فيضانات في الضعفِ العربي

[عبدالله الأقزم]

فجأة تختفي مشاهد النيزك لكنَّ

الفضـائـيَّـات تُعلنُ أنَّ الـنـيـزك أصـيـب بعلةٍ قـاتـلـةٍ اسمها

(فيضانات في الضعف العربي)

وإليكم البيان التالي

تسونامي ضرب جنوب آسيا فأحدث أضراراً هائلة

جداً..مئات الآلف من الضحايا..تبادرَ إلى ذهني و هل

هناك تسونامي مشابهٌ ضرب العالم العربي؟ قلتُ: نعم

و لكنه من نوع آخر



خـنـجـرٌ فـي جـسـدِ الـسـاحـل ِ

مـغـروسٌ ألـمْ

كـيـف صـرنـا كـخـرافٍ

تـتـمشـَّى

بـيـن أرجـاءِ الأمـمْ

كـيـف صـرنـا مِـنْ نـسـور ٍ شـامـخـاتٍ

رمـمـاً فـوق رمـمْ

قـرأتْ زيـنـبُ فـي الـطـفِّ

عـلـى الـمـوج ِ سـطـوراً

دامـيـاتٍ

و اخـتـفـتْ مـِنْ كـفـِّـنـا كـلُّ الـقـمـمْ

كـم تـلـقـى جـسـدُ الـسُّـبـط ِ مـنَ الـطـعـن ِ فـصـولاً

و عـراقُ الأمس ِ و الـيـوم ِ

إلـى الـقـصَّـاب ِ يُـرمَـى كـالـغـنـمْ

و فـلـسـطـيـنٌ مـنَ الأمـس ِ إلـى اليـوم ِ

إلـى الـمـسـتـقـبـل ِ الآتـي

عـلـى أكـتـافِـهـا تـحـمـلُ أطـنـانَ ألـمْ

كـيـفَ عـشـنـا فـيـضـانـاً هـمـجـيَّـاً عـربـيـَّـاً

فـاضَ مِـنْ ضـعـفٍ عـجـيـب ٍ

قـتـلَ الـفـرحـة َ و الـوردة َ

و الـهـجـرة َ و الـتـنـويـرَ

و اغـتـالَ الـهـمـمْ

نـومُـنـا يـزدادُ طـولاً و انـتـفـاخـاً

( كلُّ نور ٍ في أيـاديـنـا

تـوارى و انـهـزمْ ؟)

حـمـقـنـا قـد صـارَ أهـرامـاً طـوالاً

و نـسـاءُ الـعـري و الـهـزِّ

غـدتْ أعـلـى هـرمْ

كلُّ مَنْ يبذلُ فسقاً و فجوراً

صارَ بالطبلةِ و المزمار ِ

أستاذ َ الـكـرمْ

صـرخ َ الـشـاطئُ فـيـنـا

و على صدرِ صداهُ

انهمرتْ كلُّ الشكايا

و نـشـيـد ُ الـطـفـلـةِ الـسَّـمـراء ِ

يُـرمَى لـيدِ الذلِّ

و يـُدعَـى نحوَ تـقـبـيـل ِ صنمْ

بـلـعَ الـبـحـرُ قـصـيـداً و زهـوراً و عـنـاقـاً

و غـنـاءً و بـلاداً و أممْ

ضـعـفـُنـا فـيـنـا تـجـلَّـى

فـيـضـانـاً

دائـمـاً يـبـلعُ مـنـَّـا

مـا تـبـقـى مِـنْ قـيـمْ



عبدالله بن علي الأقزم17/11 /1425

[عارف عاصي]

شاعرنا الرائع / عبدالله الأقزم
أوجعتنا حد الألم
لم تتجاوز ولم تسرف ولم 0000
أوقفتنا مع المرآة نكرهها
ولكن
ليس يجدي كره مرآة إذا هم ألم


تحاياي
عارف عاصي

[عادل العاني]

قـرأتْ زيـنـبُ فـي الـطـفِّ

عـلـى الـمـوج ِ سـطـوراً

دامـيـاتٍ

و اخـتـفـتْ مـِنْ كـفـِّـنـا كـلُّ الـقـمـمْ

كـم تـلـقـى جـسـدُ الـسُّـبـط ِ مـنَ الـطـعـن ِ فـصـولاً

و عـراقُ الأمس ِ و الـيـوم ِ

إلـى الـقـصَّـاب ِ يُـرمَـى كـالـغـنـمْ


عبدالله بن علي الأقزم17/11 /1425

صدقت والله أخي عبدالله ,

فإلى متى فيضانات المذلة والصمت والخوف العربي ؟

غصت في أعماق التاريخ , لتوصل ما انفصل , وليكتمل المشهد , وربما لن يكون المشهد الأخير ...

بارك الله فيك

تحياتي وتقديري

[عبدالرحمن الجميعان]

السياسة شعرا، أو شعر في حالة سياسة، ذلك هو العنوان الذي أراه في هذه القصيدة.....آهات ترسلها الكلمات حمما لاهبة تلهب به قلوبنا وأفئدتنا، وأكبادنا القرحى من هذا الضيم والحيف، صور بديعة تترى لهذا الواقع السياسي العربي، الذي أصبح فيه العربي (غريب الوجه واليد واللسان...والفكر.. والمعتقد، إن لم يكن غريبا في المعتقل..!
فيضانات من الضعف العربي:
فالفيضان يغطي الارض، فكيف إذا كانت كثيرة..!؟
تبدأ الأسطر بكلمة (خنجر) وهي نكرة، والنكرة للتعظيم، أو للإحتقار، وهنا لتعظيم الأمر المراد هنا، خنجر ثم تلزمك سكتة طويلة، ترد بها أنفاسك اللاهثة، ثم تقول في جسد....والساحل هو المكان الذي به رمال الشاطئ، للهو الناس ولغوهم، وسياحتهم، وسباحتهم و لعبهم...فهذا الخنجر قد طعن ساحلهم وموقع لعبهم ولهوهم....و تناسب الكلمة مع العنوان (فيضانات..)
خـنـجـرٌ فـي جـسـدِ الـسـاحـل ِ
هذا الخنجر المغروس في جسد الساحل، مغروس ألم..ومغروس اسم مفعول، ليدل على الديمومة وثبات الصورة، خنجر مغروس، ولكنه مغروس بألم، ولكنه ألغى حرف الباء ليقترب كثيرا من الألم.....
مـغـروسٌ ألـمْ
وهنا بدل الدم، ألم طويل المدى، وكلمة مغروس، تدل على تغلغل الخنجر في الجسد...
ثم يتساءل، و أرى انقطاعا بين السطر الأول وهنا، لا يوجد بينها رابط قوي، كما أرى، وتساؤله هنا تساؤل مشروع!..واستخدام(كيف) ليعلن ويتساءل بالطريقة التي أصبحنا بها في هذه الحال، كيف صرنا وتحولنا من ذئاب شرسة، وأسود ضاريات، وكيف تحولت القوة إلى ضعف ..؟!
كـيـف صـرنـا كـخـرافٍ
تـتـمشـَّى
بـيـن أرجـاءِ الأمـمْ
واستخدم حرف الكاف حرف التشبيه، دلالة على تشبيه هذه القطعان العربية كالخراف، مثلها في الاستجابة للجزار، دون مقاومة تذكر، بل كأننا خلقنا اليوم لهذا الذبح القاسي..! فنحن بين الأمم كخراف ....!ثم السؤال الآخر:
كـيـف صـرنـا مِـنْ نـسـور ٍ شـامـخـاتٍ
رمـمـاً فـوق رمـمْ
كيف صارت هذه الأمة من نسور تعلو في السماء، وتحلق طائرة ترى العلو وترى من تحتها دونها، أصبحنا رمما بالية تأكلها النسور والعافيات من الطير..!
ثم يتحول إلى التاريخ النازف دما و القاطر خسة ويذكر حادثة الشهيد السعيد الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ورضي الله عنهما،
قـرأتْ زيـنـبُ فـي الـطـفِّ
والطف هو المكان الذي قتل فيه الحسين، في كربلاء، تلك المجزرة الرهيبة التي لم تبقي ولدا ولاذكرا إلا قتلته حتى الرضيع لم يسلم من السهام..!
عـلـى الـمـوج ِ سـطـوراً
دامـيـاتٍ
ثم يتحسر على مافات:
و اخـتـفـتْ مـِنْ كـفـِّـنـا كـلُّ الـقـمـمْ
اختفت، وذهبت، من كفنا: التي هي دليل مسك الشيء والتمكن منه.
ثم يتساءل :لتبيان العدد والتهويل من الفعل.
كـم تـلـقـى جـسـدُ الـسُّـبـط ِ مـنَ الـطـعـن ِ فـصـولا
نعم تلقى الحسين الكثير من الطعنات الجائرات، بل قد داست الخيل صدره ورفعوا رأسه فوق الرماح ...!ثم يلتفت التفاتة رائعة جدا، ويعود من ذاك التاريخ البعيد إلى التاريخ الحديث، ملتفتا إلى العراق، وهو العراق نفسه الذي ذبح الحسين بشطه، وعلى فراته....ً
و عـراقُ الأمس ِ و الـيـوم ِ
إلـى الـقـصَّـاب ِ يُـرمَـى كـالـغـنـمْ
ألم موجع جدا، وأنت تقرأ هذه الكلمات، كيف أصبح العراق جريحا، بل أسيرا ينتظر السكين ونصلها حتى الذبح...وبعد ذلك يعود إلى فلسطين الجريحة،
و فـلـسـطـيـنٌ مـنَ الأمـس ِ إلـى اليـوم ِ
إلـى الـمـسـتـقـبـل ِ الآتـي

عـلـى أكـتـافِـهـا تـحـمـلُ أطـنـانَ ألـمْ
الألم صور معبرة عن الحياة والنفسية التي يعيشها الشاعر في عالمنا، فللكلمات أثر واضح ، وللنفس البشرية أثرها على الأسلوب والألفاظ...!
كـيـفَ عـشـنـا فـيـضـانـاً هـمـجـيَّـاً عـربـيـَّـاً
فـاضَ مِـنْ ضـعـفٍ عـجـيـب
الضعف العربي فيضان يطغى على الساحة الدولية و الأرض برمتها...هذه الآلام قد قتلت ٍ
قـتـلَ الـفـرحـة َ و الـوردة َ
و الـهـجـرة َ و الـتـنـويـرَ
و اغـتـالَ الـهـمـمْ
الفرحة، والوردة رمز البهجة والسعادة...
وفي المقطع التالي يذكر حالنا العربي الأليم:
نـومُـنـا يـزدادُ طـولاً و انـتـفـاخـاً
( كلُّ نور ٍ في أيـاديـنـا
تـوارى و انـهـزمْ ؟)
والنوم والغفلة ديدن الشعوب العربية اليوم!
ثم يعود ليؤكد كيف أن واقعنا مقلوب، كما قال النبي(صلى الله عليه وسلم)(وينطق الرويبضة في أمر العامة..)..(وكاسيات عاريات لا يدخلن الجنة ولا يشممن ريحها..)و حديث (يكذب الأمين ......ويخون الأمين،ويصدق الكاذب..) وهكذا من الأحاديث التي تخبر عن أحداث آخر الزمان..
حـمـقـنـا قـد صـارَ أهـرامـاً طـوالاً
و نـسـاءُ الـعـري و الـهـزِّ
غـدتْ أعـلـى هـرمْ
وللأهرام دلالته السياسية والعددية...!..فالعري والرقص والفن المنحرف هي عوامل التأثير في الأمة، بل هي من يصنع الفكر والتفكير وهن اللواتي يقدن الأمة...!
كلُّ مَنْ يبذلُ فسقاً و فجوراً
صارَ بالطبلةِ و المزمار ِ
أستاذ َ الـكـرمْ
لاأكاد أجد تعبيرات تعبر وتشرح، وأخشى أن أكون أفسدت شيئا من هذا الجمال الصارخ في الشعر، فأبوء باثم القراء ...
صـرخ َ الـشـاطئُ فـيـنـا
و على صدرِ صداهُ
انهمرتْ كلُّ الشكايا
و نـشـيـد ُ الـطـفـلـةِ الـسَّـمـراء ِ
يُـرمَى لـيدِ الذلِّ
و يـُدعَـى نحوَ تـقـبـيـل ِ صنم
بـلـعَ الـبـحـرُ قـصـيـداً و زهـوراً و عـنـاقـاً
و غـنـاءً و بـلاداً و أممْ
ضـعـفـُنـا فـيـنـا تـجـلَّـى
فـيـضـانـاً
دائـمـاً يـبـلعُ مـنـَّـا
مـا تـبـقـى مِـنْ قـيـمْ
وأدع القاريء يتمعن ويتعمق في المعاني والدلالات بهذا الصور والأخيلة الواقعية الرائعة...!

[زاهية بنت البحر]

رائعة وكفى

[أيمن أحمد رؤوف القادري]

الأستاذ
عبدالله بن علي الأقزم
السلام عليكم
بوركت حروفك
فإنها كلمات نيِّرة
صادقة اللهجة
جميلة السبك
غنية الصور
جذَّابة في العنوان.
مع التقدير

[لطفي منصور]

هذا شعر له رونقه وبهاؤه وجماله وصداه ...
تألق بالصورة وتحليق بالفكرة وجرأة في الطرح وحسن في السبك .

تحية موصولة لا تنقطع لك أيّها الشاعر السامق .............

لطفي منصور