آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: اليوم الثامن في الأسبوع

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نهاد عبد الستار رشيد
    تاريخ التسجيل
    04/10/2006
    العمر
    78
    المشاركات
    233
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي اليوم الثامن في الأسبوع

    قصة قصيرة

    في اليوم الثامن من الأسبوع

    بقلم : نهاد عبد الستار رشيد

    كان حي العدل في بغداد يغط في ظلام دامس بعد ان اطفأ ساكنوه الأنوار ، واحكموا غلق الأبواب والنوافذ ، فخيم على الحي سكون القبور ، واخذ الضجر ونفاد الصبر ينهشان قلب ام عمر نهشا ، وراحت تحاول ان تكشف ما يخبئه هذا الظلام من اقدار ، وما قد يسفر عنه الغد من احداث . التفتت الى زوجها وهي تهز رأسها الأبيض :
     يجب ان نغادر العراق غدا .
     واين نذهب ؟
     في الأرض متسع للعيش .
     ولكن " عمر " الآن في الصف الرابع كلية ، وقد اتفقنا على زواجه حال تخرجه بعد بضعة اشهر .
     ليس امامنا سوى الهجرة . سلامة ابني اهم من الكلية . هل تذكر كم عانيت من حالات الأسقاط ؟ لم تنجح ولادة عمر الا بعد عملية ربط الرحم .
    على الرغم من كل ما بذلته من جهود لم تستطع اخفاء القلق الذي كان ينهشها اخفاء تاما .
    راعها الأمر حين بدأت تصل الى اسماعها اصوات اطلاقات نارية في الجوار . نظرت الى زوجها وقالت له والعبرات تخنقها :
     عادت فرق الموت من جديد !
    شرعت ركبتاها ترتجفان ، وصوت دقات قلبها يفوق صوت اية جلبة اخرى .
    صاح صوت من الخارج :
     اخرج يا عمر والا اقتحمنا عليكم البيت .
    كان عمر قد انهى توا صلاة العشاء . تقدم نحو الباب ليفتحها ، بيد ان امه تغلبت على ذلك الرعب الذي جمدها في مكانها فمنعته ، واندفعت نحو الباب ، وقد استولى عليها الفزع وقلب كيانها رأسا على عقب . فتحت الباب وفرائصها ترتعد ارتعادا شديدا ، واذا بحشد من فرق الموت يتجمعون امام الدار ، فسألتهم بشيء من اللطف ، وهي تستجوبهم بعينيها اللتين يبدو فيهما من الحزن اكثر مما في كلماتها .
     ماذا تريدون من ولدي ؟ !
    ضربها احدهم على رأسها وصرخ في وجهها :
     نريد عمر . اين هو ؟
    خرج ابو عمر مسحوقا بشعوره بعجزه عن انقاذ ولده ، وقال لهم متوسلا :
     خذوني بدله . فهو لم يتزوج بعد . ارجوكم خذوني واتركوه سالما .
    وهنا قالت الأم ، وقد اغرورقت عيناها بالدموع ، وكان يبدو في نبرات صوتها حزن يقطع نياط القلوب :
     خذوني مكان ابني واتركوه بامان .
    تقدم احدهم ، وقال بصوت مرتفع :
     اقتحموا الدار !
    بعد لحظات خرج عمر مكبلا بالأغلال ، وحاولت الأم منعهم من اقتياده ، وتعلقت بذراع احدهم ، فطرحها ارضا . لحقهم الأب فاردوه قتيلا .
    استجمعت الأم قواها ، ولحقتهم ، فاوقفها احدهم وقال لها هازئا :
     هل تريدين ابنك ؟
     نعم . اتركوه وخذوني مكانه .
     استلميه غدا من مستشفى الطب العدلي .
    وتعالت ضحكاته وهو يهرول نحو سيارة وزارة الداخلية .
    تابعت ام عمر بنظراتها الضعيفة السيارة التي تحمل ولدها وهي تبتعد حتى اختفت عن الأنظار . كانت يداها الضعيفتان المرتجفتان تمتدان نحو ولدها بحركة تنم عن الضراعة والتذلل . لعج الحزن فؤادها وامست وقيذة الجوانح . بدا على وجهها الذابل علامات الأحتضار وامارات التدهور السريع ، وباتت اقرب الى الموت منها الى الحياة ... امرأة تعاني سكرات الموت .
    شرعت تولول ، والبكاء المختنق يبدو من خلال كلماتها ، وقد فقدت رشدها ، وراحت تنظر من حولها بعينين كأعين المجانين .


