شـــَــآم
شعر / د.أحمد محمد كنعان
آتٍ إليــكِ .. شــَـآم .. فاتـْرُكي العَتَبـــا=ولا تلـومي .. فهذا الدمعُ قــد سُكـبــــا
شــآمُ .. حبـُّـكِ فوقَ الظَّنِّ .. فاتَّئــِــدي=مهما العـَذولُ علينـــا نـَـمَّ أو كَـذَبـــا
فمــا تركتــُـكِ عــن ســـلوى ولا مللٍ=ولا رحلتُ أريــدُ المــــاسَ والذَّهبـــــا
لكـنْ .. رحلتُ لغايــات ٍ أريـــدُ بهـــا=هـامَ النجومِ .. وتــاجَ الشمسِ .. والشُّهُبـــا
وكنـتِ في الحِلِّ والترحــــالِ .. سيـّدتــي=نجمَ الطريـقِ .. إذا نجمُ الطريــقِ خبــــــا
وكنـتِ .. سـيدتـي .. أُمـِّي .. وكنـتِ أبــي=علـى ذراعــِـكِ أنســى الهَمَّ والتعبــــا
وكان حبـــُّـكِ .. حينَ البعــــدُ جرَّحَنـي=نبضـــاً لقلبـي .. وكان الـدَّمَّ والعصبــــا
وكان حبــُّـكِ يـذرونــي .. ويـزرعنــي=فـُلاً إذا شـــاءَ .. أو نِسْـريـنَ إنْ رَغِبــا
شـــآمُ .. أنـتِ هــَــوى روحي وملهمتي=لا تحفلـي بعـذولٍ جـــاءَ .. أو ذهـبــَـا
إذا الوشــاةُ بذِكـْرِ هَــواكِِ قـــد هَمَسـوا=جُنَّ الحنينُ .. وهَـبَّ القلــبُ واضطـربــــا
وكـَمْ سَلَتْني بـُـدورٌ كنـتُ أعشـَـقُهــــا=وَظَلَّ بـَدْرُكِ .. يـا سـلوايَ .. ما غَـرَبــــا
قلبــي علـى حُـرَقِ الأشــــواق ملتهـبٌ=مـُـدِّي يـديــكِ .. ولا تبقيــهِ ملتهبـــا !
أخَـــادِعُ النــَّــومَ علّــــي أن أراكِ إذا=نـــامَ الخَلِيُّ .. وفـاضَ الجفـنُ .. وانتحَبـــا
وألمـحُ الشـَّـوقَ فــي عينيـكِ يهمـسُ لــي=فَـدَيْتُ همسـَـكِ .. صـدقــاً كان أمْ كَذِبــا
لا .. ليـس تكــذبُ عينــــاكِ التي سَـلبَتْ=منِّي الفــؤادَ .. ومـــا أحـلاهُ مُسـْتَلَبــا !
شــآمُ .. مــا عـادَ لي بالأهـلِ مــن سـببٍ=جُـودي علـيَّ .. وكونـي ذلـك السَّبَبــــا
وواعديني علـى الأنســـامِ مــن بـَــرَدى=أن لا تـروحَ مواعيــدُ الهـَـوى سَــرَبـــا
واْستعجلي الـدَّهـْـرَ يلقـانـــــا علـى فَنَنٍ=فـي الغوطتينِ نُنـــاجي التِّيـنَ والعنبـــــا
ونشــربُ المـاءَ شـهداً مــن صَبــا بَـرَدَى=يـا طِيبَـهُ بَـرَدَى شــهـداً إذا شُـرِبــــا
بـاللهِ .. يـا بَــرَدى .. بـاللهِ تُرْجِـعـُـــهُ=عهـــدَ الشَّـآمِ .. فـإنَّ القلبَ قـد تَعِبـــا
عشــرونَ مَـرَّتْ .. وأزهـــار المنـى ذَبُلَـتْ=فــي مقلتيَّ .. وزيـتُ العمـرِ قــد نَضَبــا
دعنـي أبــوحُ بمــا ألقـاهُ مــن شَــجَنٍ=دعنـي أرددُ مـوَّالي الـــذي اغتربـــــا
غَنَّيتُها العُمْـــرَ مـُــوالاً يـطيــــبُ إذا=مــن رمشـها هَـلَّ .. أو فـي ثغرِهـا طَرِبــا
خذنـي إليهــا .. فــإن السـُّـهْـدَ أرَّقنـي=فـي البعـدِ عنـها.. أنـاجي البــدرَ مُرْتَقِبــا
أَنْ يُسْـــعِفَ اللهُ باللُّقيـــــا إذا انصرمَـتْ=سُـــودُ الليــالي .. وجـاءَ الفجرُ مُنسَكِبــا
لـي فـي رُبـاهــا طُيـوفٌ كَـمْ أحِنُّ لهـــا=أسْكَنْتُها العينَ والأحـــداقَ والهُـدُبــــــا
بالأمـسِ كانـت .. وكُنـَّــا في مرابعِـهـــا=نُـرَدِّدُ الشَّــوقَ شـَـدْواً .. والهَـوى كُتُبـــا
نستمطـرُ الفُـلَّ عِطــراً فـي أزقَّتـهـــــا=ومــنْ مدامعِـهـــا .. نستمطـرُ السُّحُبــا
واليـــومَ بنـَّـا .. وبـانتْ عـن نواظرنـــا=وفي الحنايــا جــدارُ البَيْنِ قــد ضُرِبــــا
وقــد حَلَفْتُ لهـــا : لا نفترقْ .. أبــــداً=ومـا علمْتُ بظَهـرِ الغيبِ مــا كُتِبــــــا
ودَّعتُـهـا بمســـاءٍ دمعـُـــهُ عَبـِـــقٌ=فَيــا لقلبي وجَفْني كــم لهـــا سَـكَبـــا
كأنَّمـا كانَ لُقيـانـــا صَـــدى حُلُـــمٍ=يـا ويـحَ نفسـيَ .. كيـفَ الحلمُ قـد هَرَبــا !
شــآمُ .. صبــراً .. فـإنَّ الصبــرَ مُفْتَـرَجٌ=والقلـبُ .. عنــدكِ .. مهمـا ظَـلَّ مغتربـــا
فأشْـرِعي البـــاب للُّقْيـــــا إذا أذِنـَـتْ=كـَفُّ القَديــرِ .. وراحَ الحزنُ واحتجبــــا
وقـرِّبيني إلــى عينيـــكِ ألثُمُـهـــــا=وانْسـي المــلامَ بعيــداً .. واتركـي العَتَبَــا
وإنْ أردتِ .. فلومـي .. واعتبـي .. فـأنــــا=مِـنْ لَحْـظِ عينِـكِ أهــوى اللَّـومَ والعَتَبَـــا
المفضلات