من ضحايا نظرية الخليل في دائرة المشتبه! وضع له الخليل صورة افتراضية لم تسمع بها العرب يوماً، وهي:
( مفعولاتُ مستفعلن مستفعلن )
فزاد من غموضه ونفوره! ثم ذهب إلى أنه لا يأتي إلا مجزوءاً على :
( مفعولاتُ مستفعلن )
أما صورته الواقعية فهي تأتي بطيّ كلا التفعيلتين:
( مفعـُـلاتُ مستعلن )
.. لكنني لم أكن يوماً لأستسيغ هذا التركيب العجيب! فالبحر أولاً ليس له صورة مثالية كما ادعى الخليل، وصورته الواقعية ليست مجزوءة، ولا تفاعيله مطوية!
فالإيقاع (الرتم) الحقيقي لهذا البحر هو :
( تــَــمْ تــَــتــَــمْ تــَــتــَــمْ تَ تــَــتــَــمْ )
( / 0 / / 0 / / 0 / / / 0 )
وأشهر أمثلته قول أي نواس :
حـامــلُ الهــــوى تــعــبُ * * * يستخـــفــُّـه الطــــــــربُ
فإنك إذا ذهبت تقطعه بأذنك، ستجدك تقف وقفة في كل شطر هكذا :
حاملُ الـ / ـهوى تعِبُ
يستخفـ / ـفه الطــربُ
فهذا هو التقطيع الطبيعي لهذا الإيقاع كما أكتبه:
( فاعــلــن مفـاعلـتــن )
( /0//0 //0///0 )
وهو عبارة عن :
(سبب خفيف + وتد مجموع + وتد مجموع + سبب ثقيل + سبب خفيف)
وعلى هذا الإيقاع يقول شوقي قصيدته الشهيرة :
حف كأسها الحبب *** فهي فضـــة ذهب
أو دوائــــــــر درر *** مائـــــــج بها لبب
أو فـم الحبيب جلا *** عن جمانه الشنب
أو يــــد وباطـــنها *** عاطــل ومختضب
ومن هنا ينجلي أن الإيقاعين الأصليين للمضارع والمقتضب لم يحسن الخليل كتابتهما في عروضه واضطرب فيهما أيما اضطراب. كما ينجلي أيضاً ثبوت مجيء الوتدين الأصليين معاً دونما غضاضة.
أحمد الأقطش
المفضلات