  2. #2
    شاعر الصورة الرمزية د. جمال مرسي
    تاريخ التسجيل
    01/12/2006
    المشاركات
    1,804
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    سامحك الله أستاذ نهاد
    أسلت مدامعنا التي لم تهدأ لحظة مذ وطأت قوى الشر الأمريكية أرض عراقنا الحبيب و تبعتها فرق الموت و الفرق العميلة و كأننا على موعد يومي مع الحزن حتى في القصة .
    المشهد أليم .. و الله جد أليم و صورة هذه الأم المسكينة التي صارت أرملة و ثكلى في نفس الوقت
    اتخيلها و كأنها حقيقة ماثلة أمام عيني و وضعت نفسي في هذا الموقف و تساءلت :
    ماذا لو كانت هذه المسكينة أمي أو اختي أو زوجتي
    و ماذا لو كنت ابنها أو أخاها أو زوجها
    فغرقت في الصمت و الحيرة و الحزن
    أحسنت تصوير المشهد بأدوات القاص المتمكن
    و لفت نظري : ( تقدم نحو الباب ليفتحها ) .. هل الباب مؤنث
    و هنا ( بدا على وجهها الذابل علامات الأحتضار ) .. الاحتضار

    تحيتي لك و لقلمك المبدع


  3. #3
    شاعرة وكاتبة الصورة الرمزية زاهية بنت البحر
    تاريخ التسجيل
    15/11/2006
    المشاركات
    7,681
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي

    أبكتني قصتك أخي المكرم أديبنا الكبير نهاد عبد الستار رشيد..لاسامح الله من جعل الحمل وحشًا ,والعمار خرابًا ,والنفوس هباءً ,والإيمان كفرًا ..مسكين شعب العراق ألبسوه ثوبًا قاني اللون ..دائم النزف من دما الأبرياء ..آلة الظلم لاتفرق بين طفل وشيخ ..بين رجل وامرأة ..بين بريء ومتهم ..لماذ يصلبون بلد الحضارة ويرمونه بالنار لماذا ؟ لم أعد أستطيع متابعة الكتابة فالألم يمزقني ..


  4. #4
    طبيب / أديب الصورة الرمزية د- صلاح الدين محمد ابوالرب
    تاريخ التسجيل
    13/10/2006
    العمر
    69
    المشاركات
    4,923
    معدل تقييم المستوى
    22

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الفاضل نهاد عبد الستار رشيد
    ان سنوات هذا الطارق الذي ياخذ الشباب... الى حيث لا عودة.. لا تريد ان تغادر العراق
    لقد اصبح النخيل يتيما في العراق
    كلمات خرجت من موقعها ودخلت لموقعها
    تحية

    الدكتور صلاح الدين محمد ابوالرب
    طبيب-كاتب وباحث
    drosalah@hotmail.com

  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية نهاد عبد الستار رشيد
    تاريخ التسجيل
    04/10/2006
    العمر
    78
    المشاركات
    233
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الدكتور العزيز جمال مرسي

    تحية اعتزاز واكبار

    شكرا لملاحظاتك الدقيقة ، واعتذر للسهو الحاصل والذي سببه شدة الأنفعال الذي انتابني اثناء الكتابة .
    ( ليفتحها ) تصبح ( ليفتحه ) ، و( بدا ) تصبح ( بدت ) ،
    مع فائق التقدير والأمتنان
    نهاد عبد الستار رشيد
    مترجم وقاص وصحفي مستقل


  6. #6
    عـضــو الصورة الرمزية نهاد عبد الستار رشيد
    تاريخ التسجيل
    04/10/2006
    العمر
    78
    المشاركات
    233
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي في اليوم الثامن من الأسبوع

    قصة قصيرة

    في اليوم الثامن من الأسبوع

    بقلم : نهاد عبد الستار رشيد

    كان حي العدل في بغداد يغط في ظلام دامس بعد ان اطفأ ساكنوه الأنوار ، واحكموا غلق الأبواب والنوافذ ، فخيم على الحي سكون القبور ، واخذ الضجر ونفاد الصبر ينهشان قلب ام عمر نهشا ، وراحت تحاول ان تكشف ما يخبئه هذا الظلام من اقدار ، وما قد يسفر عنه الغد من احداث . التفتت الى زوجها وهي تهز رأسها الأبيض :
     يجب ان نغادر العراق غدا .
     واين نذهب ؟
     في الأرض متسع للعيش .
     ولكن " عمر " الآن في الصف الرابع كلية ، وقد اتفقنا على زواجه حال تخرجه بعد بضعة اشهر .
     ليس امامنا سوى الهجرة . سلامة ابني اهم من الكلية . هل تذكر كم عانيت من حالات الأسقاط ؟ لم تنجح ولادة عمر الا بعد عملية ربط الرحم .
    على الرغم من كل ما بذلته من جهود لم تستطع اخفاء القلق الذي كان ينهشها اخفاء تاما .
    راعها الأمر حين بدأت تصل الى اسماعها اصوات اطلاقات نارية في الجوار . نظرت الى زوجها وقالت له والعبرات تخنقها :
     عادت فرق الموت من جديد !
    شرعت ركبتاها ترتجفان ، وصوت دقات قلبها يفوق صوت اية جلبة اخرى .
    صاح صوت من الخارج :
     اخرج يا عمر والا اقتحمنا عليكم البيت .
    كان عمر قد انهى توا صلاة العشاء . تقدم نحو الباب ليفتحه ، بيد ان امه تغلبت على ذلك الرعب الذي جمدها في مكانها فمنعته ، واندفعت نحو الباب ، وقد استولى عليها الفزع وقلب كيانها رأسا على عقب . فتحت الباب وفرائصها ترتعد ارتعادا شديدا ، واذا بحشد من فرق الموت يتجمعون امام الدار ، فسألتهم بشيء من اللطف ، وهي تستجوبهم بعينيها اللتين يبدو فيهما من الحزن اكثر مما في كلماتها .
     ماذا تريدون من ولدي ؟ !
    ضربها احدهم على رأسها وصرخ في وجهها :
     نريد عمر . اين هو ؟
    خرج ابو عمر مسحوقا بشعوره بعجزه عن انقاذ ولده ، وقال لهم متوسلا :
     خذوني بدله . فهو لم يتزوج بعد . ارجوكم خذوني واتركوه سالما .
    وهنا قالت الأم ، وقد اغرورقت عيناها بالدموع ، وكان يبدو في نبرات صوتها حزن يقطع نياط القلوب :
     خذوني مكان ابني واتركوه بامان .
    تقدم احدهم ، وقال بصوت مرتفع :
     اقتحموا الدار !
    بعد لحظات خرج عمر مكبلا بالأغلال ، وحاولت الأم منعهم من اقتياده ، وتعلقت بذراع احدهم ، فطرحها ارضا . لحقهم الأب فاردوه قتيلا .
    استجمعت الأم قواها ، ولحقتهم ، فاوقفها احدهم وقال لها هازئا :
     هل تريدين ابنك ؟
     نعم . اتركوه وخذوني مكانه .
     استلميه غدا من مستشفى الطب العدلي .
    وتعالت ضحكاته وهو يهرول نحو سيارة وزارة الداخلية .
    تابعت ام عمر بنظراتها الضعيفة السيارة التي تحمل ولدها وهي تبتعد حتى اختفت عن الأنظار . كانت يداها الضعيفتان المرتجفتان تمتدان نحو ولدها بحركة تنم عن الضراعة والتذلل . لعج الحزن فؤادها وامست وقيذة الجوانح . بدت على وجهها الذابل علامات الأحتضار وامارات التدهور السريع ، وباتت اقرب الى الموت منها الى الحياة ... امرأة تعاني سكرات الموت .
    شرعت تولول ، والبكاء المختنق يبدو من خلال كلماتها ، وقد فقدت رشدها ، وراحت تنظر من حولها بعينين كأعين المجانين .


  7. #7
    عـضــو الصورة الرمزية نهاد عبد الستار رشيد
    تاريخ التسجيل
    04/10/2006
    العمر
    78
    المشاركات
    233
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الكاتبة البارعة زاهية بنت البحر

    هذه القصة حقيقية حدثت في حي العدل .
    كنت اكفكف دموعي وانا اكتبها بكل امانة .
    ما السبيل لأنقاذ العراق من حملة المغول الجديدة ؟
    مع امنياتي لك بالتوفيق
    نهاد عبد الستار رشيد
    مترجم وقاص وصحفي مستقل


  8. #8
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    30/11/2006
    المشاركات
    5,554
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    السلام عليكم

    حسبنا الله ونعم الوكيل

    جميلة ومعبرة هذه الأقصوصة يا أستاذ نهاد رشيد
    من اول العنوان وما يوحى به من طول الامـد فى هذه الحياة الصعبة حتى صار الأسبوع ثمانية والسنة عشرة بلا بصيص امل او تفاؤل .. وحتى شخوص عين الأم واصابتها بالجنون على ولدها

    وحتى هذه اللحظة وانا فى اشد الأستغراب ولم اعد افهم لماذا يحدث هذا ويستمر فى اهم بلاد العرب.. ارض الأنبياء والخير والرسل !

    لكم الله يا اهلنا فى العراق

    وندعو الله دائما ان يكون الأسبوع عندكم 5 ايام وليس ثمانية

    وان تنتهى هذه الأزمــات فى اقرب وقت


  9. #9
    عـضــو الصورة الرمزية نهاد عبد الستار رشيد
    تاريخ التسجيل
    04/10/2006
    العمر
    78
    المشاركات
    233
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    د. صلاح الدين محمد ابو الرب

    اشكرك على ملاحظاتك القيمة .

    مع اصدق الأمنيات لك بالتوفيق .

    نهاد عبد الستار رشيد
    مترجم وقاص وصحفي مستقل


  10. #10
    عـضــو الصورة الرمزية نهاد عبد الستار رشيد
    تاريخ التسجيل
    04/10/2006
    العمر
    78
    المشاركات
    233
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    الأديبة المبدعة ايمان الحسيني


    شكرا لمرورك في صفحتي الحزينة ، ولملاحظاتك الذكية التي تدل على مدى استيعابك للنص .

    اتمنى لك مزيدا من الرفعة والتقدم .

    نهاد عبد الستار رشيد
    مترجم وقاص وصحفي مستقل


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •