Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
فتاوى شيعية تحرم سب الصحابة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

موضوع مغلق
صفحة 1 من 13 1 2 3 4 5 11 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 244

الموضوع: فتاوى شيعية تحرم سب الصحابة

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي فتاوى شيعية تحرم سب الصحابة



    هذا حوار لسماحة السيد حسين فضل الله
    حرّم سماحة السيد محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني في ثالث مكاشفاته سبّ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم جميعا، وقال إن السبّ يمثل انحرافاً عن الخط الإسلامي الأصيل. وتطرقت المكاشفة إلى بعض آراء سماحة السيد فضل الله في قضايا شيعية داخلية أثارت نقمة المرجعيات الشيعية الأخرى، والتي أصدر بعضهم فتاوى بتضليل السيد فضل الله، وعلق عليها بأن تلك الفتاوى لا تزال تصدر ضده بسب اجتهاداته وآرائه المعتدلة. ودعا فضل الله السنة والشيعة إلى الحوار بشكل مباشر لأن ذلك أدعى إلى تهيئة أرضية نفسية للحوار الفكري والعقلي، وأجاب سماحته عن مسألة التقية، وقال أنه يطبع كتبا بالآلاف ولا يمكن أن يندرج ذلك ضمن مبدأ التقية، والى تفاصيل المكاشفات:
    • سأبدأ هذه الحلقة سماحة السيد بمحور رئيس وفاصل حيال موضوع الاختلاف بين السنة والشيعة، وقصدت موضوع لعن وشتم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليهم رضوان الله جميعا. هل ترى سبّ ولعن هؤلاء الصحابة الكرام بما فيهم أبو بكر وعمر وعائشة رضوان الله عليهم؟


    المسألة تتحرك من خلال التراكمات التاريخية والتفاعلات الشخصية فكما نجد أن هناك من بعض الشيعة من يبررون السب واللعن، نجد أن هناك من بعض إخواننا من أهل السنة من يكفرون الشيعة حتى أنني سمعت من بعضهم أن اليهود والنصارى أفضل من الشيعة


    - أنا شخصياً أحرم سبّ أي صحابي كان، لأن الله سبحانه وتعالى تحدث عن الصحابة ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ﴾ ولكننا عندما نتحدث عن مسألة الإمامة والخلافة فلنا رأي فيها معروف. وبالنسبة للسبّ فقد قلت أن هذا يحرم على أي مسلم، وأنا أسجل هذا في كل استفتاء يأتيني: يحرم أن نسبّ أي صحابي بما فيهم الخلفاء الراشدين، وأنا انقل كلمة عن الإمام علي عليه السلام عندما كان في طريقه إلى صفين وسمع قوماً من أهل العراق يسبون أهل الشام قال «إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكن لو وصفتم أفعالهم وذكرتم حالهم لكان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان سبكم إياهم اللهم أحقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم وأهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به».
    وهذا النص موجود في نهج البلاغة، وكذلك أحب أن أنقل في هذا المجال في طريقة الإمام علي مع الخلفاء الذين يعتقد الشيعة أنهم هم الذين تقدموه في حقه. يقول في نهج البلاغة في كتابه لأهل مصر«فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه فأمسكت يدي حتى إذا رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما زال كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأنّ الدين وتنهنه».
    لذلك نحن نقول نسير في مسألة الخلفاء كما سار به علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كان منفتحاً عليهم وكان يعاونهم ويشير عليهم بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وهناك حديث عن الإمام جعفر الصادق يخاطب به بعض المسلمين من الشيعة «ما أيسر ما رضي الناس منكم، كفوا ألسنتكم عنهم». وكان يقول: «ولدني أبو بكر مرتين». أما أمهات المؤمنين فنحن نحرم سبهن، حتى لو أخطأن في قضية حرب الجمل. نقول لا بد من إكرامهن اكراماً لرسول الله ، وأنا أنقل بيتاً من قصيدة لأحد علمائنا المتوفى قبل مئة سنة واسمه السيد محمد باقر حجة الإسلام. يقول:





    فيـا حميـرا سـبّـك مـحـرم لأجل عين ألف عين تكرم








    ولذلك نحن نحرم سبّ أمهات المؤمنين والإساءة إليهن كما نحرم سب الصحابة وأصدرنا فتوى انتشرت في العالم.
    معارضة في الأصل أم مراعاة
    • هنا سماحة السيد، هل هذا الموقف الذي قلت للتو نابع من معارضتك لمبدأ السبّ. أم نابع من مراعاة مشاعر أهل السنة، أم أنه نابع من إيمانك وقناعتك بعلو مكانة هؤلاء الصحابة الأكارم؟
    - هذا ينبع من الخط الإسلامي الأصيل الذي نؤمن به لأنه لا يجوز سبّ أي مسلم ولاسيما إذا كان صحابياً وأن السبّ يمثل انحرافاً عن الخط الإسلامي الأصيل.
    • ولكننا سماحة السيد حين نتحدث مع عقلاء الشيعة عن الوقيعة في الصحابة يقولون: هذا موقف للغلاة من أهل مذهبنا. وليس موقفاً للمذهب نفسه. لكن الإشكال إزاءنا أننا نجد الإزدراء بالصحابة في مصنفات أركان المذهب الكبار كالمفيد والمرتضى والطوسي وابن طاووس والحلي وغيرهم. بل نجد في جميع كتب العقائد الشيعية أن الإيمان الموجب لدخول الجنة لا يصح دون الإيمان بإمامة علي وعصمته. ومقتضى هذا نفي الإيمان الحقيقي عن أبي بكر وعمر وعثمان ومن دونهم. فهل يمكن اعتبار أولئك الكبار من الغلاة؟
    - من الطبيعي أن هناك من خلال التراكمات التاريخية والتفاعلات النفسية الشخصية تركت تأثيراً سلبياً بالنظرة إلى الخلفاء انطلاقاً من علاقتهم بأهل البيت التي يعتبرها الشيعة مسألة ظلامة لأهل البيت. ولكن نحن نتصور أن المسألة تتحرك من خلال التراكمات التاريخية والتفاعلات الشخصية فكما نجد أن هناك من بعض الشيعة من يبررون السب واللعن، نجد أن هناك من بعض إخواننا من أهل السنة من يكفرون الشيعة حتى أنني سمعت من بعضهم أن اليهود والنصارى أفضل من الشيعة لأن اليهود والنصارى أهل كتاب والشيعة من المشركين.
    هناك تراكمات لا بد لنا من أن نعالجها، ولذلك أنا كنت أقول إن دعوتي للوحدة الإسلامية وللحوار الإسلامي الإسلامي تنطلق من أننا نستطيع أن نصحح الأخطاء والتعقيدات فيما بيننا لدى هذا المذهب أو ذاك من خلال موقع اللقاء أكثر مما ينطلق ليقرأ كتابا ويتحدث بطريقة سلبية. إن الحوار بشكل مباشر يؤدي إلى جو حميم يمكن أن يقرب المسألة من الناحية النفسية ويقرّبها من الناحية العقلية الفكرية.
    • سماحة السيد أنت طلبت مني أن أكون صريحا وقلت لي بأنك ترحب بالحوار مهما كانت درجة صراحته، لا أخفيك وأنا مشتغل بمسألة التقارب أن التصورات عن الصحابة الكرام هي العائق الأساس بين السنة والشيعة. وأنا بصفتي سنياً معظماً لمقام أولئك الكرام، وعارفاً بقدرهم في دين الإسلام أجد صعوبةً شديدة في قبول من يتبنى مثل هذا الشتم والسبّ.
    للتو قلت أنت عن الصحابة أنك لا تسبهم، ثم قلت: «لكننا عندما نتحدث عن مسألة الإمامة والخلافة فلنا رأي فيها معروف». هذا الرأي المعروف هل يقتضي أنهم غادرون أو متآمرون -عياذا بالله- جاحدون لعهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم طلاب زعامة ومفترون على دين الإسلام بإنكار مبدأ الإمامة الكبير الذي عهد به النبي صلى الله عليه وسلم إليهم؟ وما رأيك سماحة السيد لو سمعت من يصم علياً عليه السلام بمثل هذا؟
    - أنا لا أوافق في الجدل العلمي أن يُتحدث عن بعض المصطلحات المثيرة في هذا المجال. إن مسألة الشرعية وعدم الشرعية تخضع لجدل علمي موضوعي. هل أن هؤلاء يملكون الشرعية أم لا؟ أمّا لماذا أخذوا الخلافة؛ فربّما كان هناك بعض الآراء التي ترى شرعية ذلك، وبعضها لا ترى ذلك. أنا أعتقد أن الحديث عن هذه المصطلحات المثيرة لا يُراد بها إلا عنصر الإثارة والبعد عن اللغة العلمية. وأما ما تذكره أخيراً عن وسم عليّ عليه السلام ، فإنّنا نردّ عليه ولكنّنا لا نكفّره.
    • هلا تكرمنا سماحة السيد بذكر أسماء لعلماء شيعة كبار متقدمين ومتأخرين تخلو تقريراتهم من الوقيعة في الصحابة الكرام، كي نستشهد من جهة بها على من يسبون الصحابة وكي نشهرها من جهة أخرى تجاه من يرفضون ولا يرون التقارب من السنة؟
    - أنا لا أتحدّث عن أسماء، بل عن مبادئ. ونحن عندما نقرأ كتاب المراجعات للسيد شرف الدين أو كتب السيد محسن الأمين أو السيد مرتضى العسكري فإننا نجد أنّهم ينطلقون بلغة علمية سليمة.
    تجاوز هذه المرحلة


    حل المشكلة هي أن ننطلق من القاعدة التي تجعل الشيعة والسنة ينطلقون من قاعدة الإسلام حتى إني كنت أقول لا بد أن يقول الشيعة أنا مسلم شيعي، والسني أنا مسلم سني


    • العقلاء في الطائفتين يتساءلون: هل يوجد ما يمنع من تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة متقدمة، وهي سعيك أنت سماحة السيد في نشر فضائل هؤلاء الصحابة بين الشيعة وبيان مقامهم في دين الإسلام، لرتق خرق أصاب الأمة بسببها، وخطوة جادة وهامة لتحقيق التقارب المنشود بين طائفتي الأمة.
    - إنني أعتقد أن مثل هذا لن يحل المشكلة. حل المشكلة هي أن ننطلق من القاعدة التي تجعل الشيعة والسنة ينطلقون من قاعدة الإسلام حتى إني كنت أقول لا بد أن يقول الشيعة أنا مسلم شيعي، والسني أنا مسلم سني بحيث ننطلق من خلال الإسلام، لذلك اعتقد أننا عندما ندرس المسألة من ناحية القاعدة التي تجمع المسلمين في الخطوط العقيدية الأساسية والخطوط العامة من الممكن جداً الدخول في هذه التفاصيل يعني نحن نقرأ مثلاً أن الإمام علي في نهج البلاغة يؤبن الخليفة عمر بن الخطاب وهو يؤبن طلحة والزبير الذي خرج لحربه وأن عمر لمّا استشاره بالشخوص بنفسه لقتال الفرس منعه من ذلك كما ذكرت سابقاً. وهذا كله في نهج البلاغة موجود لكن كثيرين لا يقرأون.
    التشكيك في حادثة الضلع
    • سماحة السيد، ثمة آراء وسطية عديدة خالفت فيها حتى أركان المذهب، وسأناقشك في بعضها، ولربما كانت حادثة الضلع أبرزها، لك رأي تاريخي ربما غير مسبوق في تاريخ الشيعة حيال الرواية المزعومة حول تعدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين وكسره لضلعها. بودنا تسجيله، وبودنا معرفة أدلتك التي استندت عليها لتفنيد هذا القول؟
    - كنت أناقش القضية من ناحية السرد التاريخي والتحليل التاريخي أما من ناحية السند التاريخي فإن الروايات التي رويت كانت اغلبها ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها لأنها ليست موثوقة. وإننا عندما ندرس المسألة نتساءل أولاً: ما هي الظروف التي فرضت على الخليفة على تقدير صحة الرواية أن يتجه إلى الزهراء ليضطهدها أو يضربها أو يكسر ضلعها والزهراء لم تكن مقصودة للموقف الذي انطلق به للضغط على المعارضة -كما نعبّر هذه الأيام- كما أن الزهراء كانت محل تقدير كل المسلمين لأنها بنت رسول الله أولاً فنتساءل ما هي مناسبة هذا المقام؟.
    ثانياً: لقد كان علي بن أبي طالب عليه السلام موجوداً في البيت وليس من الطبيعي ان يبقى هادئا وهناك من يحاول أن يقتل زوجته وعلي هو بطل الإسلام الأول والزهراء بنت رسول الله عنده.
    ثالثاً: أن علياً لم يكن وحده في البيت بل كان كثير من بني هاشم حتى إن الزبير كان معهم وفي بعض الروايات أنّه خرج مسلطاً سيفه وكسروا سيفه خارج البيت.

    وهناك نقطة أخرى وهي أن هناك رواية في كتاب الاحتجاج للطبرسي صاحب مجمع البيان أن الخليفة عمر سئل بماذا هددت بإحراق بيت علي والزهراء، قال:أتراني فعلت ذلك. بمعنى أن المسألة كانت تهديداً. لذلك هذه من المسائل التي لو درسناها دراسة تحليلية لم نجد هناك مناسبة لها. ثم نجد أن الزهراء لم تتحدث عن هذا الموضوع مطلقاً، وقد جاءها نساء يعدنها، كما أنها حسب بعض الروايات كانت تجول على جموع المهاجرين والأنصار وتتحدث عن حق علي ، وفي خطبتها في المسجد لم تتحدث عن ذلك مع أن هذا يثير العاطفة أكثر، كما أن عليا لم يتحدث عنها. وقد يقال إن علياً له حكم آخر مع الصحابة.
    لكن التعدي على الزهراء هو أمر يثير العاطفة في أعلى مستوى ولذلك فإنني أجد أن هذه المسألة لا تخضع للرواية الموقوقة من جهة، كما أنها لا تخضع للتحليل التاريخي. وقد سألت كثير من الناس الذين يؤكدون هذه المسألة وقلت لهم لو أن أحداً هجم على زوجتك لقتلها ماذا تفعل؟ هل تدافع عنها أم لا؟ من الطبيعي أن يدافع عنها فكيف لا يدافع علي أسد الإسلام عنها. ولذلك أنا قلت أن المسألة بالنسبة إلي ليست محل وثاقة.

    • المتابعون لكم سماحة السيد من باحثي وعلماء السنة، احتفوا بهذا الاعتدال والموضوعية منكم، لكنهم في الحقيقة مندهشون لأنكم لم تقدموا حكماً واضحاً على الحديث، فهل القصة مختلقة أم لا في نظركم؟ أنت في حديثك الآن شككت ولم تضعف.
    - هناك نقطة وهي أن الخليفة عمر هدد بإحراق البيت وهذا ما ذكره ابن قتيبة وهناك روايات تقول إن علياً لم يخرج للبيعة بعد أن رأى الدخان يتسع كأنه في بيته وحتى إن حافظ إبراهيم في قصيدته العمرية قال.




    وقــولــة لـعـلــي قـالـهــا عــمــر أكـرم بسامعـهـا أعـظـم بملقيـهـا

    حرقـت دارك لا أبقـي عليـك بـهـا ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها

    ما كان غير أبي حفص يفوه بهـا امــام فــارس عـدنـان وحاميـهـا





    لذلك فهناك بعض التهاويل التي تتحدث عن هذه المسألة بطريقة أو بأخرى وأنا لم تكن المسالة بالنسبة لي تصل إلى حدّ الاهتمام بالبحث بها فوق العادة بها وإنما طرحتها كفكرة.
    وقفات حول الإمامة
    • يعتبر الشيعة الامامية أن الإمامة أصل شرعي يعادل أركان الإسلام فما تفسيركم لخلو القرآن الكريم من نص صريح وواضح لهذا الأصل؟
    - لقد جرى الاستدلال بالقرآن الكريم على ذلك كما في قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ حيث فسرت بالإمام علي بأنه ولي الله تماماً كولاية الرسول ، هناك جدل إسلامي في دلالات بعض الآيات القرآنية التي يقول بها الشيعة كقوله ﴿ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ﴾ حيث فسرت بعلي وهكذا كقوله ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾، فان الروايات الشيعية وبعض روايات أهل السنة تفسرها بعلي، هناك جدل في قضية دلالات بعض الآيات حول ولاية الإمام علي وبين من يؤمن بها وهم الشيعة وبين من لا يؤمن بها.
    ونحن نعتقد أن علينا أن نواكب كل التفسيرات القرآنية سواء ما ورد في تفاسير أهل السنة وما ورد في تفاسير أهل الشيعة ونحن أكدنا بالصوت العالي أن أصول الدين ثلاثة وليست خمسة وهي التوحيد والنبوة والمعاد، فمن أنكر واحدة منها كان كافراً ومن آمن بها كان مسلماً وأما بالنسبة إلى العدل فهو نظرية كلامية بين المعتزلة والامامية من جهة والأشاعرة من جهة أخرى والذي تتصل بقضية الحسن والقبح العقليين وأما الإمامة فهي محل جدل بين المسلمين بدأ منذ وفاة رسول الله وحتى الآن ولم يصل إلى نتيجة قاطعة بين المسلمين عموماً وإنّما اعتقدت به فئة منهم، وهم الإمامية.
    • أنت في جوابك هنا لم تثبت أو تنف وجود نصٍ صريح كنصوص الصلاة والصيام والزكاة.السؤال يا سماحة السيد ليس عن آيات تفسر بإمامة علي. ولكن عن ذكر صريح واضح يقطع النزاع. كما هو الحال بالنسبة للصلاة والصيام والزكاة والحج. هل توافق على أنه لا يوجد في القرآن أي دلالة صريحة على ذلك؟
    - نحن نقول: ليس هناك دلالة في القرآن على أعداد الصلوات، وعلى مواقيتها بشكل تفصيلي وكل تفاصيل الحجّ والصيام والزكاة وغير ذلك؛ ولكنّ القرآن يقول: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾ ولهذا فإننا عندما نتحدث عن شرعية الإمامة لعلي فإنّنا نعتمد على أحاديث الرسول التي نجد بعضها في صحيح مسلم والبخاري ومستدرك الحاكم وغيرهما من كتب أهل السنة، إضافة إلى كتب الشيعة؛ لهذا ليس كلّ شيء شرعي في الإسلام موجود في تفاصيله في القرآن..
    • ما قدمته سماحة السيد من نقد عقلاني رائع لحادثة الاعتداء على فاطمة رضي الله عنها، يجعل رجلا محبا مثلي يتساءل: ألا يمكن أن يمارس فضل الله هذا النقد نفسه لمبدأ الإمامة الذي يخلو القرآن من ذكر صريح له مع عظم موقعه في الدين، والذي يتنافى مع ما ثبت تاريخياً عن الأجلاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من صدق الديانة والزهد في الدنيا والجهاد والبذل والإنفاق في سبيل الله. حتى استحقوا ثناء الله عليهم في كتابه بنصوص أوضح وأصرح من نصوص الإمامة.
    - إن الله تحدّث عن الصحابة بشكل عام، ولم يتحدث عن أسماء، هذا أوّلاً. وثانياً: إن مثل هذه القضية كانت محل جدل؛ فنحن نعرف أن بعض رواة السنة يتحدث عن أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد هدد بإحراق البيت، وقالوا له: إن فيها فاطمة، قال: وإنْ! ويروي أهل السنة أنّ أبا بكر وعمر جاءا يسترضيان الزهراء في مرضها.. فهذه قضية تاريخية لا بد من أن ندرسها على الأسس التاريخية. وأنا عندما أعطيت رأيي فإنّي أعطيته من خلال طبيعة القواعد التاريخية التي تشكّك في حصول هذا.
    الأئمة ومعرفة الغيب
    • وطالما نحن في باب العقائد، سأستشرف رأيك سماحة السيد حيال من يقول بأن الإمام يعلم بالغيب ويعلم ما في السموات والأرض والجنة والنار وما في ضمائر الرجال وأصلابهم، بما هو شائع لديكم في المذهب ويعتقد به كثير من العوام فضلا عن مرجعياتهم؟
    - نحن نقول إن الله نفى علم الغيب عن كل إنسان إلا فيما يتعلق بموقعه، مثلاً ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا • إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ﴾ فيما يتعلق برسالته أو بحمايته وإلا فالله تحدث عن النبيّ ﴿ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾ ﴿ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى ﴾. إن الله لم يعط علم الغيب ولم يعط أيضاً الولاية التكوينية لأحد من خلقه بل هو الذي يعطي أنبياءه بعض الغيب الذي يحتاجونه فالله هو يمنحه بعض معلومات الغيب لا انه يجعل في تكوينه قوة علم الغيب في نفسه بشكل مستقل.
    • سأعترض سماحة السيد هنا وأسوق لك ما كتبه صاحب كتاب «الكافي»، فقد بوّب أبوابا منها: أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء و «باب أن الأئمة إذا شاؤا أن يعلموا علموا» وغيره. كيف تعلق سماحة السيد.
    - نحن نقول أن «الكافي» كتاب حديث ‘ فيه الصحيح وفيه الضعيف، حتى إن المجلسي عندما شرح الكافي في كتاب «مرآة العقول» قال لم يصح عندي من الكافي إلا خمسة آلاف حديث ونيف.
    الحوار الإسلامي الإسلامي
    • سأعود سماحة السيد، وأسألك بخصوص التقارب الإسلامي - الإسلامي هل تكرمني وتحدد لي مواطن الخلاف بنظرك بين السنة والشيعة؟
    - من الطبيعي أن أساس الخلاف هو الإمامة أو الخلافة، فإن الشيعة يعتقدون أن الإمامة بنص الله ورسوله للإمام علي ثم تمتد إلى بقية الأئمة أما السنة فإنهم يعتقدون أن الخلافة كانت لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان ثم لعلي ثم تمتد المواقف في مسألة الخلافة للعباس أو لبني أمية. في جدل فقهي..
    هذا في الخط العام وهناك مسائل دخلت من خلال هذا الخط ومثلاً هناك خلاف بين الأشاعرة والعدلية المعتزلة والامامية في قضية الحسن والقبح وأنّه هل العقل يحكم في قضية الحسن والقبح أو لا يحكم، فالامامية والمعتزلة يقولون إن العقل الذي رزقنا الله إياه يحكم بالحسن والقبح ولكن بالطريقة القطعية بينما الأشاعرة لا يقولون ذلك وهناك مثل بعض الجهات تأخذ بالظواهر القرآنية ﴿ كل شيء هالك الا وجهه ﴾ ﴿ بل يداه مبسوطتان ﴾.. بينما يرى المسلمون الشيعة بان الله سبحانه وتعالى ليس جسماً كالأجسام بحيث يرى وإنما ما ورد من اليد ومن الوجه على نحو الكناية والاستعارة.
    • لا أدري هل هذا اختزال للخلاف سماحة السيد، وأنا أسأل عن ما ترتب على هذا الخلاف الأساسي مما هو شائك بيننا،هناك قضية سبّ الصحابة، ومصحف فاطمة وجملة من المسائل المختلف فيها ربما يصل بعضها للعقيدة؟


    إن قضية توثيق السنة في أي حديث وارد عن رسول الله تخضع للموازين العلمية في أنّه لا بد أن نناقش السند فإذا كنت أنت تفهم من الحديث شيئا وأنا أفهم شيئا فلا يجوز لك أن تعتبرني مخالفاً لرسول الله


    - لقد تحدثنا عن ذلك في حوارنا وقلنا لا بد من معالجة هذه المسائل بطريقة الحوار الموضوعي الهادئ ومن داخل الوحدة الإسلامية لأن طريقة المواجهة والعنف الكلامي خصوصاً التكفير هذه من المسائل التي لا تؤدي إلى نتيجة. هناك نقطة لا تزال محل جدل بين السنة أنفسهم مثلاً قضية زيارة القبور بعض علماء السنة يرون أنها تمثل شركا ونحن نرفض بعض التقاليد كالزيارة التي تستعين بالمزور بشكل مباشر، ونحن نؤكد أنّه ليس لنا أن نتوجه لأي نبي أو أي إمام بطلب أن يقضي حوائجنا أو لا لأن الله وحده الرزاق الذي يقضي الحوائج ولأن الأنبياء والأئمة هم يطلبون من الله أن يقضي حوائجهم ونحن أيضاً لا نرى أن الله سبحانه وتعالى الولاية التكوينية وهذا أمر اجتهادي بل إن الأنبياء يمثلون الخط الرسالي ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا • وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴾. ونحن نعتقد أن النبي والأئمة لا يعلمون الغيب.
    نحن نقول لإخواننا من أهل السنة أنه بالنسبة إلى زيارة القبور إنكم اعتمدتم إلى أحاديث صححتموها واردة عن رسول الله فتعتبرون أن من لا يلتزم بذلك مخالف لرسول الله. نحن نقول إن قضية توثيق السنة في أي حديث وارد عن رسول الله تخضع للموازين العلمية في أنّه لا بد أن نناقش السند فإذا كنت أنت تفهم من الحديث شيئا وأنا أفهم شيئا فلا يجوز لك أن تعتبرني مخالفاً لرسول الله وإذا كنت ترى وثاقة حديث وأنا لا أرى وثاقة حديث فلا تعتبرني أني مخالف لرسول الله. المسألة لا بد أن تنطلق من رؤية علمية في هذا المجال.
    • سماحة السيد أود تصحيح فقرة في إجابتك الآن، فقد ذكرت أن من أهل السنة من يعتبر زيارة القبور شركاً!! لا أتذكر بحسب علمي أنه يوجد سنيا واحدا يقول بهذا. بل أهل السنة متفقون على مشروعية واستحباب زيارة القبور.
    - نحن نرحّب بذلك؛ لكنّهم يعتبرون قضية التوسل غير مشروعة، ويعتبرون أن الزيارة في المدينة المنوّرة هي للمسجد النبوي، وليست للنبيّ؛ لأنهم يرفضون ذلك. وعلى كل حال فالقضية قد تنطلق من قضية التوسل بهم بأن يشفّعهم ويكرمهم الله تعالى بالشفاعة؛ فقد يعتبرها البعض شركاً وقد لا يعتبرها البعض كذلك. وهذه المسألة لا تخص بالشيعة، فهناك من السنة من يتوسّل بالأنبياء والأولياء.
    الولاية التكوينية للأئمة
    • سآتي لموضوع الولاية التكوينية، علماؤكم الشيعة في أعلى مرجعياتكم يقولون بها، وهذا نص قاله الخميني «الحكومة الإسلاميّة ص52» «وثبوت الولاية التكوينية للإمام لا يعني تجرّده عن منزلته التي هي له عند الله، ولا يجعله مثل من عداه من الحكام، فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينيّة تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون». بودي سماع تعليقك.
    - إن البعض قد يعتمد على بعض الأحاديث والنصوص الواردة من الأئمة أو من النبي مما لا نؤمن بصحته أو بدلالته.
    • في ذات الاطار، هناك قضية شائكة. يقول الشيعة بأن الأئمة هم أفضل من الأنبياء، وهاك القول المشهور لديكم للخميني: لأئمتنا منزلة لا يبلغها ملك مقرب ولا نبي مرسل.
    - نحن صرحنا في تفسير القرآن وفي أجوبتنا الفقهية أنه لم يثبت عندنا أن الأئمة أفضل من الأنبياء بل إن النبوة هي تعلو كل موقع آخر هذه عقيدتنا وهذا اجتهادنا.
    • ولكن الإشكال هنا سماحة السيد أن العلماء لديكم ليس كلهم يعتقدون ذلك. ما يجعلني أسألك: هل هناك من العلماء الشيعة من سبقك في ذلك أو حتى من وافقك فيما بعد؟
    - اطلعت على بعض المداخلات التي تؤكد ذلك.
    • سماحة السيد اسمح لي أن أعبر عن ما يجول بنفسي بأنني إزاء عالم سلفي من مدرسة الإمام محمد بن عبدالوهاب، وليس أمام مرجعية شيعية.
    - «مبتسما» المسألة يا أخي عبدالعزيز أنني أقول عندما تدرس «الوهابية» كنظرية إسلامية في الاجتهاد الإسلامي من ناحية فكرية ويقابلها الجانب الآخر عند ذلك يمكن أن نجد ما نلتقي عليه خصوصاً أن الله دعا أهل الكتاب إلى كلمة سواء فلماذا لا ندعو أهل الإسلام إلى كلمة سواء.
    نحن نؤمن بالحوار الإسلامي - الإسلامي والحوار المسيحي والحوار الإسلامي العلماني. ونعتقد أن الحوار هو الوسيلة التي يمكن أن يفهم الناس بعضهم بعضاً يعني بعض الناس يحكمون على الآخر فيما هم يفكرون ونحن علينا أن نحكم على الآخر بحسب ما هو.
    أتلقى هجوم المرجعيات الشيعية عليّ بقلب بارد
    • الرؤية التي طرحتها حيال حادثة الضلع سماحة السيد أثارت حفيظة كثير من علماء الشيعة وقد أصدروا بحقك الفتاوى المغرضة التي تشكك في علمك و..
    - مقاطعا: ولا تزال.
    • ما يجعلني هنا أتساءل عن السبب في محاولاتهم المستميتة في إثبات هذه الروايات من وجهة نظرك؟
    - قلنا مسالة الأحاسيس بالظلامة ربما من خلال بعض الأحاديث المروية هنا وهناك ربما كانت المسألة تثير المشاعر والأحاسيس والعواطف.
    • سامحني ياسماحة السيد، ولكن أحاسيس الظلامة هذه، هل ستدفع البعض بأن يخصص موقعاً خاصاً اسماه «ضلال» وهو على اسمه مليء بالضلالات والأكاذيب والهجوم الحاقد عليك.. كيف تتلقى مثل هذا الهجوم سماحة السيد؟


    أن بعض الناس لا يطيقون الرأي الآخر وخصوصاً إذا كان الرأي الآخر يتصل بالمشاعر والأحاسيس العاطفية المتصلة بالمذهب


    - أنا شخصياً أتلقاها بعقل بارد، لقد تعلمت من رسول الله أن اصبر على ما يوجه إلي من بعض الكلمات السلبية التي اعرف أنها كاذبة.
    • دعني أكن أكثر صراحة معك. الحملة التي استهدفتكم من قبل بعض المرجعيات الشيعية استنكاراً لآرائكم النقدية في المذهب، عندما يستكنه الباحث عن خلفياتها، فلربما يصل إلى أنها تكشف عن تطرف مذهبي عميق في هذه الحوزات يرفض أي نقد حتى لو كان من قبل شخصية في مقامكم.
    - أنا أتصور أن بعض الناس لا يطيقون الرأي الآخر وخصوصاً إذا كان الرأي الآخر يتصل بالمشاعر والأحاسيس العاطفية المتصلة بالمذهب.
    • ولكن عدم قبول الرأي الآخر الذي تقول به، هل يعود للتربية في الحوزات؟
    - ربما كانت الذهنية التي يغلب عليها جانب الأحاسيس وربما كان التخلف في النظرة إلى الآخرين.
    الآراء المعتدلة سبب الهجوم
    • لي تفسير آخر سماحة السيد، فالبعض من المراقبين المحايدين للحراك الشيعي يحيل هذا الهجوم الحاد عليك إلى تزايد شعبيتك بسب هذه الآراء المعتدلة في أوساط الشيعة الشباب والمستنيرين والأكاديميين الذين يعملون عقولهم في النص. كيف تنظر أنت إلى ذلك؟
    - ربما يكون ذلك أحد الأسباب.
    • حدثني بعض الزملاء من الشيعة السعوديين المعتدلين بأن بعض من شيعة منطقة القطيف قادت الحملة ضدك لتحريك بعض المراجع ضد بعض آرائك، هل هذا صحيح؟ ولماذا القطيف بالذات؟
    - هؤلاء تابعون للذين الذين أثاروا الحملة المضادة؛ ولكن المسألة ليست شاملة.
    رمينا بالتقية هي تهمة العاجز.. وكتبي تطبع بالآلاف فكيف تصبح تقية؟
    • الإجابات الموضوعية والمعتدلة منك سماحة السيد والتي تؤكد حقيقة التقارب وتذلل كل العقبات، نفرح بها ولا شك، ولكنني أسوق إليك أيضاً أن كثيرا من علماء وباحثي أهل السنة عندما يسمعون هذا الآراء الموضوعية منك يصرفونها إلى التقية التي هي جزء من عقيدتكم؟ وهذه إشكالية كبيرة في التقدم بالحوار السني الإسلامي الإسلامي.
    - نحن نقول التقية ربما كانت تمثل حالات جزئية تنطلق من خوف الإنسان على نفسه، في مجتمع سني فإنهم يضطرون إلى السير على فتاوى حسب أهل السنة، الشيعة لا يرون التكتف في الصلاة مستحباً ولا يرون أيضاً السجود على ما يستعمل للبس كالسجاد ولكنهم لا يقبل منهم ذلك عندما يكونون في مساجد السنة كمسجد النبي بل إنهم يواجهون بالعنف في هذه المسألة، لذلك هناك حالات خاصة من التقية التي انتشرت في العالم حتى إن هناك تقية سياسية.
    أنا أتساءل في بعض بلدان الأخوة من المسلمين السنة هل يستطيعون أن يعبروا عن آرائهم السياسية ضد الحكم القائم اذاً هم يعملون بالتقية، ولكنها تقية سياسية في هذا المجال. أما بالنسبة إلى الوضع الشيعي فقد انتشرت كتب الشيعة بالطريقة التي لا يرتضيها عقلاء الشيعة في كثير من الأمور التي تتحدث عن الصحابة أو بعض الخرافيات، إذا لم يعد هناك حالة شيعية على نحو التقية لكن من يتهمون الشيعة بالتقية عندما يعطون رأياً اجتهادياً منفتحاً هم جهلة لأنهم لا يتابعون الآن آلاف أو عشرات الآلاف من الكتب عن التقية فإذا ليست هناك تقية.
    أما بالنسبة إلينا نحن فعندما نعطي آراءنا في كتاب يطبع بالآلاف، فلا يعتبر هذا تقية، فانا مثلاً عندي كتاب تفسير القرآن «25 مجلدا» من وحي القرآن إضافة إلى كتب وآراء أصدرها في الإعلام، لذلك اعتقد أن التهمة بالتقية هي تهمة العاجز وتهمة الإنسان الذي يبحث عن شيء.. أي شيء

    المصدر http://www.rasid.com/artc.php?id=21016
    *****************

    الفتوى الثانية

    24-11-2006

    القاهرة - موقع الاتحاد

    على الخامنئي

    رحب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالفتوى الذي أصدرها السيد علي الخامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتحريم سب الصحابة والخلفاء الراشدين، واعتبرها خطوة مهمة ومقدرة في إطار السعي نحو التقريب بين أهل المذهبين الكبيرين السنة والشيعة.

    وأكد خامنئي، ردا على سؤال وجه إليه حول حكم سب الصحابة والخلفاء الراشدين: إن أي قول أو فعل أو سلوك يعطي الحجة والذريعة للأعداء أو يؤدي إلى الفرقة والانقسام بين المسلمين هو بالقطع حرام شرعا‏.

    وأشارت صحيفة "الأهرام" المصرية الخميس 23-11-2006 إلى أن السلطات الإيرانية طالبت بتعميم الفتوى وإرسالها إلى وسائل الإعلام المختلفة‏.‏

    وتعليقا على ذلك، اعتبر الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في تصريحات خاصة لموقع الاتحاد الجمعة 24-11-2006، أن هذه الفتوى تعد خطوة مهمة طالما نادي بها اتحاد العلماء، لافتا إلى أنها ستساهم في إزالة المشاعر السلبية التي تظهر بين وقت وآخر بين السنة والشيعة.

    ودعا العوا في هذه المناسبة الإخوة في العراق إلى مراعاة حرمة الدم المسلم على السلاح المسلم مهما تكن الأسباب ومهما يكن عمق الخلافات، معربا عن إدانته لما وقع في مدينة الصدر أمس الخميس من تفجيرات أودت بحياة العشرات، وأعرب عن تعازيه لأسر الضحايا ومواساته للمصابين، متمنيا أن تكون هذه آخر الحوادث الأليمة في هذا البلد العربي العريق.

    جدير بالذكر، أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يضم العلماء من المذاهب جميعا، ولرئيسه نواب ثلاثة من الشيعة والسنة والإباضية، يؤكد دوما على موقفه الثابت من ضرورة وأد أي فتنة بين المسلمين في مهدها، ومن ضرورة التقريب بين أهل المذاهب الإسلامية وعلمائها وأتباعها، ومن ضرورة التعاون بين المسلمين كافة فيما اتفقوا عليه، وأن يعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه


    أتمنى أن يكون هذا وافيا
    تحياتي


  2. #2
    طبيب / كاتب الصورة الرمزية د. فائد اليوسفي
    تاريخ التسجيل
    20/03/2007
    العمر
    48
    المشاركات
    1,351
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    جزيت عن الاسلام الف خير يا أخت مريم. لكن اؤكد اننا لسنا معنيين بإختيار الصحابة لخلافة رسول الله، فنحن أقل من أن نختار أو أن نرى فيما رأوه، فهم عباد الرحمن وحفظة القرأن وناصرى الإيمان، هم المهاجرين هم الإنصار، من نكون لنقول رأينا فى من اختارهم الحبيب أخلاء، هم المبشرين بالجنة المذكورين فى القرأن، المواضبين على السنة حملة لواء الإسلام. اصحاب رسول الله نجوم نهتدى بها فما بالك بالخلفاء الأربعة. هل يحق لنا أن ننصر عليا او ننصر فاطمة وعلى من ننصرهم هل وكلونا على صاحب رسول الله فى الحياة وفى الممات ويوم الحساب. مالنا ولأمثال هؤلاء، هل تحكم الحصاء بين النجوم.

    اللهم اغفرلنا ماسلف وأغفر لإخواننا ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين أمنوا، ربنا إنك غفور رحيم.


  3. #3
    طالب علم - وباحث بالفرق والمذاهب الصورة الرمزية جيفار التميمي
    تاريخ التسجيل
    01/03/2008
    المشاركات
    606
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    وهناك حديث عن الإمام جعفر الصادق يخاطب به بعض المسلمين من الشيعة «ما أيسر ما رضي الناس منكم، كفوا ألسنتكم عنهم». وكان يقول: «ولدني أبو بكر مرتين».

    هذا الذي نقوله يا أخت مريم العلي

    الصحابة وآل البيت لم تكن بينهم أي عدواة فهم جميعاً على منهج السنة والجماعة .


    ولكننا سماحة السيد حين نتحدث مع عقلاء الشيعة عن الوقيعة في الصحابة يقولون: هذا موقف للغلاة من أهل مذهبنا. وليس موقفاً للمذهب نفسه. لكن الإشكال إزاءنا أننا نجد الإزدراء بالصحابة في مصنفات أركان المذهب الكبار كالمفيد والمرتضى والطوسي وابن طاووس والحلي وغيرهم. بل نجد في جميع كتب العقائد الشيعية أن الإيمان الموجب لدخول الجنة لا يصح دون الإيمان بإمامة علي وعصمته. ومقتضى هذا نفي الإيمان الحقيقي عن أبي بكر وعمر وعثمان ومن دونهم. فهل يمكن اعتبار أولئك الكبار من الغلاة؟
    عندما كنا نقول أن سب ولعن الصحابة مسطر في كتبكم كنتي تصرخين وتقولين أنها مدسوسة هذا هو فضل الله يقر بذلك .


    وسوف أعرض روايات مستقبلاً إن شاء الله لتبين الحب والمصاهرات بين آل البيت والصحابة لنأكد ما قاله الشيخ فضل الله عسى الله أن يهدي الغلاة .

    ولكم تحياتي ،،،

    [align=center]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/align]
    قال الرسول صلى الله عليه وسلم
    [align=justify](يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها قيل يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم ويوضع في قلوبكم الوهن قالوا يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت) [/align]

  4. #4
    المؤسس الصورة الرمزية عامر العظم
    تاريخ التسجيل
    25/09/2006
    المشاركات
    7,844
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي

    الوسطية والاعتدال

    الأخت مريم العلي،
    لم استطع متابعة جميع النقاشات لكن أسجل إعجابي بقتالك ودفاعك الشرس وأدبك أيضا. نحن كجمعية حضارية دعاة انفتاح وحوار (بين البشر والشجر والحجر!) وتسامح ووسطية.

    تصلني رسائل منذ سنوات من المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية..www.taghrib.org لكنني أؤمن أن المثقفين العقلانيين قادرون على المساهمة بشكل أكبر في التقريب بين المذاهب والأديان والثقافات.

    أعتقد أن هذا العصر سيكون ايجابيا على الجميع لأنه وضعنا جميعا لأول مرة وجها لوجه، الأمر الذي سيجبرنا على القراءة والتفكير والتسامح والحوار والتخلص من الكثير من الترسبات، مما سيؤدي إلى التقارب بين المذاهب والأديان.

    في هذه الأثناء، أود أن أخبرك أن مئات الشيوخ، السنة والشيعة، يتابعون واتا وهم أعضاء في مجموعتها الإخبارية وبعضهم أعضاء في الجمعية.

    تحية معتدلة


    رئيس جهاز مكافحة التنبلة
    لدينا قوة هائلة لا يتصورها إنسان ونريد أن نستخدمها في البناء فقط، فلا يستفزنا أحد!
    نقاتل معا، لنعيش معا، ونموت معا!

  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26
    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية طه خضر
    تاريخ التسجيل
    28/07/2007
    العمر
    53
    المشاركات
    4,092
    معدل تقييم المستوى
    21

    افتراضي

    الفاضلة مريم العلي ..

    قد نقلتم فأفدتم، وكما أسلف الأستاذ جيفار فنفي السب والقذف والقول بالتحريف والبداء نهائيا أو القول بانه غير موجود البتـّة والتبرؤ من الكتب التي تـُتـُخم به دون التبرؤ من مقترفيها غير منطقي البتـّة، وأذكر آخره ما أورده السيد مصطفى الهادي في غير مكان من غمز ٍ ولمز ٍ بسيدنا معاوية رضي الله عنه وعن أبيه، ومقابل ذلك لا لوم ولا عتب على أي سنيّ هاجت شِرّته بل وبادرت بالجواب دِرّته لو قرأ هنا أو هناك شتما أو تنقيصا بحق كتاب الله أو الصحابة أو أمهات المؤمنين وهي موجودة على كل حال، - هذا وأنتم أعلم -ضربا من الغير التي جـُبــِل المسلمون عليها والتي أمرنا ديننا بها والتي لا يعني السكوت مقابلها إلا ضربا من ضروب الخنزرة والدياثة التي لا تليق إلا بالفرنجة وأضرابهم!! ممن لم ينحدر أسوأهم حالا إلى درك جعل شتم الصحابة وقذف أمهات المؤمنين دعاء يتقرب به إلى الله!!

    إذا فالمشكلة هنا ليست نقاشا في اختلافات تحتمل النقاش والاختلاف المنطقي كصلاة التراويح أو السجود على التربة أو القول بضرورة الخلافة في آل البيت أو القول بالبراء أو الخمس أو المسح على الخف، بل في منافحة ودفاع مستميت تـُراق دونه الدماء أساسه أقوم يتجرأون على أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون بكفرهم وجهة أخرى ترى في ذلك كفرا صريحا لا مراء ولا شك فيه!!


    أما عن الاختلافات فيما أسلفت فهي منطقيّة وعاديّة طالما لم تمتد لتجور على الآخر وتكفـّره وتنعت معتقداته وتتقول على كتابه وأمثلته وأصحاب رسوله، ولم أسمع أن سنيا قال بالكفر البواح لشيعي أو العكس لأنه يأتي الخمس أو يقول بالبراء أو لا يصلي التراويح أو يزور كربلاء أو شيء من هذا القبيل الذي لا يتطرق إلى الغلو والتطرف حتى في مهاجمة من باتوا في ذمة الله قبل 1400 !!


    تحياتي الطيبات ..

    للواحد ِ الأحد ِ الولاءُ ... وليسَ للبشر ِ الخضوعْ

  7. #7
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    قبل كل شيء أريد أن أقول أني تعبت كثيرا وأنا أحاول أن افتح صفحة من واتا
    كل ساعة حتى تفتح معي صفحة ولا أدري السبب باقي المنتديات أجدها أسرع
    **********
    الدكتور فائد اليوسفي
    طبعا الأمر كان وانتهى والله عز وجل أعلم بعباده وهو سيتولى كل الأمور في النهاية
    كل الشكر والتقدير لك
    تحياتي


  8. #8
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأستاذ عامر العظم
    سررت جدا بمتابعتك للنقاشات والحوارات
    وفعلا نحن بأمس الحاجة لنكون يدا واحدة في مواجهة الخطر والعدو المحدق بنا
    وأتمنى دائما أن يكون حوارنا هادئا وعقلانيا
    لكني لست أدري لم حذف موضوعي الذي أعلنت فيه البراء من كل من يتهم أو يزور عقيدتنا
    وكان من الأفضل لو بقي الموضوع ومنعت المشاركات فيه لأنه يهمني أن يعرف الجميع الحقيقة في عقيدتنا
    *******
    والله الكثير منا تخلص من الترسبات القديمة التي تنم عن الجهل ونحن في العصر الرقمي نعرف الحقائق جيدا
    ولا نجد في هذا العصر الرقمي للأسف إلا الكثير من المتجنين على المقاومة وعلى المذهب الاسلامي الشيعي ويفضلون أمريكا واسرائيل عليهم وأكثر ما يحز في نفسي ويؤلمني أن الحقائق تكون ظاهرة كالشمس في كثير من الأمور
    قبل حرب تموز
    كان هناك منتدى يكيل الاتهامات للمقاومة في لبنان ويقولون حزب الله حرس لاسرائيل على الحدود
    وعندما خاض حزب الله الحرب مع اسرائيل التي كانت أيامها تجتاح قطاع غزة أيضا
    صمت الكثير ممن تكلموا
    كل الشكر والتقدير لك
    تحياتي من إدلب الخضراء


  9. #9
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأخ الكريم طه خضر
    مازلت أنفي وأصر بشدة أن لا أحد من الشيعة الجعفرية يقول بتحريف القرآن وقد ذكرت ذلك أن الخليفة عثمان رضي الله عنه جمع قرآنا والخليفة علي عليه السلام جمع قرآنا وقد قال علي عليه السلام أني جمعت القرآن كما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي ترتيب آياته كما نزلت
    واعتمد قرآن الخليفة عثمان رضي الله عنه ويقال أن قرآن علي سيظهر مع المهدي عليه السلام والله أعلم وبهذا أعود وأقول أرفض بشدة اتهام الشيعة الجعفرية بتحريف القرآن وقد رديت على الأخ جيفارا على ذلك عندما استشهد بأحد علماء الشيعة ووردت قول ذلك العالم كما هو ولست أدري هل أضعته أنا لكثر المواضيع أم أنه حذف
    أشكرك على المتابعة
    تحياتي لك


  10. #10
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأخ الكريم غالب ياسين
    أشكرك على المرور
    لكن الرابط لم يفتح معي
    وما عرفت مابداخله
    تحياتي


  11. #11
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأخ جيفارا
    أحب أن أقول لك أنه ليس هناك غلاة في المذهب الجعفري
    وهم يعلمون جيدا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال : ياعلي هلك فيك اثنان محب غال ومبغض قال

    والمحب الذي غال هو الذي أله علي عليه السلام
    تحياتي لك


  12. #12
    شاعر ومترجم الصورة الرمزية أحمد الأقطش
    تاريخ التسجيل
    13/04/2007
    العمر
    43
    المشاركات
    1,061
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    سيدتي الكريمة الفاضلة

    مريم محمود العلي

    لقد تابعتُ - مثل غيري - هذه النقاشات الساخنة الطويلة، وأراها - خلافاً لغيري - مثمرة جداً بل ومطلوبة. فمن ذا الذي يقول إن الحوار بين الطرفين مرفوض؟! إذا كُنا أمرنا بالحوار مع من يخالفنا في الدين، فما بالنا بإخواننا في التوحيد؟!

    سيدتي الكريمة .. نحن في واتا لا نقتل على الهوية ! ولكن هناك نقاط التباس موجودة وقائمة لدى الطرفين، وآن أوان سبر أغوارها. فأسلافنا لم يتيسر لهم الغوص في هذه المصادر المتناثرة التي تشرح أصول المذهب، ولا أتيح لهم كما أتيح لنا في هذا العصر أن نتحاور ويشرح كل طرف ما غمض على أخيه.

    أراكِ تدافعين باستماتة محمودة عن عقيدتك الخاصة التي أراها هي نفس عقيدة أهل السنة والجماعة وفقاً للطرح الذي تفضلتِ به في أكثر من موضوع، وتنفين عنكِ - على الأقل - تهمة سب الصحابة وأمهات المؤمنين وتحريف القرآن وغيرها مما هو معلوم في عقائد الشيعة قديماً وحديثاً.

    أقول سيدتي الفاضلة: مَن ذا الذي يُكفـّـرك بعد أن قلتِ هذا؟ ولكن كنت أتمنى عليكِ أن تكتفي بالحديث عن نفسك التي لا تُكلَّفين إلا إياها، دون أن تتحدثي بلسان المذهب الشيعي الجعفري نفسه، وذلك لأن المذهب الشيعي له مراجعه التي تتحدث باسمه وتقرر أركانه. ولا يجوز في حواراتنا المستنيرة المفتوحة في واتا نفي ما هو مقرَّر دون دليل، بل كان الأولى الاعتراف الصريح بوجود هذه المعتقدات قديماً وحديثاً، ثم توضحين أنكِ غير ملزَمة بها ولا تؤخَذين بجريرة غيرك. فالسني لا يتبرأ من سنيته ولا الشيعي يتبرأ من شيعيته. وكفى الله المؤمنين القتال!

    نحن كمسلمين لا نخفي شيئاً من معتقداتنا، حتى ولو كان تصريحنا بها لا يروق غيرنا. لذلك أقدر ما تفضل به الشيخ فضل الله وقاله بخصوص هذه القضايا الشائكة، ولا أريد أن أخوض في مسألة التقية من عدمها. فإن كنتِ سيدتي الكريمة لا تلعنين أبا بكر وعمر ولا تسبين أم المؤمنين عائشة ولا تقولين بتحريف القرآن إلى غير ذلك، فأي اختلاف بيننا وبينك حينئذ؟ فاللهم صلّ على محمد وآله الطاهرين وارحم أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    ولكنني في حيرة وأرجو منك التكرم بتوضيح الأمور لي لكوني قارئاً غير متخصص:

    تحاولين في مواضيعك أن تثبتي لنا - جمهور القراء - أنك والشيعة الجعفرية تتطابق أصول عقيدتكم مع عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا مسعى مبارك في استجلاء حقيقة النقاط المشتركة بيننا جميعاً. ولكنني حينما أطالع المواقع الشعية التي تـُـعرِّف القراء بمذهبهم وعقائدهم أجد بعض الصعوبات في التوفيق بين كلامك الكريم وما أقرؤه. وهذه مواقع رسمية وليست من التراث "المزور".

    فقد وجدتُ مثلاً في عقائد الشيعة أن الإيمان بولاية إمامنا أمير المؤمنين عليّ هو شرط أصيل لا تـُـقبَل الشهادتان إلا به!! فهل هذا صحيح؟
    "فأوحى عزّ وجلّ إلى خاتم أنبيائه: (إني لا أقبل عمل عامل إلا بالإقرار بنبوتك وولاية علي، فمن قال: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله وتمسّك بولاية علي دخل الجنة)".
    http://www.shiastudies.com/arabic/mo...owpage&pid=278

    وتحت عنوان (كفر من خالف علياً وعدم قبول الإيمان إلا بولايته) تحدّث أيضا الشيخ محمد بن علي الطبري في كتابه (بشارة المصطفى لشيعة المرتضى)
    http://www.al-shia.com/html/ara/book.../b02.htm#link7
    وكذلك تحت عنوان (كفر من خالف علياً ( ع ) وارتداد من فضَّل أحداً عليه) نقل هذا الحديث:
    قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تضادوا بعلي أحدا فتكفروا و تضلوا و لا تفضلوا عليه أحدا فترتدوا".
    http://www.al-shia.com/html/ara/book...b05.htm#link15
    فأفيديني أفادك الله هل هذه الأحاديث موضوعة لدى الشيعة الجعفرية أم أن الإقرار بولاية علي ليس ملزماً للمسلم لكي يكون مسلماً؟

    أما بخصوص سب الصحابة، وهو موضوعنا في هذه الصفحة، للأسف سيدتي الكريمة أريد أن أصدقك فيما ذهبتِ إليه. ولكن الواقع بخلاف ذلك، فأنت تعلمين جيداً أن لعن أبي بكر وعمر لدى الشيعة هو أمر شائع كالشمس لا يجوز إنكاره، وإلا فأنت تسفهين عقول جمهور قرائك. لكِ أن تتبرئي من هذا اللعن وممن يمارسونه، وهو عمل نبيل نحييك عليه. أما أن تنفي وجوده أصلاً لدى أبناء مذهبك فلا يليق.

    إن لعن الصدّيق والفاروق رضي الله عنهما وأسكنهما فسيح جناته هو زاد تقتات عليه المنتديات الشيعية يا سيدتي الفاضلة، وعليكِ أن تتوجهي إليها وتنصحيها في الله وتوضّحي لها الحق عساهم ينتهون عن هذا الفحش، فأنت تعلمين مدى فظاعة الألفاظ التي يستخدمونها في حق هذين الصحابيين الجليلين.

    http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=92400
    http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=95872

    فهل تقدرين سيدتي أن تغيري ما جُبِلَ عليه الشيعي من سب الصحابة ولعن أكابرهم رضوان الله عليهم؟ للأسف هذا هو الواقع.

    أسأل الله العفو والعافية
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ومحمد وعلى آله الغر الميامين

    يا حلوتي لا تغضبي إن كنت أخطأت الطريقة
    فأنـا صغير لم أزل أهـــوى الأحاديث الرقيقة
    أهوى العصافير الشجية والفراشات الطليقة
    إن شئت زخرفة القصائد بالحكايات الرشيقة
    فلتصفحي فالشعر يبعد خطوتين عن الحقيقة

    بيت الكاتب العربي
    http://www.arabworldbooks.com/authors/ahmed_aktash.htm
    شبكة الذاكرة الثقافية
    http://www.althakerah.net/authors.php?Id=1467

  13. #13
    عـضــو الصورة الرمزية دلدار البالكي
    تاريخ التسجيل
    01/01/2008
    العمر
    52
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الأخت الفاضلة مريم .... جزيت عنا كل خير ........... تعبت في ما نقلتيه لنا ........ نسأل الله تعالى الرحمة والغفران


  14. #14
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    27/01/2008
    العمر
    58
    المشاركات
    94
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    خير الرجال
    صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم












    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي هدانا لهذا ولم نكن نهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
    أما بعد:
    لقد كثر في هذه الأيام من يحاول أن يشوه سمعة وأخلاق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    عن عمران بن حصين رضي الله عنهما يقول:
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم.
    اسأل الله أن يقدرني بان أبين للناس من هم صحابة رسول الله من خلال عملي هذا المتواضع الذي احسب اجره عند الله.


    عن محمد بن سعد ابن أبي وقاص، عن أبيه قال:
    استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب). فقال عمر: فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله، ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك).


  15. #15
    عـضــو الصورة الرمزية وليد الروساء
    تاريخ التسجيل
    15/02/2007
    المشاركات
    245
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي هل نحن مسلمون أم جعفريون جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين رضي

    Blue"]سؤال لك يا عزيزتي:

    كلامك ، فيه من الحق الكثير . سؤال لكِ هو :

    لما تسمين نفسكِ بـ الجعفرية ؟

    لم لا تتركين التسمي بالجفعرية ، و تتسمين بـ الباقرية ، فلا شك أن أبو جعفر أفضل من جعفر؟
    لم لا تتركين التسمي الباقرية و تتسمين بـ العابدية نسبة إلى علي زين العابدين رضي الله عنه، فلا شك أنه أفضل من أبنه محمد الباقر.
    لم لا تتركين التسمي العابدية و تتسمين بـ الحسينية نسبة إلى الحسين بن علي رضي الله عنه، فلا شك أنه أفضل من أبنه علي زين العابدين.
    لم لا تتركين التسمي الحسينية و تتسمين بـ العلوية نسبة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلا شك أنه أفضل من أبنه الحسين.
    لم لا تتركين التسمي العلوية و تتسمين بـ المحمدية نسبة إلى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فهو أفضل من علي وآل علي رضي الله عنهم جميعاً .


    أختاه ، إني لكِ من الناصحين ، لم تختصرين المسافة بينكم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ، لم تجعلون بينكم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة أجيال؟

    أتحدوا مع المسلمين ، ولنتسمى بالمسلمين ، ونتمسك بهديه وسنته ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، فإنهم خير خلف لخير سلف...
    جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين
    [/COLOR]


    الخير كل الخير في اتباع هديه ، وسلوك سبيله وسنته، والا طلع علينا أحدهم وقال


    الاثناعشرية أفضل ، ثم يقول أحدهم، لا
    الجعفرية أفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الكرامية ، أفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الكيسانية ، أفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الخشبية أفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الزيديةأفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الإماميةأفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الإسماعيليةأفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    القرامطةأفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الحشاشونأفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الفاطميونأفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الدروزأفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الناووسية أفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الفطحية أفضل، ثم يقول أحدهم، لا
    الواقفيةأفضل، ثم يقول أحدهم، لا



    متى سننتهي من هذا الهراء؟



    صارت مهزلة أطفال، كما يقولون (Cut the long story short) وأتبع منهج النبي صلى الله عليه وسلم ، وتمسى بإسمه ولا تنتسب لسواه.... فقد سمانا الله كما في الآية " المسلمين"



    وليد الروساء
    اللسانيات النظرية

    [ و ما من كاتب الا سيبلى ... و يبقى الدهر ما كتبت يداه ]

    waleedalrowsa@hotmail.com
    .

  16. #16
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأستاذ أحمد الأقطش
    بعد التحية والسلام أهلا بك
    أخي الكريم لا يمكن أن نخفي معتقداتنا كشيعة جعفرية ولا أتكلم باسمي وأتمنى أن تعرف هذا جيدا
    أنا أوضحت معتقداتنا التي لا نقبل بها الشك والجدل وهي الايمان بالله الواحد الأحد وبالشهادتين وبالصلاة والصيام والزكاة والحج إلى بيته لمن استطاع إليه سبيلا
    وطبعا الإيمان بالقرآن الكريم كلام الله الذي لاتحريف فيه ولا زيادة ولا نقصان وقد وضعت مداخلة عن ذلك في موضوع هل نعتبر الرافضة من الكفار
    وبهذا لا نختلف مع السنة والجماعة في هذه المعتقدات
    وبهذه المعتقدات لا نقبل الشك أبدا كمسلمين جعفرية ولست أنا فقط بل أهل المذهب كلهم
    لكن للأسف لا أحد يريد أن يقتنع ومع ذلك قلت نحن يهمنا عملنا والله أعلم بنا ممن يتهمنا ولا يصدق
    أما بالنسبة للامامة فهي ما نختلف به عن أهل السنة والجماعة بناء على أحاديث متواترة عن رسول الله والتي نقلها بعض الصحابة والأئمة من آل بيته الطيبين الطاهرين
    كما أن هناك بعض المواقع المدسوسة على الشيعة لتشويه معتقداتهم وأخبرك يا أخي أن أي موقع يكتب به بأسماء وألقاب مستعارة مرفوض وغير قابل للتصديق كما أن هناك شيعة غير الجعفرية
    أما بالنسبة لسب الصحابة فهي كانت عند البعض ردة فعل على ما أمر به معاوية من مسبة علي بن أبي طالب عليه السلام على منابر جوامع دمشق وأبطلها الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز فور استلامه لكن أصدقك قولا أن علي بن أبي طالب عليه السلام رفض أمر المسبة ونحن نعمل بوصاياه وقد ظهرت أكثر من فتوى تحرم ذلك وأي شيعي مثقف لا يمكن أن يسب أبو بكر وعمر وعثمان وزوجات الرسول وهذا واضح وجلي
    والله يا أخي عشت في أسرة أسرة وعندي أسرة ولم اسمع يوما أحد سب الصحابة وكما قلت سابقا
    ابني متزوج من سنية وابنتي متزوجة من سني
    وأخواتي أيضا لأننا نعرف جيدا أننا في العقائد الأساسية لا فرق بيننا
    كل الشكر لك تحياتي


  17. #17
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأستاذ وليد الرؤساء
    تحية اسلامية
    بالنسبة لسؤالك أخي الكريم لماذا أقول جعفرية وليس باقرية مثلا
    هو سؤال أعجبت به
    أنت ماهو مذهبك ولماذا إذا كان شافعيا لست حنفيا ؟؟؟؟؟؟؟؟
    طبعا هذا ليس جوابي إنما سؤال تبادر لذهني
    الجواب :
    جعفر الصادق هو أول من أسس مدرسة في الإسلام وقد تخرج على يديه كثير من الأساتذة وهو مؤسس أول مذهب أيضا في الاسلام يعني قبل كل المذاهب السنية ويقال أن محمد الحنفية تلقى علومه الدينية في مدرسة جعفر الصادق حتى لو كان هناك شكا بذلك ارجع للتاريخ ستجد أن مذهب جعفر الصادق أول مذهب وبعض السنة يسمونه المذهب الخامس بالنسبة لهم وليس بالنسبة لتاريخ ظهور المذهب
    وجعفر الصادق لا يختلف عن الباقر في نزاهته وعلومه وتنسكه وتعبده وزهده ولا عن زين العابدين ولا عن الحسين ولا عن علي بن أبي طالب ولا عن الأئمة الذين أتو بعده عليهم السلام
    لكن جعفر الصادق بتأسيسه أول مدرسة بالإسلام حفظت على يديه العلوم الاسلامية
    إخي وليد الرؤوساء لا حظت موضوعا لك بعنوان هل كان هناك شيعة على عهد الرسول الكريم ؟؟
    طبعا لم يكن هناك لا شيعة ولا سنة كانوا سواسية لكن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حصل الانقسام بسبب الخلافة
    والله ورسوله أعلم منا فليتولى الجميع برحمته
    كل الشكر لك تحياتي


  18. #18
    عـضــو الصورة الرمزية مريم محمود العلي
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    المشاركات
    656
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    الأستاذ غسان التلاوي
    أشكرك على المرور
    لكن يا أخي الكريم هناك أحاديث ضعيفة وأحاديث مسندة
    وتعالوا نتفق على الأحاديث المتفق عليها بين الطرفين
    وبذلك نمنع الفتنة الطائفية
    تحياتي


  19. #19
    عضو المجلس الاستشاري الصورة الرمزية عبدالرؤوف عدوان
    تاريخ التسجيل
    02/02/2008
    العمر
    72
    المشاركات
    644
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    أختنا الفاضلة مريم محمود العلي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، كلَ الشكر والتقدير لطرحك الموضوع الهام والحساس وتحفيزك الجيد للحراك الواتاوي. إنَه موضوع الساعة، حيث لم يتناوله أحد على المواقع الأخرى بهذه الطريقة الصريحة الصادقة الشفافة.

    أعود إلى حيث انتهيت فأقول: نعم أوافقك تماماً بأنه لم يكن هناك مذهب (سنيُ) في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم، كما أنَه لم يكن هناك مذهب (شيعيٌ) أيضاً في عهده صلى الله عليه وسلم. ولم تكم هناك في عهد رسول الله وعهد الراشدين من الخلفاء مذاهب متفرعة عن االسنَة: كالشافعية، والحنبلية والحنفية والمالكية وماتفرع عنها أيضاً من طرق صوفية كالنقشبندية والشاذلية والرفاعية والتيجانية والمولوية وغيرها وغيرها. ولم يكن هنالك في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مذاهب متفرعة عن الشيعية: كالجعفرية والإثنى عشرية والعلوية والإسماعيلية والزيدية والإباضية والتوحيدية (بني معروف) والتي تسمى خطأً (بالدرزية) وغيرها وغيرها. وقد ذكرت حفظك الله: (إخي وليد الرؤوساء لا حظت موضوعا لك بعنوان هل كان هناك شيعة على عهد الرسول الكريم ؟؟طبعا لم يكن هناك لا شيعة ولا سنة كانوا سواسية لكن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حصل الانقسام بسبب الخلافة. والله ورسوله أعلم منا فليتولى الجميع برحمته. كل الشكر لك تحياتي).

    من ناحية أخرى أشيد بما صدر عن سماحة العالم الجليل السيد حسين فضل الله حفظه الله، المرجع الشيعي اللبناني الأعلى، بخصوص تحريمه سبُ الصحابة وأمهات المؤمنين إذ يقول سماحته: (إنَ السبَ يمثل انحرافاً عن الخطِ الإسلامي الأصيل.)

    أنَ ماذكره سماحة العالم الجليل السيد حسين فضل الله سيكون بعون الله ومشيئته في ميزان أعماله الصالحة. وهذه خطوة جريئة كما أعلم لم يسبقه إليها أحد، وهي تندرج في أولويات المقومات نحو التقارب بين المذاهب الإسلامية. وهنا أقول بأن هناك رجعة إلى الأصول والجذور التي وردت في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رغب عن سنتي فليس مني) والسنة هنا ليست المذهب المعروف الذي أشرت إليه والذي تبناه تابعوا التابعين وأسموه (أهل السنة والجماعة) ولكنه ماجاء عن رسول الله من الثوابت في العقيدة والتشريعات والفرائض والحدود وغيرها. سنه رسول الله معناها الأصل والجذور والحقائق. والقرآن الكريم يقول: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً...) حدد الإسلام وأشار إليه ولم يحدد سنَة أوشيعة. وإبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، أبو المسلمين، يقول عنه القرآن: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وأنا أول المسلمين.)

    إن التمذهب والمذهبية والفروقات الوضعية التي تفرق المسلمين ولا تجمعهم، والتي سببت الحروب والكوارث بين أبناء الإسلام ماهي إلا صناعة خسيسة من صناعات يهود شبه الجزيرة العربية والعراق والشَام. وإنماَ هي فتن أبرمت بليل اتفق عليها اليهود منذ البدايات. انظروا واقرأوا أيها السادة والسيدات ما ذا قال راهب بصرى الشام لجد رسول الله مشيراً إلى أنَ اليهود لو علموا به أنه سيكون نبياً لغدروا به وقتلوه، فكان أن عاد به جده مسرعاً إلى مكة. اقروا في الإسرائيليات التي دست مادست وفعلت مافعلت بل فرقتنا إلى فرق ومذاهب، انظروا إليها، وإنني واثق بأن العالم الجليل السيد فضل الله لم يصدر فتواه أبداً، وإنني أجزم، إلاَ عن دراية واطلاع على مافعله اليهود عبر التاريخ من غسل للذهن الشيعي العادي حتى أقبل على شتم بعض الصحابة وبعض أمهات المؤمنين وبعض التابعين. بل إنَ اليد اليهودية امتدت إلى فتاوى فقهاء وعلماء من السنة فقالوا ببطلان ما جاء به الشيعة بل وبتكفير بعضهم. إنَ فتوى السيد حسين فضل الله جاءت عن سعة اطلاع وعلم ورجوع إلى الأصول.

    إن ماجئت به أيتها الأخت الكريمة مريم، إنما هو الحق والحقيقة بهذه الفتوى للعالم الجليل السيد حسين فضل والتي تحرم شتم الصحابة وأمهات المؤمنين والتي تعلن مرحلة جديدة من التفاهم والتقارب بين المذاهب كما أشرت. وإنني هنا أستشف مرحلة جديدة يعود فيها علماء الفرق والمذاهب الإسلامية إلى النبع القرآني والنبوي الأصيلين فنتوحد جيعاً تحت راية الحنيفية الإسلامية السمحاء، عندها يأذن الله بعودة المهدي المنتظر على هذه الحنيفية الإسلامية السمحاء، وعندها نستشعر حديثاً لا أدري مدى صحته:( إذا رايتم الرايات السود آتية من المشرق فاتبعوها فإن فيها أخي المهدي.)

    أخيراً أشكر كلَ من أسهم بمداخلة وأرجو من أختي الكريمة مريم الاتصال بي على الجوال:0988179846 لنعمق الحوار بدعوة إلى ندوة في دمشق تتناول فتوى سماحة العالم الجليل السيد حسين فضل الله.

    عبدالرؤوف عدوان
    دمشق - سوريا


  20. #20
    طالب علم - وباحث بالفرق والمذاهب الصورة الرمزية جيفار التميمي
    تاريخ التسجيل
    01/03/2008
    المشاركات
    606
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي

    أتحفتنا الأخت مريم العلي بما قاله المرجع الشيعي فضل الله في الصحابة وهنا نؤكد على ذلك حيث كانت العلاقة الحميمة بين آل البيت وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بادية للعيان ،واضحة الأثر عند كل منصف ، وقد استفاضت الآثار عنهم بهذا الأمر ؛ سواء عند أهل السنة أو الشيعة .
    إلا أن الشيعة الـــغــــلاة – هداهم الله – لم يعجبهم هذه العلاقة الحميمة بين الفئتين ، فراحوا يفترون الأكاذيب والأباطيل التي تصور تلك العلاقة بغير صورتها الحقيقية حتى أن الممقاني أكبر شيوخهم في هذا العصر يقول: إن ما يعتبر غلواً عند الشيعة الماضين أصبح اليوم من ضرورات المذهبولكن فاتهم في غمرة هذه الأكاذيب أن ينتبهوا إلى أن كتبهم المعتمدة ، وآثارهم المتصلة بآل البيت حافلة بتوثيق تلك العلاقة الحميمة !!
    وهذا ما لا يستطيعون له دفعًا ؛ إلا أن يقولوا قولتهم المشهورة إذا أعيتهم الحقيقة بأن ( هذا من باب التقية ) !! ولا أدري ممَ يتقي أئمة آل البيت الأبطال الشجعان باعترافهم !



    مدح علي رضي الله عنه للصحابة :

    يقول - رضي الله عنه -:( لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فما أرى أحداً يشبههم منكم! لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً، وقد باتوا سجداً وقياماً، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم! كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم! إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفاً من العقاب، ورجاء للثواب)
    [نهج البلاغة ص143 دار الكتاب بيروت 1387ه‍ بتحقيق صبحي صالح، ومثل ذلك ورد في "الإرشاد" ص126].


    وهاهو يمدح أصحاب النبي عامة، ويرجحهم على أصحابه وشيعته الذين خذلوه في الحروب والقتال، وجبنوا عن لقاء العدو ومواجهتهم، وقعدوا عنه وتركوه وحده، فيقول موازناً بينهم وبين صحابة رسول الله:( ولقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا: ما يزيدنا ذلك إلا إيماناً وتسليماً، ومضياً على اللقم، وصبراً على مضض الألم، وجداً في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما: أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقياً جرانه، ومتبوئا أوطانه. ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم، ما قام للدين عمود، ولا اخضر للإيمان عود. وأيم الله لتحتلبنها دماً، ولتتبعنها ندماً) .
    ["نهج البلاغة" بتحقيق صبحي صالح ص91، 92 ط بيروت].

    ويذكرهم أيضاً مقابل شيعته المتخاذلين، ويأسف على ذهابهم بقوله:
    (
    أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه، وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً وصفاً صفاً، بعض هلك وبعض نجا، لا يبشرون بالأحياء ولا يعزون عن الموتى، مرة العيون من البكاء، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء، صفر الألوان من السهر، على وجوههم غبرة الخاشعين، أولئك إخواني الذاهبون، فحق لنا أن نظمأ إليهم ونعض الأيدي على فراقهم)
    ["نهج البلاغة" بتحقيق صبحي صالح ص177، 178].

    ويمدح المهاجرين من الصحابة في جواب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فيقول:( فاز أهل السبق بسبقهم، وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم ) ["نهج البلاغة" ص383 بتحقيق صبحي صالح].


    ويقول أيضاً: ( وفي المهاجرين خير كثير تعرفه، جزاهم الله خير الجزاء) ["نهج البلاغة" ص383 بتحقيق صبحي صالح].


    كما مدح الأنصار من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام بقوله :( هم والله ربوا الإسلام كما يربي الفلو مع غنائهم، بأيديهم السباط، وألسنتهم السلاط) ["نهج البلاغة" ص557 تحقيق صبحي صالح].


    ومدحهم مدحاً بالغاً موازناً أصحابه ومعاوية مع أنصار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :( أما بعد! أيها الناس: فوالله لأهل مصركم في الأمصار أكثر من الأنصار في العرب، وما كانوا يوم أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات ربه إلا قبيلتين صغير مولدها، وما هما بأقدم العرب ميلاداً، ولا بأكثرهم عدداً، فلما آووا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونصروا الله ودينه، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وتحالفت عليهم اليهود، وغزتهم اليهود والقبائل قبيلة بعد قبيلة، فتجردوا لنصرة دين الله، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لأهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن والسهل وأقاموا قناة الدين، وتصبروا تحت أحلاس الجلاد حتى دانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم العرب، ورأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه، فأنتم في الناس أكثر من أولئك في أهل ذلك الزمان من العرب) ["الغارات" ج2 ص479، 480].


    ويروي المجلسي عن الطوسي رواية موثوقة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه:( أوصيكم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تسبوهم، فإنهم أصحاب نبيكم، وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً، ولم يوقروا صاحب بدعة، نعم! أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في هؤلاء) ["حياة القلوب للمجلسي" ج2 ص621].


    ويمدح المهاجرين والأنصار معاً حيث يجعل في أيديهم الخيار لتعيين الإمام وانتخابه، وهم أهل الحل والعقد في القرن الأول من بين المسلمين وليس لأحد أن يرد عليهم، ويتصرف بدونهم، ويعرض عن كلمتهم، لأنهم هم الأهل للمسلمين والأساس ، فيقول :(إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى، فإن خرج منهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى) ["نهج البلاغة" ج3 ص7 ط بيروت تحقيق محمد عبده وص367 تحقيق صبحي].



    آل البيت يمدحون الصحابة :


    هاهو علي بن الحسين الملقب بزين العابدين - الإمام المعصوم الرابع عندالشيعة ، وسيد أهل البيت في زمانه - يذكر أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، ويدعو لهم في صلاته بالرحمة والمغفرة لنصرتهم سيد الخلق في نشر دعوة التوحيد وتبليغ رسالة الله إلى خلقه فيقول: فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان اللهم وأصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكاتفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الحق عليك، وكانوا من ذلك لك وإليك، واشكرهم على هجرتهم فيك ديارهم وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه ، ومن كثرة في اعتزاز دينك إلى أقله، اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم، وتحروا جهتهم، لو مضوا إلى شاكلتهم لم يثنهم ريب في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم والائتمام بهداية منارهم مكانفين وموازرين لهم، يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم، ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم" [صحيفة كاملة لزين العابدين ص13 ط الهند 1248ه‍].


    ويقول الحسن العسكري - الإمام الحادي عشر عند الشيعة - في تفسيره:( إن كليم الله موسى سأل ربه : هل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من صحابتي؟ قال الله: يا موسى! أما عملت أن فضل صحابة محمد صلى الله عليه وسلم على جميع صحابة المرسلين كفضل محمد صلى الله عليه وسلم على جميع المرسلين والنبيين) [تفسير الحسن العسكري ص65 ط الهند، وأيضاً "البرهان" ج3 ص228، واللفظ له].


    وكتب بعد ذلك في تفسير الحسن العسكري :- ( إن رجلاً ممن يبغض آل محمد وأصحابه الخيرين أو واحداً منهم يعذبه الله عذاباً لو قسم على مثل عدد خلق الله لأهلكهم أجمعين) [تفسير الحسن العسكري ص196] .


    ولأجل ذلك قال جده الأكبر علي بن موسى الملقب بالرضا - الإمام الثامن عند الشيعة - حينما سئل "عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهديتم ، وعن قوله عليه السلام: دعوا لي أصحابي: ؟ فقال: هذا صحيح) [نص ما ذكره الرضا نقلاً عن كتاب "عيون أخبار الرضا" لابن بابويه القمي الملقب بالصدوق تحت قول النبي: أصحابي كالنجوم ج2 ص87].


    وإليكم ما قاله ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وابن عم علي رضي الله عنه عبد الله بن عباس - فقيه أهل البيت وعامل علي رضي الله عنه - في حق الصحابة:( إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خص نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بصحابة آثروه على الأنفس والأموال، وبذلوا النفوس دونه في كل حال، ووصفهم الله في كتابه فقال: ( رحماء بينهم ) الآية، قاموا بمعالم الدين، وناصحوا الاجتهاد للمسلمين، حتى تهذبت طرقه، وقويت أسبابه، وظهرت آلاء الله، واستقر دينه، ووضحت أعلامه، وأذل بهم الشرك، وأزال رؤوسه ومحا دعائمه، وصارت كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزاكية، والأرواح الطاهرة العالية، فقد كانوا في الحياة لله أولياء، وكانوا بعد الموت أحياء، وكانوا لعباد الله نصحاء، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها، وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها) ["مروج الذهب" ج3 ص52، 53 دار الأندلس بيروت] .


    ويروي محمد الباقر رواية تنفى النفاق عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتثبت لهم الإيمان ومحبة الله عز وجل كما أوردها العياشي والبحراني في تفسيريهما تحت قول الله عز وجل:( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) عن سلام قال: كنت عند أبي جعفر، فدخل عليه حمران بن أعين، فسأله عن أشياء، فلما هم حمران بالقيام قال لأبي جعفر عليه السلام: أخبرك أطال الله بقاك وأمتعنا بك، إنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا، وتسلوا أنفسنا عن الدنيا، وتهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثم نخرج من عندك، فإذا صرنا مع الناس والتجار أحببنا الدنيا؟ قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما هي القلوب مرة يصعب عليها الأمر ومرة يسهل، ثم قال أبو جعفر: أما إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله نخاف علينا النفاق، قال: فقال لهم: ولم تخافون ذلك؟ قالوا: إنا إذا كنا عندك فذكرتنا روعنا، ووجلنا، نسينا الدنيا وزهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك، ودخلنا هذه البيوت، وشممنا الأولاد، ورأينا العيال والأهل والمال، يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك، وحتى كأنا لم نكن على شيء، أفتخاف علينا أن يكون هذا النفاق؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا، هذا من خطوات الشيطان. ليرغبنكم في الدنيا، والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة، ومشيتم على الماء، ولولا أنكم تذنبون، فتستغفرون الله لخلق الله خلقاً لكي يذنبوا، ثم يستغفروا، فيغفر الله لهم، إن المؤمن مفتن تواب، أما تسمع لقوله:( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) وقال: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ )
    .
    وأما ابن الباقر جعفر الملقب بالصادق فإنه يقول: ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنى عشر ألفا، ثمانية آلاف من المدينة، وألفان من مكة، وألفان من الطلقاء، ولم ير فيهم قدري ولا مرجئ ولا حروري ولا معتزلي، ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار ويقولون: اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير) ["كتاب الخصال" للقمي ص640 ط مكتبة الصدوق طهران]. .



    موقف أهل البيت من أبي بكرالصديق:


    يقول علي بن أبى طالب رضي الله عنه وهو يذكر بيعة أبي بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عند انثيال الناس - أي انصبابهم من كل وجه كما ينثال التراب - على أبى بكر، وإجفالهم إليه ليبايعوه: فمشيت عند ذلك إلى أبى بكر، فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت "كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون " ، فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر، وسدد، وقارب، واقتصد، فصحبته مناصحاً، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً) ["الغارات" ج1 ص307 تحت عنوان "رسالة علي عليه السلام إلى أصحابه بعد مقتل محمد بن أبي بكر"].


    ويذكر في رسالة أخرى أرسلها إلى أهل مصر مع عامله الذي استعمله عليها قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري: ( بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين، سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو. أما بعد! فإن الله بحسن صنعه وتقديره وتدبيره اختار الإسلام ديناً لنفسه وملائكته ورسله، وبعث به الرسل إلى عباده و خص من انتخب من خلقه، فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم به من الفضيلة أن بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - إليهم فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض، وأدّبهم لكيما يهتدوا، وجمعهم لكيما لا يتفرقوا، وزكاهم لكيما يتطهروا، فلما قضى من ذلك ما عليه قبضة الله إليه ، فعليه صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه إنه حميد مجيد. ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا امرأين منهم صالحين عملاً بالكتاب وأحسنا السيرة ولم يتعديا السنة ثم توفاهما الله فرحمهما الله) ["الغارات" ج1 ص210 ومثله باختلاف يسير في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، و"ناسخ التواريخ" ج3 كتاب2 ص241 ط إيران، و"مجمع البحار" للمجلسي].


    ويقول أيضاً وهو يذكر خلافة الصديق وسيرته :( فاختار المسلمون بعده (أي النبي صلى الله عليه وسلم) رجلاً منهم، فقارب وسدد بحسب استطاعة على خوف وجد) ["شرح نهج البلاغة" للميثم البحراني ص400].


    يقول علي والزبير بن العوام رضي الله عنهما : ( وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار وثاني اثنين، وإنا لنعرف له سنه، ولقد أمره رسول الله بالصلاة وهو حي) ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد الشيعي ج1 ص332]. ومعنى ذلك أن خلافته كانت بإيعاز الرسول عليه السلام.


    وعلي بن أبى طالب رضي الله عنه قال هذا القول رداً على أبي سفيان حين حرضه على طلب الخلافة كما ذكر ابن أبى الحديد :
    ( جاء أبو سفيان إلى علي عليه السلام، فقال: وليتم على هذا الأمر أذل بيت في قريش، أما والله لئن شئت لأملأنها على أبي فصيل خيلاً ورجلاً، فقال علي عليه السلام: طالما غششت الإسلام وأهله، فما ضررتهم شيئاً، لا حاجة لنا إلى خيلك ورجلك، لولا أنا رأينا أبا بكر لها أهلاً لما تركناه ) ["شرح ابن أبي الحديد" ج1 ص130].


    ولقد كررّ هذا القول ومثله مرات كرات، وأثبتته كتب الشيعة في صدورها ؛ وهو أن علياً كان يعدّ الصديق أهلاً للخلافة، وأحق الناس بها، لفضائله الجمة ومناقبه الكثيرة حتى حينما قيل له قرب وفاته بعد ما طعنه ابن ملجم : ألا توصي ؟ قال:ما أوصى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأوصي، ولكن قال ( أي صلى الله عليه وسلم ) : إن أراد الله خيراً فيجمعهم على خيرهم بعد نبيهم) ["تلخيص الشافي" للطوسي ج2 ص372 ط النجف]..


    وأورد مثل هذه الرواية شيخ الشيعة المسمى "علم الهدى" في كتابه الشافي : ( عن أمير المؤمنين عليه السلام لما قيل له: ألا توصي ؟ فقال: ما أوصى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأوصي، ولكن إذا أراد الله بالناس خيراً استجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم) ["الشافي" ص171 ط النجف].


    فهذا علي بن أبى طالب رضي الله عنه يتمنى لشيعته وأنصاره أن يوفقهم الله لرجل خيّر صالح كما وفق الأمة الإسلامية المجيدة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لرجل خيّر صالح هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه إمام الهدى، وشيخ الإسلام، ورجل قريش، والمقتدى به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حسب ما سماه سيد أهل البيت زوج الزهراء رضي الله عنهما كما رواه السيد مرتضى علم الهدى في كتابه عن جعفر بن محمد عن أبيه ( أن رجلاً من قريش جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: سمعتك تقول في الخطبة آنفا: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، فمن هما ؟ قال: حبيباي، وعماك أبو بكر وعمر، وإماما الهدى، وشيخا الإسلام. ورجلا قريش، والمتقدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من اقتدى بهما عصم، ومن اتبع آثارهما هدى إلى صراط المستقيم) ["تلخيص الشافي" ج2 ص428].


    وقد كرر في نفس الكتاب ( أن علياً عليه السلام قال في خطبته: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر) ، ولم لا يقول هذا وهو الذي روى :"إننا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم على جبل حراء إذ تحرك الجبل، فقال له: قر، فإنه ليس عليك إلا نبي وصدّيق وشهيد" ["الاحتجاج" للطبرسي].


    فهذا هو رأى علي رضي الله عنه في أبي بكر فالمفروض من القوم الذين يدعون موالاته وبنيه أن يتبعوه وأولاده في آرائهم ومعتقداتهم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورفقائه ..


    رأى أهل البيت في أبي بكرالصديق:


    قال ابن عباس وهو يذكر الصديق: ( رحم الله أبا بكر، كان والله للفقراء رحيماً، وللقرآن تالياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً، ومن الله خائفاً، وعن المنهيات زاجراً، وبالمعروف آمراً، وبالليل قائماً، وبالنهار صائماً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وسادهم زهداً وعفافاً) ["ناسخ التواريخ" ج5 كتاب2 ص143، 144 ط طهران].


    ويقول الحسن بن علي - الإمام المعصوم الثاني عند الشيعة، والذي أوجب الله اتباعه عليهم حسب زعمهم - يقول - وينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال - : ( إن أبا بكر مني بمنزلة السمع) ["عيون الأخبار" ج1 ص313، أيضاً "كتاب معاني الأخبار" ص110 ط إيران].

    وكان الحسن يوقر أبا بكر وعمر كثيرًا ، إلى حد أنه جعل من أحد الشروط على معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنهما لما تنازل له ( أنه يعمل ويحكم في الناس بكتاب الله وسنة رسول الله، وسيرة الخلفاء الراشدين ، - وفي النسخة الأخرى - الخلفاء الصالحين) ["منتهى الآمال" ص212 ج2 ط إيران].

    وأما الإمام الرابع للشيعة : علي بن الحسين بن علي، فقد روي عنه أنه جاء إليه نفر من العراق، فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم قال لهم: ألا تخبروني أنتم (الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) ؟ قالوا: لا، قال: فأنتم (وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ؟ قالوا: لا، قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم ( يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا ) ( أخرجوا عني فعل الله بكم ) ["كشف الغمة" للأربلي ج2 ص78 ط تبريز إيران].


    وأما ابن زين العابدين محمد بن على بن الحسين الملقب بالباقر - الإمام الخامس المعصوم عند الشيعة - فسئل عن حلية السيف : (عن أبى عبد الله الجعفي عن عروة بن عبد الله قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن حلية السيف؟ فقال: لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق سيفه، قال: قلت: وتقول الصديق؟ فوثب وثبة، واستقبل القبلة، فقال: نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا والآخرة ) [ علي بن عيسى الأربلي "كشف الغمة" ج2 ص147].


    ولم يقل هذا إلا لأن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم الناطق بالوحي سماه الصديق كما رواه البحراني الشيعي في تفسيره "البرهان" عن علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار قال لأبي بكر: كأني أنظر إلى سفينة جعفر وأصحابه تعوم في البحر، وأنظر إلى الأنصار محبتين (مخبتين) في أفنيتهم، فقال أبو بكر: وتراهم يا رسول الله؟ قال: نعم! قال: فأرنيهم، فمسح على عينيه فرآهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت الصديق ) ["البرهان" ج2 ص125].


    ويروي الطبرسي عن الباقر أنه قال:( ولست بمنكر فضل أبى بكر، ولست بمنكر فضل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر) ["الاحتجاج" للطبرسي ص230 تحت عنوان "احتجاج أبي جعفر بن علي الثاني في الأنواع الشتى من العلوم الدينية" ط مشهد كربلاء].


    وسئل جعفر الصادق عن أبى بكر وعمر: ( يا ابن رسول الله! ما تقول في حق أبى بكر وعمر؟ فقال عليه السلام: إمامان عادلان قاسطان، كانا على حق، وماتا عليه، فعليهما رحمة الله يوم القيامة ) ["إحقاق الحق" للشوشتري ج1 ص16 ط مصر].


    وروى عنه الأربلي أنه كان يقول:( لقد ولدنى أبو بكر مرتين) ["كشف الغمة" ج2 ص161]. وهذا الذي إستشهد به الشيخ فضل الله

    لأن أمه : أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر وأمها (أي أم فروة) أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ["فرق الشيعة" للنوبختي ص78].

    ويروي السيد مرتضى في كتابه "الشافي" عن جعفر بن محمد أنه كان يتولاهما، ويأتي القبر فيسلم عليهما مع تسليمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ["كتاب الشافي" ص238، أيضاً "شرح نهج البلاغة" ج4 ص140 ط بيروت].

    ويقول إمام الشيعة المعروف بالحسن العسكري - الإمام الحادي عشر المعصوم عندهم - وهو يسرد واقعة الهجرة : ( أن رسول الله بعد أن سأل علياً رضي الله عنه عن النوم على فراشه قال لأبى بكر رضي الله عنه: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما أطلب، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه فتحمل عني أنواع العذاب؟ قال أبو بكر: يا رسول الله! أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل عليّ موت صريح ولا فرح ميخ وكان ذلك في محبتك لكان ذلك أحب إلي من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع مماليك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداءك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا جرم أن اطلع الله على قلبك، ووجد موافقاً لما جرى على لسانك جعلك مني بمنزلة السمع والبصر، والرأس من الجسد، والروح من البدن ) ["تفسير الحسن العسكري" ص164، 165 ط إيران].


    وهاهو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب شقيق محمد الباقر وعم جعفر الصادق الذي قيل فيه: كان حليف القرآن" "واعتقد كثير من الشيعة فيه بالإمامة، وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف["الإرشاد" للمفيد ص268 تحت عنوان "ذكر أخوته" – أي الباقر -] يسأل عن أبى بكر وعمر ما تقول فيهما ؟ قال: ما أقول فيهما إلا خيراً كما لم أسمع فيهما من أهل بيتي (بيت النبوة) إلا خيراً، ما ظلمانا ولا أحد غيرنا، وعملاً بكتاب الله وسنة رسوله ) فلما سمع الشيعة منه هذه المقالة رفضوه، فقال زيد: رفضونا اليوم، ولذلك سموا بالرافضة ["ناسخ التواريخ" ج2 ص590 تحت عنوان "أحوال الإمام زين العابدين"].


    ويقول سلمان الفارسي رضي الله عنه – وهو ممن تعظمهم الشيعة - : إن رسول الله كان يقول في صحابته: ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في قلبه ["مجالس المؤمنين" للشوشتري ص89].



    خلافة أبي بكرالصديق:


    وبعد ما ذكرنا أهل بيت النبي وموقفهم وآرائهم تجاه سيد الخلق بعد أنبياء الله ورسله أبي بكر الصديق رضي الله عنه نريد أن نذكر أنه لم يكن خلاف بينه وبين أهل البيت في مسألة خلافة النبي وإمارة المؤمنين وإمامة المسلمين، وأن أهل البيت بايعوه كما بايعه غيرهم، وساروا في مركبه، ومشوا في موكبه، وقاسموه هموم المسلمين وآلامهم، وشاركوه في صلاح الأمة وفلاحها، وكان علي رضي الله عنه أحد المستشارين المقربين إليه، يشترك في قضايا الدولة وأمور الناس، ويشير عليه بالأنفع والأصلح حسب فهمه ورأيه. ويتبادل به الأفكار والآراء، لا يمنعه مانع ولا يعوقه عائق، يصلي خلفه، ويعمل بأوامره، ويقضي بقضاياه، ويستدل بأحكامه ويستند، ثم ويسمي أبناءه بأسمائه حباً له وتيمناً باسمه وتودداً إليه.
    وفوق ذلك كله يصاهر أهل البيت به وبأولاده، ويتزوجون منهم ويزوجون بهم، ويتبادلون ما بينهم التحف والصلات، ويجري بينهم من المعاملات ما يجري بين الأقرباء المتحابين والأحباء المتقاربين ، وكل ذلك مما روته كتب الشيعة – ولله الحمد - .
    فقد استدل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على صحة خلافته وانعقادها كما يذكر وهو يردّ على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أمير الشام بقوله :
    ( إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى) ["نهج البلاغة" ص366، 367 ط بيروت بتحقيق صبحي صالح]..

    وقال: ( إنكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي، وإنما الخيار للناس قل أن يبايعوا، فإذا بايعوا فلا خيار) ["ناسخ التواريخ" ج3 الجزء2].

    وهذا النص واضح في معناه، لا غموض فيه ولا إشكال بأن الإمامة والخلافة تنعقد باتفاق المسلمين واجتماعهم على شخص، وخاصة في العصر الأول باجتماع الأنصار والمهاجرين، فإنهم اجتمعوا على أبي بكر وعمر، فلم يبق للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، كما ذكرنا قريباً روايتين عن علي بن أبى طالب في الغارات للثقفي بأن الناس انثالوا على أبي بكر، وأجفلوا إليه، فلم يكن إلا أن يقر ويعترف بخلافته وإمامته.
    وهناك رواية أخرى في غير "الغارات" تقر بهذا عن علي أنه قال وهو يذكر أمر الخلافة والإمامة: (رضينا عن الله قضائه، وسلمنا لله أمره …. فنظرت في أمري فإذا طاعتي سبقت بيعتي إذ الميثاق في عنقي لغيري) .
    ["نهج البلاغة" ص81 خطبة 37 ط بيروت بتحقيق صبحي صالح].


    ولما رأى ذلك تقدم إلى الصديق، وبايعه كما بايعه المهاجرون والأنصار، والكلام من فيه وهو يومئذ أمير المؤمنين وخليفة المسلمين، ولا يتقي الناس، ولا يظهر إلا ما يبطنه لعدم دواعي التقية حسب أوهام القوم، وهو يذكر الأحداث الماضية فيقول:
    ( فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر، فبايعته، ونهضت في تلك الأحداث … فتولى أبو بكر تلك الأمور وسدد ويسر وقارب واقتصد، فصحبته مناصحاً، وأطعته فيما أطاع الله جاهداً ) ["منار الهدى" لعلي البحراني الشيعي ص373، أيضاً "ناسخ التواريخ" ج3 ص532]..

    ولأجل ذلك رد على أبي سفيان والعباس حينما عرضا عليه الخلافة لأنه لا حق له بعد ما انعقدت للصديق .
    وكتب إلى أمير الشام معاوية بن أبى سفيان :
    (وذكرت أن الله اجتبى له من المسلمين أعواناً أيّدهم به، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام كما زعمت ، وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة الصديق وخليفة الخليفة الفاروق، ولعمري إن مكانهما في الإسلام لعظيم، وإن المصائب بهما لجرح في الإسلام شديد يرحمهما الله، وجزاهم الله بأحسن ما عملا) [ابن ميثم شرح نهج البلاغة ط إيران ص488].

    وروى الطوسي عن علي أنه لما اجتمع بالمهزومين في الجمل قال لهم :
    ( فبايعتم أبا بكر، وعدلتم عني، فبايعت أبا بكر كما بايعتموه …..، فبايعت عمر كما بايعتموه فوفيت له بيعته ….. فبايعتم عثمان فبايعته وأنا جالس في بيتي، ثم أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره لأحد منكم فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان، فما جعلكم أحق أن تفوا لأبى بكر وعمر وعثمان ببيعتهم منكم ببيعتي) ["الأمالي" لشيخ الطائفة الطوسي ج2 ص121 ط نجف].
    .

    ولقد أقر بذلك شيعي متأخر وإمام من أئمة القوم هو محمد حسين آل كاشف الغطاء بقوله:
    ( وحين رأى – أي علي - أن الخليفة الأول والثاني بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجيوش وتوسيع الفتوح، ولم يستأثروا ولم يستبدوا بايع وسالم) ["أصل الشيعة وأصولها" ط دار البحار بيروت 1960 ص91].

    ويروي ابن أبي الحديد أن عليًا والزبير قالا بعد مبايعتهما أبي بكر :
    ( وإنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف له سنه، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي) ["شرح نهج البلاغة" لأبي أبي الحديد ج1 ص132وأورد ابن أبي الحديد رواية أخرى مشابهة في شرحه ص134 ].



    إقتداء علي بالصديق في الصلوات وقبوله الهدايا منه:


    ولقد كان علي رضي الله عنه راضياً بخلافة الصديق ومشاركاً له في معاملاته وقضاياه، قابلاً منه الهدايا، رافعاً إليه الشكاوى، مصلياً خلفه، عاملاً معه ، محباً له، مبغضاً من يبغضه.

    فقد ذكرنا قبل أن علياً قال للقوم حينما أرادوه خليفة وأميراً: وأنا لكم وزيراً خير لكم منى أميرا.["نهج البلاغة" ص136 تحقيق صبحي صالح].

    يذكرهم أيام الصديق والفاروق حينما كان مستشاراً مسموعاً، ومشيراً منفذاً كلمته . كما يروي اليعقوبي الشيعي في تاريخه وهو يذكر أيام خلافة الصديق
    ( وأراد أبو بكر أن يغزو الروم فشارو جماعة من أصحاب رسول الله، فقدموا وأخروا، فاستشار علي بن أبى طالب فأشار أن يفعل، فقال: إن فعلت ظفرت؟ فقال: بشرت بخير، فقام أبو بكر في الناس خطيباً، وأمرهم أن يتجهزوا إلى الروم ) ["تاريخ اليعقوبي" ص132، 133 ج2 ط بيروت 1960م].

    وفى رواية ( سأل الصديق علياً كيف ومن أين تبشر؟ قال: من النبي حيث سمعته يبشر بتلك البشارة، فقال أبو بكر: سررتني بما أسمعتني من رسول الله يا أبا الحسن! يسرّك الله) ["تاريخ التواريخ" ج2 كتاب 2 ص158 تحت عنوان "عزام أبي بكر"].

    ويؤيد ذلك عالم الشيعة محمد بن النعمان العكبري الملقب بالشيخ المفيد حيث بوّب باباً خاصاً في كتابه "الإرشاد" لقضايا أمير المؤمنين عليه السلام في إمارة أبي بكر.ثم ذكر عدة روايات عن قضايا علي في خلافة أبي بكر، ومنها
    ( أن رجلاً رفع إلى أبي بكر وقد شرب الخمر، فأراد أن يقيم عليه الحد فقال له: إني شربتها ولا علم لي بتحريمها لأني نشأت بين قوم يستحلونها ولم أعلم بتحريمها حتى الآن ، فارتج علي أبي بكر الأمر بالحكم عليه ولم يعلم وجه القضاء فيه، فأشار عليه بعض من حضر أن يستخبر أمير المؤمنين عليه السلام عن الحكم في ذلك، فأرسل إليه من سأله عنه، فقال أمير المؤمنين: مر رجلين ثقتين من المسلمين يطوفان به على مجالس المهاجرين والأنصار ويناشدانهم هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فإن شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه، وإن لم يشهد أحد بذلك فاستتبه وخلّ سبيله، ففعل ذلك أبو بكر فلم يشهد أحد من المهاجرين والأنصار أنه تلا عليه آية التحريم، ولا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فاستتابه أبو بكر وخلى سبيله وسلم لعلي عليه السلام في القضاء به) ["الإرشاد" للمفيد ص107 ط إيران].
    وكان علي يمتثل أوامره كما حدث أن وفداً من الكفار جاءوا إلى المدينة المنورة، ورأوا بالمسلمين ضعفاً وقلة لذهابهم إلى الجهات المختلفة للجهاد واستئصال شأفة المرتدين والبغاة الطغاة، فأحس منهم الصديق خطراً على عاصمة الإسلام والمسلمين، فأمر الصديق بحراسة المدينة وجعل الحرس على أنقابها يبيتون بالجيوش، وأمر علياً والزبير وطلحة وعبد الله بن مسعود أن يرأسوا هؤلاء الحراس، وبقوا كذلك حتى أمنوا منهم["شرح نهج البلاغة" ج4 ص228 تبريز].

    وللتعاطف والتوادد والوئام الكامل بينهما :كان علىّ وهو سيد أهل البيت يتقبل من أبي بكر الهدايا دأب الأخوة المتحابين ؛ كما قبل الصهباء الجارية التي سبيت في معركة عين التمر، وولدت له عمر ورقية ، حيث قالت كتب الشيعة ( وأما عمر ورقية فإنهما من سبيئة من تغلب يقال لها الصهباء سبيت في خلافة أبى بكر وإمارة خالد بن الوليد بعين التمر) ["شرح نهج البلاغة" ج2 ص718، أيضاً "عمدة الطالب" ط نجف ص361].
    ( وكانت اسمها أم حبيب بنت ربيعة) ["الإرشاد" ص186].

    وأيضاً منحه الصديق خولة بنت جعفر بن قيس التي أسرت مع من أسر في حرب اليمامة وولدت له أفضل أولاده بعد الحسنين :محمد بن الحنفية( وهى من سبي أهل الردة وبها يعرف ابنها ونسب إليها محمد بن الحنفية) ["عمدة الطالب" الفصل الثالث ص352، أيضاً "حق اليقين" ص213].

    كما وردت روايات عديدة في قبوله هو وأولاده الهدايا المالية والخمس وأموال الفيء من الصديق رضي الله عنهم أجمعين، وكان علي هو القاسم والمتولي في عهده على الخمس والفيء ، وكانت هذه الأموال بيد علي، ثم كانت بيد الحسن، ثم بيد الحسين، ثم الحسن بن الحسن، ثم زيد بن الحسن ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحدد ج4 ص118].

    وكان يؤدي الصلوات الخمس في المسجد خلف الصديق، راضياً بإمامته، ومظهراً للناس اتفاقه ووئامه معه ["الاحتجاج" للطبرسي 53، أيضاً كتاب سليم بن قيس ص253، أيضاً "مرآة العقول" للمجلسي ص388 ط إيران].


    مساعدة الصديق في تزويج علي من فاطمة:


    وكان للصديق مَنّ على عليّ رضي الله عنهما حيث توسط له في زواجه من فاطمة رضي الله عنها وساعده فيه، كما كان هو أحد الشهود على نكاحه بطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يرويه أحد أعاظم الشيعة ويسمى بشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي( عن الضحاك بن مزاحم أنه قال: سمعت علي بن أبى طالب يقول: أتاني أبو بكر وعمر، فقالا: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له فاطمة، قال: فأتيته، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك، ثم قال: ما جاء بك يا علي وما حاجتك؟ قال: فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي له وجهادي، فقال : يا علي! صدقت، فأنت أفضل مما تذكر، فقلت: يا رسول الله! فاطمة تزوجنيها) ["الأمالي" للطوسي ج1 ص38].

    وأما المجلسي فيذكر هذه الواقعة ويزيدها بياناً ووضوحاً حيث يقول:
    ( في يوم من الأيام كان أبو بكر وعمر وسعد بن معاذ جلوساً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتذاكروا ما بينهم بزواج فاطمة عليها السلام .فقال أبو بكر: أشراف قريش طلبوا زواجها عن النبي ولكن الرسول قال لهم بأن الأمر في ذلك إلى الله - ونظن أنها لعلي بن أبي طالب - وأما علي بن أبي طالب فلم يتقدم بطلبها إلى رسول الله لأجل فقره وعدم ماله، ثم قال أبو بكر لعمر وسعد: هيا بنا إلى علي بن أبي طالب لنشجعه ونكلفه بأن يطلب ذلك من النبي، وإن مانعه الفقر نساعده في ذلك.فأجاب سعد : ما أحسن ما فكرت به، فذهبوا إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام …… فلما وصلوا إليه سألهم ما الذي أتى بكم في هذا الوقت؟ قال أبو بكر: يا أبا الحسن! ليس هناك خصلة خير إلا وأنت سابق بها …… فما الذي يمنعك أن تطلب من الرسول ابنته فاطمة؟ فلما سمع عليّ هذا الكلام من أبي بكر نزلت الدموع من عينيه وسكبت، وقال: قشرت جروحي ونبشت وهيجت الأماني والأحلام التي كتمتها منذ أمد، فمن الذي لا يريد الزواج منها؟، ولكن يمنعني من ذلك فقري واستحي منه بأن أقول له وأنا في هذا الحال ... الخ ) .
    ["جلاء العيون" للملا مجلسي ج1 ص169 ط كتابفروشي إسلامية طهران، ترجمة من الفارسية].

    ثم وأكثر من ذلك أن الصديق أبا بكر هو الذي حرض علياً على زواج فاطمة رضي الله عنهم، وهو الذي ساعده المساعدة الفعلية لذلك، وهو الذي هيأ له أسباب الزواج وأعدها بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يروي الطوسي : أن علياً باع درعه وأتى بثمنه إلى الرسول، ثم قبضه رسول الله من الدراهم بكلتا يديه، فأعطاها أبا بكر وقال: ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت، أردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه، فحضروا السوق، فكانوا يعرضون الشيء مما يصلح فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبي بكر، فإن استصلحه اشتروه... حتى إذا استكمل الشراء حمل أبو بكر بعض المتاع، وحمل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذين كانوا معه الباقي ["الأمالي" ج1 ص39، أيضاً "مناقب" لابن شهر آشوب المازندراني ج2 ص20 ط الهند، أيضاً "جلاء العيون" فارسي ج1 ص176].

    بل إنالصديق ورفاقه كانوا شهوداً على زواجه بنص الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه كما يذكر الخوارزمي الشيعي والمجلسي والأربلي( أن الصديق والفاروق وسعد بن معاذ لما أرسلوا علياً إلى النبي صلى الله عليه وسلم انتظروه في المسجد ليسمعوا منه ما يثلج صدورهم من إجابة الرسول وقبوله ذلك الأمر، فكان كما كانوا يتوقعون، فيقول علي: فخرجت من عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا لا أعقل فرحاً وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر، وقالا لي: ما وراءك؟ فقلت: زوجني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ابنته فاطمة …… ففرحا بذلك فرحاً شديداً ورجعا معي إلى المسجد فلما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله، وإن وجهه يتهلل سروراً وفرحاً، فقال: يا بلال! فأجابه فقال: لبيك يا رسول الله! قال: اجمع إلي المهاجرين والأنصار، فجمعهم ثم رقي درجة من المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: معاشر الناس إن جبرائيل أتاني آنفا وأخبرني عن ربي عز وجل أنه جمع ملائكته عند البيت المعمور، وكان أشهدهم جميعاً أنه زوج أمته فاطمة ابنة رسول الله من عبده علي بن أبى طالب، وأمرني أن أزوجه في الأرض وأشهدكم على ذلك) .
    ["المناقب" للخوارزمي ص251، 252، أيضاً "كشف الغمة ج1 ص358، أيضاً "بحار الأنوار" للمجلسي ج10 ص38، 39، أيضاً جلاء العيون" ج1 ص184].

    ولقد استشار عمر عليا في الخروج إلى غزو الروم فقال له:
    ( إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك، فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم. ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلاً محرباً، واحفز معه أهل البلاء والنصيحة، فإن أظهره الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأخرى، كنت ردأ للناس ومثابة للمسلمين) .
    ["نهج البلاغة" تحقيق صبحي صالح ص193].
    ويكتب ابن أبي الحديد تحته شرحاً :( أشار عليه السلام أن لا يشخص بنفسه حذراً أن يصاب فيذهب المسلمون كلهم لذهاب الرأس، بل يبعث أميراً من جانبه على الناس ويقيم هو في المدينة، فإن هزموا كان مرجعهم إليه ) .
    ["شرح نهج البلاغة" ج2 جزء8 ص369، 370].

    فمن يقرأ هذه الخطبة يتبين له الحب المتدفق من علي للفاروق والحرص على شخصه وحياته، والرجاء والتمني لبقائه في الحكم والخلافة ذخرا للإسلام والمسلمين رغم أنوف المبغضين والطاعنين فيه، ثم الجدير بالذكر أن الفاروق رضي الله عنه كان مصمماًعلى المسير إلى المعركة بنفسه والمرتضى علي رضي الله عنه كان يعرف ذلك، ومع ذلك أراد منعه قدر المستطاع لما كان يراه سبباً لعز الإسلام ومجده وشموخه، وأن لا يمسه سوء حتى لا تنقلب على الإسلام ودولته قالة ولا تدور عليهم الدائرة، وأكثر من ذلك أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان يريد أن ينيب عنه في العاصمة الإسلامية علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، فكانت فرصة ذهبية ليأخذ علي زمام الأمور ويسترد الحقوق الموهومة التي يزعم الشيعة أنها سلبت!! ولكنه رضي الله عنه لم يفعل ليتأكد لك أيها القارئ أنه لم يكن بينهما سوى الحب والود ، لا كما يزعم الشيعة هداهم الله .

    و لما استشار عمر عليا في الشخوص لقتال الفرس بنفسه منعه من ذلك وقال له:( إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة. وهو دين الله الذي أظهره، وجنده الذي أعدّه وأمدّه، حتى بلغ ما بلغ، وطلع حيث طلع، ونحن على موعود من الله، والله منجز وعده، وناصر جنده، ومكان القيم بالأمر مكان النظام من الخرز يجمعه ويضمه ، فإن انقطع النظام تفرق الخرز وذهب، ثم لم يجتمع بحذافيره أبداً. والعرب اليوم، وإن كانوا قليلاً، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع! فكن قطباً واستدر الرحا بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك.إن الأعاجم إن ينظروا إليك غداً يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا اقتطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك، وطمعهم فيك. فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين، فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك، وهو أقدر على تغيير ما يكره. وأما ما ذكرت من عددهم، فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة ) ["نهج البلاغة" بتحقيق صبحي ص203، 204 تحت عنوان "ومن كلام له (أي علي) عليه السلام وقد استشاره عمر في الشخوص لقتال الفرس بنفسه"].

    وأيضاً أشار بذلك إلى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب –
    رواه المجلسي في "بحار الأنوار" عن محمد الباقر –" ["بحار الأنوار" ج4 كتاب السماء والعالم]

    فإن دعاء الرسول لا بد له أن يقبل. فقد نبّه سيد أهل البيت بأن الفاروق ليس كواحد من الناس، بل إنه قطب، وعليه يدور رحى الإسلام والعرب المسلمين، فلولا القطب ليس للرحى أن تدور، وأنى لها ذلك؟ ولذلك يلح عليه بقوله: فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتفضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها: لأنهم يعرفون أن الفاروق هو الأصل، فإن استؤصل لا يبقى للفرع أثر، وأنه القطب، فإن كسر تنكسر الرحى ولا تدور.
    وكان علي رضي الله عنه يعتقد أن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وكان يرى بأنه محدّث بأخبار الرسول، ولذلك لم يكن يخالف سيرته وعمله حتى وفي الأمور الصغيرة والتافهة، وقد نقل الدينوري الشيعي أنه لما قدم الكوفة
    (قيل له: يا أمير المؤمنين! أتنزل القصر؟ قال: لا حاجة لي في نزوله، لأن عمر بن الخطاب كان يبغضه، ولكني نازل الرحبة، ثم أقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى ركعتين، ثم نزل الرحبة ) ["الأخبار الطوال" لأحمد بن داؤد الدينوري ص152].

    وكذلك لما تكلم في رد فدك أبى أن يعمل خلاف ما فعله عمر، فهذا هو السيد مرتضى يقول:
    ( فلما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب (ع) كلم في رد فدك، فقال: إني لأستحي من الله أن أردّ شيئاً منع منه أبو بكر، وأمضاه عمر ) .
    ["كتاب الشافي في الإمامة" ص213، أيضاً "شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد].


    وننقل هنا روايات ثلاث تأييداً لهاتين الروايتين التي نقلناها من كتب القوم.


    الأولى :

    عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنه قال:لا أعلم علياً خالف عمر، ولا غيّر شيئاً مما صنع حين قدم الكوفة"["رياض النضرة" لمحب الطبري ج2 ص85].


    الرواية الثانية

    "أن أهل نجران جاءوا إلى علي يشتكون ما فعل بهم عمر، فقال في جوابهم: إن عمر كان رشيد الأمر، فلا أغير شيئاً صنعه عمر"
    ["البيهقي" ج10 ص130، "الكامل" لابن أثير ج2 ص201 ط مصر، "التاريخ الكبير" للإمام البخاري ج4 ص145 ط الهند، "كتاب الخراج" لابن آدم ص23 ط مصر، "كتاب الأموال" ص98، "فتوح البلدان" ص74].


    والرواية الثالثة

    أن علياً قال حين قدم الكوفة: "ما كنت لأحل عقدة شدها عمر" ["كتاب الخراج" لابن آدم ص23، أيضاً "فتوح البلدان" للبلاذري ص74 ط مصر].


    وما كان كل هذا إلا لأنه يراه رجلاً ملهماً حسب إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، ورجلاً مسدداً يدور معه الحق أينما دار.


    [align=justify]وأورد ابن أبي الحديد :( أن الفاروق لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي الفارسي دخل عليه ابنا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم فقال ابن عباس: فسمعنا صوت أم كلثوم (بنت علي رضي الله عنه) : واعمراه، وكان معها نسوة يبكين فارتج البيت بكاء، فقال عمر: ويل أم عمر إن الله لم يغفر له، فقلت: والله! إني لأرجو أن لا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى: ( وإن منكم إلا واردها )
    إن كنت ما علمنا لأمير المؤمنين وسيد المسلمين تقضي بالكتاب وتقسم بالسوية، فأعجبه قولي، فاستوى جالساً فقال: أتشهد لي بهذا ياابن عباس؟ فكعكعت أي جبنت، فضرب عليّ عليه السلام بين كتفي وقال: اشهد، وفى رواية لم تجزع يا أمير المؤمنين؟ فوالله لقد كان إسلامك عزاً، وإمارتك فخراً، ولقد ملأت الأرض عدلاً، فقال: أتشهد لي بذلك يا ابن عباس! قال: فكأنه كره الشهادة فتوقف، فقال له علي عليه السلام: قل: نعم، وأنا معك، فقال: نعم) ["ابن أبي الحديد" ج3 ص146، ومثل هذا في "كتاب الآثار" ص207، "سيرة عمر" لابن الجوزي ص193 ط مصر].

    وأكثر من هذا أن علياً - وهو الإمام المعصوم الأول عند القوم - كان يؤمن بأن عمر من أهل الجنة لما سمعه من لسان خيرة خلق الله محمد المصطفى الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، ولأجل ذلك كان يتمنى بأن يلقى الله بالأعمال التي عملها الفاروق عمر رضي الله عنه في حياته، كما رواه كل من السيد مرتضى وأبو جعفر الطوسي وابن بابويه وابن أبي الحديد:
    ( لما غسل عمر وكفن دخل علي عليه السلام فقال: ما على الأرض أحد أحب إلي أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى (أي المكفون) بين أظهركم ) ["كتاب الشافي" لعلم الهدى ص171، و"تلخيص الشافي" للطوسي ج2 ص428 ط إيران، و"معاني الأخبار" للصدوق ص117 ط إيران].
    [frame="1 80"]

    وقدوردت هذه الرواية في كتب السنة بتمامها .


    وأما ابن أبي الحديد فيذكر:
    (طعن أمير المؤمنين فانصرف الناس وهو في دمه مسجى لم يصل الفجر بعد، فقيل: يا أمير المؤمنين! الصلاة، فرفع رأسه وقال: لاها الله إذن، لا حظ لامرئ في الإسلام ضيع صلاته، ثم وثب ليقوم فانبعث جرحه دماً فقال: هاتوا لي عمامة، فعصب جرحه، ثم صلى وذكر، ثم التفت إلى ابنه عبد الله وقال: ضع خدي إلى الأرض يا عبد الله! قال عبد الله: فلم أعجل بها وظننت أنها إختلاس من عقله، فقالها مرة أخرى: ضع خدّي إلى الأرض يا بني، فلم أفعل، فقال الثالثة: ضع خدّي إلى الأرض لا أم لك، فعرفت أنه مجتمع العقل، ولم يمنعه أن يضعه هو إلا ما به من الغلبة، فوضعت خدّه إلى الأرض حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من أضعاف التراب ، وبكى حتى نظرت إلى الطين قد لصق بعينه، فأصغيت أذني لأسمع ما يقول فسمعته يقول: يا ويل عمر وويل أم عمر إن لم يتجاوز الله عنه، وقد جاء في رواية أن علياً عليه السلام جاء حتى وقف عليه فقال: ما أحد أحب إلي أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى) ["شرح النهج" لابن أبي الحديد ج3 ص147].


    لقد شهد علي رضي الله عنه:( إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر) ["كتاب الشافي" ج2 ص428].


    وقال في أبي بكر وعمر في رسالته: ( إنهما إماما الهدى، وشيخا الإسلام، والمقتدى بهما بعد رسول الله، ومن اقتدى بهما عصم) ["تلخيص الشافي" للطوسي ج2 ص428].

    وأيضا روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:( إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر) ["عيون أخبار الرضا" لابن بابويه القمي ج1 ص313، أيضاً "معاني الأخبار" للقمي ص110، أيضاً "تفسير الحسن العسكري"].

    والجدير بالذكر أن هذه الرواية رواها عليّ عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد رواها عن علي ابنه الحسن رضي الله عنهما.



    مدح أهل البيت للفاروق :


    يقول ابن عباس رضي الله عنهما :
    ( رحم الله أبا حفص كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومنتهى الإحسان، ومحل الإيمان، وكهف الضعفاء، ومعقل الحنفاء، وقام بحق الله صابراً محتسباً حتى أوضح الدين، وفتح البلاد، وآمن العباد) ["مروج الذهب" للمسعودي الشيعي ج3 ص51، "ناسخ التواريخ" ج2 ص144 ط إيران].

    وقد بالغ في مدحه سائر أهل البيت كما مرعند ذكر الصديق رضي الله عنه.
    ولقد أورد الكليني في كتاب "الروضة من الكافي أن جعفر بن محمد - الإمام السادس المعصوم لدى الشيعة - لم يكن يتولاهما فحسب، بل كان يأمر أتباعه بولايتهما أيضاً، فيقول صاحبه المشهور لدى القوم أبو بصير:

    كنت جالساً عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخلت علينا أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر تستأذن عليه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيسرّك أن تسمع كلامها؟ قال: فقلت: نعم، قال: فأذن لها. قال: وأجلسني على الطنفسة، قال: ثم دخلت فتكلمت فإذا امرأة بليغة، فسألته عنهما (أي أبى بكر وعمر) فقال لها : توليهما، قالت : فأقول لربي إذا لقيته : إنك أمرتني بولايتهما؟ قال : نعم ["الروضة من الكافي" ج8 ص101 ط إيران تحت عنوان "حديث أبي بصير مع المرأة"].
    فهذا هو جعفر الصادق الذي جعلوا مذهبهم على اسمه، وشريعتهم على رسمه، حيث سموا أنفسهم جعفريين،
    ومذهبهم الجعفري، لا يكتفي بتولى أبي بكر وعمر، بل يأمر أتباعه أيضاً بتوليهما، فرحمة الله عليهم جميعاً، ورحمة ربنا على من يمتثل أمره وأمر آبائه في ولاية أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وغيرهما من أصحاب النبي صلوات الله وسلامه ورضوانه عليهم أجمعين
    .


    تزويج علي ابنته أم كلثوم من عمر (رضي الله عنهم جميعًا)


    ولأجل هذه المحبة والعلاقة الحميمة بينهما : زوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته التي ولدتها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم من الفاروق رضي الله عنه حينما سأله الزواج منها ؛ رضى به ، وثقة فيه ، وإقراراً بفضائله ومناقبه، واعترافاً بمحاسنه وجمال سيرته، وإظهاراً للعلاقات الوطيدة الطيبة والصلات المحكمة المباركة ما يحرق قلوب الحساد ، ولقد أقر بهذا الزواج كافة أهل التاريخ والأنساب وجميع محدثي الشيعة وفقهائهم ومكابريهم ومجادليهم وأئمتهم المعصومين حسب زعمهم :
    يقول المؤرخ الشيعي أحمد بن أبي يعقوب في تاريخه تحت ذكر حوادث سنة 17 من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
    ( وفي هذه السنة خطب عمر إلى علي بن أبي طالب أم كلثوم بنت علي، وأمها فاطمة بنت رسول الله، فقال علي: إنها صغيرة! فقال: إني لم أرد حيث ذهبت. لكني سمعت رسول الله يقول: كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري، فأردت أن يكون لي سبب وصهر برسول الله، فتزوجها وأمهرها عشرة آلاف دينار) [تاريخ اليعقوبي ج2 ص149، 150].

    وأقر بهذا الزواج أصحاب الصحاح الأربعة الشيعية أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني في كافيه وروى أيضاً عن سليمان بن خالد أنه قال :
    سألت أبا عبد الله عليه السلام - جعفر الصادق - عن امرأة توفي زوجها أين تعتد؟ في بيت زوجها أو حيث شاءت؟ قال : بلى حيث شاءت، ثم قال : إن علياً لمّا مات عمر أتى أم كلثوم فأخذ بيدها فانطلق بها إلى بيته ["الكافي في الفروع" كتاب الطلاق، باب المتوفى عنها زوجها ج6 ص115، 116، وفي نفس الباب رواية أخرى عن ذلك، وأورد هذه الرواية شيخ الطائفة الطوسي في صحيحه "الاستبصار"، أبواب العدة، باب المتوفى عنها زوجها ج3 ص353، ورواية ثانية عن معاوية بن عمار، وأوردهما في "تهذيب الأحكام" باب في عدة النساء ج8 ص161].

    وهناك رواية أخرى رواها الطوسي عن جعفر - الإمام السادس عندهم - عن أبيه الباقر أنه قال:
    ( ماتت أم كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة لا يدرى أيهما هلك قبل، فلم يورث أحدهما من الآخر، وصلي عليهما جميعاً ) ["تهذيب الأحكام" كتاب الميراث، باب ميراث الغرقى والمهدوم، ج9 ص262].

    وذكر هذا الزواج من محدثي الشيعة وفقهائها السيد مرتضى علم الهدى في كتابه "الشافي" [ص116]
    وفى كتابه "تنزيه الأنبياء" [ص141 ط إيران]،
    وابن شهر آشوب في كتابه "مناقب آل أبي طالب" [ج3 ص162 ط بمبئى الهند]
    والأربلي في "كشف الغمة في معرفة الأئمة" [ص10 ط إيران القديم]
    وابن أبي الحديد في "شرح نهج البلاغة" [ج3 ص124]
    ومقدس الأردبيلي في "حديقة الشيعة" [ص277 ط طهران]
    والقاضي نور الله الشوشتري الذى يسمونه بالشهيد الثالث في كتابه "مجالس المؤمنين" [ص76 ط إيران القديم، أيضاً ص82].
    ويقول وهو يذكر المقداد بن الأسود: ( إن النبي أعطى بنته لعثمان، وإن الولي زوج بنته من عمر) . ["مجالس المؤمنين" ص85].
    وأيضاً ذكر هذا الزواج في كتابه "مصائب النواصب" [ص170 ط طهران]، وأيضاً ذكره نعمة الله الجزائري في كتابه "الأنوار النعمانية" والملا باقر المجلسي في كتابه "بحار الأنوار" [باب أحوال أولاده وأزواجه ص621 ط طهران]،
    والمؤرخ الشيعي المرزا عباس علي القلي في تاريخه ["تاريخ طراز مذهب مظفري" فارسي، باب حكاية تزويج أم كلثوم من عمر بن الخطاب]، ومحمد جواد الشري في كتابه ["أمير المؤمنين" ص217 تحت عنوان "علي في عهد عمر" ط بيروت]،والعباسي القمي في "منتهى الآمال" [ج1 ص186 فصل6 تحت عنوان "ذكر أولاد أمير المؤمنين" ط إيران القديم]
    وغيرهم ممن يبلغ عددهم حد التواتر، ولا ينكر ذلك إلا مكابر أوجاهل .

    ولقد استدل بهذا الزواج فقهاء الشيعة على أنه يجوز نكاح الهاشمية من غير الهاشمي، فكتب الحلّي في شرائع الإسلام ( ويجوز نكاح الحرة العبد، والعربية العجمي، والهاشمية غير الهاشمي) ["شرائع الإسلام" في الفقه الجعفري للحلي، كتاب النكاح، المتوفى 672].

    وكتب تحت هذا شارح الشرائع زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني ( وزوج النبي ابنته عثمان، وزوج ابنته زينب بأبي العاص بن الربيع، وليسا من بني هاشم، وكذلك زوّج علي ابنته أم كلثوم من عمر، وتزوج عبد الله بن عمرو بن عثمان فاطمة بنت الحسين، وتزوج مصعب بن الزبير أختها سكينة، وكلهم من غير بني هاشم ) ["مسالك الأفهام" شرح شرائع الإسلام، باب لواحق العقد ج1].

    نختم الكلام في هذا الموضوع برواية ابن أبي الحديد المعتزلي الشيعي: قال :
    ( إن عمر بن الخطاب وجه إلى ملك الروم بريداً، فاشترت أم كلثوم امرأة عمر طيباً بدنانير، وجعلته في قارورتين وأهدتهما إلى امرأة ملك الروم، فرجع البريد إليها ومعه ملء القارورتين جواهر، فدخل عليها عمر وقد صبت الجواهر في حجرها، فقال : من أين لك هذا؟ فأخبرته فقبض عليه وقال : هذا للمسلمين، قالت : كيف وهو عوض هديتي؟ قال : بيني وبينك، أبوك، فقال علي عليه السلام : لك منه بقيمة دينارك والباقي للمسلمين جملة لأن بريد المسلمين حمله ) ["شرح نهج البلاغة" ج4 ص575 ط بيروت 1375ه‍].

    ولقد ذكر هذا الزواج علماء الأنساب والتراجم أيضاً مثل :البلاذري في "أنساب الأشراف" ،وابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ،والبغدادي في كتابه "المحبر" ، والدينوري في "المعارف" ، وغيرهم.



    إكرام الفاروق أهل البيت واحترامه إياهم:


    ولم تكن هذه العلاقات من طرف واحد ، بل كل الأطراف كانوا معتنين بهذه العلاقات ؛ فكان الفاروق يجل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما كان يجل أهل بيته هو، وكان يحترمهم ويقدمهم في الحقوق والعطاء على نفسه وأهل بيته، ولقد ذكر المؤرخون قاطبة أن الفاروق لما عيّن الوظائف المالية والعطاءات من بيت المال قدّم على الجميع بني هاشم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولاحترامه أهل بيته عليه الصلاة والسلام.
    فها هو اليعقوبي يذكر ذلك بقوله :
    ( ودون عمر الدواوين، وفرض العطاء سنة 20، وقال : قد كثرت الأموال فأشير عليه أن يجعل ديواناً، فدعا عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل، و جبير بن مطعم بن نوفل بن عبد مناف [وكلهم أقرباء علي]، وقال : اكتبوا الناس على منازلهم وابدأوا ببني عبد مناف، فكتب أول الناس علي بن أبي طالب في خمسة آلاف، والحسن بن علي في ثلاثة آلاف، والحسين بن علي في ثلاثة آلاف ، ولنفسه أربعة آلاف .. وكان أول مال أعطاه مالاً قدم به أبو هريرة من البحرين مبلغه سبعمائة ألف درهم، قال (يعنى الفاروق): اكتبوا الناس على منازلهم، واكتبوا بني عبد مناف، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه، ثم أتبعوهم عمر بن الخطاب وقومه، فلما نظر عمر قال : وددت والله أني هكذا في القرابة برسول الله، ولكن ابدأوا برسول الله ثم الأقرب فالأقرب منه حتى تضعوا عمر بحيث وضعه الله ) ["تاريخ اليعقوبي" ج2 ص153 ط بيروت].

    وأما ابن أبي الحديد فقال :( لا بل أبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم، و بأهله، ثم الأقرب فالأقرب، فبدأ ببني هاشم، ثم ببني عبد المطلب ثم بعبد شمس ونوفل، ثم بسائر بطون قريش، فقسم عمر مروطاً بين نساء المدينة، فبقي منها مرط حسن، فقال بعض من عنده :
    أعط هذا يا أمير المؤمنين ابنة رسول الله التي عندك - يعنون أم كلثوم بنت علي عليه السلام - فقال : أم سليط أهديه فإنها ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت تزفر لنا يوم أحد قرباً ) ["نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج3 ص113، 114].

    ولقد ثبت أن الفاروق كان يقدر ويكرم أهل البيت، ويكن لهم من الاحترام ما لا يكن للآخرين، حتى أهل بيته وخاصته .
    وذكر أن ابنة يزدجرد كسرى إيران أكبر ملوك العالم آنذاك لما سبيت مع أسارى إيران أرسلت مع من أرسل إلى أمير المؤمنين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر الفاروق رضي الله عنه، وتطلع الناس إليها وظنوا أنها تعطى وتنفل إلى ابن أمير المؤمنين والمجاهد الباسل الذي قاتل تحت لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوات عديدة، لأنه هو الذي كان لها كفوا، ولكن الفاروق لم يخصها لنفسه ولالابنه ولا لأحد من أهل بيته، بل رجح أهل بيت النبوة فأعطاها للحسين بن علي رضي الله عنهما، وهى التي ولدت علي بن الحسين رضي الله عنه الذي بقي وحيداً من أبناء الحسين في كربلاء حياً وأنجب وتسلسل منه نسله ولقد ذكر ذلك نسابة شيعي مشهور هو ابن عنبة وقال :(إن اسمها شهربانو قيل : نهبت في فسخ المدائن فنفلها عمر بن الخطاب من الحسين عليه السلام ) ["عمدة الطالب في أنساب أبي طالب" الفصل الثاني تحت عنوان عقب الحسين ص192].


    وقبل ذلك ساعد أباه علياً في زواجه من فاطمة رضي الله عنهما كما مر سابقاً.(و كان الفاروق يأخذ غلة فدك ويدفع إليهم منها ما يكفيهم، ويقسم الباقي) ["شرح نهج البلاغة" لابن ميثم ج5 ص107، أيضاً "الدرة النجفية" ص332، وابن أبي الحديد أيضاً].

    ومن إكرامه وتقديره لأهل البيت ما ذكره ابن أبي الحديد عن يحيى بن سعيد أنه قال :
    ( أمر عمر الحسين بن علي أن يأتيه في بعض الحاجة فلقي الحسين عليه السلام عبد الله بن عمر فسأله من أين جاء؟ قال : استأذنت على أبي فلم يأذن لي فرجع الحسين ولقيه عمر من الغد، فقال : ما منعك أن تأتيني؟ قال: قد أتيتك، ولكن أخبرني ابنك عبد الله أنه لم يؤذن له عليك فرجعت، فقال عمر : وأنت عندي مثله؟ وهل أنبت الشعر على الرأس غيركم) ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج3 ص110].

    وكان يقول في عامة بني هاشم ما رواه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي أنه قال :
    ( قال عمر بن الخطاب : عيادة بني هاشم سنة، وزيارتهم نافلة ) ["الآمالي" للطوسي ج2 ص345 ط نجف].

    ونقل الطوسي والصدوق أن عمر لم يكن يستمع إلى أحد بطعن في علي بن أبي طالب ولم يكن يتحمله، ومرة
    ( وقع رجل في علىّ عليه السلام بمحضر من عمر، فقال : تعرف صاحب هذا القبر؟ - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - لا تذكر علياً إلا بخير، فإنك إن آذيته آذيت هذا في قبره ) ["الآمالي" للطوسي ج2 ص46، أيضاً "الآمالي" للصدوق ص324، ومثله ورد في مناقب لابن شهر آشوب ج2 ص154 ط الهند].


    حب آل البيت ومبايعتهم للفاروق :


    وكان أهل بيت النبوة يتبادلون معه هذا الحب والتقدير والاحترام، ولم يستمعوا ولم يصغوا إلى من يتكلم فيه، أو يطعنه بطعنة، أو يعرّض به بتعريض، بل تبرؤا ممن فعل هذا، وأنكروا عليه كما سيأتي مفصلاً إن شاء الله تعالى .
    وأكثر من ذلك كافئوه على احترامه لهم وتقديره بهم حتى أعطوه ثمرة من ثمار النبوة، وزوّجوها منه، وأطاعوه، وأخلصوا له الوفاء والطاعة، وناصحوه، وشاوروه بأحسن ما رأوه، واستوزرهم فرضوا، وأنابهم فقبلوا نيابته، وجاهدوا تحت رايته، ولم يتأخروا في تقديم النصيحة له وما يطلب منهم وفق الكتاب والسنة، وبذلوا له كل غال وثمين .
    فها هو علي بن أبي طالب يقر بذلك في رسالته التي أرسلها إلى أصحابه بمصر بعد مقتل محمد بن أبي بكر عامله على مصر، فيقول بعد ذكر الأحداث التي وقعت عقب وفاة الرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه :
    ( فتولى أبو بكر تلك الأمور …… فلما احتضر بعث إلى عمر، فولاّه فسمعنا وأطعنا وناصحنا - ثم يمدحه حسب عادته أنه لا يذكره إلا ويبالغ في مدحه – وتولى عمر الأمر، وكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة ) ["الغارات" للثقفي ج1 ص307، والنقيبة هي النفس].

    أي لم نتأخر في بيعته، ولم نبخل بالسمع والطاعة والمناصحة، لأن سيرته كانت طيبة، ونفسه كان ميموناً مباركاً، ناجحاً في أفعاله، مظفراً في مطالبه.

    ولقد أثبت هذا الطوسي في أماليه حيث يروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال :
    ( فبايعت عمر كما بايعتموه، فوفيت له بيعته حتى لما قتل جعلني سادس ستة، ودخلت حيث أدخلني ) ["الأمالي" للطوسي ج2 ص121 ط نجف].

    فبايعه علي بن أبي طالب، وسمع له، وأطاعه، وناصحه، ورضي بما أمر به، ودخل اللجنة التي جعلها لانتخاب الخليفة ، وكان وزيره ومشيره وقاضيه، وعمل بمشورته دون غيره كما ذكر اليعقوبي المؤرخ الشيعي :
    ( إن عمر شاور أصحاب رسول الله في سواد الكوفة، فقال له بعضهم : تقسمها بيننا، فشاور علياً، فقال : إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء! ولكن تقرها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولمن بعدنا. فقال : وفقك الله! هذا الرأي ) ["تاريخ اليعقوبي" ج2 ص151، 152].

    وكذلك وردت الروايات الكثيرة في المسائل القضائية أن عمر يرجح قضاء علي ، ولقد بوب شيخ الشيعة المفيد باباً مستقلاً بعنوان "ذكر ما جاء من قضاياه في إمرة عمر بن الخطاب" وأورد تحته قضايا مختلفة كثيرة حكم فيها عمر بقضاء علي رضي الله عنهما، ومنها :
    ( أن عمر أتى بحامل قد زنت فأمر برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : هب أن لك سبيلاً عليها أي سبيل لك على ما في بطنها ؟ والله ؟ فقال عمر : لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو ولا تزر وازرة وزر أخرى تعالى يقول: الحسن ، ثم قال : فما أصنع بها؟ قال : احتط عليها حتى تلد، فإذا ولدت ووجدت لولدها من يكفله فأقم عليها الحد، فسرى بذلك عن عمر وعول الحكم به على أمير المؤمنين عليه السلام ) ["الإرشاد" ص109].

    وأيضاً ( عن يونس عن الحسن أن عمر أتى بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها، فقال له أمير المؤمنين عليه وحمله وفصاله ثلاثونالسلام : إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك ، إن الله تعالى يقول: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم ويقول جل قائلاً: شهراً فإذا تمت المرأة الرضاعة سنتين، وكان حمله وفصاله ثلاثين شهراً، كان الرضاعة الحمل منها ستة أشهر، فخلى عمر سبيل المرأة وثبت الحكم بذلك فعمل به الصحابة والتابعون ومن أخذ عنه إلى يومنا هذا ) .
    ["الإرشاد" ص110].

    فعمل الفاروق في جميع هذه القضايا بقضاء عليّ، ونفّذ ما قاله لأنه كان يقول حسب رواية شيعية :
    ( علي أقضانا ) ["الأمالي" للطوسي ج1 ص256 ط نجف].

    أفبعد هذا يمكن القول بأن علياً كان يخالف عمر رضى الله عنهما، أو كان بينهما شيء؟!

    وهل يتصور أن شخصاً لا يعترف ولا يقرّ بولاية أحد وخلافته ثم يشترك معه في الشورى وفي المسائل المهمة والنوائب الملمة، ويبدي رأيه الصائب، ويؤخذ بقوله ويقضى به بين الناس، وينفذ قضاؤه ؟!

    وأكثر من ذلك : أن عليًا كان ينوب عنه في الحكم والحكومة أحيانًا ؛ حيث أنابه عمر سنة 15 من الهجرة لما استمد أهل الشام عمر على أهل فلسطين فشاور أصحابه فمنعه علي، وقال له :
    لا تخرج بنفسك، إنك تريد عدواً كلباً، فقال عمر : إني أبادر بجهاز العدو موت العباس بن عبد المطلب ، إنكم لو فقدتم العباس لينقض بكم الشر ، كما ينتقض الحبل".
    فشخص عمر إلى الشام ( وإن علياً عليه السلام هو كان المستخلف على المدينة ) ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج2 جزء 8 ص370].


    ولقد ذكر المؤرخون أن الفاروق رضي الله عنه أناب عليًا رضي الله عنه ثلاث مرات في الحكم على عاصمة المؤمنين : سنة 14 من الهجرة عندما أراد غزو العراق بنفسه. وسنة 15 عند شخوصه لقتال الروم. وعند خروجه إلى أيلة سنة 17 من الهجرة .
    [انظر : "البداية والنهاية" لابن كثير ج7 ص35 وص55 ط بيروت، وأيضاً "الطبري" ج4 ص83، وص159 ط بيروت].


    ولأجل ذلك قال علي رضي الله عنه لما عزموا على بيعته:( أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً ) [نهج البلاغة ص136 تحقيق صبحي].


    يشير بذلك إلى وزارته أيام الصديق وأيام الفاروق رضي الله عنهم.ولأجل ذلك كان يقاتل هو وبنوه وأهله وذووه تحت راية عمر، ويقبلون منه الغنائم والهدايا والجواري والسبايا، ولو لم تكن خلافته حقاً لما كان القتال تحت رايته جهاداً، ولم يكن الجواري والإماء جوارياً وإماءً، ولم يجز قبولها والتمتع بها، وقد ثبت هذا كله كما ذكرناه سابقاً .
    ومن ذلك ما روى الشيعة أن الحسن بن علي سبط رسول الله عليه الصلاة والسلام قاتل تحت لواء الفاروق، وجاهد أيام خلافته وتحت توجيهاته وإرشاداته في الجيش الذي أرسل إلى غزو إيران ويقولون : إن في أصفهان مسجداً يعرف بلسان الأرض!‍ ولقد سمي بهذا الاسم لأن الحسن لما جاء إلى أصفهان أيام خلافة عمر بن الخطاب مجاهداً في سبيل الله غازياً وفاتحاً لهذه البلاد مع عساكر الإسلام نزل في موضع هذا المسجد فتكلمت معه الأرض – كما يزعمون - فسميت هذه البقعة لسان الأرض لتكلمها معه [انظر : "تتمة المنتهى" للعباس القمي ص390 ط إيران].


    موقف أهل البيت من عثمان رضي الله عنه:


    وأما ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين، وصاحب الجود والحياء، حب رسول الله وزوج ابنتيه رقية وأم كلثوم وعديم النظير في هذا الشرف الذي لم ينله الأولون ولا الآخرون في أمة من الأمم وعديل علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين , وأول مهاجر بعد خليل الله عليه السلام ، الذي حمل راية الإسلام وأداها إلى آفاق لم تبلغ إليها من قبل ، وفتح على المسلمين مدناً جديدة وبلاداً واسعة شاسعة ، وأمد المسلمين من جيبه الخاص بإمدادات كثيرة .
    واشترى لهم بئر رومة حينما لم يكن لهم بئر يسقون منها الماء بعد هجرتهم إلى طيبة التي طيبها الله بقدوم صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه ، كما اشترى لهم أرضاً يبنون عليها المسجد الذي هو آخر مساجد الأنبياء.
    ولم تكن إمداداته هذه ومساعداته لعامة المسلمين ومصالحهم, مثل تجهيز جيش العسرة وغيرها فحسب ، بل كان خيراً، جواداً، كريماً، منفقاً الأموال وناثرها ،حتى على الخاصة كما كان على العامة .
    وهو الذي ساعد عليًا في زواجه، وأعطاه جميع النفقات كما يقر بذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه بنفسه:( إني لما تقدمت إلى رسول الله ) طالباً منه زواج فاطمة قال لي : بع درعك وائتني بثمنها حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما، قال علي : فأخذت درعي فانطلقت به إلى السوق فبعته بأربع مائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال : يا أبا الحسن! ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني؟ فقلت : نعم، قال : فإن هذا الدرع هدية مني إليك، فأخذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى رسول الله فطرحت الدرع والدراهم بين يديه، وأخبرته بما كان من أمر عثمان فدعا له النبي بخير ) .
    ["المناقب" للخوارزمي ص252، 253 ط نجف، "كشف الغمة" للأربلي ج1 ص359، و"بحار الأنوار" للمجلسي ص39، 40 ط إيران].
    ولأجل ذلك كان ابن عم رسول الله عبد الله بن عباس يقول:( رحم الله أبا عمرو (عثمان بن عفان) كان والله أكرم الحفدة وأفضل البررة، هجاداً بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهاضاً عند كل مكرمة ، سباقاً إلى كل منحة، حبيباً، أبياً، وفياً : صاحب جيش العسرة، خِتن رسول الله ) .
    ["تاريخ المسعودي" ج3 ص51 ط مصر، أيضاً "ناسخ التواريخ" للمرزه محمد تقي ج5 ص144 ط طهران].
    وقد أشهده رسول الله فيمن أشهدهم على زواج علي من فاطمة – كما سبق – حيث يروي الشيعة عن أنس ( أنه قال له عليه الصلاة والسلام :
    انطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان ….. وبعددهم من الأنصار، قال : فانطلقت فدعوتهم له، فلما أن أخذوا مجالسهم قال ….. إني أشهدكم أنى قد زوجت فاطمة من علي على أربعمائة مثقال من فضة ) .
    ["كشف الغمة" ج1 ص358، أيضاً "المناقب" للخوارزمي ص252، و"بحار الأنوار" للمجلسي ج10 ص38].
    ويفتخر الشيعة بأن رسول الله زوج عليًا إحدى بناته ، وأدخله بذلك في أصهاره وأرحامه، وهذا الذي جعلهم يقولون بأفضليته وإمامته وخلافته بعده،
    فكيف بمن زوجه رسول الله ابنتين من بناته ؟!وهو عثمان رضي الله عنه ، حيث تزوج رقية بنت النبي بمكة، وبعد وفاتها زوجه رسول الله ...
    و ابنته الثانية أم كلثوم رضي الله عنها ، كما يقر ويعترف بذلك علماء الشيعة أيضاً، فها هو المجلسي يذكر ذلك في كتابه "حياة القلوب" نقلاً عن ابن بابويه القمي بسنده الصحيح المعتمد عندهم بقوله :-
    ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد له من خديجة القاسم، وعبد الله الملقب بالطاهر، وأم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة، وتزوج علي من فاطمة، وأبو العاص بن ربيعة من زينب، وكان رجلاً من بني أمية ، كما تزوج عثمان بن عفان أم كلثوم وماتت قبل أن يدخل بها، ثم لما أراد الرسول خروجه إلى بدر زوّجه من رقية ) ["حياة القلوب" للمجلسي ج2 ص588 باب 51].

    وأورد الحميري رواية عن جعفر بن محمد عن أبيه قال :( لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة: القاسم والطاهر وأم كلثوم ورقية وفاطمة وزينب، فتزوج علي عليه السلام فاطمة عليها السلام، وتزوج أبو العاص بن ربيعة وهو من بني أمية زينباً، وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم ولم يدخل بها حتى هلكت، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانها رقية ) ["قرب الإسناد" ص6، 7].

    وروى مثل هذه الرواية العباس القمي في "منتهى الآمال" عن جعفر الصادق، والمامقاني في "تنقيح الرجال" ["المنتهى" ج1 ص108، "التنقيح" ج3 ص73].

    وأقر بذلك الشري حيث كتب :( وما كان عثمان دون الشيخين صحبة ولا سابقة، فهو من المسلمين الموقرين، وهو صهر الرسول مرتين، تزوج ابنة الرسول رقية، وولد له منها ولد، عبد الله توفي وعمره ست سنين وكانت أمه توفيت قبل وفاته، وزوجه النبي بنته الثانية أم كلثوم، فلم تلبث أم كلثوم معه طويلاً وتوفيت في أيام أبيها ) [كتاب "أمير المؤمنين" لمحمد جواد الشيعي تحت عنوان علي في عهد عثمان ص256].

    ولقد ذكر المسعودي تحت ذكر أولاده :( وكل أولاده من خديجة خلا إبراهيم وولد له صلى الله عليه وسلم القاسم، وبه كان يكنى وكان أكبر بنيه سناً، ورقية وأم كلثوم، وكانتا تحت عتبة وعتيبة ابني أبى لهب (عمه) فطلقاهما لخبر يطول ذكره فتزوجهما عثمان بن عفان واحدة بعد واحده ) .
    ["مروج الذهب" ج2 ص298 ط مصر].

    هذا ولقد شهد بذلك علي بن أبي طالب أيضاً ، حيث قال مخاطبًا عثمان :(وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بالعمل منك، وأنت أقرب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا) .
    ["نهج البلاغة" تحقيق صبحي صالح ص234].

    هذا وقد أنزله رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة الفؤاد كما رووا عنه أنه قال :( إن أبا بكر مني بمنزلة السمع، وإن عمر مني بمنزلة البصر، وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد ) .
    ["عيون أخبار الرضا" ج1 ص303 ط طهران].

    ويبين جعفر أيضاً مقام عثمان بن عفان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقته فيه، ونيابته عنه ، وإخلاص عثمان للنبي عليه السلام والوفاء والإتباع له ، كما يبين إحدى الميزات التي امتاز بها عثمان دون غيره، وهي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى يديه لعثمان، وبيعته بنفسه عنه، وذلك في قصة صلح الحديبية حيث يقول :
    ( فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة، فلما انطلق عثمان لقي أبان بن سعيد فتأخر عن السرج فحمل عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم وكانت المناوشة، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس عثمان في عسكر المشركين وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين، وضرب بإحدى يديه على الأخرى لعثمان، وقال المسلمون : طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كان ليفعل، فلما جاء عثمان قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أطفت بالبيت؟ فقال : ما كنت لأطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف به، ثم ذكر القصة وما فيها ) ["كتاب الروضة من الكافي" ج8 ص325، 326].

    فهل هناك طاعة فوق هذه الطاعة ؟! حيث دخل الحرم ولم يطف بالبيت لأن سيده ومولاه رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يطف به .
    وذكر مثل ذلك المجلسي في كتابه "حياة القلوب" قال :( لما وصل الخبر إلى رسول الله بأن عثمان قتله المشركون. قال الرسول : لا أتحرك من ههنا إلا بعد قتال من قتلوا عثمان ،فاتكأ بالشجرة، وأخذ البيعة لعثمان.. ثم ذكر القصة بتمامها ) .
    ["حياة القلوب" ج2 ص424 ط طهران].

    مبايعة علي لعثمان رضي الله عنهما :


    وكان علي يرى صحة إمامته وخلافته لاجتماع المهاجرين والأنصار عليه ، وكان يعد خلافته من الله رضي ، ولم يكن لأحد الخيار أن يرد بيعته بعد ذلك، أو ينكر إمامته حاضراً كان أم غائباً ؛ كما قال في إحدى خطاباته رداً على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما :
    ( إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ) ["نهج البلاغة" ص368 تحقيق صبحي].

    وكان أحد الستة الذين عينهم الفاروق ليختار منهم خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، ولما بايعه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعد ما استشار أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار، ورأى بأنهم لا يريدون غير عثمان بن عفان رضي الله عنه بايعه أول من بايعه، ثم تبعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه :( فأول من بايع عثمان عبد الرحمن بن عوف ثم علي بن أبي طالب ) ["طبقات ابن سعد" ج3 ص42 ط ليدن، أيضاً "البخاري" باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان].

    ويذكر ذلك علي رضي الله عنه بقوله :( فبايعتم عثمان فبايعته ) ["الأمالي" للطوسي ج2 الجزء18 ص121 ط نجف].

    وكان من المخلصين الأوفياء له، مناصحاً: مستشاراً، أو قاضياً ، كما كان في خلافة الصديق والفاروق، ولقد بوب محدثو الشيعة ومؤرخوها أبواباً مستقلة ذكروا فيها أقضية علي في خلافة ذي النورين رضي الله عنهم أجمعين.
    ولقد ذكر المفيد في "الإرشاد" تحت عنوان "قضايا علي في زمن إمارة عثمان" عدة قضايا حكم بها علي ونفذها عثمان رضي الله عنه فيقول :
    ( إن امرأة نكحها شيخ كبير فحملت، فزعم الشيخ أنه لم يصل إليها وأنكر حملها، فالتبس الأمر على عثمان، وسأل المرأة هل افتضك الشيخ؟ وكانت بكراً قالت : لا، فقال عثمان : أقيموا عليها الحد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : إن للمرأة سمين سم للمحيض وسم للبول، فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم المحيض، فحملت منه، فاسأل الرجل عن ذلك؟ فسئل، فقال : قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض فقال أمير المؤمنين عليه السلام : الحمل له والولد ولده، ورأى عقوبته على الإنكار فصار عثمان إلى قضائه بذلك وتعجب منه ) ["الإرشاد" ص122، 113 ط مكتبة بصيرتي قم ، إيران].

    وأيضا ( إن رجلاً كانت له سرية فأولدها ثم اعتزلها وأنكحها عبداً له ثم توفي السيد فعتقت بملك ابنها لها وورث ولدها زوجها، ثم توفي الابن فورثت من ولدها زوجها فارتفعا إلى عثمان يختصمان تقول : هذا عبدي ويقول : هي امرأتي، ولست مفرجاً عنها، فقال عثمان : هذه مشكلة ، وأمير المؤمنين حاضر ، فقال عليه السلام : سلوها هل جامعها بعد ميراثها له ؟ فقالت : لا، فقال : لو أعلم أنه فعل ذلك لعذبته، اذهبي فإنه عبدك، ليس له عليك سبيل، إن شئت أن تسترقيه أو تعتقيه أو تبيعه فذلك لك ) .
    ["الإرشاد" ص113].
    وروى الكليني عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال :( إن الوليد بن عقبة حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعلي عليه السلام : اقض بينه وبين هؤلاء الذين زعموا أنه شرب الخمر ، فأمر علي عليه السلام فجلد بسوط له شعبتان أربعين جلدة ) ["الكافي في الفروع" ج7 ص215 باب ما يجب فيه الحد من الشراب].

    وقد ذكر اليعقوبي :( أن الوليد لما قدم على عثمان، قال : من يضربه؟ فأحجم الناس لقرابته وكان أخا عثمان لأمه، فقام عليّ فضربه ) ["تاريخ اليعقوبي" الشيعي ج2 ص165].

    ولا يكون هذا الفعل والعمل إلا ممن يقرّ ويصحّح خلافة الخليفة، ويتمثل أوامر الأمير، ويشارك الحاكم في حكمه، وكان علي بن أبي طالب وأولاده، وبنو هاشم معه، يطاوعون الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
    ويدل على ذلك قول علي رضي الله عنه لما أراده الناس على البيعة بعد استشهاد الإمام المظلوم ذي النورين رضي الله عنه
    ( دعوني والتمسوا غيري … وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم ) ["نهج البلاغة" تحقيق صبحي صالح ص136].

    ذو النورين وعلاقاته مع أهل البيت:


    ويدل على العلاقة الحميمة بينهم وبين عثمان رضي الله عنهم : قبول الهاشميين المناصب في خلافته ؛ كقبول المغيرة بن نوفل بن حارث بن عبد المطلب القضاء ["الاستيعاب"، "أسد الغابة" "الإصابة" وغيرها] وقبول الحارث بن نوفل أيضاً ["الطبقات"، و"الإصابة"]


    وقبول عبد الله بن عباس الإمارة على الحج سنة 35 .["تاريخ اليعقوبي" ج2 ص176].

    وجهادهم تحت رايته، وفي العساكر والجيوش التي يسيرها ويجهزها لمحاربة الكفار وأعداء الأمة الإسلامية، فقد اشترك عبدالله بن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم في المعارك الإسلامية الواقعة في أفريقيا سنة 26 من الهجرة .الكامل لابن الأثير" ج3 ص45].
    واشترك كل من الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب في معارك برقة وطرابلس تحت قيادة عبد الله بن أبى سرح تاريخ ابن خلدون" ج2 ص103].


    واشترك كل من الحسن والحسين وعبد الله بن عباس تحت راية سعيد بن العاص الأموي في غزوات خراسان وطبرستان وجرجان وغير ذلك من الغزوات والمعارك.


    وكان عثمان يهدي إليهم الغنائم والهدايا ، كما كان يبعث إليهم الجواري والخدام.
    ولقد نقل المامقاني عن الرضا - الإمام الثامن عندهم - أنه قال :( إن عبد الله بن عامر بن كريز لما افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجرد ابن شهريار ملك الأعاجم، فبعث بهما إلى عثمان بن عفان فوهب إحداهما للحسن والأخرى للحسين فماتتا عندهما نفساوين ) ["تنقيح المقال في علم الرجال" للمامقاني ج3 ص80 ط طهران].

    فكان عثمان بن عفان يكرم الحسن والحسين ويحبهما، وهما كذلك ، ويشهد لهذا أنه لما حوصر من قبل البغاة، أرسل عليّ ابنيه الحسن والحسين وقال لهما :( اذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه ) .
    ["أنساب الأشراف" للبلاذري ج5 ص68، 69 ط مصر].
    وبعث عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبناءهم ليمنعوا الناس الدخول على عثمان، وكان فيمن ذهب للدفاع عنه ولزم الباب ابن عم عليّ :عبد الله بن عباس، ولما أمّره ذو النورين في تلك الأيام على الحج قال :
    ( والله يا أمير المؤمنين! لجهاد هؤلاء أحب إلي من الحج، فأقسم عليه لينطلقن ) .
    ["تاريخ الأمم والملوك" أحوال سنة 35].

    بل اشترك علي رضي الله عنه أول الأمر بنفسه في الدفاع عنه ( فقد حضر هو بنفسه مراراً، وطرد الناس عنه، وأنفذ إليه ولديه وابن أخيه عبد الله بن جعفر ) ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج10 ص581 ط قديم إيران].

    ( وانعزل عنه بعد أن دافع عنه طويلاً بيده ولسانه فلم يمكن الدفع ) ["شرح ابن ميثم البحراني" ج4 ص354 ط طهران].

    و( نابذهم بيده ولسانه وبأولاده فلم يغن شيئاً ) ["شرح ابن أبي الحديد" تحت "بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر"].

    وقد ذكر ذلك نفسه حيث قال :( والله لقد دفعت عنه حتى حسبت أن أكون آثما ) ["شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج3 ص286].

    لأن ذا النورين منعهم عن الدفاع وقال :أعزم عليكم لما رجعتم فدفعتم أسلحتكم، ولزمتم بيوتكم ["تاريخ خليفة بن خياط" ج1 ص151، 152 ط عراق].

    ( ومانعهم الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة ….. وجماعة معهم من أبناء الأنصار فزجرهم عثمان، وقال : أنتم في حل من نصرتي ) ["شرح النهج" تحت عنوان محاصرة عثمان ومنعه الماء].

    وجرح فيمن جرح من أهل البيت وأبناء الصحابة الحسن بن علي رضي الله عنهما وقنبر مولاه ["الأنساب" للبلاذي ج5 ج95، "البداية" تحت "قتلة عثمان"].

    ولما منع البغاة الطغاة عنه الماء خاطبهم عليّ بقوله :( أيها الناس! إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، إن فارس والروم لتؤسر فتطعم فتسقي، فوالله لا تقطعوا الماء عن الرجل، وبعث إليه بثلاث قرب مملوءة ماء مع فتية من بني هاشم ) ["ناسخ التواريخ" ج2 ص531، ومثله في "أنساب الأشراف"، للبلاذري ج5 ص69].
    وقال المسعودي :( فلما بلغ علياً أنهم يريدون قتله بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم، وبعث الزبير ابنه عبد الله، وطلحة ابنه محمداً، وأكثر أبناء الصحابة أرسلهم آباؤهم اقتداء بما ذكرنا، فصدوهم عن الدار، فرمى من وصفنا بالسهام، واشتبك القوم، وجرح الحسن، وشج قنبر، وجرح محمد بن طلحة، فخشي القوم أن يتعصب بنو هاشم وبنو أمية، فتركوا القوم في القتال على الباب، ومضى نفر منهم إلى دار قوم من الأنصار فتسوروا عليها، وكان ممن وصل إليه محمد بن أبي بكر ورجلان آخران، وعند عثمان زوجته، وأهله ومواليه مشاغل بالقتال، فأخذ محمد بن أبي بكر بلحيته، فقال : يا محمد! والله لو رآك أبوك لساءه مكانك، فتراخت يده، وخرج عنه إلى الدار، ودخل رجلان فوجداه فقتلاه، وكان المصحف بين يديه يقرأ فيه، فصعدت امرأته فصرخت وقالت: قد قتل أمير المؤمنين، فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما من بني أمية، فوجدوه قد فاضت نفسه رضي الله عنه ، فبكوا، فبلغ ذلك علياً وطلحة والزبير وسعداً وغيرهم من المهاجرين والأنصار، فاسترجع القوم، ودخل علي الدار، وهو كالواله الحزين وقال لابنيه : كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ولطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد الله بن الزبير ) ["مروج الذهب" للمسعودي ج2 ص344 ط بيروت].

    ثم كان هو وأهله ممن دفنوه ليلاً، وصلوا عليه كما يذكر ابن أبي الحديد المعتزلي الشيعي :
    ( فخرج به ناس يسير من أهله ومعهم الحسن بن علي وابن الزبير وأبو جهم بن حذيفة بين المغرب والعشاء، فأتوا به حائطاً من حيطان المدينة يعرف بحش كوكب وهو خارج البقيع فصلوا عليه ) [شرح النهج لابن أبي الحديد الشيعي ج1 ص97 ط قديم إيران وج1 ص198 ط بيروت].

    فهذا هو ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه صهر رسول الله وحبيبه في الدنيا والآخرة، وحبيب أهل البيت وابن عمهم وعمتهم، وقريبهم، يحبهم ويحبونه كصاحبيه الصديق والفاروق ،كما بيناه من كتب الشيعة أنفسهم، ومن المصادر الأصلية الموثوقة المعتمدة لديهم بذكر الصفحات والمجلدات.

    أسماء الأعلام من أهل البيت من العلويين والهاشميين
    الذين تسمُّوا بأسماء الصحابة رضوان الله عليهم


    أبو بكر بن علي بن أبي طالب:قتل مع الحسين في كربلاء، وأمه ليلي بنت مسعود النهشلية، ذكره: الإرشاد للمفيد ص 248 – 186، تاريخ اليعقوبي في أولاد علي، ومنتهى الآمال للشيخ عباس القمي 1/261 وذكر أن اسمه محمداً وكنيته أبو بكر قال: و ( محمد يكنى بأبي بكر) 1/544، وبحار الأنوار للمجلسي 42/120.

    أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
    قتل مع عمه الحسين في كربلاء، ذكره: الشيخ المفيد في قتلى كربلاء في الإرشاد 248، وتاريخ اليعقوبي في أولاد الحسن، ومنتهى الآمال لعباس القمي 1/544 في استشهاد فتيان بني هاشم في كربلاء.

    أبو بكر علي زين العابدين:
    كنية علي زين العابدين بن الحسين هي أبو بكر وذكر ذلك العديد من علماء الشيعة الإمامية، راجع الأنوار النعمانية للجزائري.

    أبو بكر علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق:
    كانت كنية علي الرضا أبو بكر ذكر ذلك: النوري الطبرسي في كتابه النجم الثاقب في ألقاب وأسماء الحجة الغائب قال: (( 14- أبو بكر وهي إحدى كُنى الإمام الرضا كما ذكرها أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين.

    أبو بكر بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
    ذكره صاحب أنساب الأشراف ص 68 قال: (( ولد عبد الله بن جعفر. . . وأبا بكر قُتِلَ مع الحسين وأمهم الخوصاء من ربيعة. . . ))، وذكره خليفة بن خياط في تاريخه ص 240 في تسمية من قُتِلَ يوم الحرة من بني هاشم.

    عمر رضي الله عنه:

    وممن اسمه عمر:
    عمر بن الأطرف بن علي بن أبي طالب:
    أمه أم حبيب الصهباء التغلبية من سبي الردة، راجع: سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري الشيعي ص 123 في نسب عمر الأطرف، ومنتهى الآمال لعباس القمي 1/261 قال: (( عمر ورقية الكبرى التوأمان )) وبحار الأنوار للمجلسي 42/120.

    عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
    أمة أم ولد استشهد مع عمه الحسين في كربلاء، راجع: عمدة الطالب لابن عنبه هامش ص 116، تاريخ اليعقوبي ص 228 في أولاد الحسن.
    وقال اليعقوبي في تاريخه (( وكان للحسن ثمانية ذكور وهم. . . وزيد. . . وعمر والقاسم وأبو بكر وعبد الرحمن لأمهاتٍ شتى وطلحة وعبد الله. . . )).

    عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين:
    أمة أم ولد ولقب بـ الأشرف، لأن عمر الملقب بـ الأطرف، وهو عمر بن علي بن أبي طالب، راجع: الإرشاد للمفيد ص 261، عمدة الطالب لابن عنبه ص 223، ولقب بالأشرف لأنه من حسيني وحسنية أما عمر الأطرف أخذ بطرف واحد هو الأب علي بن أبي طالب.

    عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
    ذكر اسمه محمد الأعلمي الحائري في تراجم أعلام النساء تحت ذكر اسم بنت الحسن بن عبيد الله بن جعفر الطيار.. ص 359.

    عمر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق:ذكره ابن الخشاب في أولاد موسى الكاظم.
    قال ابن الخشاب: (( عشرون ابناً زاد فيهم عمراً وعقيلاً وثماني عشرةَ بنتاً )) راجع: تواريخ النبي والآل لمحمد تقي التستري.


    عثمان بن علي بن أبي طالب:
    قُتِلَ مع الحسين في كربلاء وأمة أم البنين بنت حزام الوحيدية ثم الكلابية، راجع الإرشاد للمفيد ص186 – 428، أعيان النساء للشيخ محمد رضا الحكيمي ص 51، تاريخ اليعقوبي في أولاد علي، منتهى الآمال 1/544، التستري في تواريخ النبي والآل ص115 في أولاد أمير المؤمنين.

    عثمان بن عقيل بن أبي طالب:
    ذكره البلاذري في أنساب الأشراف ص70 قال: (( ولد عقيل مسلماً... وعثمان )) .

    عائشة بنت موسى الكاظم بن جعفر الصادق:
    هي من بنات موسى الكاظم وذكر ذلك الكثير من علماء الشيعة أنفسهم بما فيهم الشيخ المفيد نفسه في الإرشاد ص 303، وعمدة الطالب لابن عنبه هامش ص 266، والأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري 1/380.
    قال في الأنوار النعمانية 1/380 (( وأما عدد أولاده فهم سبعة وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى: الإمام علي الرضا و... و ... و ... وعائشة )).
    إن كان هناك خلاف في عدد أولاده لكن الذي لا خلاف فيه أن له ابنة اسمها: عائشة، قال أبو نصر البخاري (( ولد موسى من ثمانية عشر ابناً واثنتين وعشرين بنتاً )) سر السلسلة العلوية ص 53.
    وأورد التستري في تواريخ النبي والآل سبع عشرة بنتاً هًن (( فاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى ورقية ورقية الصغرى وحكيمة وأم أبيها وأم كلثوم وأم سلمة وأم جعفر ولبانة وعلية وآمنة وحسنة وبريهة وعائشة وزينب وخديجة )) تواريخ النبي والآل 125 – 126.

    عائشة بنت جعفر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق:
    قال العمري في المجدي: (( ولد جعفر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق يقال له الخواري، وهو لأم ولد ثماني نسوة وهي: حسنة وعباسة و عائشة وفاطمة الكبرى وفاطمة ( أي الصغرى ) وأسماء وزينب وأم جعفر... )) سر السلسلة العلوية ص 63 الهامش الذي كتبه المحقق.

    عائشة بنت علي الرضا بن موسى الكاظم:
    ذكرها ابن الخشاب في كتابه مواليد أهل البيت قال: ولد الرضا خمسة بنين وابنة واحدة هم محمد القانع والحسن وجعفر وإبراهيم والحسين، والبنت اسمها عائشة. تواريخ النبي والآل ص 128.

    عائشة بنت علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا:ذكرها الشيخ المفيد في الإرشاد ص 334 قال: (( وخلف من الولد أبا محمد الحسن ابنه هو الإمام من بعده والحسين ومحمد وجعفر وابنته عائشة... )).

    طلحة بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
    ذكره اليعقوبي في تاريخه في أولاد الحسن ص 228، والتستري في تواريخ النبي والآل ص 120.

    معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
    هو أحد أولاد عبد الله سماه باسم معاوية بن أبي سفيان ولمعاوية هذا عقب راجع: أنساب الأشراف ص60 – 68، وعمدة الطالب لابن عنبه ص 56..[/size]

    [align=center]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/align]
    قال الرسول صلى الله عليه وسلم
    [align=justify](يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها قيل يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم ويوضع في قلوبكم الوهن قالوا يا رسول الله وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت) [/align]

موضوع مغلق
صفحة 1 من 13 1 2 3 4 5 11 ... الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •