على علم ومعرفة بالكتابة، ولها ديانة كما لها حكومة سياسية أيضا ، لقد اقتبس أولئك العبرانيون السذج من مواطني المدن الكنعانية حضارة لانهم لم يستطيعوا أن يعيشوا بمعزل عن أهل هذه المدن التي عجزوا عن فتحها وقد أحدث هذا الامتزاج تغيرات جوهرية في حياة العبرانيين ،فترك بعضهم سكنى الخيام وشرعوا يبنون بيوتا كبيوت الكنعانيين، وخلعوا عنهم الجلود التي كانوا يلبسونها وهم في البادية ،ولبسوا عوضا عنها الثياب الكنعانية . هذا حال العبرانيين الذين أقاموا في الشمال الخصيب ، أما أولئك الذين أقاموا في الجنوب من فلسطين فقد حافضوا على أسلوب معيشتهم البدوية القديمة

    ومن الجدير ذكره في تاريخ بني إسرائيل في تلك الحقبة أن منازعات داخلية كبيرة نشبت بين شاؤول وداود وبين أسرتيهما ، أما داود فقد حالف الفلسطينيين وعقد معهم حلفا والآخر أراد أن يحصل على استقلاله بالقوة ، الأمر الذي عصى عليه ومات مقهورا

    ويدعي بعض اليهود أن المسجد الأقصى قد أقيم على أنقاض الهيكل الذي بناه سليمان بعدما أصبح ملكا علي بني اسرائيل بعد موت ابيه داوود غير أن هذا ليس صحيحا ، فحتى هذه اللحظة لم يكتشف أي اثر يدل على بناء الهيكل في هذا المكان أو في منطقة القدس ، وحتى هذه اللحظة لم يستطع أحد أن يحدد مكان مدينة داود فكيف لليهود أن يتحدثوا عن الهيكل

    - ونذكر هنا ان مدينة القدس تعرضت لغزوات عديده كان اولها من قبل الكلدانيين، حيث قام "نبوخد نصر" بسبي بعض اليهود المقيمين في اطراف المدن الكنعانية لرفضهم دفع الجزية فيما عرف بالسبي البابلي الاول وتلاه غزو اخر عرف بالسبي البابلي الثاني بسبب انضمام بعض اليهود الرعاع الي جملة المدن الثائرة علي بابل عام 586 قبل الميلاد، واقتاد عددا منهم اسرى الي بابل. حيث تلا ذلك الغزو الفارسي للمدينة سنة (539-538ق.م)

    ومن ثم تعرضت المدينه للغزو اليوناني عندما دخل الاسكندر المقدوني الكبير فلسطين سنة 332 ق.م. وبعد ذلك دخلت الجيوش الرومانية القدس سنة 63 ق.م على يد "بوبي بومبيوس " الذي عمل على تدميرها بعد أن تم دمج الأطراف الشرقية للبحر الأبيض المتوسط في الإمبراطورية الرومانية وفي هذه الأثناء عهد "بومبي " سورية إلى أحد الموظفين الرومان البارزين وهو "غابينيوس" (57-55 ق.م ) والذي عمل على فرض ضرائب باهضة على السكان وتقسيم الدولة إلى خمسة أقاليم يحكم كل منهما مجلس ، و أعاد "نما بينيوس " بناء عدد من المدن اليونانية -السورية التي كان المكابيون قد هدموها مثل السامرة وبيسان وغزة

    في تلك الفترة شهدت روما حروبا أهلية ،ودب الاضطراب في الدولة الرومانية كلها، مما أدى إلى انتقال هذه الاضطرابات إلى سورية ،و أثناء تقسيم العالم الروماني من قبل الحكومة الثلاثية ،أصبحت سورية ومصر والشرق تحت سلطة " انطونيو " المعروف بعلاقاته مع "كليوباترا " ملكة مصر

    وفي هذه الأثناء أهمل "انطونيو "الأسرة الكابية ،ووضع مكانها الأسرة الهيرودية، وقد برز من هذه الأسرة "هيرودوس الكبير " عام 37ق.م الذي أخذ "أورشليم " ووطد سلطته عليها وبقى على الحكم ما يقارب الثلاثة وثلاثين عاما بدعم من روما . وكان "لهيرودس الكبير " فضل إعادة تعمير مدينة القدس وبناء بعض المرافق العامة . وتوفي هيرودس في عام 4 ق.م ، بعد نحو سنتين من ميلاد المسيح .
    http://www.pnic.gov.ps/arabic/alquds/quds.html#file15

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي

    حائط البراق وليس حائط المبكى

    ـــــــــــــــــــــــــــــ
    د. عادل حسن غنيم*



    أولاً: تمهيد ديني وتاريخي

    حائط البراق حائط يحد الحرم القدسي الشريف من الغرب. وترجع هذه التسمية إلى أن الرسول (ص) طبقاً لما أشارت إليه مصادر إسلامية عديدة في تفسيرها للآية الكريمة "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" أن الرسول ركب البراق حتى باب المسجد الأقصى حيث ربط الدابة قرب الباب في مكان بالحائط الغربي للحرم، في الحلقة التي كان يربط فيها الأنبياء من قبل، ودخل المسجد حيث صلى بالأنبياء ثم عُرج به إلى السماوات العلا. (1)

    أما حائط المبكى فهو ـ في زعم اليهود ـ جزءٌ من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف وآخر أثر من آثار هيكل سليمان عليه السلام (2) وأقول في زعم اليهود لأنه سوف يتضح من هذه الدراسة أن هذه المقولة لا تستند إلى أي أساس ديني أو تاريخي أو قانوني.

    إن أهمية بيت المقدس لدى العرب والمسلمين ترجع إلى عدة أسباب:

    أولاً: أن الله خصها بالعديد من الأنبياء ابتداءً من إبراهيم عليه السلام حتى عيسى بن مريم صلوات الله عليه.

    ثانياً: أن الله خصها بإسراء ومعراج نبيه الكريم.

    ثالثاً: لأن فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. (3)

    فقد صلى إليها الرسول والمسلمون بمكة، ثم ستة عشر شهراً بالمدينة، ثم أمره الله أن يتحول إلى الكعبة بقوله تعالى "فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره". (4)

    والمسجد الأقصى هو ثاني مسجد على الأرض بعد المسجد الحرام، وهناك عدة روايات حول من بناه، منها أن آدم هو الذي بناه (5) ومنها أن الذي بناه يعقوب ثم جدده داود، وأتمه سليمان عليه السلام.

    وأما بالنسبة لهيكل سليمان فقد بناه في أورشليم سليمان عليه السلام ليكون مركز العبادة اليهودية، وكان الغرض من بنائه هو عبادة الله سبحانه وتعالى، حيث كان الهيكل مسجد للموحدين. (6)

    وليس هناك دليل على المكان الذي بُني فيه الهيكل، فبينما تذكر بعض المصادر أنه بنى خارج ساحات المسجد الأقصى، تذكر أخرى أن مكانه تحت قبة الصخرة (7) وتذكر المصادر اليهودية أنه تحت المسجد الأقصى.

    وطبقاً لما ذكرته المصادر التاريخية، فقد تم بناء الهيكل وهدمه ثلاث مرات، فقد تم تدمير مدينة القدس والهيكل عام 587 ق.م على يد نبوخذ نصر ملك بابل وسُبى أكثر سكانها، وأعيد بناء الهيكل حوالي 520-515 ق.م وهُدم الهيكل للمرة الثانية خلال حكم المكدونيين على يد الملك أنطيوخوس الرابع بعد قمع الفتنة التي قام بها اليهود عام 170ق.م، وأعيد بناه الهيكل مرة ثالثة على يد هيرودوس الذي أصبح ملكاً على اليهود عام 40 ق.م بمساعدة الرومان. وهدم الهيكل للمرة الرابعة على يد الرومان الذين فتحوا مدينة القدس عام 70م ودمروها بأسرها. (8)

    ويروى لنا الكتاب المقدس حالة الهيكل قبل الهدم الثالث، ونبوءة المسيح عليه السلام بخرابه، حيث لم يحافظ اليهود على كون الهيكل مكاناً للموحدين، وحولوا مكان الهيكل إلى مكان للبيع والشراء، فطبقاً لما ورد في إنجيل متى "ودخل يسوعُ إلى هيكل الله، وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل، وقلب موائد الصيارفة، وكراسي باعة الحمام، وقال لهم. مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارةً للصوص…".

    "يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين، إليها كم مرةً أردتُ أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا. هو ذا بيتكم يترك لكم خراباً…" (9)

    وفي فقرة أخرى من الإنجيل ورد النص التالي "ثم خرج يسوعُ ومضى من الهيكل. فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذه. الحق أقول لكم أنه لا يُترك هاهنا حجر على حجر لا يُنقض". (10)

    ولقد تحققت نبوءة المسيح عليه السلام، فقد تم تدمير الهيكل على يد الرومان وهو التدمير الأخير للهيكل.

    وبينما تشير بعض المصادر إلى أن الهيكل لم يبق فيه سوى قسم من حائطه الغربي. (11) تشير أخرى إلى أن سائر أجزاء الهيكل لم يبق منها شيء (12).

    فعندما حدثت حادثة الإسراء لم يكن بهذا المكان بناءٌ معروف بالمسجد الأقصى، وإنما كان المكان الموجود بين أسوار الحرم الشريف في القدس مكاناً مخصصاً لعبادة الله سبحانه وتعالى، ولم يكن مسجداً بالمعنى الحالي، وإنما سُمي في الآية الكريمة بالمسجد، لأنه مكان العبادة. (13)

    ومنذ حادثة الإسراء عرف أهل القدس سواء بالتواتر أو التوارث أنه يوجد مكان في الحائط الغربي للحرم القدسي يسمى البراق. (14)

    أما بالنسبة للمسجدين المعروفين الآن باسم المسجد الأقصى ومسجد الصخرة فقد تم بناؤهم خلال الحكم الأموي، حيث شرع عبد الملك بن مروان في بنائهما عام 65 هـ ويبدو أن بعض أجزاء البناء قد تمت في عهد الوليد بن عبد الملك.

    ولإنجاز هذا المشروع الكبير تم رصد خراج مصر سبع سنوات، كان تحمل الأموال خلالها إلى بيت المقدس، حتى تم البناء. (15)

    وقد تابع الخلفاء والسلاطين والملوك فيما بعد الاهتمام بهذين المسجدين والإنفاق على صيانتهما، بسبب مكانتهما الدينية، وباعتبارهما من مفاخر العمارة العربية والإسلامية.

    وشهدت القدس ثلاث فترات من العمران، الأولى خلال الحكم الأموي، والثانية خلال العصر المملوكي 1250 ـ 1516 والثالثة خلال القرون الأولى من الحكم العثماني (القرن العاشر الهجري والسادس عشر الميلادي) (16)

    ومن يتابع التاريخ العثماني سوف يجد عدداً من السلاطين العثمانيين أحسنوا معاملة اليهود قبل ظهور أهدافهم الصهيونية. فقد سمح لهم السلطان محمد الفاتح 1451-1481 بالاستقرار في استنبول، وعندما طُرد اليهود من أسبانيا عام 1493 أصدر السلطان بايزيد الثاني أمراً يقضي بحسن معاملتهم.

    وهكذا أصبحت فلسطين وممتلكات الدولة العثمانية في أوائل القرن السادس عشر ملجأً لليهود المطرودين من أسبانيا والبرتغال أو الهاربين من البلاد الأوروبية الأخرى. (17)

    فخلال حكم السلطان القانوني 1520- 1566 شهدت الدولة العثمانية صحوة حضارية واستفادت بيت المقدس بصفة خاصة من جهوده الإصلاحية، فقد أمر سليمان بإعادة بناء أسوار المدينة، وبلغ طول السور الذي ما زال قائماً حتى اليوم ميلين وارتفاعه حوالي أربعين قدماً.

    ودعا السلطان رعاياه إلى الإقامة في بيت المقدس خاصة اللاجئين اليهود الذين استقروا في الدولة العثمانية بعد طردهم من أسبانيا وكان معظم اليهود يفضلون في ذلك الوقت الإقامة في طبرية وصفد، لكن مجمعتهم في القدس تزايد عدداً في عصر سليمان (كان عددهم في القدس في منتصف القرن الخامس عشر 1650 نسمة).

    والذي يهمنا هنا ما حدث من سليمان القانوني بالنسبة للحائط الغربي للحرم الشريف، فقد صدر منذ ثلاث سنوات كتاب هام عن القدس لمؤلفة أمريكية (18) تذكر فيه أن اليهود لم يظهروا في الماضي أي اهتمام بذلك الجزء من الحائط، وأن المكان في عهد هيرودس بعد أن أعيد بناء الهيكل للمرة الثانية عام 40 ق.م كان جزءاً من مركز تجاري ولم تكن له أهمية دينية، وأن اليهود كانوا يتجمعون للصلاة على جبل الزيتون وعند بوابات الحرم، وأنهم عندما منعوا من دخول المدينة أثناء الفترة الصليبية كانوا يصلون عند الحائط الشرقي للحرم. وتضيف المؤلفة الأمريكية أن سليمان القانوني هو الذي أصدر فرمانا يسمح بمكان لليهود للصلاة عند الحائط الغربي.

    ويُقال أن سنان باشا مهندس البلاط الكبير هو الذي قام بتخطيط الموقع وبالحفر كي يتيح للحائط ارتفاعاً أكبر، وقام ببناء حائط مواز له يفصل مصلى اليهود عن حي المغاربة الذي يعتبر وقفاً إسلامياً من أواخر القرن 12م وسرعان ما أصبحت المنطقة مركز الحياة الدينية ليهود القدس.

    ويضيف المصدر بأنه لم تكن تقام هناك بعد طقوس رسمية للعبادة، غير أن اليهود كانوا يحبون قضاء فترة ما بعد الظهيرة هناك يقرءون المزامير ويقبلون الأحجار، وسرعان ما اجتذب الحائط الغربي أساطير كثيرة، فقد تم ربط الحائط بأقاويل من التلمود تخص الحائط الغربي للهيكل، وهكذا أصبح الحائط رمزاً لليهود وأصبحوا يشعرون بتواصلهم مع الأجيال الماضية، وبمجدهم الذي ولى.

    ومن الواضح أن ما ذكرته المؤلفة الأمريكية من أن سليمان القانوني هو الذي سمح لليهود بمكان للصلاة عند الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف قد حدث فعلاً، حيث ورد في بحث مقدم من روحي الخطيب أمين القدس السابق إلى مؤتمر حماية المقدسات والتراث الإسلامي في فلسطين نص أخذه من الموسوعة اليهودية الصادرة في القدس عام 1971، يقول النص:

    "إن الحائط الغربي أصبح جزءاً من التقاليد الدينية اليهودية حوالي سنة 1520م نتيجة للهجرة اليهودية من أسبانيا وبعد الفتح العثماني سنة 1517م" (19)

    ويعني ما ورد في المرجعين الأمريكي واليهودي أن العثمانيين في عهد السلطان سليمان القانوني هم الذين منحوا اليهود حق التعبد والصلاة عند حائط البراق أو الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف من قبيل التسامح الديني مع اليهود بعد طردهم من أسبانيا أواخر القرن الخامس عشر الميلادي.

    ويدعم هذه الحقيقة نص ورد في تقرير اللجنة الدولية لتحديد الحقوق والادعاءات بشأن الحائط، حيث يذكر أنه وردت إشارة لأحد الباحثين في سنة 1625م تتحدث عن إقامة صلوات منظمة عند الحائط لأول مرة. (20)

    ومع أن الأطماع اليهودية لم تكن واضحة في ذلك الوقت، لكن الذي يؤخذ على بعض السلاطين العثمانيين أنهم رغم إصلاحاتهم لم يكونوا على قدر كافٍ من الوعي بقدسية هذا المكان الذي شهد حادثة الإسراء والمعراج، والذي كان أول قبلة للمسلمين.

    وخلال الحكم المصري للشام 1831- 1840 كان يُسمح لليهود بالاقتراب من الحائط والبكاء عنده مقابل 300 جنيه إنجليزي كانوا يسددونها سنوياً لوكيل وقف أبو مدين. (21)

    ووقف أبو مدين هذا أرض مجاورة للحائط الغربي من المسجد الأقصى أوقفها الملك الأفضل بن صلاح الدين عام 1192م على الحجاج المغاربة حيث تم بناء منازل لهم فيها عرفت باسم حي المغاربة، ثم أطلق عليها فيما بعد اسم "أبى مدين الغوث"؟ وتم توثيق الوقفية عام 1630م. (22)

    لكن إبراهيم باشا أصدر مرسوماً في مايو 1840 حظر فيه على اليهود تبليط الممر الكائن أمام الحائط، ورخص لهم بزيارته فقط على الوجه القديم.

    ورغم موقف السلطان عبد الحميد من عدم الموافقة على هجرة اليهود إلى فلسطين، لكنه بالنسبة لليهود المقيمين في فلسطين أصدر عام 1889م فرماناً يمنع فيه التعرض للأماكن التي يؤدي فيها اليهود طقوسهم أثناء الزيارة. مما يعنى التسامح مع اليهود الذين يتمتعون بالجنسية العثمانية.

    وقد ورد في مؤلفات مختلفة معاصرة أن السياح الذين زاروا الأرض المقدسة خاصة خلال القرنين 19، 20 ذكروا أن اليهود استمر ذهابهم إلى الحائط وجواره لتقديم تضرعاتهم. (23)

    واضح إذن أن عادة الصلاة عند الحائط تم تقنينها خلال الحكم العثماني وخاصة خلال القرن 16 على يد سليمان القانوني، كما أن عادة البكاء عند الحائط تم تقنينها خلال الحكم المصري للشام في ثلاثينيات القرن 19.

    أما بالنسبة لما تذكره المصادر اليهودية عن علاقة اليهود بالحائط بعد هدمه فتروى أن اليهود اعتادوا بعد خرابه للمرة الثانية الذهاب إلى أطلاله لكنها لم تشر إلى البكاء عند الأطلال. كما يذكر عدد من المؤرخين اليهود في القرنين 10، 11 أن اليهود كانوا يذهبون إلى الحائط لإقامة شعائرهم الدينية خلال الحكم العربي، وأنه في الطور الأخير من الاحتلال الصليبي للقدس كان اليهود يقيمون صلاتهم الدائمة عند الحائط. (24) فالمصادر اليهودية وحدها هي التي ذكرت ذلك، وليس هناك أدلة أو شواهد على صدق قولها.

    ثانياً: كيف أثيرت مشكلة الحائط بين العرب واليهود وكيف تطورت؟

    لقد بدأت جذور المشكلة قبل الحرب العالمية الأولى عندما احتج متولي الأوقاف أبى مدين الغوث في 12 تشرين الثاني 1327هـ (1911) أن أفراد الطائفة اليهودية الذين جرت عادتهم بزيارة الحائط وقوفاً أخذوا مؤخراً يجلبون معهم كراسي للجلوس عليها أثناء الزيارة. وطلب متولي الأوقاف ايقاف هذه الحالة تجنباً لادعاء اليهود في المستقبل بملكية المكان.

    وبناءً على ذلك أصدر مجلس إدارة لواء القدس تعليمات تنظم زيارة اليهود للحائط، وتمنع جلب أي مقاعد أو ستائر عند الحائط. (25)

    ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى واعتماداً على تصريح بلفور الذي يعد بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، أخذ اليهود يسعون إلى تثبيت حقوق واسعة لهم في هذا المكان عن طريق تغيير الحالة الراهنة التي كان عليها الحائط قبل الحرب. حيث بدأوا تحركهم عام 1919م بما قدموه من عرائض رسمية ونشروه من مقالات، ووصل الأمر إلى نشر صور لهيكل يهودي جديد مكان مسجد الصخرة ونشر صور لهذا المسجد يعلوها العلم الصهيوني والكتابات العبرانية، وأخذ اليهود يساومون على شراء المنطقة الوقفية الواسعة المحيطة بالحائط، وعرضوا أرقاماً باهظة للشراء. (26)

    وعندما وضع صك الانتداب على فلسطين الذي صودق عليه من قبل عصبة الأمم في 24 يوليو 1922 تضمنت مواده الثمانية والعشرون عدداً من المواد المتعلقة بالأماكن المقدسة كان أهمها المادة 14التي تنص على ما يلي:

    "تؤلف الدولة المنتدبة لجنة خاصة لدرس وتحديد وتقرير الحقوق والادعاءات المتعلقة بالأماكن المقدسة والحقوق والادعاءات المتعلقة بالطوائف الدينية المختلفة في فلسطين، وتعرض طريقة اختيار هذه اللجنة وقوامها ووظائفها على مجلس عصبة الأمم لإقرارها، ولا تعين اللجنة ولا تقوم بوظائفها دون موافقة المجلس المذكور (27) لكن هذه اللجنة لم تعين إلا عام 1930 بعد أن أوصت لجنة التحقيق في أسباب انتفاضة البراق عام 1929 بسرعة تعيينها. (28)، وطوال السنوات22، 23، 25، 26، 28، كان هناك محاولات يهودية لجلب مقاعد عند الحائط لكنهم في عام 1928 حاولوا استخدام خزانة ومصابيح وحصر وستائر للفصل بين الرجال والنساء، وأرسل مفتي فلسطين رسائل إلى حاكم القدس ينبهه إلى تلك المخالفات(29)، وصدرت التعليمات من الإدارة المنتدبة في أكثر من موقف بمنع اليهود من جلب كراسي أو ستائر إلى الحائط. (30)

    ولفترة تقرب من العام اعتبار من سبتمبر 1928 حتى أغسطس 1929 الذي حدثت فيه انتفاضة البراق حدثت مشادات واحتجاجات وتجاوزات كلامية وكتابية وسياسية بين العرب واليهود في فلسطين وخارجها. (31) وشكلت لجنتان إحداهما عربية للدفاع عن البراق والأخرى يهودية للدفاع عن المبكى، ودعت لجنة الدفاع عن البراق لعقد مؤتمر إسلامي عام في أول نوفمبر 1928 حضره مندوبون عن فلسطين وسوريا وشرقي الأردن (32) حيث احتج المؤتمر على أية محاولة لإحداث أي حق لليهود في مكان البراق، وشكل المؤتمر جمعية عرفت باسم "جمعية الأماكن الإسلامية المقدسة" (33)

    وصدر في الشهر نفسه كتاب أبيض من الحكومة البريطانية برقم 3229 مؤيداً المحافظة على الحالة الراهنة داعياً اليهود والمسلمين إلى عقد اتفاق فيما بينهم لتحديد حقوقهم وواجباتهم في الأماكن المقدسة.

    لكن الاتفاق لم يحدث، فطلبت الحكومة من الطرفين ابراز ما لديهما من مستندات لتتمكن من الفصل في الموضوع (34) فقدم المجلس الإسلامي ما لديه من مستندات، لكن الجهة اليهودية المسؤولة لم تقدم أية مستندات واكتفت بإرسال بحث فقهي عن الموضوع. (35)

    واستقر في أذهان المسلمين في ذلك الوقت أن اليهود يطمعون في الأماكن المقدسة وأنهم ينوون الاستيلاء على المسجد الأقصى. ورغم تكرار نفي ذلك من قبل السلطة البريطانية والمنظمات اليهودية المسؤولة في فلسطين، لكن المسلمين في فلسطين لم يصدقوا ذلك، خاصة وهم يرون محاولات مستمرة من اليهود لتغيير الأوضاع المستقرة عند الحائط(36)، وفي هذا الجو المتوتر صدرت قرارات المؤتمر الصهيوني السادس عشر الذي عقد في زيورخ من 28 يوليو إلى 11 أغسطس 1929 والتي كان من أهمها المطالبة بفتح أبواب فلسطين على مصراعيها لليهود (37)، وبذل الجهود لحمل الحكومة البريطانية على سحب كتابها الأبيض لعام 1928 الذي اعترف بحقوق المسلمين في الأماكن المقدسة (38) كما عقد فور انتهاء المؤتمر الصهيوني أول اجتماع للوكالة اليهودية (39) التي جمعت الصهاينة واليهود. وتابعت لجنة الدفاع اليهودية عن المبكى نداءاتها المقلقة لإثارة يهود العالم إلى أن يعاد إليهم حائط المبكى.

    وأما من الجانب الإسلامي فلم تكن جمعية حراسة الأماكن المقدسة هادئة، فقد كانت تصدر البيانات تباعاً وكان لكل من الجمعية واللجنة دور هام في تصاعد هذه الأحداث حتى انفجار الانتفاضة في 15 أغسطس 1929.(40)

    وليس الآن موضع الحديث عن انتفاضة البراق عام 1929 والتي كانت أول انتفاضة تشمل معظم أنحاء فلسطين واستمرت أسبوعين كاملين استعانت بريطانيا خلالها بقوات من القواعد البريطانية خارج فلسطين.

    ورغم أن السبب المباشر لتلك الانتفاضة كان محاولات اليهود اكتساب حقوق جديدة قرب الحائط، لكن ذلك لم يكن غير الشرارة التي فجرت الانتفاضة، والمبرر الذي تلقفه عرب فلسطين لتأكيد محافظتهم على حقوقهم، وإعلان احتجاجهم على جهود بريطانيا لإقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.

    وخلال الشهر التالي للانتفاضة فكرت السلطة المنتدبة في تطبيق المبادئ التي وردت في الكتاب الأبيض لعام 1928 بشأن الحائط، وأبلغت ذلك إلى رئاسة الحاخامين في اليوم الأول من اكتوبر 1929، غير أن هذه التعليمات لم ترض اليهود لأنهم كانوا يحاولون الحصول على مزيد من الحقوق عند الحائط، ولم ترض العرب الذين كانت بعض هيئاتهم مثل جمعية حراسة الأماكن المقدسة ترفض قبول المبادئ المقررة في الكتاب ولتي تقول بأن للطائفة اليهودية حق التوجه إلى الحائط في جميع الأوقات لإقامة الشعائر(41).

    ونتيجة للضغوط اليهودية أصدرت الحكومة بياناً جديداً في اكتوبر 1929 يتضمن تراجعاً عما جاء في كتابها الأبيض، لكن تهديد العرب بالإضراب العام (42) جعلت الحكومة تجمد الوضع على ما هو عليه حتى يعاد تنظيم قوة الشرطة ويتم حماية المستعمرات اليهودية المكشوفة.(43)

    وهكذا شغل موضوع الحائط فلسطين والحكومة المنتدبة عامي 28، 29 وبدلاً من أن تتدارس اللجنة التنفيذية العربية الوسائل الكفيلة بتدعيم الكفاح الوطني أو الطرق العلمية لمواجهة الموقف نراها تدرس في اجتماعها مساء يومي 12، 13 اكتوبر 29 إغلاق المساجد والكنائس احتجاجاً على التعليمات الجديدة بشأن الحائط وتأليف وفد لزيارة البراق الشريف ليقطع عهداً بالمحافظة عليه، كما أرسلت برقية إلى الزعماء العرب تستصرخهم فيها تأييدها لمقاومة العدوان اليهودي واستنكاره والاحتجاج على السياسة المعادية للمصالح العربية، لكن الاستغاثة لم تجد لها أي صدى. (44)

    ثالثاً: عين وزير المستعمرات البريطاني في 13 سبتمبر 1929 لجنة عرفت باسم لجنة شو للتحقيق في الأسباب المباشرة للانتفاضة ووضع التدابير لمنع تكرارها (45) وكان من توصيات تلك اللجنة:

    ـ سرعة تعيين لجنة لتحديد الحقوق والادعاءات بشأن الحائط التي أشار إليها صك الانتداب. ونظراً لأن تلك الانتفاضة كانت نتيجة مباشرة لإثارة قضية تحديد الحقوق المتعلقة بالأماكن المقدسة، وتجنباً لحدوث انتفاضات أخرى اقترحت الحكومة البريطانية على مجلس عصبة الأمم تشكيل لجنة لهذا الغرض، حيث وافق مجلس العصبة في 15 مايو 1930 على تشكيلها برئاسة وزير الشؤون الخارجية السابق في حكومة السويد رئيساً، وعضوية نائب رئيس محكمة العدل في جنيف، ورئيس محكمة التحكيم النمساوية الرومانية المختلطة وحاكم الساحل الشرقي لجزيرة سومطرة السابق وعضو برلمان هولندا، وهي لجنة دولية محايدة وعلى أعلى مستوى قضائي وتحكيمي. ووصلت اللجنة إلى القدس في 19 يونيو 1930 حيث أقامت شهراً كاملاً في فلسطين، وكانت في كل يوم تعقد جلسة أو جلستين ما عدا يومي الجمعة والسبت باعتبارهما يومي عطلة لدى المسلمين واليهود.

    وأثناء الجلسات التي عقدتها اللجنة وعددها 23 جلسة استمعت اللجنة إلى شهادة 52 شاهداً من بينهم 21 من اليهود و 30 من المسلمين، وشاهد واحد بريطاني. وقدم الطرفان إلى اللجنة 61 وثيقة منها خمس وثلاثون مقدمة من اليهود وست وعشرون وثيقة مقدمة من المسلمين. (46)

    وتقاطرت الوفود من انحاء العالم الاسلامي الى القدس للدفاع عن القضية وإعلان تمسك المسلمين بملكية الحائط، فقد سافر من مصر أحمد زكي ومحمد علي علوبة ومحمد الغنيمي التفتازاني، ومن العراق مزاحم الباجهجي، ومن لبنان صلاح الدين بينهم ومن ايران ميرزا مهدي، ومن أفغانستان السيد عبد الغفور، ومن أندونسيا أبو بكر الأشعري وعبد القهار مذكر ومن الهند عبد الله بهائي والشيخ عبد العلي، ومن بولونيا مفتيها الدكتور يعقوب شنكوفتش. اضافة إلى عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة عوني عبد الهادي، أمين التميمي، أمين عبد الهادي، جمال الحسيني، محمد عزت دروزة، راغب الدجاني والشيخ حسن أبو السعود، إضافة إلى شخصيات أخرى من مراكش والجزائر وطرابلس والمغرب وسوريا وشرقي الأردن. (47)

    وكان لهذه المظاهرة الإسلامية الكبرى دلالاتها ومغزاها العميق، فلم تكن المسألة تعنى مجرد المحافظة على حائط البراق بقدر ما كانت تتعلق بفكرة الدفاع المشترك عن الآثار والتراث والذكريات الإسلامية، واستعداد المسلمين للتضامن دفاعاً عما يقع عليهم من ضروب الاعتداء. (48)

    لكن حجة المسلمين كانت هي الغالبة، إذ استطاع دفاعهم أن يثبت أن جميع المنطقة التي تحيط بالجدار وقف إسلامي بموجب وثائق وسجلات المحكمة الشرعية، وأن نصوص القرآن وتقاليد الإسلام صريحة بقدسية المكان عندهم، وأن زيارة اليهود للحائط منحة محددة بموجب أوامر الدولة العثمانية، وبموجب أوامر الحكم المصري للشام، ولم تكن إلا زيارة مجردة، لا صوت فيها ولا إزعاج ولا أدوات جلوس أو ستائر. (49)

    وبعد أكثر من خمسة أشهر من بدء جلسات اللجنة الدولية في القدس، وبعد أن استمعت إلى ممثلي العرب واليهود، واطلعت على كل الوثائق التي تقدم بها الطرفان، وزارت كل الأماكن المقدسة في فلسطين عقدت اللجنة جلستها الختامية في باريس من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 1930 حيث انتهت اللجنة بالإجماع الى قرارها الذي استهلته بالفقرة التالية، وهي التي تهمنا في هذا البحث: "للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير".

    إن أدوات العبادة وغيرها من الأدوات التي يحق لليهود وضعها بالقرب من الحائط لا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له.

    وتضمن القرار عدداً من النقاط الأخرى أهمها منع جلب المقاعد والمساجد والحصر والكراسي والستائر والحواجز والخيام، وعدم السماح لليهود بنفخ البوق قرب الحائط (50) وقد وضعت أحكام هذا الأمر موضع التنفيذ اعتباراً من 8 يونيو 1931، وأصدرت الحكومة البريطانية كتاباً أبيض عن الموضوع اعترف بملكية المسلمين للمكان وتصرفهم فيه. وقد حمل كل من الحكم الدولي والكتاب الأبيض اليهود على التزام حدودهم، ولم يلبث صوت اليهود أن خفت ظاهريا بالنسبة لموضوع الحائط.(51)، كما أصدر ملك بريطانيا على أساس ذلك المرسوم الملكي المعروف باسم مرسوم الحائط الغربي لسنة 1931 الذي نشر في حينه في الجريدة الرسمية لفلسطين. (52)

    ويمكن أن تتخذ قضية النزاع حول الحائط صورة من النزاع الأكبر على ملكية فلسطين. إذ أن اليهود يطالبون بهذه البلاد لتجديد مملكتهم القديمة فيها، ويبنون حقوقهم في مشروع الوطن القومي على هذه الحجة، وهذا الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف هو في اعتقادهم جزء من هيكل سليمان الذي كان أقدس آثار تلك المملكة بالطبع. فإذا كانوا قد خسروا دعواهم باعتبار أن الملكيات القديمة لا تلغى ملكية جديدة مشروعة مكتسبة بالحق وبالطرق القانونية، ومر عليها مئات السنين، فلا شك في بطلان دعواهم لاستعادة امتلاك البلاد من الناحية القانونية. (53)

    وإذا كان هذا الحكم الدولي الصادر من لجنة محايدة شكلت على أعلى المستويات التحكيمية في العالم يكفي من الناحية القانونية كي يقال أن الحائط الغربي للمسجد الأقصى هو حائط البراق وليس حائط المبكى وأنه ملك للمسلمين، فإنني لا اكتفي بهذا الحكم، بل أقدم عدداً من الشواهد والأدلة والقرائن على أن هذا الحائط هو حائط البراق وليس حائط المبكى:

    أولاً: تذكر لجنة التحكيم الدولية في تقريرها أن الحجارة الضخمة الكبيرة الكائنة في أسفل الحائط وعلى الأخص المداميك الستة المنحوتة يرجع عهدها حسب رأي أغلب علماء الآثار إلى زمن الهيكل الثاني الذي أعيد بناؤه، وأنه يعلوها ثلاثة مداميك من الحجارة غير المنحوتة يرجح أنها من بقايا العصر الروماني. ويعني ما ذكرته اللجنة اعتماداً على علماء الآثار أنه ليس هناك في الحائط الغربي للحرم الشريف أي أثر من بقايا هيكل سليمان.(54)

    ثانياً: يؤكد مرجع أثري هام مؤلفه عالم أمريكي كبير كان مديراً لهيئة المدرسية الأمريكية للبحوث الشرقية في القدس. ورئيساً لعدة بعثات أثرية، وعضواً في عدة أكاديميات عالمية، أن ابنة هيرودس في أورشليم قد محت محواً تاماً كل أثر للمباني السابقة لها، لدرجة لم يستطيع معها الأثريون العثور على أية معالم مؤكدة من هيكل سليمان.

    ويضيف هذا العالم الأمريكي أنه من المؤكد أن هيكل سليمان لم يُصمم ليكون مركزاً لحج حشود من الناس، وأنه لم يكن هناك ثمة داع في عهد سليمان لإقامة مبنى ضخم كما كان الحال في عهد هيردوس، وأن بنّائي هيرودس قد نزلوا حتى الصخر الطبيعي ليكون لهم الأساس الذي يتحمل ثقلاً جباراً. (55)

    ولعل هذا يفسر لنا أنه رغم قيام سلطات الاحتلال منذ عام 1967 بالحفر في مناطق مختلفة أسفل مساحة الحرم ومساجدها واستمرار حفرياتها حتى الآن، لم تجد أية إشارة واضحة إلى وجود أساسيات لهيكل سليمان.

    ثالثاً: إن اليهود لم يدعوا أمام اللجنة الدولية بملكية الحائط ولا بملكية الرصيف الكائن أمامه، لكن اللجنة هي التي رأت من واجبها التحقيق في مسألة الملكية من الناحية القانونية. (56)

    إن كل ما طالب به ممثلو اليهود أمام اللجنة هو الاعتراف بحقهم في الدعاء أمام الحائط، وحقهم في السلوك إليه وفقاً لطقوسهم وشعائرهم الدينية دون مداخلة أو ممانعة، وأن يكون من حق رئاستهم الدينية في فلسطين وضع أي أنظمة ضرورية للقيام بهذه التضرعات والصلوات. (57)

    رابعاً: بمراجعة وثيقتين أساسيتين معاصرتين عن الحركة الصهيونية لم أجد كلمة واحدة عن حائط المبكى، الأولى هي كتاب "الدولة اليهودية" لثيودور هرتسل(58) الذي يتحدث فيه بالتفصيل عن الدولة اليهودية المرتقبة، والثانية نص ما يتعلق بفلسطين والصهيونية في تقرير لجنة (كنج كرين) الأمريكية المؤرخ 28 أغسطس 1919م وهي اللجنة التي أرسلتها الحكومة الأمريكية للتعرف على حقائق الأمور في المشرق العربي قبل اتخاذ قرار بشأن مستقبل المنطقة، وقد استمعت اللجنة لمطالب المسلمين واليهود حيث تحدث اليهود بشكل مفصل عن برنامجهم الصهيوني(59)، فإذا كان الصهاينة لم يتحدثوا في أي من الوثيقتين عن حائط المبكى أو يطالبون بملكيته، فكيف نسمح لأنفسنا بترديد عبارة لم يذكروها في وثائقهم. ولو كان الأمر أساسياً بالنسبة لهم ما فاتهم الإشارة إلى هذا الحائط ضمن خططهم وبرامجهم.

    خامساً: في محاولة مني لتقصي الأمر، ومحاولة العثور على شواهد وأدلة تساعدنا على الوصول إلى الحقيقة، قمت بمناقشة أستاذين كبيرين من أساتذة اللغة العبرية وهما د. رشاد الشامي، د. إبراهيم البحرواي، حول استخدام عبارة "حائط المبكى" في المراجع العبرية، فأكد أن اليهود لا يستخدمون في مراجعهم هذه العبارة وإنما يستخدمون عبارة "الحائط الغربي" هاكوتيل همعرافى باعتبارها أكثر دلالة من "حائط المبكى" لأنها تعني بالنسبة لهم أن جزءاً من الحائط هو بقايا هيكلهم.

    واهتماماً منهما ببحث الموضوع تم الرجوع إلى الموسوعة العبرية الموجودة بمكتبة كلية الآداب بجامعة عين شمس، حيث تبين أن الموسوعة تشير أيضاً إلى "الحائط الغربي" ولم تشر إلى عبارة "حائط المبكى"، وأضافت الموسوعة أنه بمرور السنين استخدم اليهود ذلك الجزء من السور "مكاناً للصلاة بحكم قربه للهيكل، وأصبح مقدساً في وعي الأمة كمكان للتوحد الديني، مع ذكر مجد إسرائيل من جهة وذكرى خراب الهيكل من ناحية أخرى". وقد تولى الدكتور رشاد ترجمة الفقرات التي وردت في الموسوعة ووقع عليها.

    واقترح الدكتور إبراهيم البحرواي أن نرجع إلى القاموس العربي العبري الذي أصدرته وزارة الدفاع الإسرائيلية عام 1997م (الطبعة الخامسة)، فتبين أنه كتب أمام العبارة العبرية "كوتيل هدماعوت" عبارة "حائط الدموع" باللغة العربية، ولم يستخدم القاموس عبارة "حائط المبكى".

    فإذا كانت اللجنة الدولية قد أصدرت حكماً بملكية المسلمين للحائط، وإذا كان معظم علماء الآثار قد أكدوا أنه ليس هناك في الحائط الغربي للحرم الشريف أية آثار أو حجارة من بقايا هيكل سليمان، وإذا كان اليهود لم يدعوا أمام اللجنة الدولية بملكيتهم للحائط، وإذا كانت بعض الوثائق اليهودية أو الأمريكية الهامة لم تشر بكلمة واحدة إلى حائط المبكى، وإذا كان أساتذة العبريات يؤكدون أن اليهود لا يستخدمون في مراجعهم المعاصرة عبارة "حائط المبكى" بل يسمونه "الحائط الغربي"، فمن أين يردد الإعلام العربي عبارة "حائط المبكى".

    إن هذه العبارة لم أجد استخداماً لها إلا في عام 1929 قبيل انتفاضة البراق وخلالها بواسطة البيانات التي كانت تذيعها "لجنة الدفاع اليهودية عن المبكى" (60) ثم توقف استخدام تلك العبارة بعد انتهاء انتفاضة البراق وصدور حكم اللجنة الدولية بملكية المسلمين للحائط. ولم أجد استخداماً لهذه الكلمة منذ انتفاضة البراق حتى الهزيمة العربية عام 1967 حيث شاع منذ ذلك الحين استخدام هذه العبارة حتى الآن فما مصدر هذا الاستخدام؟

    يعتقد أن مخططي الاعلام الغربي والصهيوني قد نجحوا في إدخال مثل هذه العبارات إلى عقولنا وألسنتنا، عن طريق ما ترسله وكالات الأنباء من أخبار وصور، كما أن استخدام هذه العبارات على لسان بعض الكتاب العرب الذين زاروا القدس والحائط منذ أواخر السبعينات، قد ساعد على إشاعة هذه العبارة بين الرأي العام العربي.

    وإذا كان من حق اليهود أن يطلقوا على الحائط ما يشاءون من تسميات، وأن يذرفوا ما يشاءون من الدموع، أليس من حق العرب والمسلمين أن يطلقوا على الحائط عبارة حائط البراق، وهي التسمية التي يؤيدها التاريخ والتراث والقانون الدولي.

    وإذا كان الصهاينة والإعلام الغربي الذي يساندهم قد نجحوا في نقل مصطلحاتهم وتراثهم إلى عقل المواطن العربي، ألا يجعلنا ذلك نزداد تنبهاً ووعياً وادراكاً لما يحيط بنا من تحديات.

    إن القضية ليست مجرد شكليات أو ألفاظ عابرة، لكنها أعمق من ذلك بكثير. إن اهتمام اليهود بهذا الحائط ليس سوى ذريعة لتدعيم حقوقهم ومزاعمهم، وغطاءً دينياً لاغتصاب القدس العربية، ومبرراً لاستثارة مشاعر اليهود وعواطفهم.

    وختاماً، فلعلي أستطيع أن أقول في اطمئنان، أن الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف هو حائط البراق وليس حائط المبكى.

    المراجع:

    1- تفسير القرطبي، طبعة الشعب، المجلد السادس، ص 3822، فتح المنعم. شرح صحيح مسلم، تحقيق موسى شاهين لاشين، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، دار التراث العربي، ص 340، اسماعيل بن كثير القرشي الدشقي، تفسير القرآن العظيم، الجزء الثالث، ص 4،5، إبن القيم الجوزية، زاد الميعاد في هدى خير العباد، الجزء الثاني، المطبعة المصرية ومكتبتها، ص 47، جلال الدين محمدين أحمد المحلي وجلال الدين عبد الرحمن أبى بكر السيوطي، تفسير الإمامين الجليلين، ص 37.

    2- نجيب صدقة، قضية فلسطين، ص 112.

    3- عبد الحليم محمود، بيت المقدس في الإسلام، القاهرة، مجمع البحوث الإسلامية، 1969، ص 11.

    4- عبد الوهاب النجار، مقال بجريدة السياسة، 2 فبراير 1934، ص 16.

    5- الندوة الدولية "يوم القدس" بحث لعبد العزيز الخياط، عمان، 1992، ص 81.

    6- عبد الحليم محمود، مرجع سابق، ص 26، 68،69.

    7- الندوة السابقة، ص 81.

    8- عصبة الأمم، تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عام 1930، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1968، ص 22،23.

    9- الكتاب المقدس، إنجيل متى، الإصحاحان، 21،23، ص38.

    10- الكتاب المقدس، إنجيل متى، الإصحاح 24، ص 43.

    11- عصبة الأمم، تقرير اللجنة الدولية إلى عصبة الأمم عام 1930، ترجمة مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1968، ص 23.

    12- ول ديو رانت، قصة الحضارة، الجزء الأول من المجلد الأول، ص 335.

    13- عبد الحليم محمود، مرجع سابق، ص 68،69 نقلا عن تاريخ الطبري، الجزء الثالث، ص 106، محمد متولي الشعراوي، الإسراء والمعراج، القاهرة، رجب 1420 هـ،، مجلة الأزهر، ص 28.

    14- عبد الحليم محمود، مرجع سابق، ص 75.

    15- سعيد عبد الفتاح عاشور، تاريخ المقدسات الإسلامية في فلسطين على مر العصور، بحث مقدم إلى مؤتمر حماية المقدسات والتراث الثقافي في فلسطين، ص 9.

    16- الندوة 3 للجنة يوم القدس 1992 بحث لكامل العسلي بعنوان "القدس في تراثنا" عمان، 1993، ص 128.

    17- عبد العزيز عوض، مقدمة في تاريخ فلسطين الحديث 1831-1914، ص 41،42.

    18- كارين أرمسترونج، القدس مدينة واحدة عقائد ثلاث، ترجمة د. محمد عناني، د. فاطمة نصر، القاهرة، كتاب سطور، 1998، ص 252 وما بعدها.

    * شرح مطول يجمع كل التراث الفكري والديني عند اليهود، وكان شفهياً تم تدوينه.

    19- روحي الخطيب، الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، مقدم إلى مؤتمر حماية المقدسات والتراث الثقافي في فلسطين ص8، اعتماداً على الموسوعة اليهودية، الجزء السادس عشر، القدس، 1971، ص 468.

    20- عصبة الأمم، تقرير سابق، ص 26.

    21- عبد العزيز عوض، مقدمة في تاريخ فلسطين الحديث 1831-1914، ص 42.

    22-الأهرام، مقال للسفير أحمد الملاعن القدس، 18 ديسمبر 1995، ص 10.

    23- عصبة الأمم التقرير السابق، ص 26،27.

    24- المصدر السابق، ص 23،25.

    25- عصبة الامم، مصدر سابق، ص 132 وما بعدها.

    26- محمد عزت درورة، حول الحركة العربية الحديثة، الجزء الثالث، ص 56.

    27- جامعة الدول العربية، الوثائق الرئيسية في قضية فلسطين، المجموعة الأولى 1915-1946، ص 128.

    28- عصبة الامم، مصدر سابق، ص 9،10.

    29- عصبة الامم، مصدر سابق، ص 91-95.

    30- تقرير لجنة التحقيق عن اضطرابات فلسطين التي وقعت في شهر آب سنة 1929، ص 36-40،

    The Secretary of State for the Colonies, Palestine Royal Commission, Report, P.66.

    31- نجيب صدقة، قضية فلسطين، بيروت، 1946، الطبعة الأولى، ص 113، 114.

    32-الشورى، 8 نوفمبر 1928، ص4.

    33-التقرير السابق، ص 44،45.

    34-نجيب صدقة، المرجع السابق، ص 115.

    45-التقرير السابق، ص 47.

    36-فلسطين، أول سبتمبر 1963، ص6

    The Secretary of State for the Colonies. Ibrid, PP.66.67.

    37- التقرير السابق، ص 139-141.

    38-نجيب صدقة، مرجع سابق، ص 117.

    39-Weizmamm, Trial and Error, PP.409.410

    40- التقرير السابق، ص 65،68، محمد عزت دروزة، مرجع سابق، ص 65-86.

    41- التقرير السابق، ص 92،93.

    42- بورغاكي بشارة منصور، الدماء الزكية أو أرواح الشهداء، ص 42-44.

    43-Report by His Majesty's Govermment…on the administration of Palestine and Trans- Jordan for the year 1929, P.6.

    44- الشورى، 30 اكتوبر 1929، ص3، بورغاكي بشارة منصور، مرجع سابق، ص 37، 47، 48.

    45- التقرير السابق، ص 5.

    46-عصبة الامم، تقرير سابق، ص 9-17.

    47-فلسطين كانون الثاني 1964، ص 44، الشورى، 9 يوليو 1930، ص 2، عصبة الامم، تقرير سابق، ص 13،14.

    48- السياسة الأسبوعية، 26 يوليو 1930، ص 4 (مقال لمحمد عبد الله عنان).

    49-محمد عزة، مرجع سابق، ص 73.

    50-عصبة الأمم، تقرير سابق، ص 105،111.

    51-محمد عزت دروزة، مرجع سابق، ص 74،75.

    52-عبد الحليم محمود، بيت المقدس في الإسلام، ص 81.

    53-وديع تلحوق، فلسطين العربية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ص 25.

    54-عصبة الأمم، تقرير سابق، ص 18، 19.

    55-وليم، ف. أولبريت، آثار فلسطين، ترجمة زكي اسكندر ومحمد عبد القادر محمد مراجعة سعاد ماهر، القاهرة، 1971، ص 149، 150.

    56-عصبة الامم، تقرير سابق، ص 10، 65، 75.

    57-المصدر السابق، ص 38.

    58- ثيودور هرتسل، الدولة اليهودية، ترجمة محمد يوسف عدس، مراجعة عادل حسن غنيم، القاهرة، دار الزهراء، 1994.

    59-الوثائق الرئيسية في قضية فلسطين، المجموعة الأولى 1915-1946، القاهرة، جامعة الدول العربية، 1957، ص 116، 121.

    60-عادل حسن غنيم، الحركة الوطنية الفلسطينية من 1917 إلى 1936، القاهرة، الهيئة العامة للكتاب، 1967، ص 194.

    * أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة عين شمس

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي

    التأصيل التاريخي
    لعروبة مدينة القدس
    ــــــــــــــــــــــــــــ

    عبد التواب مصطفى*

    يغلب على هذه الصفحات الطابع الببليوجرافي، لا التحليل؛ فهي تستهدف الوقوف على، أو الإلمام بجملة من المفاتيح والأدلة إلى المصادر والمراجع ذات الصلة المباشرة بواحد من أهم جوانب قضية القدس، ألا وهو الجانب التاريخي.

    في الوقت نفسه، تضع هذه الصفحات عروبة القدس، وتأصيل أدلة هذا البعد المهم من أبعاد هوية المدينة العريقة، في بؤرة الضوء؛ لينال حقه في الذود عنه، فإن الانتفاض دفاعاً عن القدس، ليس مقصوراً على الاستشهاديين، أو المجاهدين، أو رماة الحجارة، فحسب، من أبناء الشعب الفلسطيني البطل، بل إنه ـ الذود أو الدفاع عن القدس ـ واجب ينسحب على كل من له علاقة بالمدينة المقدسة: وطنياً، أو قومياً، أو إسلامياً، أو (بحثياً)، في مواجهة تلك القلة من الصهاينة، المارقين على كل حقائق التاريخ، وثوابت الجغرافيا، وأصول العقائد الصحيحة.





    فبرغم أن عروبة فلسطين، ومدينة القدس، باتت من المسائل المحققة علمياً، والمتواترة تاريخياً وسياسياً، لا تزال دوائر الدعاية الصهيونية عامة، والإسرائيلية، خاصة، تخوض وتتمادى في تنكرها لهذه الحقيقة. الأمر الذي يفرض ضرورة الإحاطة بأهم المصادر، التي توثق لعروبة هذا القطر، وهذه المدينة، وتفند الدعاوى الصهيونية والإسرائيلية في هذه المسألة، خاصة إذا كان جانب من هذه المصادر بمنزلة (شاهد من أهلها)؛ إذ إن المصادر اليهودية* قبل العربية والإسلامية تشهد بعروبة فلسطين، ومدينة القدس، وهو ما يضفي على هذه المعالجة الطابع العلمي الموضوعي، بعيداً عن الترويج الإعلامي، أو التحيز السياسي.

    قبل الميلاد بنحو ثلاثة آلاف عام، كانت أولى الهجرات العربية الكنعانية إلى شمال شبه الجزيرة العربية، واستقرت على الضفة الغربية لنهر الأردن، أي المنطقة الجبلية من فلسطين، منسابة إلى البحر المتوسط. وسميت الأرض: من النهر إلى البحر، بـ "أرض كنعان"، وأنشأ هؤلاء الكنعانيون مدينة (أورسالم). ثم استقبلت تلك المنطقة ـ 2500 ق.م ـ بعض القبائل القادمة من جزر البحر المتوسط، تسمى قبائل (فلستين)، إلى سواحله الشرقية الجنوبية، عُرفوا بسكان السواحل أو (بالستين). واختلط هؤلاء المهاجرون الجدد بالكنعانيين، لكن غلب الدم الكنعاني على هذا الشعب، وغلب اسم (بالستين) على المكان.(1)

    ــــــــــــــــــــــــــــ

    * انظر: - "الكتاب المقدس، العهد القديم"، طبعة دار الكتاب المقدس بالشرق الأوسط، توزيع معهد الدراسات القبطية بالمتر البابوي بالقاهرة، أسفار (التكوين- الخروج- التثنية- يشوع- القضاه- صمويل الأول- عزرا).

    - "دائرة المعارف اليهودية العامة"، جـ 8، ص 358، نقلاً عن: ظفر الإسلام خان، تاريخ فلسطين القديم، ط 6، بيروت، دار النفائس، 1992، ص 153.

    - د. محمد خليفة حسن، "عروبة القدس في التاريخ القديم مع نقد تحليلي لصورة أورشليم في العهد القديم"، رسالة الشرق، الجيزة، مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة، 1995، ص 9 و 53.

    - د. جوزيف موسى حجار، "القدس- ماضيها وحاضرها"، ط1، دمشق، 1995، ص 8.

    - محمد أحمد أبو الفوارس، "هل لبني إسرائيل حقوق توراتية في فلسطين العربية"، ط2، القاهرة، بيت الحكمة للإعلام والنشر والتوزيع، 1995.

    - د. عبد الفتاح مقلد الغنيمي، هل لإسرائيل حق تاريخي في فلسطين، ط1، القاهرة، العربي للنشر والتوزيع، 2000، ص 157 و174.

    - د. محمد سبعاوي، "القدس عربية بنص التوراة"، سطور، لندن، أغسطس، 1997، ص 35.

    - د. عبد الخالق عبد الله جبة، "عروبة القدس في الفكر اليهودي"، الأهرام، القاهرة، 20/8/1996.

    - أحمد عبد الوهاب، "القدس في الأسفار الإسرائيلية"، الأهرام، القاهرة، 25/8/1998.

    (أبرز ما انتهت إليه هذه المصادر هو تقريرها، أو اعترافها- خاصة دائرة المعارف اليهودية- بأن فلسطين أصبحت بلاد عربية، ليس بسبب الفتح (المحمدي) فحسب، ولكن لأن العرب قد أتوا إليها، منذ قرون مضت. وكذا أثبتت هذه المصادر أن كل الأسماء التي عرفت بها هذه المدينة- باستثناء إيليا- هي أسماء عربية، حتى (أورشليم، وصهيون).

    تؤكد أعمال التنقيب البريطانية التي تمت في تلك المنطقة، عام 1961، أن الوجود الكنعاني اليبوسي بها، وبالقدس تحديداً، يعود إلى ثلاثة آلاف عام.(2)

    كانت بعثة أثرية بريطانية قد أجرت أعمال التنقيب تلك، ولم تعثر من خلالها إلا على فخاريات منقوش عليها، باللغة الكنعانية، أن المؤسسين الأوائل لمدينة القدس هم اليبوسيون، كما كشفت تلك البعثة أنه كان بالمنطقة، التي وجدت بها تلك الآثار، قلعة لليبوسيين.(3) كان هذا من حيث نقطة البدء.. التاريخ.

    أما من حيث الموقع. فقد جعل اليبوسيون مقر سكناهم بادئ الأمر، على بعض المرتفعات المجاورة لنبع ماء لا ينضب. وهو يدعى، اليوم، بعين أم الدرج، في قرية سلوان الواقعة في الضاحية الجنوبية من مدينة القدس الحالية. وحصَّن اليبوسيون ذلك الموقع، أو تلك المدينة.(4)

    وبمرور الزمن، هجرت تلك المدينة، وحلت محلها نواة رئيسية لمدينة أكبر، تقوم على مرتفعات وتلال أخرى، هي: مرتفع الزيتون، مرتفع الحرم، مرتفع صهيون، وهذه تقع داخل ما يعرف، حالياً، بالقدس القديمة، التي يحيط بها سور القدس الشهير، الذي بناه السلطان العثماني سليمان القانوني، في العصر الإسلامي، 1542م، والمعروف بأبوابه السبعة.(5)

    أول اسم ثابت لمدينة القدس هو (أورسالم)، يوم أسسها الكنعانيون العموريون، القادمون من جزيرة العرب، في بداية العصر البرونزي، أي قبل خمسة آلاف عام. وهذا الاسم العموري يعني (أسسها سالم). وقد ورد في نصوص مصرية قديمة، تعود إلى عهد سنوسرت الثالث (1879-1842 ق.م). ثم ذكرت في ألواح تل العمارنة، التي تضمنت ست رسائل، بعث بها ملك المدينة (أورسالم) إلى أخناتون، فرعون مصر، في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، تحديداً في 1370 ق.م. ثم ما لبثت تلك المدينة أن أخذت اسم (يبوس)، نسبة إلى اليبوسيين. وهم من بطون العرب، أيضاً، وقد بنو قلعتها (صهيون)، التي تعني بالكنعانية (مرتفع)، كما بنوا هيكلاً لإلههم (سالم)، فكان بيتاً للعبادة.(6)

    كان اسم (أورسالم) قد ظهر، لأول مرة في التاريخ عام 2500 ق.م، على تماثيل مصرية صغيرة. ووجد، أيضاً، هذا الاسم على ألواح أثرية أخرى، اكتشفت مؤخراً في سوريا. أما اسم (يبوس) فقد وجد في رسالة آخر ملوك الكنعانيين (عبد حيبا) إلى فرعون مصر (تحتمس الأول)، عام 1550 ق.م، يطلب فيها الأول من الأخير عونه وحمايته، من بعض أعدائه، وكان خاضعاً ـ تابعاً ـ له.(7)

    تذكر مصادر تاريخية أُخرى أن الملك اليبوسي (ملكيصادق) هو أول من بنى يبوس، وكان محباً للسلام، حتى أطلق عليه "ملك السلام"، ومن هنا جاء اسم المدينة (سالم). وبرغم أن تلك المدينة قد خضعت لفراعنة مصر، فلم يحاولوا تمصيرها، واكتفوا بتحصيل الجزية من سكانها. وكانوا يطلقون عليها تارة اسمها اليبوسي (يابيشي)، وتارة اسمها الكنعاني (أورسالم).(8)

    لا تثبت المصادر التاريخية* ريادة العرب (الكنعانيين ـ العموريين ـ اليبوسيين) في عمران أرض فلسطين، وتشييد مدنها وقراها، فحسب، بل إن من هذه المصادر ما يعود بتلك البداية إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد، ثم إنها تلتقي جميعها، ومعها المصادر اليهودية ـ كما سبقت الإشارة ـ على حقيقة أن تلك الأرض كانت ملكاً لهؤلاء العرب، قبل أن تطأها قدما أبى الأنبياء، إبراهيم ـ عليه السلام ـ وقبل أن يكون هناك يهودية، أو يهود، أو اسحاق، أو داود. وظلت تلك الأرض عربية، كذلك، يوم نزل بها هؤلاء، بل ويوم تمكنوا ـ كما تمكن نزلاء أو غزاة كثيرون غيرهم ـ من إقامة ملك (عارض) لهم بتلك الأرض، سرعان ما سقط، ثم زال.

    لم تحظ مدينة في التاريخ البشري، بما حظيت به القدس من أهمية، جعلتها محط أنظار النازحين، والنزلاء، والغزاة، وكان ذلك سبباً في احتلالها خمساً وعشرين مرة، وتدميرها وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة.(9)

    ــــــــــــــــــــــــــــ

    * انظر: - د. هند أمين البديري، "أرض فلسطين بين مزاعم الصهيونية وحقائق التاريخ"، دراسة وثائقية، القاهرة، الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، 1998، ص 141 و 277.

    - وليم فهيم، "الهجرة اليهودية إلى فلسطين"، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974، ص 67 و 95.

    - كيث وايتلام، "اختلاق إسرائيل القديمة.. إسكات التاريخ الفلسطيني"، ترجمة: د. سحر الهنيدي، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة عالم المعرفة، سبتمبر/ أيلول، 1999.

    - رجاء جارودي، "فلسطين أرض الرسالات"، ترجمة: د. عبد الصبور شاهين، القاهرة، دار التراث، 1986، ص 187.

    - أسمهان شريح، "كنعان والكنعانيون"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، يوليو/ تموز، 2003، ص 10 و 25.

    - د. عبد الرحمن رشدي الهواري، "عروبة فلسطين في التاريخ"، الوفد، القاهرة، 15/5/1998.

    - د. عبد الفتاح مقلد الغنيمي، "عروبة القدس منذ 400 سنة ق.م "، الأهرام، القاهرة، 30/11/1998.

    - وجيه أبو ذكرى، "القدس عربية عبر العصور"، القاهرة، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، 1967.

    على طول الخريطة المديدة لتاريخ مدينة القدس، لم يكن لبني إسرائيل غير علاقة عارضة بهذه المدينة العريقة، ترامت هذه العلاقة بين سنوات متفرقات، كتلك التي أمضوها في بقاع أخرى من العالم، فيما بعد.

    عندما هاجر سيدنا إبراهيم إلى هذه المنطقة، قادماً من بلاد ما بين النهرين "كان الكنعانيون، حينئذ، في الأرض"، كما تذكر التوراة. وكانت أورسالم يسكنها هؤلاء، ولهم ديانتهم، وملكهم، وعلاقاتهم بجيرانهم. وتذكر التوراة، أيضاً، أن أمير يبوس (أورسالم)، في ذلك العهد، كان (ملكي صادق).(10)

    بينما يعود الوجود الكنعاني اليبوسي بتلك المنطقة إلى ثلاثة آلاف عام، نجدنا لا نسمع بأي وجود للآراميين قبل عام 1600 ق.م، فإن نزوح القبائل السامية الآرامية من بلاد شمال ما بين النهرين، واستيطانها في الأراضي السورية، يعود إلى ما بين 1600-1200 ق.م.(11)

    رحل يعقوب ـ ابن إسحاق بن إبراهيم ـ وأبناؤه من فلسطين إلى مصر، في 1620 ق.م.(12) وكان مكثهم في مصر أربعمائة وثلاثين سنة.(13) ثم رحل بنوا إسرائيل من مصر، بقيادة النبي موسى، 1250 ق.م، وعبروا سيناء إلى فلسطين، وذلك في عصر رمسيس الثاني.(14)

    دخل العبرانيون ـ بنوا إسرائيل ـ فلسطين من جهة الشرق، بقيادة يوشع بن نون، واحتلوا أريحا، ثم تسللوا إلى المناطق الجبلية (1152-1025 ق.م)، وأصبح لهم تجمعان، في الشمال والجنوب، لم يرتبطا معاً إلا في عهد داود، الذي دخل مدينة سالم 1005 ق.م، واتخذها عاصمة لملكه، ثم تسلمها سليمان، وأقام حولها سوراً على الأساسات التي وضعها اليبوسيون ـ بناة السور الأول ـ وبنى معبداً (960 ق.م) على أنقاض معبد اليبوسيين القديم.(15)

    ما لبثت المملكة العبرية أن انقسمت، بعد وفاة سليمان إلى إمارتين: إمارة يهودا ـ أسرة داود وبني يهودا ـ وعاصمتها أورشليم (أورسالم). وإمارة إسرائيل في السامرة، وعاصمتها شكيم، بالقرب من نابلس الحالية.(16)

    قضى ملك آشور على إمارة إسرائيل، عام 722 ق.م، وأجلى سكانها إلى بلاده. وتعرضت الإمارة الثانية (يهودا) للعدوان الخارجي، أكثر من مرة، وكذا تعرض سكانها للسبي، مراراً. كان السبي الأول، عندما تعرضت دولة يهودا لغزو بابلي، بقيادة الملك (سرجون)، الذي أسر من شعب يهودا (الكنعاني واليهودي) إلى بلاده أعداداً كبيرة. وأصبح لهم نفوذ، وأموال، وعبيد في ذلك المنفى. كان السبي الثاني إلى بابل، أيضاً، واشتهر أكثر لارتباطه بهدم هيكل سليمان، فقد غزا ملك بابل (نبوخذ نصَّر) يهودا، وكسر، نهائياً، عرش داود في أورشليم، عام 597 ق.م، وقوَّض الهيكل من جذوره، وعاد إلى بلاده بعشرة آلاف أسير من اليهود. وكان هدم الهيكل، في 9/8/586 ق.م. ثم سمح قورش ملك فارس لليهود بالعودة إلى أورشليم (538 ق.م) وسمح لهم كذلك بإعادة بناء الهيكل، فتم بناؤه في عهد بنيهم (عزير)، وأعانهم على ذلك ملك الفرس (بهمن)، الذي حدد لهم حدوداً دون بناء سليمان. ثم تداولهم ملوك يونان، والفرس، والروم، ثم استفحل الملك لصهرهم (هيرودس)، الذي حكمهم من قِبَل الرومان، فجدد لهم الهيكل على بناء سليمان (11 ق.م)، غير أن أقلية منهم تمردت، مطالبة بالحكم الذاتي، فحاصرهم الإمبراطور الروماني فسباسيان، ثم ابنه تيتس، الذي تمكن من هدم الهيكل وتشتيت اليهود في أطراف الإمبراطورية الرومانية (70م)، ولم تقم لهم قائمة بهذه المدينة، حتى بداية الحركة الصهيونية الحديثة، في نهايات القرن التاسع عشر.(17)

    وهكذا يتضح ترامي فترات الوجود اليهودي في فلسطين والقدس، وصفة هذا الوجود ـ غزواً، أو نزوحاً، ولجوءاً إليها ـ بينما تستمر القدس عربية، حتى خاطبت السماء المسيح ـ آخر أنبياء بني إسرائيل ـ وتلامذته، إذ كان الصوت النازل من السماء على المحتشدين في أورشليم/ القدس، من الرسل، والتلامذة، يتحدث بالعربية، إلى جانب لغات أُخرى، كان يتحدث بها بقية قاطني المدينة، من اليهود، وغيرهم.(18)

    لقد عكف صفوة من الباحثين المتخصصين، على تحقيق عروبة القدس خاصة، وفلسطين عامة، فيما يشبه انتفاضة علمية، أو بحثية، تكفي هذه الصفحات إعادة البحث فيما انتهى إليه هؤلاء. غير أنه من الأهمية بمكان ـ كما هو مستهدف من كتابة هذه الصفحات ـ الإحاطة بالإنتاج العلمي لهذه الصفوة المخلصة، ليكون في متناول غيرهم من الباحثين في هذه القضية.(19) وهو، هذا الإنتاج العلمي، أيضاً، كفيل بأن يدحض محاولات التنكر للتاريخ العربي لمدينة القدس، قبل الفتح الداودي. سواء كان هذا التنكر من جانب اليهود، أم كان من جانب مَنْ سايرهم، أو حذا حذوهم، لغرض في نفسه، أو لسوء إدراكه.(20)

    إلى جانب كل الأدلة التاريخية السابق الإشارة إليها، يضاف الدليل الميداني، الذي يتمثل في كثافة الوجود العربي بالبلدة القديمة بالقدس، ويحفظ لها هويتها العربية، واضحة المعالم في مظهرها العام، وطبيعة حياتها اليومية، وأنشطتها وآثارها، وبنيتها الديموجرافية، إذ لا يوجد بها أكثر من 2300 يهودي، بين خمسة وثلاثين ألف عربي: مسلم ومسيحي. ذلك برغم كل الممارسات الإسرائيلية التي تستهدف اغتيال عروبة هذه المدينة، من مصادرة للأراضي، وهدم للمنشآت (سكنية، زراعية، صناعية، إدارية)، وسياسات استيطان، داخل البلدة، وحولها، وأعمال ترانسفير، وتهويد منظمة.(21)

    ثم إن مظاهر الانقسام الفعلي على أرض الواقع، بين شطري مدينة القدس، الشرقي والغربي، والملامح المميزة للشطر الشرقي (المباني، الشوارع، السلوك العام، الخدمات، المؤسسات، الديموجرافيا، أنشطة عمرانية فلسطينية مضادة لسياسة التهويد الإسرائيلية)،(22) تؤكد البعد التاريخي لعروبة مدينة القدس؛ إذ أن أصالة عروبة شطرها الشرقي، تعرِّي وتفضح الوجود الصهيوني المستحدث في شطرها الغربي.

    الهوامش:

    1- ظفر الإسلام خالد، م.س، ص 24.

    و: د. محمد إبراهيم منصور (تحرير)، "القدس- التاريخ والمستقبل)، أسيوط (مصر)، 1996، دار النشر والتوزيع بجامعة أسيوط، انظر: "موجز تاريخ القدس (كرونولجي)"، ص 833-836.

    - ابن خلدون، "المقدمة"، الإسكندرية، دار ابن خلدون، د ت، ص 249.

    - إبراهيم بن ناصر الناصر، "بنوا إسرائيل والمسجد الأقصى- تاريخ ووقفات"، البيان، لندن، مايو، 2002، ص 32 و 41.

    - بيسان عدوان، "الهيكل الثالث في الحرم القدسي"، (مختارات إسرائيلية)، القاهرة، سبتمبر/ أيلول، 2001، ص 89 و92.

    2- د. جوزيف موسى حجار، م.س، ص 7.

    3- د. محمد عبد الرؤوف سليم، "حديث إلى قناة النيل للأخبار (برنامج: القدس عربية)"، إذاعة، 5/11/2002.

    4- حجار، م.س، ص 7.

    5- محمد خالد الأزعر، "أية قدس ستكون موضع التفاوض"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، أبريل، 1997، ص 11-12.

    6- د. محمود حمدي زقزوق (إشراف)، "موسوعة المفاهيم الإسلامية- النموذج التجريبي"، القاهرة، المجلس الأعلى للشؤون الإعلامية، 1998، انظر: "بيت المقدس"، ص 38-39.

    و: محمد صبيح، "القدس ومعاركنا الكبرى"، ط2، القاهرة، دار التعاون، 1998، ص 157-158.

    و: يواكيم مبارك، "القدس القضية"، ترجمة: مها فرح الخوري، بيروت، مجلس كنائس الشرق الأوسط، 1996، ص 8.

    7- سامي محمد عبد الحميد، "القدس في اليهودية والمسيحية والإسلام"، ط1، القاهرة، مكتبة الآداب، 2001، ص 69.

    و: بيسان عدوان، م.س.

    8- د. محمد محمد الفحام، "المسلمون واسترداد بيت المقدس"، القاهرة، مجمع البحوث الإسلامية، 1970، ص 8-9.

    و: د. أحمد صدقي الدجاني، "محاضرة عامة أمام المؤتمر السنوي للبحوث السياسية"، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد، 6-8/12/1997.

    و: عبد الحميد، م.س، ص 70.

    9- د. محمد حسن عبد الخالق، "القدس في عيون يهودية"، الأزهر، القاهرة، مارس، 2002، ص 2072-2075.

    و: عطية حسن، "القدس تم احتلالها 25 مرة وتدميرها 18 مرة"، القاهرة، (القاهرة)، 5/12/2000.

    10- تكوين/12 : 5-6.

    11- حجار، م.س، ص 8.

    و: عبد التواب مصطفى، "نقض شريعة الهيكل" ط1، القاهرة، مركز الإعلام العربي، سلسلة "كتاب القدس" ع15، 2003 ص 131

    و: مبارك، م.س، ص 7.

    12- د. سيد فرج راشد، "القدس عربية إسلامية"، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2000، ص 31 و 58.

    13- خروج/ 12:4.

    14- راشد، م.س، ص 55.

    15- عدوان، م.س.

    16- حجار، م.س، ص 9 و 16.

    17- عبد التواب مصطفى، م.س، صفحات: 18-19، 24-25، 132-133.

    و: ابن خلدون، م.س، ص 249.

    و: عبد الحميد، م.س، ص 90.

    و: د. عبد الوهاب محمد المسيري (تأليف وإشراف)، "موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية- رؤية نقدية"، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 1975، ص 425.

    و: ول ديورانت، "قصة الحضارة"، ترجمة محمد بدران، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2001، مجلد 1، جزء 2، ص 356- 357.

    و: د. أحمد محمد عوف، "المؤامرات الخفية ضد الإسلام والمسيحية"، ط1، القاهرة، الزهراء للإعلام العربي، 1992، ص 107.

    18- للمزيد، انظر:

    - الكتاب المقدس، "أعمال الرسل"، الإصحاح الثاني.

    - عارف باشا العارف، "تاريخ القدس"، ط3، القاهرة، دار المعارف، 1999، ص 12-13.

    - يواكيم مبارك، م.س، ص 7.

    - عبد الحميد زايد، "القدس الخالدة"، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2000، ص 39 و44.

    - راشد، م.س.

    - عمر عسل، "القدس.. أرض كنعان"، القاهرة، دار المأمون للطباعة، 2000".

    - طارق عزب، "القدس.. صراع وتاريخ"، القاهرة، مطابع الأهرام، 2001، ص 63-66.

    - عبد الحميد، م.س، ص 69-70 و 144-145.

    - صبيح، م.س، ص 157-158.

    - د. حسن ظاظا، "القدس"، هدية مجلة الفيصل، دار الفيصل الثقافية، ر.ت.

    - د. رؤوف شلبي، "عودة القدس"، هدية مجلة الأزهر، القاهرة، ابريل، 1985، ص 1-40.

    - سامي خشبة، "بحث علمي يثبت أن اليهود غرباء عن فلسطين بالوراثة"، ملحق الأهرام، القاهرة، 30/11/2000.

    - د. أحمد صدقي الدجاني، "قراءة في تاريخ القدس"، تقرير القدس، القاهرة، ديسمبر/ كانون الأول، 1998، ص 17 و 24.

    - إبراهيم مطر، "الحقوق العربية في غرب القدس وشرقها"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، أكتوبر/ تشرين الأول، 1997، ص 72 و 83.

    - خليل السواحري، "القدس القديمة.. نظرة تاريخية"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، أكتوبر/ تشرين الأول، 1997، ص 30 و 40.

    - فيصل الخيري، "القدس بين حقائق التاريخ وإدعاءات الميثولوجيا"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، أكتوبر/ تشرين الأول، 1997، ص 41 و 54.

    - .....، "القدس بين حقائق التاريخ وواقع الجغرافيا"، الأسبوع، القاهرة، حلقات نشرت بالأعداد الصادرة في يوليو/ تموز، أغسطس/ آب، سبتمبر/ أيلول، 2000.

    - د. يوسف حسن نوفل، "تاريخ القدس عبر العصور"، ملحق الأهرام، القاهرة، 13/10/2000.

    - فؤاد إبراهيم عباس، "مصادر عروبة القدس"، شؤون عربية، القاهرة، ديسمبر/ كانون الأول، 1998، ص 8 و 39.

    - د. محمد خالد الأزعر، "القدس من حيثيات عاصمة مطبوعة فلسطينياً مصنوعة إسرائيلياً"، الأهرام، القاهرة، 8/9/2000.

    - صلاح عبد الرحيم محمد، "من أسماء القدس في التاريخ"، صوت الأزهر، القاهرة، 16/6/2000.

    -......، "القدس ظلت عربية في عهد داود"، صوت الأزهر، القاهرة، 18/8/2000.

    - فهمي تاشر، "الحق العربي في القدس"، الأهرام، القاهرة، 31/5/1998.

    - سمير الهضيبي، "الحقوق العربية في القدس"، الأهرام، القاهرة، 27/7/2000.

    -......، "مدينة العرب المقدسة"، الأهرام، القاهرة، 18/6/2000.

    - معصوم مرزوق، "كلام في السياسة- القدس عروس عروبتنا"، الدبلوماسي، القاهرة، أغسطس/ آب، 2000، ص 32 - 34.

    - Jerusalem am Arab City, Cairo, State Information Service, 1981 .

    19- راجع:

    - أبحاث ندوة "القدس في العقيدة الإسلامية والتاريخ العربي"، التي نظمها المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، جامعة الأزهر، 29/6/1996.

    - ... "الحق العربي في القدس"، المنعقدة بكلية الحقوق، جامعة القاهرة، 20/5/1998.

    - ... "آثار القدس عبر العصور"، نظمها المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 5-6/3/2002.

    - د. محمد إبراهيم منصور (تحرير)، "القدس.. التاريخ والمستقبل"، أبحاث الندوة الدولية المنعقدة تحت عنوان "القدس.. التاريخ والمستقبل"، بمركز دراسات المستقبل، جامعة أسيوط، فيما بين 29-30/ أكتوبر/ تشرين الأول، 1996، أسيوط، دار النشر والتوزيع بجامعة أسيوط، 1996.

    - انظر:

    - د. عادل سيد مصطفى، "اليبوسيون في القدس القديمة حتى نهاية عهد سليمان"، ص 211 و 240.

    - د. هابيل فهمي عبد الملك، "أورشليم- القدس منذ أقدم العصور حتى بداية العصر الروماني"، ص 193 و 210.

    - د. فوزي رضوان العربي، "بيت المقدس.. تحليل تاريخي- مدخل أنثروبولوجي"، ص 145 و 164.

    - محمد نبيل صادق، "القدس بين المزاعم اليهودية والحقوق التاريخية للعرب"، ص 67 و 106.

    - د. عزت جرادات و: كمال أبو سماحة (تحرير)، "وقائع الندوة السنوية لشؤون بيت المقدس (القدس 5000 عام)، عمان، المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس، 1997.

    انظر:

    - د. حازم نسيبة، "القدس 5000 عام"، ص 25 -26.

    - د. محمد علي حلة، "القدس الشريف.. حقائق التاريخ وآفاق المستقبل"، ص 35 و 37.

    - "القدس وتحديات التهويد"، (وقائع المؤتمر الذي عقدته المؤسسات الأهلية اللبنانية لنصرة القدس- بيروت في 28/7/1997)، بيروت، الهيئة اللبنانية لنصرة القدس، 1998.

    انظر:

    - د. عصام شبارو، "عروبة القدس"، ص 39 و 56.

    - د. حسن عباس نصر الله، "القدس في التاريخ"، ص 95 و 104.

    - جريس سعد خوري وآخرون (إعداد)، "القدس.. دراسات فلسطينية إسلامية ومسيحية"، ط1، القدس، مركز اللقاء للدراسات الدينية والتراثية في الأرض المقدسة، 1996.

    - انظر:

    - إبراهيم شعبان، "الحق العربي في القدس"، ص 263-284.

    - رائف نجم، "عروبة القدس عبر التاريخ"، ص 189-198.

    - د. كمال فرح، "منذ فجر التاريخ والقدس هنا"، ص 185-188.

    - د. لويس حزيون، "أسوار القدس: معالمها التاريخية والأثرية"، ص 119-144.

    - د. حامد أحمد زيدان، (إشراف وتقديم)، أعمال ندوة "فلسطين عبر عصور التاريخ"، الجيزة، مركز البحوث والدراسات التاريخية بجامعة القاهرة، 1996.

    - ... و: د. عطية أحمد القومي (إشراف وتقديم)، "بحوث مؤتمر مصادر تاريخ فلسطين"، المنعقد بمركز البحوث والدراسات التاريخية بجامعة القاهرة فيما بين 21-23/3/1998، جامعة القاهرة، 1998.

    - "ملخص بحوث مؤتمر مصادر تاريخ القدس"، القاهرة، المطبعة الإسلامية الحديثة، 1998.

    - عزة إمام (تقرير) عن ندوة "الحقوق العربية الثابتة في القدس"، المنعقدة في عمان- الأردن، في 5-8/10/1996، تحت إشراف "لجنة القدس"، صامد الاقتصادي، عمان- الأردن، يناير/ كانون الثاني، 1997، ص 243 و 258.

    - عبد الناصر عيسوي (إعداد)، "القدس بين الحق التاريخي والتوقيع على الأوراق"، أعمال ندوة "سطور"، سطور، لندن، يوليو/ تموز، 1997، ص 22 و26.

    20- هذه بعض صور التنكر اليهودي للتاريخ العربي للمدينة وبعض نماذج من الحذو أو المسايرة في الخطا من جانب آخرين غير يهود:

    أ- كانت المغالطة الكبرى من جانب عميد المؤرخين، ول ديوارتت، عندما يسمي أرض كنعان أو فلسطين بـ "بلاد اليهود"، كما جاء في ج2 ص 321-322 و 365، وج 8 ص 51 و 54. من "موسوعة قصة الحضارة.

    ب- بعد أن انتقل النبي داود إلى مدينة أورسالم، واتخذها عاصمة لمملكته سماها "أور ديفيد". لكن هذا الاسم الأخير، لم يصمد أمام اسمها الأصلي، وسرعان ما توارى. (عن: أرض الإسلام، برنامج تسجيلي، "قناة فلسطين الفضائية"، 15/9/2002).

    ج- لم تتورع الموسوعة البريطانية عن الوقوع في خطأ مسايرة اليهود في التنكر للتاريخ العربي لمدينة القدس، قبل الفتح الداودي.

    ( د. محسن عبد الرؤوف سليم، "حديث إلى قناة النيل للأخبار"، برنامج: "القدس عربية"، إذاعة 5/11/2002).

    د- حديثاً، كشف د. عبد الوهاب الكيالي، المحاولات الاستعمارية لضرب عروبة القدس وفلسطين، من خلال الوثائق الصهيونية والبريطانية والأمريكية، في مؤلفه: "تاريخ فلسطين الحديث"، ط 10، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1990.

    هـ- بينما يعود اسم (بلستين)، إلى الأيام الأولى لهجرات قبائل جزر البحر المتوسط إلى أرض كنعان، كما سبقت الإشارة، تتنكر الدوائر الإعلام الصهيونية المعاصرة لذلك، وتزعم بأن الرومان أطلقوا على (يهودا) اسماً جديداً هو (بلستينيا)، بما يوهم القارئ بأن الاسم الأصلي هو "يهودا". وذلك برغم أن الرومان نزلوا بتلك الأراضي، بعد عشرات من القرون، كانت فيها معروفة باسم (بلستين)، كما يؤكد التاريخ التقليدي- الكروثولوجي- لذلك القطر.

    21- د. نظمي الجعبة، "تاريخ الاستيطان اليهودي في البلدة القديمة في القدس"، مجلة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ربيع 2002، ص 100 و110.

    22- محمد الصواف وعصام محمد سعد (إعداد)، "قضية القدس.. رؤى وآراء"، القاهرة، هيئة الاستعلامات، سلسلة دراسات دولية معاصرة، أبريل/ نيسان، 1999، صفحات: 4-16، 20-41.

    ــــــــــــــــــــــــــــ

    * باحث مصري

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  4. #4
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    30/11/2006
    المشاركات
    5,554
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    موضوع هام جدير بالقراءة
    لا ادرى لماذا لم يمر عليه احد !!
    اسمح لى اخذت ننسخة

    تقديرى


  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي

    اختي ايمان
    ردي متأخر
    ولكن اشكرك على اهتمامك ومرورك الكريم

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  6. #6
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21


    تأصيل للعروبة أم تأصيل لليهودية والصهيونية؟

    ما هو الفتح الداوودي لفلسطين يا أخي غالب؟
    وما دليلك العلمي أو التاريخي أو الآثاري عليه؟

    أخي غالب،

    عروبة فلسطين والقدس ليست بحاجة لتأصيل، فأصلها ثابت بالأدلة الآثارية والتاريخية والعلمية، لكن هذا المقال المنقول يؤصل لإسرائيل التي لا أصل ولا أساس لها في أرضنا.

    الباحثون من أمثال الأستاذ المصري عبد التواب مصطفى يستندون في أبحاثهم إلى التاريخ القديم الذي وضعه المؤرخون الغربيون والصهاينة استنادا إلى ما ورد في التوراة المحرفة والتي انهارت تاريخانيتها بسبب تقدم العلم وتسارع وتيرة الاكتشافات الاثارية التي جاءت نتيجتها على عكس ما يتمنى الصهاينة المتشبثون ببقايا هذا التاريخ القديم المتهاوي.

    المصادر اليهودية لا يعتد بها لإثبات أي شيء لأنها مجرد تهيؤات وتخيلات وأحلام ثبت عدم صحتها، ولا علاقة لهذه المصادر غير الموثوقة بالعلم أو بالطابع العلمي الموضوعي على رأي الكاتب.

    هذه الدراسة غير صحيحة وغير مقبولة جملة وتفصيلا لأنها تستند إلى العهد القديم الذي انهارت مصداقيته وتاريخانيته، وهي تروج له وتلمح بمصداقيته التي نفاها العلماء حديثا، كما أنها تروج من باب خفي للتاريخ من وجهة النظر اليهودية وهي غير صحيحة.

    يقول الكاتب (رحل يعقوب ـ ابن إسحاق بن إبراهيم ـ وأبناؤه من فلسطين إلى مصر، في 1620 ق.م. وكان مكثهم في مصر أربعمائة وثلاثين سنة. ثم رحل بنو إسرائيل من مصر، بقيادة النبي موسى، 1250 ق.م، وعبروا سيناء إلى فلسطين، وذلك في عصر رمسيس الثاني.) هذا كذب وافتراء والنبي موسى وهارون عبرا البحر إلى الساحل السعودي، وماتا في تيه صحراء الربع الخالي ولم يحضرا إلى فلسطين. كما أن اليهود أنفسهم لم يعثروا على ما يثبت ادعاءاتهم بهذا الشأن لحد الآن. حيث أن عالم الآثار الاسرائيلي / زئيف هرتسوغ / أستاذ قسم الآثار وحضارة الشرق القديم في جامعة ـ تل أبيب ـ نشر مقالة في جريدة / هارتس/ الإسرائيلية في شهر أكتوبر عام 1999، قال فيها: "خلال العشرين سنة الماضية حصل انقلاب حقيقي في نظرة علماء الآثار الإسرائيليين إلى التوراة باعتبارها مصدرا تاريخيا". ويضيف هرتزوغ:"إن معظم الإسرائيليين والعلماء الباحثين التوراتيين الذين قاموا بأبحاث وحفريات لتعزيز واقعية قصص العهد القديم يوافقون على حقيقة أن مراحل تشكل الشعب اليهودي كانت مختلفة تماما عن ما ورد في التوراة. لكن المجتمع الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لمناقشة موضوع كهذا وهو يفضل تجاهل كامل المسألة برمتها". وكتب هرتزوغ: "إن من الصعب قبول هذه الحقيقة، ولكن من الواضح للعلماء والباحثين اليوم أن شعب إسرائيل ... لم يحتل فلسطين من خلال حملة عسكرية، ولم يتركها قط ميراثا لأسباط بني إسرائيل. والشيء الأصعب من هذا كله هو القبول بحقيقة أن المملكة الموحدة لداود وسليمان والتي وصفها العهد القديم كقوة إقليمية رئيسية لم تكن في أحسن الأحوال سوى مملكة صغيرة بسيطة"

    كيف تؤصلون للعروبة وأنتم ترددون ما يقوله اليهود وتقولون: (دخل العبرانيون ـ بنو إسرائيل ـ فلسطين من جهة الشرق، بقيادة يوشع بن نون، واحتلوا أريحا، ثم تسللوا إلى المناطق الجبلية (1152-1025 ق.م)، وأصبح لهم تجمعان، في الشمال والجنوب، لم يرتبطا معاً إلا في عهد داود، الذي دخل مدينة سالم 1005 ق.م، واتخذها عاصمة لملكه، ثم تسلمها سليمان، وأقام حولها سوراً على الأساسات التي وضعها اليبوسيون ـ بناة السور الأول ـ وبنى معبداً (960 ق.م) على أنقاض معبد اليبوسيين القديم. ما لبثت المملكة العبرية أن انقسمت، بعد وفاة سليمان إلى إمارتين: إمارة يهودا ـ أسرة داود وبني يهودا ـ وعاصمتها أورشليم (أورسالم). وإمارة إسرائيل في السامرة، وعاصمتها شكيم، بالقرب من نابلس الحالية. قضى ملك آشور على إمارة إسرائيل، عام 722 ق.م، وأجلى سكانها إلى بلاده. وتعرضت الإمارة الثانية (يهودا) للعدوان الخارجي، أكثر من مرة، وكذا تعرض سكانها للسبي، مراراً. كان السبي الأول، عندما تعرضت دولة يهودا لغزو بابلي، بقيادة الملك (سرجون)، الذي أسر من شعب يهودا (الكنعاني واليهودي) إلى بلاده أعداداً كبيرة. وأصبح لهم نفوذ، وأموال، وعبيد في ذلك المنفى. كان السبي الثاني إلى بابل، أيضاً، واشتهر أكثر لارتباطه بهدم هيكل سليمان، فقد غزا ملك بابل (نبوخذ نصَّر) يهودا، وكسر، نهائياً، عرش داود في أورشليم، عام 597 ق.م، وقوَّض الهيكل من جذوره، وعاد إلى بلاده بعشرة آلاف أسير من اليهود. وكان هدم الهيكل، في 9/8/586 ق.م. ثم سمح قورش ملك فارس لليهود بالعودة إلى أورشليم (538 ق.م) وسمح لهم كذلك بإعادة بناء الهيكل، فتم بناؤه في عهد بنيهم (عزير)، وأعانهم على ذلك ملك الفرس (بهمن)، الذي حدد لهم حدوداً دون بناء سليمان. ثم تداولهم ملوك يونان، والفرس، والروم، ثم استفحل الملك لصهرهم (هيرودس)، الذي حكمهم من قِبَل الرومان، فجدد لهم الهيكل على بناء سليمان (11 ق.م)، غير أن أقلية منهم تمردت، مطالبة بالحكم الذاتي، فحاصرهم الإمبراطور الروماني فسباسيان، ثم ابنه تيتس، الذي تمكن من هدم الهيكل وتشتيت اليهود في أطراف الإمبراطورية الرومانية (70م)، ولم تقم لهم قائمة بهذه المدينة، حتى بداية الحركة الصهيونية الحديثة، في نهايات القرن التاسع عشر.) ... هذا كله كذب وافتراء، فهل يصلح نقل الادعاءات الصهيونية بحذافيرها وتصديقها دليلا على العروبة.

    هل تأصيل العروبة يقتضي منكم الموافقة على ادعاءات الوجود اليهودي التي ليس لها أساس.

    عن أي عروبة تتحدثون وأنتم تروجون لما أسميتموه (الفتح الداودي)، أي فتح هذا وما دليلكم عليه، وسيدنا داوود وسيدنا سليمان لم يشرفا أرض فلسطين في أي مرحلة تاريخية، وكان سليمان يأمر بالريح تذهب من مملكته عند بلقيس في عسير أو على حدود اليمن إلى الارض التي بارك الله فيها (فلسطين) بحسب ما جاء في آيات القرآن الكريم.

    هذا دس صهيوني أو جاهلي فلا تكونوا أداة له أو وسيلة إليه.

    وأرجو من الأخت ايمان أن تسجل ردي هذا.

    والسلام عليكم،

    منذر أبو هواش

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  7. #7
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي

    اخي الحبيب د. منذر حفظه الله
    من كل قلبي اشكرك ثم اشكرك لانه فعلا ولله الحمد لا تفوتكم شارده ولا وارده في مثل هذه المواضيع
    اشكرك ثم اشكرك لانك تقرأ جيدا وتمحص
    لقد استغربت دراسة الأستاذ المصري عبد التواب مصطفى
    وكنت ارغب عند ادراج الموضوع هو مناقشة مثل هذه الافكار وقمت بادراجه خطأ في منتدى الدراسات والوثائق والصور التاريخية بدلا من النقاشات العامه
    ونا اتفق جملة وتفصيلا معكم في كل شيء ذكرتموه
    لكم شكري وتقديري سيدي
    والله الموفق

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •